Skip to main content

Full text of "تحميل جمع مؤلفات د. نور الدين أبو لحية"

See other formats


التنويريون والصراعات مع المقدسات (1) 

الكتاب: التنويريون والصراعات مع المقدسات 

الوصف: ردود علمية على مواقف التنويريين من 
المقدرسات 

السلسلة: الدين والدجل 

المؤلف: د. نور الدين أبو لحية 

الناشر: دار الانوار للنشر والتوزيع 

الطبعة: الاولى: 1439 هف 

عدد الصفحات: 242 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (2) 

من أخطر مظاهر التنوير المعاصر تلك الجرأة على 
الحقائق المقدسة المعصومة التي وردت في القرآن 
الكريم أوالسنة الصحيحة القطعية التي لا مجال معها 
للفكر: ولا للنظرء لأن كل ذلك جراة على الله: وسوء ادب 
معه: وتقديم للهوى على النص.. 

فمن ذا الذي يعطي لنفسه الحق في أن يعقب على 
كلام ربه» أو كلام رسوله الذي لا ينطق عن الهوى؟.. ومن 
ذا الذي يتصور أنه أكثر علما وفهما وإحاطة بحقائق الوجود 

لكن التنويريين باتجاهاتهم المختلفة أعطوا لأنفسهم 
هذا الحق؛ فراحوا يناقشون في كل المقدسات التي 
اتفقت عليها الأمة وأجمعت عليها إجماعا كلياء لا طائفياء 
وراحوا لأجل ذلك يلوون أعناق النصوص المقدسة:, 
ويتلاعبون بها ليتحول الدين إلى مزاجهم واهوائهم 
ور 


مانههم. 
ولذلك حاولنا في هذا الكتاب أن نناقش القضايا 
الكيرى التي تركر عليها الدعوات التنويرية: والتي حاولت 
بكل الوسائل أن ترفع عنها القداسة:, ليصبح الدين مادة 
مختلفة كتبت في أوقات متباينة. وعبر بعض السجالات التي 
حصلت بيننا وبين بعض التنويريين. 








التويزيون والمراعاتن المقريات (6) 
المقدمة 


من أخطر مظاهر التنوير المعاصر تلك الجرأة على 
ار أوالسنة الصحيحة القطعية التي لا مجال 0 
للفكرء ولا للنظرء لأن كل ذلك جرأة على الله وسوء أدب 
ممه وتقديم للهوى على النص.. 
عمسن ذا الدى تكظلء لعن الث ف. أن بحشب علب 
كلام رمه؟ه أو كلام سوله الذي لا ينطق عن الهوى؟. : ومن 
ذا الذي يتصور أنه أكثر علما وفهما وإحاطة بحقائق الوجود 


حتى يعطي لنفسه 1 الحق»؟ 

لكن التنويريين باتجاهاتهم المختلفة أعطوا لأنفسهم 
هذا الحق؛ فراحوا يناقشون في كل المقدسات التي 
اتفقت عليها الأمة وأجمعت عليها إجماعا كلياء لا طائفياء 


وراعوا لآخل دللك لوون أعناق التخوص المقدسةة؛ 
ويتلاعبون بها ليتحول الدين إلى مزاجهم وأهوائهم 
ورغباتهم. 

ولذلك حاولنا في هذا الكتاب أن نناقش القضايا 
الكنرى التي تركز عليها الدعوات التنويرية: والتي. حاولت 
بكل الوسائل أن ترفع عنها القداسة: ليصبح الدين مادة 
00 تلاعت بها كل من هب ودب» وذلك عر فعالات 
حصلت بيننا وبين بعض الوسر 

وبناء على طبيعتها والأغراض التي تهدف إليها.ء فقد 
قسمتها إلى ثلاثة أقسام على الرغم من كونها متداخلة 
فيما بينهاء لأن الهدف منها جميعا هو توضيح خطورة 
الفكرة التنويري: واعتباره نوعا من التطرف المضاد الذي 
لا يختلف عن التطرف السلفي أو الحركي أو غيرهما من 
أنواع التطرف التي حاولت هذه السلسلة علاجها. 





التتويريون والصراعات مع المقدسات (7) 





القسم الأول التنويريون.. والمصادر المقدسة: وقد 
حاولت أن أوضح فيه حقيقة _موقف التنويريين من المصادر 
المقدسة: ابتداء من القرآن الكريم والسنة المطهرة: 
وإجماع الأمة, بالإضافة إلى توضيح بعض النماذج عن ذلك 
التلاعب بالألفاظ: وتحريف الكلم عن مواضعه. 

القسم الثاني التنويريون.. والعقائد الإسلامية: وقد 
ردرت فك على تلك الطروحات الفريطة بعص العقاند 
الإسلامية التي شكك فيها التنويريون2.» كنماذج عن 
مواقفهم من ساتر العقائد الإسلامية. 

القسم الثالث ‏ التنويريون.. ٠‏ وأحكام الشريعة: وقد 
أحكام الشريف الملعه والمتدق 0 وكيف حولوها عن 
مقاصدها الشرعية على الرغم من اتفاق الأمة جميعاء وفي 
جميع العصور عليها. 


التنويريون والصراعات مخ المقدسات (8) 


القسم الأول 


التنويريون.. والمصادر المقدسة 





التتويريون والضراعات مع المقدسات (ة) 


التنويريون.. والقراءة المدنسة للقرآن 


ريعنا) كون ا الأكبر الذي أوقع التنويريين, 
الحدانيين منهم » ١‏ من يطلق عليهم زورا 0 ا 
' تقعون تلك التبرباء في التعامل مع النض. القرآاني” تنزيلا 
وتاويلا 

فكلاهما يتوهم أنه يستطيع بعقله المحدود الإحاطة 
وغير مقدسة» وذلك باستعماله م القواميس» وبعض 


المناهج التي تلقفها من النقاد الغربيين تقليداء وراح 
يطبقهاء لتخرج لنا كل يوم قراءة جديدة للقران الكريم, 
ومعنى جديدا من معانيه. 

ونحن لا نريد هنا أن نتحدث عن مدى صلة تلك القراءات 
قربا أو بعدا بالحقائق القرآنية؛ فذلك يستدعي النظر في 
كل قراءة,. فليست كل قارئة باطلة, ولا كل قارئ مخطناء 
ولكنا تريد أن نبين خظا المتهجح نقسسه.. فالمشكلة لست 
في القراءة» وإنما في المنهج المتبع فيها. 

ولذلك بعتت على الدين بانون بعص النمادجح عن بعض 
الفهوم السليمة لبعض تلك القراءات: نم يقارنها تبعص 
الفهوم السقيمة الواردة في بعص كتب التراث: تم بتصور 
أنه عبر ذلك النموذج الانتقائي يكون قد برهن على صوابية 
القراءة التنويرية وخطأ القراءة التراثية. 

وهذا الأسلوب لا علاقة له بالعلم؛ فكما أن في التراث 
بعض القراءات الخاطئة:» والتفاسير التي تحتاج إلى تصحيح, 
باعتبارها فهوما بشريةء لكن فيها الكثير. من الفهوم 
السليمة الراقية التي لا يجادل أحد في صحتها وقوتها. 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (10) 

والمشكلة ‏ كما ذكرنا ‏ لا ترتبط بالقراءات بقدر ما 
ترتبط بالأسس التي تقوم عليهاء وهنا محل الخلاف بين 
القراءة اللتديحية والفراءه التدويرية” 
اتطلقت مر كونها كلام الله؛ وانها وحيه المقدس الذي لا 
يستطيع العقل أن يحيط بهء: لذلك يحاول أن يلمسه 
ويقترب منه بكل ادرب واحترام وتقديس » ويستغفر الله 
تعالى بعد ذلك من سوء الفهم أو قصوره:. 

بخلاف القراءة التنويرية بفرعيهاء والتي تتصور أنها 
محيطة بالقرآن» وأنها ‏ لكبرها ‏ قد فهمت منه ما لم 
يفهمه الأوائل والأواخر, واأنه بحقى لها تسب تلك الآليات 
التي تضعها أن تمسح جميع كتب التفسيرء لتضع للنصوص 
القرآنية تفاسير جديدة: لا علاقة لها بتاتا بتلك التفاسير 
القديمة. 





والمشكلة /الأكيرة واآلثى اتتكلرق ‏ هله الحدانسون 
خصوصاء قراءة القرآن باعتباره منتوجا ثقافيا بشرياء لا 
وحيا إلهيا مقدساأا.. وهناء وبسبب هذه القراءة المدنسة, 
تقع في كل ما 0 فيه المنحرفون عن القران الكريم 
والمعترضون عليه. 

ذلك أن من يقرأ قوله تعالى: (وَالسَّمَاءٍ بَتَيْنَاهَا بِأَبْدٍ 
0 لَمُوِسِعُونَ (47) وَالأَرَصَ فَرَشْتَاهَا فَيْعْمَ الْمَاهِدُونَ ([48) 

مِنْ كَل ستَدي ع خَلَفْنَا رَوْجَيْنِ لَعَلَكُمْ تَدَكَرُونَ (49) فَفِرُوا إلى 
اك ني لَكُمْ مِنْهُ تذير مُبِينُ) [الذاريات: 47 - 50] وهو يعتقد 
أن صاحب هذا الكلمات هو الله نفسه خالق الكون جميعاء 
وأنه هو الذي بنى السماءء وهو الذي يوسعهاء وهو الذي 
فرش الأرض ومهدها. . يمتلئ هيبة وخشوعا وتعظيما لله. 

لكن الذي يقرؤها ‏ مثلما قرأها المشركون ‏ باعتبارها 
منتوجا ثقافيا وأدبيا صاغه رسول الله صلى الله عليه وآله 
وسلمء فإنه لا محالة سيضحك على هذه العبارات» ويسخر 


منهاء 0 يتوهم 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (11) 

مثلما توهم المشركون ان قائلها محنون او كاهن. 

وهكذاء فإن للبعد المقدس لقراءة القرآن الكريم 
ناغثرة الكبير في فهمه واستيعابه والاستفادة منه به بخللاف 
الذي يقرؤه كنص بشري » أو كنص مجهول ا أو كنص 
دعاوى كثيرة, لا يليق لبشر أن يدعيها. 

وهذا واضح حداء فلو أن الخطاب الذي يقدمه رئيس 
الجمهوريةء والذي هو صاحب القرار الأكبر في دولته» نسب 
لبواب أو عامل بسيط لسخر منهء ذلك أن البواب لا يستطيع 
أن يقرر تلك القرارات الكبرى التي لا يقررها إلا الكبار. 

وهكذا عندما يقرأ الحداثي أو التنويري النص القرآني 
بعيدا عن أصله المقدس؛ فإنه يقع لا محالة في الاعتراض, 
حتى لو لم يصرح باعتراضه؛ وكيف لا يعترض» وهو يتوهم 0 
أن الذي يقول: رَحُدُوهُ فَعْلوهُ (30) ثم مم الجَحِيمَ صَلوةٌ 0 ثَمَّ 
فِي سِلْسِلَةٍ دَرَعُهَا سَبْعُونَ ذراعًا فَاسْلَكُوهُ (32) إِنّهُ كَانَ لا 


2 5 2. 3 


بُؤْمِنُ بالله الْعَظِيم (33) وَلَا يَحْضَّ عَلَى طعَام المِسْكِين) 
[الحاقة: 30 - 34] مجرد ع0 لك هذا الكون جميعا. 
أما عندما يقرأ تلك الآيات الكريمة, باعتبارها وحيا 
إلهيا. وأن صاحبها هو الله نفسه خالق الإنسان, وخالق 
الكون جميعا؛ فإن فرائصه ترتعد عندما يسمعهاء 
نرتعد عندما نسمع صوت القاضيء:2 وهو يحكم ل 
المشددة.ء بينما نضحك على صوت البواب عندما يقلده 
فيهاء لأن البواب لا علاقة له بالأحكام القضائية,» بخلاف 
وهكذا يكون لاعتقاد القداسة دوره الكبير في فهم 
القرآن الكريم:. وفي التأثر به» والانفعال له.. بل إن الكثير 
من التساؤلات التي قد يوحي بها الشيطان أثناء القراءة 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (12) 

تزول مباشرة عند تذكر أن هذا الكلام كلام الله خالى 
كل شيءء ومالك كل شيءء من ١لا‏ يُسْألُ عَمََا يَفْعَلَُ وَهُمْ 
بسالونة [الأنبياء: 23] 

ومن الأمثلة على ذلك قولم تعالى (يَاأَتُّهَا التَّبُِ إِنَا 
أختلنا لَك إز وَاجَكَ اللاتي آتئت أَجُورَهَنَ وَمَا مَلَكَتْ ان 
مِنَا أقاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمْكَ وَبَنَاتِ عَمََاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ 
وَبَنَاتِ خَالاتَِك اللانتي هَاجَرَنَ 1 واعراة مُؤْمِنَةٌ إن وَهَبَتْ 
نَفْسَها لِلتَب إن أرَاد التَبِتثٌ أنْ يَسْتَئْكِحَهَا خَالِصَةٌ لَك مِنّ 
ل ون الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَاِ مَا فَرَضُنا عَلَيْهُمْ في أَرْوَاجِهِمْ وَمَا 
مَلَكَتْ أَيْمَائنههُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَحِّ وَكَانَ اللَهُ عَفُورَا 
رَحِيمًا) [الأحزاب: 50], والتي تشكل عقبة كبيرةٍ في عقول 
بذوق عظيم: 2 عالية, لأنه 0 من خلالها مكانة 
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند ربه» وكيف خصه 
بهذا التخصيصء»2 ويرتبط من خلال تلك القراءة بالله 
ورسوله صلى الله عليه واله وسلم: ويزداد إيمانا بهما. 

لكن التنويري. يحاول الفرار من تلك الآية وغيرهاء 
ويلتمس الحيل الكثيرة لذلك.. وربما يوقعه سوء ظنه في 
الكفر والجحود.. وهو ما نص عليه القرآن الكريم نفسه 


عندما قال: (وَتُتَرْلم مِنّ الِفَرَآانِ م هَا هو شقاءٌ وَرَحْمَهُ 
ل لله 5 الظالِمِينَ إلا خَسَارًا) [الإسراء: 82] 

فالاية الواحدة يقرؤها المؤمن؛ فيزداد بها يقينا ونورا 
وهدى2» ويقرؤها من حجب بعقله التنويري؛ فيقع في 
الأوهام وسوء الظن» وقد يبحث في القواميس ليحرف 
الكلم عن مواضعه.ء ويحول من القرآن الكريم أداة للتلاعب 
بالألفاظ والمعاني. 

وهكذا ذكر القرآن الكريم أن الله تعالى يمتحن عباده 
بامتالن تلك الآيات حدتى ضير من لم لله ولا يقدم بين 
يدنه شيناء والآخر الذي يسقط في الامتحان» وعند 





التويريوت والصراغات مع المقدسات (13) 

أول اختبار. 

ولهذا قال تعالي محذرا: (وَمَا كَانَ لِمُوْمِنِ وَلَا مُوْمِتَةٍ 
إِذَا قَصَى اللَهُ وَرَسُولَهٌ أمرًا أن 0 لَهُمْ الْجِيَرَهٌ 0 أَشْرِهِمْ 
وَمَنْ يَعْص الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ صَلَُ ضَلالَا مُبِيئَا [الأ 
16 وقد جاع عقب هذه الآية قوله: (قَإِدْ تقول للذي 5 
الله عَلَيْهِ وَأَبْعَمْتَ عَلَيْمِ أمسِك عَلَيْكَ رَوْحَكَ وَانَّق الله 
وَتُخْفِي فِي 0 مَا الله مُنديه وتخشى لاس وَاللَهٌ أَحَقٌ 
أنْ تَحْسَاءُ فَلِمًا قصَى رَيْدْ مِنْهَا وَطرَا رَوَجْتَاكَهَا لِكَئ لا 
يَكون عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجّ في أَرْواج أَدْعِيَائِهِمْ إِذدَا قَصَوا 
مِنْهْنَ وَطرًا وَكَانَ أمْرٌ الله مَفْعُولَا) [الأحزاب: 2]37 وهي 


الآنات الى علات علو التويرين و«الفرييين أوهاعا قد 
حق النبوة وقدسيتها. 

ولهذا ورد عن اك السحاة قولهم: (لقد عشنا 
دا ا الا سل لسرا را 


ال ع لس جلك الل يي ل ول اك 
حلالها وحرامهاء وأمرها وزاجرهاء وما ينبغي أن نوقف 
عنده منهاء كما تعلمون أنتم_ اليوم القرآن, نم لقد ات 
اليوم رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان». فيقرأ ما بين 
فاتحته إلى خاتمته» ولا دري ما آكرة ولا زاجره: ولا ما 
ينبغعكي أن بقف عنده منه وينثره نثر الدقل) )1( 

وهو يعني أن أثر القرآن الكريم والفهم السليم له؛ لا 
يكو ن إلا بعد سر الإيمان بقداستهء واعتباره كلام الله 


9 


-. -. 


الذي <لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ 
حَكِيم حَمِيدِ) [فصلت: 42] 

ولهذا كان الأولى بالتنويريين ومن تبعهم البحث عن 
الراسن الذاك: علي كون الغران الكرم وحباامن الل 
تعالى, وذلك بالنظر في الأدلة المختلفة التي ذكرها 
ااا 1 
وعندما يحصل لهم الإيمان يحصل 


5 5 الكلجي إل ا الك كا 2 ل كل ال لسك ل كلك افده 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (14) 
لي العو اكريما 
إلا ضلالا في فهمه, كما قال تعالى: (ِوثدرّلٌ من 6 
هق شقاءٌ وَرَحْمَهُ للفذ ميدن وَلَا يزيد ذدٌ الظالِمِينَ !] حسَارًا) 


ا 0 

0 بين القراءتين المقدسة والمدنسةء فقال: 
(أقمن يَعْلمُ أنّمَا أنزل إلَبْكَ مِن رَبّكَ الْحقٌّ كَمَنْ هُوَ أغمقى 
إِثَمَا يَتَدَكْرٌ أَوْلُوا 0 [الرعد 19] َ 

عار عن الأحوال التي تعتري المقديسين للقرآن 
الكريم2, والمدنسين له؛ فقال: (وَإِدَا مَا أتزلث سُورَهٌ 
فَمِنْهخ عن يَقول أنَكُمْ رَادَنَهُ هَذهٍ إِيمَانَا فَأْمًا الذين آمَنُوا 
فَرَادَ دَنَهُمْ لحان وَهَم يَسْتَبِشِرُونَ )124) وَأما الذين في 

0 مَرَضْ فَرَادَنُههُمْ رِجْسًا إلى رِجْسِهمْ وَمَانُوا وَهُمْ 
كَافِرُونَ) [التوبة: 124, 125] 


نم دن أن الله شالى يرل على عناده من الفقين ها 
يميز به المؤمنين من غيرهم» قال تعالى: (أْوَلَا يَرَوْنَ أنّهُمْ 
يُفْيَنُونَ فِي كُلّ عام مَرَّةَ أؤ مَرَّنَئْنِ نُمَّ لا يَنُوبُونَ ولا هُمْ 
يَذْكْرُونَ4 [التوبة: 126] 

ومن أمثلة ذلك تلك الآبيات التي تأمر بالقتال: والتي لا 
تزال تحدث آثارها السلبية في نفس أصحاب القراءات 
المدنسة» والتي راحوا يؤلونها بصنوف التأويل والتحريف, 
قال تعالى: (وَيَقَول الّذِينَ آمَنُوا لؤلا, ُزُلِتْ سورَةٌ فَإِدَا 
0 0 مُحكمة 0 فِيها الْقِتال رّ يت م في 





فَأوْلى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مغرزوفٌ فَإدَا عَرَمَ الأفر فَلَوْ 
صَدَفُوا اللة لَكَانَ خَيرًا لَهَمْ > [محمد: 220 2] 

وعنها ما عره عد قوله بحال.: (وَإِدْ قُلْنَا لَكَ إنّ رَبَكَ 
أخاطً بالثثاس وَمَا جَعَلنَا 





0 التنويريون وللصراعات مع ! المقدسات (15) 

الرُّؤْيَا الْتِيِِ أَرَبْنَاكَ إلا فِنتهَ للنّاس وَالشَّجَرَةَ الْمَلعُوتة 
في الْفَرْآنِ وَنُحَوّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمُْ إل طغْيَانا كَبيرٌ) 
[الإسراء: 60] 

وهكذا نرى القرآن الكريم يخبرنا أن فيه معايير لتحديد 
الصادقين من غيرهمء فالصادقون مع الله هم الذين 
يقرؤون القرآن الكريم بقناعة تامة أنه من الله ولذلك 
يتناولون ما فيه بكل تقديسء ولا يخطر لهم نحوه أي خاطر 
نبسوء . . أما الآخرون: فهم برونه منتجا نقافباء وليد عمئة 
علد وزمن قديم. . فلذلك يحقرونه ويبزدرونه شعروا أو 
لم يشعرواء وذلك ما يحول بينهم وبين فهمه أو تناول 
معانيه. فهو كما هدى للمتقين: وليس هدى لغيرهم 

ولهذا ذكر الغزالي عند بيان الآداب الباطنة لتلا 
القران الكريم» هذان الأدبان الرفيعان/, اللذان لا يمكن 8 
بعهم القرآن من دون تحققهما. 
أما أولهماء فهو استحضار عظمة القرآن: لما لذلك من 
تأثير نفسي على القارئ: ولهذا الاستحضار تأثير كبير في 
تلقي التالي واستعداده للفهوم التي يفيضها الله على 
عباده العارفين بعظمة كلامهء وذلك لأن فيها فتحا لمجالات 
مطلقة للقرآن الكريم لا يحدها التركيب اللغوي المحدود 
(1). 
. وأما الثاني. فهو استحضار عظمة الله تعالى. وذلك 
بان يعلم أن ما يقرؤه ليس من كلام البشرء ولهذا كان 
بعض الصحابة ‏ كما ينقل الغزالي ‏ إذا نشر المصحف غشي 
عليه ويقول: (هو كلام ربي2» هو - ربي) (2)/ وطريق 
التحقق بهذا كما يرى الغزالي ‏ هو أن يحضر بباله عند 
بداية التلاوة الغرسش والكرسي والسماوات والارض وما 
بينهما 


111 ]ا لق 1 280 
0 الك السالى 11 281 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (16) 
من الجن والإنس والدواب والأشجارء ويعلم أن الخالق 

يي والقادر عليها والرازق لها واحدء وأن الكل في 
قبضته» مترددون بين فضله ورحمته: وبين نقمته وسطوته: 
إن أنعم فبفضلهء؛ وإن عاقب فبعدله (1). 

وهذا التعظيم التمهيدي هو وسيلة وغاية في نفس 
الوقت, لأنه بقدر تعظيمه عند القراءة يكون فهمه عن الله, 
وبقدر فهمه عن الله تكون معرفته ويزداد تعظيمه. 1 

هكذا يقرأ القرآن الكريم. وهكذا يمكن أن يفهمء أما 
كل أولئك التنويريين الغارقين في ظلمات 00 
وأهوائهم» فهم محجوبون عن القرآن.. لأنه لا يمكن 
تقو القران من جحت عن رتدول الله على الله عليه والة 
وسلم: أو. تصضور انه مخرد شر كشائر النشر: فلن غدر لان 
سمو حي إليه شي ء . 

ولاسشكن أن نفهة القران ذلك المغرو الذي نصور أنه 
يمكن أن يفهمه بعيدا ١‏ عن النبوة, وعكن ورتة النبوة.. 
فالمِتكبر المستعلي محججوب 00 آيات اللهء. كما قال تعالى: 
ار عَن_آيَاتِيَ الْذِينَ سكرون شد الأزضٍ بِعَيْرِ ا 
وإ يَرَوا كل آيَة لا يُؤْمِنُوا يها وَإِنَ يَرَوْ سبي , 
يَتخِذُوة_ هُ سَبيلا وَإِن يَرَوْا سَبيل العيّ يَنْخِدُوةٌ سَبيلا دا 
كَذْبُوا بِآيَاتِنَا وَكانوا عَنْهَا عَافِلِينَ) [الأعراف: 146] 


11) 52 التشاتة 1 281 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (17) 


التنويريون.. والحدام على السنة 


احتقار السنة النبوية المطهرة» وعدم اعتمادها أو اهار 
ذلك أي عناء ولا جهد ولا بحث.. فلازمتم المعروفة هي 





مخالفة السنة للعقلء وللقرآن, وللفطرة: وأنها من إنتاج 
الأمويين أو الفياشيين: أو من ناخ الكذابين الوضصاعين. 

وعندما يذكرون ذلكء يتوهم الكثير أن هذه النتائج قد 
تولدت عن بحث طويلء أو عناء شديد في النظر في 
أسانيد الأحاديث أو طرقهاء أو أنهم عرضوها فعلا على 
القرآن الكريم أو العقل الحكيم. . ينما هم لم يفغلوا سينا 
من ذلك.. ذلك أنهم لم يعرضوها إلا على هواهم المجردء 
والذي يبسمونه مرة قراناء ومرة عقلاء ومرة فطرة, وهو 
في حقيقته لا يعدو أن يكون هواجس نفس أمارة؛, أو 
وساوس شيطان رجيم. 

ولذلك يمكن اعتبار موقفهم من السنة المطهرة هو 
السبب في كل البلايا التي وقعوا 0 ذلك أن احترام 
السنة احترام لصاحبهاء وتعظيم له: واحتقارها احتقار له, 
ويستحيل على من يفعل ذلك مع رسول الله صلى الله عليه 
وأله وسلم أن يوفقق لأي خيرء أو يهتدىي لأي صواب. 

فالله تعالى نهانا عن مجرد دعاء رسول الله صلى الله 
عليه وآله وسلم باسمهء أو رفع الصوت أمامه؛ بل اعتبر 
ذلك محبطا للعمل؛ فكيف بالتجروؤ على إنكار سنته: أو 
إدخال الهوى فيها؟ 

لذلك نجد الصادقين لا يتجرؤون على ردهاء ولا على 
مناقشتهاء ولا على كتمانهاء وإنما يجتهدون في تفعيلها 
في كل شيء: مثلما يجتهدون في تفعيل القرآن الكريم, 
فكلاهما من مشكاة واحدة: هي مشكاة الحقيقة المطلقة: 
وقد قال الله تعالى عن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم: 
زقَمَا 


إلتنويريون والصراعات مع المقدسات (18) 
يَنْطِقٌ عَنِ الهوَى )3 إن هق إلا وَحئى يوحى4 [النجم: 3: 
4] 


وهم لا يقولون أبدا تلك المقولة التي يرددها 
القرآنيون» والتي هي سبب كل بلاء وقع في الأمة: (حسبنا 
كتاب الله). ذلك أن الله تعالى هو الذي وكل رسوله صلى 
الله عليه وآله وسلم ببيان كتابه» ووضع الضوابط لدينه 
حتى لا تتلاعب به الأهواء. كما قال تعالى: (وَأَبْرَلنَا إِلَيْكَ 





ا 
0-7 30 0 


الذكر لِنُبَيْنَ للثاس ما يرل إِلَيْهمْ وَلَعَلَهُمْيتَفَكْرُونَ) [النجل: 
4 وقال: (وَمَا أنزلتا عَلَيْكَ الكِتاتب إلا لِيْبَيّنَ لَههُمْ الذي 
اخْتَلَهُوا فِيهِ وَهُدَى وَرَحْمَةٌ لِقَوْم يُؤْمِنُونَ) [النحل: 64] 

وقد ورد في 00 الشريف وصف دقيق لأمثال 
هؤلاء. والذي لم يخلوا من أمثالهم التاريخ. فقد قال صلى 
الله عليه وآله 0 7 ألفين أحدكم متكئا على أريكته, 
درف ما وجدنا في كتاب اد اتبعناه) 3 
20 بقول: اخرم سول الله صلى الله عليه دالهة وسلم 
بوم خيبر أشياء, ثم اقال: (يوشك أحدكم أن 'يكذبني/ وهو 
0 فيه من 0 امسحللناء, وما وجدنا فيه من حرام 
حرمناه: ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله) (2) 

وهكذا تواترت التصوصض الكثرة الواردة في المضادر 
اللندسة للمداري الإبلاعة المخلقة على تعظيم السنده 
وخطورة رذها بالهوى الفحرد: أهة حظورهة ضرتها بالفران 
الكريم: مع كونها لم ترد إلا لبيانة وتاكيد مغاديه: وتفصيل 
مجمله» وتوضيح 

(1) الترمذي العلم (2663).: أيو داود السنة (4605): ابن ماجه المقدمة (13), أحمد (6/ 8). 


(0 الشف الكله (2661) أب ناد الشه (46024) ا طاح المشرضةه (12) أكمد ركم 132) الارفةا 
المقدمة (586). 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (19) 

كيفية تنفيذه في الواقع؛ فرسول الله صلى الله عليه 
وآله وسلم لم يكن سوى قرآنا ناطقاء ولم يكن خلقه إلا 
القرآن. 

ولهذا كان الصالحون يعتبرون كل حياة رسول الله 
صلى الله عليه واله وسلم سنة:ء ما قبل البعثة وما بعدهاء 
حتى خلوته في غار حراءء يعتبرونها من السنن النبوية التي 
يمكن تفعيلها في الواقع. . لأن حقيقة رسول الله صلى 
الله عليه وآله وسلم كانت متمثلة بالنبوة وبطهارتها 
وسموهاء ولم يكن الوحي المقدس الذي أوحي له إلا 
تتويجا لتلك النبوة السابقة. كما قال رسول الله صلى الله 
عليه والهة وسلم نقشة مخبر] عن موعد ندونة غندهعا شئل: 


يا رسول الله متى كتبت نبيا؟ فقال: (وآدم عليه السلام 

بين الروح والجسد) (1) 

وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يكلف أصحابه 
بتبليغ سنته مثلما يكفهم بتبليغ القرآن الكريم» ويعدهم من 
الأجر مثلما يعدهم به2» وقد تواترت الأحاديث عن رسول 
الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنه كان يوصي أصحابه في 
خطبته أن يبلغ شاهدهم غاتبهم,: ومن ذلك ما حصل يوم 
حجة الوداع في يوم عرفة وفي يوم النحر حين قال لهم: 
(فليبلغ الشاهد الغائب. فرب من يبلغه أاوعى له ممن 
سمعه) (2) 

ومن خلال استقراء أطروحات التنويريين المرتبطة 
بالقران الكريم نجد أنها لا تعدو تعلقها بمغالطتين اثنتين, 
أولاهما حول ححية السنة نفسهاء وعدم اعتبارهاء والثانية: 
هي الاعتراف بتلك الحجحية: مع مناقشة 0 ووضع 
العراقيل الكثيرة التي تتيح لأي هوى أن يرد ما شاء من 
السنة» من غير بينة ولا اجتهاد ولا نظر. 

)1) متا سين و5/ 379 (23599), وقال في (مجمع الزوائد: 8/ 223): رواه أحمد 
والطبراني, ورجاله رجا 


جال 
(2) البخاري الحج ( 01654 متك السافة لان الا لا (1679) آل كا الممالة 
235 1ه (5 7 3) النارة. الماك (1916) 


التتوتريون والضراعات مع المفقدشات (20) 


أولا المغالطات المرتبطة 0 
السنة 


0 كك ل ا ع فل ف الأحاديث 
الشريفة أصلا يُتحاكم . إليه قبل القرآن الكريم نفسه, 
وتخصيصه من ن خلال الروايات الواردة في أسباب التزول, 3 
للنضص القراني. 





عله فى البحل الذي" وفع فيه الخطا من دون 0 
لكنهم, ولكسل مر ل ال 0 للا 
ادا ن تلك الأخطاء لرمي السنة حميعا. 

وهذا ما وقعهم في انحراف لا يقل خطرا عن انحراف 
السلفيين أو من هو على شاكلتهم ممن عطل. نضوصا 
قرآنية كثيرة بسبب روايات وأحاديث رواها واعتمدها من 
غير تحقيق في أسانيدها ولا تثبت في مدى صحة الاحتجاج 
نها فى حال معارضتها للفرآن الكريم. 

فكلا الطرفين وقع في خطأ التعميم.. أولهما: وهم 
السلفيون ومن تبعهم أخطأوا في اعتماد الأحاديث اعتمادا 
صريحة.. وثانيهما: التنويريون» الذين راحوا يسخرون من 
كنت , السنة: وتستملون تلك الاخطاء بصررا لهجمانها 


أما الموقف الوسطء وهو الذي تبنيناه بحمد الله في 
كتبناء فهو اعتبار القرآن 


اللو ريون والصضراعات عخ العقدشات (21) 

الكريم والسنة المطهرة2, لكن مع مناقشة أحاديث 
السنة المعارضة للقرآن الكريم, إماا بناويلها لتتناسب معه, 
أو بردها إذا لم تتناسب مطلقا معهء, بناء على الأحاديث 
الواردة في ذلك. 

وقد وحدت>) بحمد الله ومن خلال تلك الروايات 
المحدودة التي تتعارض مع القرآن الكريمء أنه يمكن ردها 
من خلال الموضوعية في مناقشتها سنداء أو من خلال 
تأويلها لتتناسب مع القرآن الكريم. 

ومن أمثلة على ذلك ما ذكرناه بتفصيل في كتاب 
[الطائفيون والحكماء السبعة], حيث رددنا فيه حديث (من 
بدل دينه فاقتلوه) (2)1» مع كونه مرويا في الصحاحء لا 
لكونه يخالف الآيات ريه الكثيرةء والتي. نتتحدت على 
عقوبة الردة»: ولكنها لا تنص على الحد الدنيوي المرتبط 
بهاء بخلاف سائر الجرائم التي ذكرت حدودهاء وإنما لكون 
مناقشته سندا تقتضي ذلكء فهذا الحديث من رواية عكرمة 





مولى ابن عالت د اا بها دون اديه ابن عباس 
ومحاهة وغيرهم ممن هم أآكثر اختصاصاً به من دواعي 
التوقف في قبول هذا الحديث.. بالإضافة إلى ذلك فإن 
لم برووه عنه رعم احمية الحديث واختصاره وسهولة 
حفطل. ورغر ‏ آر ناطه ابخذا من الحدوة التطدرة. فكاف 
ا و ا ال ا 
هذا الحديثت الضعانة والتابعون: ديعلمها تابعى واحد هد 
نفسه محل إشكال واختلاف؟ 

بالإضافة إلى ذلك, فقد كان عكرمة من الخوارج الذين 
حاربوا الإمام عليا.. وهذا الحديث فيه تجريح خطير للإمام 
عل > 


1) !238112 و2359 





التو ريون والضراعات مخ المقدشات (22) 

بالإضافة إلى ذلك, فقد رويت الروايات الكثيرة التي 
نتهمه من لدن الصحابة أنقسهمء فقد روي عن ابن عمر 
أنه قال لنافع: (لا تكذب عليتّ كما كذب عكرمة على ابن 
عباس)2 وفي ذلك أكبر تجريح له.. فالذي جرحه ليس 
لا ل لس من ل ل ا لس د وهو 
من الصحابة. . وهو يعرفه. . وهو أدرى الناس به.. لكن لحبنا 

]ا ا ار ل ا ال 
زياد قال: دخلت على علي بن عبد الله بن غباس وعكرمة 
مقيد. فقلت: ما لهذا؟ قال: ل ا 

وقال ابن حجر عنه: (وفد عكرمة على نحدة الحروري 

فاقام عنده تسعة شهرء ثم رجع إلى ابن عباس فسلم 
عليه فقال: قد جاء الخبيث قال: فكان يحدث برأي نجدة, 
وكان يعنى تجدة أول من احدت راف الصضفرية وقال 
الجوزجاني قلت لأحمد بن حنبل أكان عكرمة إباضيا فقال: 
يقال: إنه كان عقريا. وقال أبنو طالب عن أحمد كان برى 
راى الخوارج الصفرزية: وقال يحين دن هقير كان سكل 





الزبيرى كان درى ا الخوارج) 2( 
وهكذا لو تأملنا كل الأحاديث التي عارضت القرآن 
الكريم معارضة صريحةء وجدناها من هذا الباب.ء يمكن 
وفي المقابل نجد مئات الأحاديث في المصادر 
الإسلامية المختلفة ممتلئة بالجمال والقيم النبيلة: ولا يصح 
عفلا أو شترعا رعيها حديع يححة مكالفيه! للقران" . 


00 مجه د [النارت ماك 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (23) 

فمعظم احاديث الترغيب والترهيب: حتى الكثير من 
الضعيف منها يمكن الاستفادة منها في تحقيق المقاصد 
القرآنية, ومن الخطأ رميها ورفضهاء بحجة أن السنة تحجب 
عن القرآن, وكيف تححب عنه»ه وهما من مشكاة واحدة. 

ولهذا اعتمدنا بحمد الله في كتبنا كل المصادر الحديثية 
ورابنا حرمتها وقداشتها؛ وقد قلت في مقدمة كنايى 
[رسول الله والقلوب المريضة]» وهو الكتاب الذين ناقشنا 
فيه الأحاديث التي تشوه النبوة: وتنسيء إليها: (ونحب في 
هذا المحل أيضا أن ننكر نكيرا شديدا على من يتجرأ على 
كتب الحديث بمدارسها المختلفة.. كصحيحي البخاري 
ومسلم وسنن الترمذي والنسائي ان ماجة وغيرها من 
كتب الحديث في المدرسة السنية.. أو كتاب الكافي في 
الأصول والفروع للكليني: أو تهذيب الأحكام والاستبصار 
للطوسيء أو من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق.. وغيرها 
من كتب الحديث في المدرسية الشنيعية.. أو مسند الربيع بن 
حبيب في المدرسة الإباضية, فكتب الحديث هي المحال 
التي جمع فيها الحديث بصحيحه وضعيقه وموضوعه» ولذلك 
من الخطأ الكدر أن نسب عصد را كاملا للحديت سيت بعض 
الأحاديث المردودة فيه.. بل لو لم يصح من كتاب كامل إلا 
حديث واحد لكان من الأدئ.مة رسيول اللة على الله عليه 
وآله وسلم أن نحترم ذلك الكتاب) (1) 

وقلت فيه: (لهذا فإني ‏ مع ردي بعض الأحاديث الواردة 
في المصادر الحديثية المختلفة لا أرد الأحاديث مع 





آله 


اعتقادي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالها أو 
فعلها.. فذلك عين الضلال, بل عين الكفر, فمن يتجرأ على 
تكذيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يبقى له 
عن الإسلام شروء.. وعثل ذلك فإني 1 أتهم الصحابي الذي 


11 لله لئام الدرسهة 02 12 





التتويريون والصراعات مغ المقدسات (24) 

من الصحابة مباشرة: وإنما ورد إلينا عن طريق طويل 
قد يختلط فيه الحابل بالنابل: والمحق من المبطل. . ومثل 
ذلك لا أنهم صاحب الكتاب الذي ورد فيه الحديث, لأن أكثر 
ومن فهمها للفقهاء الس وغيرهم», كما قال صلى 
الله عليه وآله وسلم: (نضر الله امرأ سمع منا حديثا 
فحفظه حتى يبلغه: فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه, 
ورب حامل فقه الس بفقيه) (1).. ومثل ذلك لا أتهم أي 
راو 0 بأنه هو من وضع الحديث لأن ذلك غيب. 
والله أعلم . كل الذي أفعله هو اي أقارن الخده 
بالصورة ال وردت في القرآن الكريم حول رسول الله 
صلى الله عليه وآله وسلم: وورد مثلها في الأحاديث 
الكثيرة. وفوق ذلك تؤيدها الفطرة الصافية والعقل 
السليم. فإن وحدت الحديث موافقا لهاء قلت مه كه وصد قته 
حتى لو كان راويه متهما بالضعف. . وكل حدينت مخالف 
لذلك أنكرته ونقدته حتى لو كان الراوي قد ونتق من 
الجميع) (2) 

واستدللت لذلك بما فعله العلماء الكبار من ردهم 
لبعض الأحاديث بسبب تعارضها مع القران الكريم2» ومن 
ذلك ما ذكره جمال الدين القاسمي عند تبريره الاسقادة 
الشديد لحديث سحر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ‏ 
الأمثلة من فعل السلف, فنقل عن الإمام الغزالي 0 
في (المستصفى): (ما من أحد من الصحابة إلا وقد ردٌ خبر 
الواحد. كرد على خبر الى سنان الأشجعي في قصة (بروع 
بنت واشق) وقد ظهر منه أنه كان يحلف على الحديث. 





عليه. وظهر من 


)1 رواه ابو داود. 
2 دل الل تار المريسة شن ل 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (25) 

عمر نهيه لابي موسى وابي هريرة عن الحديث) (1) 

ونقل عن ابن تيمية في (المسوّدة) قوله: (الصواب أن 
من ردٌ الخبر الصحيح كما كانت الصحابة تردهء لاعتقاده 
غلط الناقل أو كذبهء. لاعتقاد الرادٌ أن الدليل قد دل على 
أن الرسول لا يقول هذاء فإن هذا لا يكفر ولا يفسق/ وإن 
لم يكن اعتقاده مطابقاء فقد ردٌ غير واحد من الصحابة غير 
واحد امن الآخثار الذي فى سديحة عند أهل الحديب) (2) 

ونقل عن العلامة الفناري في (فصول البدائع) قوله: 
(ولا يضلل جاحد الآحاد) 

ثم قال تعقيبا على ذلك كله: (والمسألة معروفة في 

الأصول» وإنما توسعت في نقولها لأني رأيت من متعصبة 
أهل الرأي من أكبر رد خبر رواه مثل البخاري, وضلل 
منكره2 فعلمت أن هذا من الجهل بفن الأصولء لا بل 
بأصول مذهبه. كما رأيت عن الفناري. ثم قلت: العهد بأهل 
الرأي أن لا يقيموا للبخاري وزنا. وقد ردوا المئين من 
مروياتة بالتاويل والتشخ: قعمتى صادقوه حتى يضللوا من 
رد خبرا فيه؟) (3) 

ومن الأمثلة الواضحة على ذلك موقف الإمام مالك من 
الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام أن 
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (البيعان 
بالخيار ما لم يتفرقاء فإن صدقا وبينا بورك لهما في 
بيعهماء وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)2 والذي يدل 
بصيغة قطعية على أن لكل من المتبايعين حق إمضاء العقد 
أو إلغائه ماداما لم يتفرقا بالأبدان. 


10 مخاسن النامك: 9 578 
2 مكاسن التأفل: 9 578 
(2) مكاسر الأول 9/ 578 








التنويريون والصراعات مع المقدسات (26) 
وقد ورد ما يؤكد د من ا لجرت قد روى 
عثمان مالاً بالوادي بمال له بخيبر, فلما تبايعنا, 0 على 
السنة أن المتبايعين بالخيار حتى يتفرقا) 
وقد ذهب إلى هذا جماهير العلماء من الصحابة 
والتابعين.. لكن الإمام مالك خالف ذلكء ورد الحديث حتى 
نقل عن ابن بي دنب وشو من كار علماء المدية - أنه 
لما ذكر له د مالكا لم يعمل به؛ قال: (يستتاب: فإن تاب, 
وإلا ضرنبت عنقه) )1( 
بل أكد موقفه هذا الإمام أحمد نفسه حيث قال عن ابن 
أبي ذئب: (هو أورع وأقول بالحق من مالك) (2) 
لكن مع ذلك نجد العلماء جميعا يعتذرون لمالك, 
ويققون منه موقفا طيباء بل يبررون قوله: والمالكية إلى 
الآن لا رالدا ياحدون بقوله فى المسألة: ولا ياحدون 
بالحديث الوارد في صحيحي البخاري ومسلم. 
وهذا الموقف هو الموقف الوسطهء وهو الذي كان على 
التنويريين أن يقوموا بهء لا أن يرفضوا الأحاديث جميعاء 
ومن دون دراسة ولا سبحت وإنما يسارعون إلى ذلك من 
دون تنبت . 
ولا نحتاج في هذا المحل إلى ذكر النصوص القرآنية 
الكثيرة التي تأآمر بالرجوعغ: للنني ضلى الله عليه وآلة 
وسلم: واعتباره حكما وشارحا ومفصلا لآيات الذكر الحكيم:, 
فهي كثيرة حداء ودلالتها صربحة حداء ولا ينكرها إلا حاحد. 


(1) شير أعلام البلاء: 1/ 49 
(2) سير أعلام النبلاء:1/ 49. 





التو ريون و«والصراعات مخ المفقدنات (27) 
. ولعل أشهرها وأوضحها قوله تعالي: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ 
0 دشولة أ ثرا أن تكون لفق الجبره 
[الأحزاب: 6 فهذه الآية الكريمة واضحة في دلالتها على 


كون ما قضئى. به رشول الله صضلى الله عليه واله وسلم هو 





نفسه ما قضى به الله تعالى؛ فرسول الله صلى الله عليه 
وآله وسلم لا ينطق الهوى 

ومثل ذلك تلك الآيات اه التى نامر بطاعة رسول 
الله صلى الله عليه وآله وسلمء» وتقرنها, لطاع الله. كما 
قال تعالى: (وَأَطِيعُوا اللّة وَالرَسُولَ لعَلَكُمْ تُرَحَمُونَ4 [آل 
عمران: 21132 وقوله: (وَأَطِيعُوا اللة وَأَطِيعُو| ' الرّسُولُ 
وَاحْدَرُوا فَإِنْ تَوَلَيْتُمْ فَاعْلَمُوا أنَّمَا عَلَى رَسُولِتا البَلاعٌ 
المُبِينُ) [المائدة: 92] 

وغيرها من الآيات الكريمة التي تتحول إلى آيات لا 
يمكن تطبيقها إلا في الواقع الذي عاش فيه رسول الله 
صلى الله عليه وآله وسلم: فكيف نطيع رسول الله صلى 
0 دالة وسلم: وكف شنح اآوزاعره: وحن شكرها 

د 

أما ادعاء القرآنيين بأن القرآن الكريم حوى كل شيء, 
وأنه لذلك يمكن الاستغناء عن السنة:. كما قال عبد الله 
جكرالوي مؤسس فرقة القرآنيين: (إن الكتاب المجيد ذكر 
كل شيء يحتاج إليه في الدين مفصلا ومشروحا من كل 
وجه؛ فما الداعي إلى الوحي الخفي وما الحاجة إلى السنة) 
(1) وقال: (كتاب الله كامل مفصل لا يحتاج إلى الشرح ولا 
اناه أو التغليم. العملي: بمقنضاه) (2): فهو قول ممتلئ 
بالمغالطات. 

ذلك أن الكثير من الأحكام لا يمكن تنفيذها من دون 
السنة المطهرة:. ولذلك 

ال رم سنة 1902 م, وإشاعة السنة 19 ص 286 سنة 1902. 


(2) _ترك افتراء تعامل 10 وقد قال بمثله الخواجه ا الى بالجافظ أبلم إنظر همان الفران 4 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (28) 
تلت مسة زيول الله صلى الله عله واله دسله سان 
ذلك. . وفصلته وعلمته لنا. 


وقد يتصور البعض أن هذا خاص بالعبادات فقطء ولذلك 
يذكرون إمكانية الاعتماد على السنة في هذا المجال» وهذا 
خطأء فحتى في القضايا الأخرى»: نجد شروحا وتفاصيل لا 
يمكن فهم القرآن الكريم إلا من خلالها. 





ومن الأمثلة على ذلك تفسير رسول الله صلى الله 
عليه واله وسلم لمغنى الغيبةة والقرق نينها وبين البهنان؛ 
فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (أتدرون ما الغيبة؟), 
قالوا: الله ورسوله ١‏ . قال: (ذكرك أخاك بما يكره), 
قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: (إن كان فيه 
ما تقول فقد اغتبته, وإن لم يكن فيه ما تقول فقد نه بَمِنْه) 
1 

وهكذا نجد الأحاديث الكثيرة التي تنهانا عن الغيبة, 
وتؤكد حرمتهاء وتبين عظم خطورتهاء وهو ما يزد الحقائق 
القرآنية المرتبطة بهذا الجانب توثيقا وتأكيدا وتحقيقا. 

ولسنا ندري لم نترمعي كل تلك الثروة الأخلاقية, نتسب 
56 الأحاديث التي خالفت القرآن الكريمء والتي كان 

يمكننا رفضها لوحدهاء أو محاولة فهمها على ضوء القرآن 

الكريم: أما أن. ترعى السنة حميغا تسببهاء فهذا يهنان 
عظيمء فالتعميم دائما يحمل الأخطاء. 

ولهذاء قلنا في كتاب [أبو هريرة وأحاديثه في 
الميزان]», والذي اتهمنا فيه البعض بإنكار السنة: (ولذلك لا 
نريد من خلال هذا البحث رمي أحاديث بي هربرة؟ ولا 
طرحهاء ولا تكذيبها جميعاء وإنما ندعو إلى تمحيصها حتى 
نميز السم عن العسلء والصدق عن الكذبء والإلهي عن 
البشري2 والمقدس عن المدنس, ذلك أن الكثير من 
الروايات التي رواها ابو هريرة نجدها مروية من طرق غيره 
من الصحابة, بل نجدها 


11) نان فتكلك25891 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (29) 

عند الشيعة أو غيرهم من فرق المسلمين بأسانيدهم 
الخاصة بهم 1 لكن غيرهاء وخاصة مما اختص مه نحتاج فيه 
الى تحقيق كنبير؛ ذلك أن ابا هريرة لم يكن من الصحانة 
السابقينء, ولا من الذين اكتفوا بالتلمذة على رسول الله 
صلى الله عليه وآله وسلم.. بل كان تلميذا نجيبا لغيره, 
وخاصة لكعب الأحبار2. ولذلك اختلطت - باتفاق العلماء 
والمحدثين ‏ أحاديثه التي رواها عن كعب بأحاديثه التي 
رواها عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم؛ وكان له 


فوق ذلك اجدوادانة 2 بعص ل الحديمار حيث كان 
العلماء إدراجاء ويعبر عنها هو بأنها 00 0 

وبناء على ذلك قمنا بدراسة رواياته» وخاصة تلك التي 
انفرد بهاء وعرضها على القرآن الكريم2, بل عرضها على 
كلام أهل العلم أنفسهم, وقد وجدنا أنهم يفندونها 
ويردونها حتى أن 

ومن الأمثلة على ذلك الحديث الذي رواه مسلم عن 0 
هريرة قال: (أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 
بيدي فقال: (خلق الله عز وجل التربة يوم السبت. وخلق 
فيها الحبال يوم الاحد, وخلق الشجر يوم الاتنين» وخلق 
المكروه يوم النلاناء. وخلق النور دعوم الأربعاء, ونث فيها 
الدواب يوم الخميسء وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من 
يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات 
الجمعة فيما بين العصر إلى الليل) (1) 

وهذا الح الذي يصرج فيه أبو هريرة بالشسمفاع:؛ بل 
يصرح بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصه به 
بل أخذ بيده حين قالهء اتفق العلماء على عدم صحة نسبته 
إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلمء وأن أبا هريرة 
أخطأ فيهاء فبدل أن يقول: أخذ كعب الأحبار بيدي. قال: 
أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيدي. 


إل سام ك2 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (30) 

يقول ابن كثير في تفسيره تعليقا عليه: (فقد رواه 
مفع ب امكو و1 ا تفروك ل ومسي جك كي 
الأنام السيعة: والله نغالى فد قال فى شنة أنام. ولهدا 
تكلم البخاري وغير واحد من الحفاظ في هذا الحديث, 
وجعلوه من رواية 0 هريرة عن كعب الأحبار ليس 
مرفوعا) )60 

بل إن ابن تيمية نفسه رد الحديث, فقال في (مجموع 
٠ .) 0‏ خلق الدواب 0 الخميس وخلق آدم 1 


يحيى بن معين ومثل البخارى وغيرهما وذكر البخارى أن 
هذا من كلام كعب الأحبار) )2( 
بل إن السلف الأول من الصحابة أنفسهم ردوا احادينة: 
واتهموه في الرواية: بل فيهم من اتهمه بالكذب, ومن 
الأمثلة على ذلك ما روي منن رد عائشة على الى هريرة 
حول ما رواه عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من 
قوله: (إنما الطيرة في المرأة, والدابة. والدار). ففي 
الحديث عن أبي حسان الأعرج» أن رجلينء دخلا على عائشة 
فقالا: إن أآبا هريرة يحدث أن نبي الله صلى الله عليه وآله 
وسلم.ء كان يقول: (إنما الطيرة في المرأة: والدابة, 
والدار)2» قال: فطارت شقة منها _في السماء.ء وشقة في 
الأرض» فقالت: والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ما 
هكذا كان يقول: ولكن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم 
كان يقول: (كان أأهل الجاهلية يقولون: الطيرة في المرأة 
والدار والدابة» ثم قرأت رعائشة: (مَا أَصَاتَ مِنْ مُصِيِيَةٍ في 
الأرضٍ وَلَا في أنفسِكم إلا في كِتاب مِنْ قبل ان تَبِرَاهَا إن 
ذلك عَلَى الله يَسِيرُ) [الحديد: 22]) (3) 


)1 0 2 ص 294. 
0 أحمد 16 رف 6 اانه رق 6 215 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (31) 

وفي رواية عن مكحول: قيل لعائشة إن أبا هربرة ؟: 
يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الشؤم 
في ثلاثة: في الدار والمرأة والفرس)), فقالت عائشة: لم 
يحفظ أبو هريرة لأنه دخل ورسول الله صلى الله عليه وآله 
وسلم2ء يقول: (قاتل الله اليهودء يقولون إن الشؤم في 
نلانة: في الدار والمرأة والفرس» فسمع آخر الحديث ولم 
يسمع أوله) 

فهذا الحديث بروايتيه يشير إلى ذلك التسرع الذي 
اتسمت به رواية أنى هريرة للأحاديث, وهو ما جعله يفع 
في خلط كثيرء ولهذا غضبت عائشةء بل طارت شقة منها 
في السماءء, وشقة في الأرض2 من ذلك الخلط الذي 
يمارسه انو هريرة فى رواية الحديث. 


مسرم 
الكتير عنها د.. كا لأنا لم عر نيا ياسا فعانيها سرعه 
صحبحة ' وإنما اقتصر ردنا على ما نراه مخالفا لما ورد في 
القرآن الكريم من تنزيه الله أو تنزيه رسلهء أو الدعوة 
للقيم النبيلة 

لل ]ل ل هي ساس 1ن الورك 
لا رميها جميعاء وتكذيبها جميعاء بجرة قلم واحدة: لأن هذا 
وليد الكسل والمراهقة الفكرية.. ولا قبولها جميعا كذلك, 
لان بعض الروايات يفعل فعل السم في تحطيم الشريعة 
وتشويهها وتشويه كل القيم النبيلة التي جاءت بها. 


ثانيا ‏ المغالطات المرتبطة بثتبوت 
وي ل ل ل ل و ن اتلك 


ا التي وقع فيها الذين أخروا القرآن الكريم عن 
٠:‏ فوا أحكامه 00 مخصصة أو مقيدة 


توهموا انعم بإتكار تبوتهاء يكونون قد الغوا الحا إليها. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (32) 

فقد اعتمدوا هم أيضا على تلك الروايات الضعيفة: أو 
تلك الأسانيد المريضة» أو ذلك الوضع الذي انتشر في 
فترات مختلفة من التاريخ. ليعمموه على كل الأحاديث 
والروايات». وهذا خطأ كبيرء لا يقل عن الخطأ السابق. 

بل إن بعصضهم ؛ ومبالغة في تأكيد مغالطته راح يز كم 
هذا الزعم الذي عبر عنه بقوله: (لو كانت السنة جزءاً من 
الدين لوضع لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 
منهجا كمنهج القرآن من الكتابة والحفظ والمذاكرة.. 
كرك رين اتا رو جل ا لور سم اك 1 
محفوظ: لكته صلى الله عليه واله وسلم احناظ ‏ بكل 
الوسائل الممكنة لكتاب الله2ء ولم يفعل شيئا لسئّته, بل 
تهى عن كنابها يشوك: لا تكنيوا عنى غنر القرآن: ومن 
كتب عني غير القرآن فليمحه) (1) 





وما ذكره غير صحيح, فالأحاديث الكثيرة تدل على 
وجوب تبليغ الامة لستته صلى الله عليه واله وسلم: وهي 
لم تحدد كيفية ذلك اعتمادا على صدق المبلغين وذاكرتهم 
القوية2» بل هي لم تحدد حتى منهج حفظ القرآن الكريم, 
ولا آمرت بتكثير نسخه:؛ بل كان الاعتماد الأكبر على حفظ 
الصدورء كما هي عادة العرب. 

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآلهِ وسلم آمرا 
بتبليغ سنته: (نضر الله امرأ سمع مثا شيئاً فبلغه كما سمع 
فرت ملغ أوعى من سامع) (2): وقال مرات كثيرة: (ليبلغ 
الشاهد الغائب) (3) 

أما الحديث الوحيد الذي استدل به هؤلاء في النهي عن 
كتابة الحديث, وهو ما رواه مسلم من طريق همام عن زيد 
بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد مرفوعاً بلفظ: 
(لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه) (4) فهو 
مردود سندا ومتنا. 


مقام حديث 7. - 
أخرجه الترمذي (2647) واللفظ له, 0 ماجه (232) من حديث ابن مسعود,ء وهو حديث متواتر 


! 


(1 

02) 

(5) احرج الخار. (67) ومسلة 1679 

(2) صحبح عسلكه (3004) كناك الرهد 0 ان ال ف الديت وبككم كان العم 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (33) 

أما الرد عليه سنداء فهو كونه لم 01 مرفوعا إلى 
الى صلى الله عليه واله وسلم إلا همام بن يحبى, فقد 
قال الخطيب: (تفرد همام بروايته هذا الحديث عن زيد بن 
أسلم هكذا مرفوعاء ويقال: إن المحفوظ رواية هذا 
الحديث, عن أبي سعيد - هو - من قوله, غير مرفوع إلى 
الشى. صلى الله عليه واله وشسلم): ونقل عن البخارزى 
الاحتجاج به دشي اس خكر إلى خض الائمة: 

وهذا الاضصطراب في رفع الحديث ووقفه يرجح وقفه:ء لا 
رفعه, خاصة مع وجود الأحاديت الكثيرة المغارضصة: وقد قال 
الجارمى م الادح الجيي راك 5 السرات لد 
الحديثين 0 على رفعه, والآخر قد اختلف في رفعه 


ما اختلف فيهء لأن المتفق على رفعه حجة من جميع جهاته:, 
والمختلف في رفعه على تقدير الوقفء, هل يكون حجة أم 
لا؟ فيه خلاف: والأخذ بالمتفق عليه. أقرب إلى الحيطة) 

بالإضافة إلى ذلك, فإن من علل هذا الحديث الكبرى 
كونه غريباء فقد تفرد به همام عن زيدء وهذا ما يجعل 
أحاديث إباحة الكتابة الصحيحة أرجج منهء: فليس فيها التفرد 
الذي في هذا الحديث. 

بالإضافة إلى ذلك كله, فإن أبا سعيد - الذي روى 
الحديث ‏ لا يرى علة لهذا المنع. إلا أنه لا يريد أن يجعل 
الحديث كالقرآن في مصاحفء ولا يذكر أن العلة هي أن 
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن ذلكء/ وهذا 
يؤيد ما قيل من أن الحديث الذي نقلوه مرفوعا إلى رسول 
الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما هو موقوف عليه. 

أما الرد عليه متنا؛ فهو ذلك الاهتمام الذي أولته الأمة 
ابتداء من عصورها الأولى 


التنويريون والضراعات مع الفقدسات (34) 

بكتابة السنة المطهرة: ومحاولة تمييز الصحيح منها من 
السقيم. 

'ونحن وإن كنا ال بعض الاق المرنيطة بذلك في 
ولكن ذلك لا يعني طرح جميع الأحاديث, وإنما كان تركيزنا 
أحاديث التوسل ا وبعض مناقب الصحابة ونحوهاء 
مما يمكن اعتباره من صنف الحديث المختلف فيه. 

أما الأحاديث الأخرى2» وخاصة تلك المرتبطة بالقيم 
العقدية والسلوكية والأخلاقية؛ فهي موضع اتفاق في 
الأمة. حتى ما كان منها ضعيفاء لأنه قد يرد في المصادر 
السنية بأسانيد ضعيفةء بينما نجده في المصادر الشيعية 
بأسانيد أقوى, وبذلك تقوي الأسانيد بعضها بعضا. 
المرتبطة بذلك: والني يسهل استعمالها لإخراج الأحاديث 
بعيدا عن النزاعات المذهبية والطائفية. 





وقد ذكرنا. فيه أنه يمكن الاستفادة من أي حديث يخدم 
المقاصد القرآنية, حتى لو كان ضعيفاء لأنه لا يصح رمي 
كل حديث ضعيف, بل ترمى الأحاديث التي تخالف القواعد 
الشرعية فقطهء ومن أمثلة ذلك الحديث العظيم الذي يروى 
في فضل العلمء؛ والذي رفعه معاذ بن جبل عن رسول الله 
صلى الله عليه وآله وسلم: (تعلمُوا العلم فَإِن تعلمه لله 
خشية وَطَلَبهِ عتَادّة:» ومدارسته تسيبح, والبحث غنة جهقاد, 
وتعليمه من لا يُعلمهُ صَدَقَةء ويذله لأهله قربّة»؛ وَهُوَ الأنيس 
فِي الوحدّة, والصاحب فِي الْخلُوَة, وَالدَّلِيل عَلَى الدّين, 
والمصبر عَلَى الشَّرّاء وَالصّدَاء, والوزير عند الأخلاء, 
القريب عِنْد الغرباءء ومنار سَبيل الْجنّةء يرفع الله بهِ 
اقَوَامًا فيجعلهم في الْخَيْر قادة ‏ سادة هداة يُفْتَدَى بهم 4 
أدلة فِي الْخَيْر تقتص آثارهم وترمق أفعالهم» وترغب 
الْمَلائِكَة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم ' وكل رطب 





1 التنويريون اا (35) 
بس لَهُم يستغفر حَتََى حيتان الْبَر وهوامه وسباع 

البر 0 وَالسَّمَاء عا وميا )601 
ومعانيه قطعة أدبية رفيعة ممتلئة بالمعابي السامية: 3 
ضرر في روايتها ورفعها إلى رسول الله صلى الله عليه 
وآله وسلم لأن كل المعاني الواردة فيه واردة في نصوص 
أخرى: بالإضافة إلى كونه مرويا في المصادر الشيعية. 

دهكذا يمكننا نهدا المنهح الدى يعتمد المنن: أن حمه 
الكثير من نصوص السنة النبوية2» والممتلئة بالمعاني 
السامية», والتي تخدم المقاصد القرآنية, من غير أن يكون 
في ذلك أي صرر. 1 

بل إننا بهذا المنهج يمكننا الاستفادة من الأحاديث التي 
تحوي على بعض العبارات والجمل التي تناقض القواعد 
الشرعية. حيث يمكننا حذفها والإبقاء على باقي الحديث 
الذي نرى توافقه مع الشريعة:ء وبذلك يمكننا أن نرى ثروة 
كبيرة من الحديث يمكننا الاستفادة منها في خدمة المقاصد 
القرآنية. 


وهذا المنهج هو الذي اعتمده الغزالي والفيض 
1 الكثير من التصوصض ا جع ل اسل الصالح: 
وتنفر من العمل القبيج, ذلك أن بعض الناس قد لا تؤثر 
الواردة في السنة. 

ومن الأمئلة على ذلك الحدبث الذي يذكر عقوبة نارك 
الصلاة. والذي كان 

(1) قال الألباني في [ضعيف الفرغيب والترهيب ([1/ 45)]: رواة ابن عبد الير التهري في "كتاب العلم " من 
رواة عوسى إن _محي بن عطاء الفرشي. حذتنا عبد الرحيو بن بد العقي عن آبية حر الحلس عله. رقال طم 
حديت حسن |جذا]. ولكن ليضن له إسناد قوي: وقد زكناه من طرق شتي موقوفا, كذا قال رحمه الل ورفعه خريت 


جدا.. 








التنويريون والسرا ا مع المقدسات 3 

الكبيرء 56 9 بخض أضحات الأنجاه السلفي 200 
نبححة كونه موضوعاء مع كونه مرويا في المصادر الشيعية: 
دهد مااروى عنه صلى الله عليه ذاله وسلم أنه قال: (من 
تهاون بصلاته من الرجال والنساء ابتلاه الله بخمس عشرة 
خصلة» ست منها في دار الدنياء وثلاث عند موتهءٍ وثلاث في 
قبره»: وثلاث في القيامة إذا خرج من قبره.. فأما اللواتي 
تصيبه في دار الدَّنيا: فالأولى: يرفع الله البركة من عمره, 
ويرفع الله البركة من رزقه»: ويمحو الله عر وجل سيماء 
الصالحين من وجهه: وكل عمل يعمله لا يؤجر عليه: ولا 
يرفع دعاؤه إلى السماءء والسادسة ليس له حظ في دعاء 
الصالحين.. : وأما اللواتي تصيبه عند موته فأولاهن: أنه 
فلو شفقى من أنهار الذذا ف ره عطنته.. لها اللكاد. 
تصيبه في قبره فأولاهن: يوكل الله به ملكا يزعجة في 
قبره» والثانية: وق عليه قبره» والثالثة: تكون الظلمة 
في قبره.. وأما. اللواتي تصضصييه يبوم القيامة إذا خرج من 
قبره فاولاهن: اد يوكل الله علكا يتسحيةه ا وجهه 
والخلائق ينظرون إليهء والثانية: يحاسبٌ حساباً شديداء 
والثالثة: لا ينظر الله إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم) (1) 


ومن هذا الباب أيضا تلك الأدعية الكثيرة والممتلئة 

بالمعاني السامية: والتي 0 0 رسول الله صلى الله 

0 آله وسلم» والتي لا نستغني عنها بسبب 
سانيدهاء ذلك 


1) فستدرك الوكائل 2 3 0 4 لكن كال عن السك 1 ]ار 5 ككل [الكرت الإسلاس 00 
9 (أعا الكديت الذى بش صاحت النشرة الك لول الله زقد عدو ةنارك الطلاء وأنه يعافد يحمي علا 
ال ك كر لتا ت اسك لفك و عل 1ل 1 0ك لاط د لكا رقم الله كالحافسا 
الدعي ف لساك المار] بالشافط (ي كدر وعرههما)/ وقال ع الشيح آبن عسل زعا السديت وضع 
كو عل سول الله زد كك لاسترسرة إلا فووا لان 1 رسو لظ كون الا غلك ار )فا 
الشيخ الصادرة من مركز الدعوة بعنيزة )1/ 66] 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (37) 

أن العبرة بمعانيهاء لا بألفاظهاء فإن كان في ألفاظها 
ما يعارض المعاني القرآنية. حذف, وترك الباقي لتستفيد 
الأمة منه. 

ولهذا نجد في المدرسة الشيعية انفتاحا كبيرا في هذا 
الباب, وهو ما أورنهم تروة كبيرة من الأدعية والمناجيات 
التي لا نجد. تظيرا لها في المدرسنة الستنية» وهم مع 
اعتراف محققيهم بضعف الكثير منها إلا أنهم لا يرون بأسا 
0 ما دامت تخدم المقاصد القرآنية. 

. لم يكن هدفي هنا هو البحث في هذا المجال, 

إنما ار أن آبين لهؤلاء الذين يرعمون أنهم قرانيون: 
ا ل اا جور امار سر كي 
الذي ينفر منهاء وبما أن السنة المطهرة أحسن الوسائل 
لتحقيق المقاصد القرآنية والدعوة إليهاء فمن قلة العقل 
ان ترعم لأنفسنا انا قرانيون: ثم ترفي تلك التروة 
العظيمة, بحجة عدم تبوتها. 





التنويريون والصراعات مع المقدذسات (38) 


من الأدوات التي يستخدمها ا الجدد للتشكيك 
في الحقائق القطعية, وممارسة وظيفة الهدم»: التي هي 
أسهل الوظائفء وأكثرها انتشاراء أداة [خرق الإجماع] 





ذلك أن هذه الأداة تتيح لهم أن يدلوا بأقوال لم 
يسبقهم إليها أحدء وبذلك يعتبرون أنفسهم:» أو يعتبرهم 
حجمهو رهم اصحاب مشاريع تجديدية؛ فهم لا يريدون أن 
يظهروا يبن الناس مر مقلدة:» أو بانهم بحترون اقوال 
من سبقهم. 
وهي أيضا تيسر عليهم التعامل مع القضايا المختلفة 
بسهولة ويسرء ذلك أنهم لن يحتاجوا إلى البحث في كتب 
العقيدة ولا الفقه ولا الحديث ولا التفسيرء ولا يحتاجون 
لمراجعة العلماء من المدارس المختلفة للتحقق في أنواع 
البراهين» وأنماط الحجج» وإنما يكفيهم أن يدلوا برأيهم, 
نم يقنبلة واحدة برمون جمبيع الفقهاء والمفسرين 
والمحدثين من المدارس المختلفة من غير أن يطلعوا على 
أقوالهمء أو يكلفوا أنفسهم عناء فهمها. 

وهي أيضا تيسر لهم أن يكونوا أحرارا غير محاطين 
بأي د تحول بينهم وبين الدتكار الدرر الذي لا يتقيد بأي 

ولذلك ما أسهل لعن مشكرا هرك العاريقة أن يحدد 
أهدافه من الدين» ثم يحدد بعد ذلك وسائله لتحقيقهاء وقد 
يستفيد ذلك من التيارات الفكرية المختلفة.. ليحمل الدين 
بعد ذلك عليها.. فإن كان شيوعيا حول من الدين نظرية 
شيوعية . ٠.‏ وإن كان وجوديا جعل من الدين وسيلة ساد 
الرؤى الوجودية. . وإن كان برى أن غاية الحياة هي ' 
الديمقراطية حول الدين جميعا أداة لتحقيق الديمقراطية. 

وهو لن يستعمل في ذلك إلا بعض الخدع والحيل التي 
استعملها السفسطائيون: 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (39) 
والذين قضوا على المنطق: وعلى كل معقول ‏ مثلما 
يقضيى الننويريون الجدد على كل قطعي من الحقائق: وكل 
متفق عليه من شؤون الدين ا | 


ل اال الال ل الفرق الإسلامية؛ 
فيستفيدون من ردود السنة على الشيعة: أو من ردود 
الشبعة على الفينة. لفضر يوا كلا من السه والشيشه. ولا 





يعلمون أنهم لا يصريون فقط مواضع الخلاف ينهم ' وإنما 
يضربون أيضا مواضع الإجماع والاتفاق. 

وهم بذلك يفعلون مثلما يفعل ذلك الملفق المحتال 
على الدين: والذي عبر عنه أبو نواس بقوله: 

أباح العراقتك الثبيذ وشربه... وقال: حرامان المدامة 


والشكر 0 
دغال فا السراان اجر فر نان ل 
دولهيا الخمر 
الو سآخذ من قوليهما طرفيهما... وأشربها لا فارق الوازر 
زر 


وعثر عنهة 1 نترا. فقال: (أباح أهل الحرمين الغناء 
وحرموا النبيذء وأا أهل العراق النبيذ وحرموا الغناء, 
فأوجدونا السبيل إلى الرخصة فيهما عند اختلافهما إلى أن 
يقع الاتفاق) (1) 

وهذا هو منهجهم في النقد الذي يسمونه [نقد العقل 
العربي] أو [نقد العقل الإسلامي]. ونحن لا ننكر إنكارا 
مطلقا على هذا السلوك, وقد فعله الغزالي عند نقده 
للفلاسفة: فقد ذكر أن مراده إلزامهم بأي حجةء وقد تكون 
ححة للمعتزلة أو لمدرسة فلسفية مخالفة وغيرهاء ليئنت 
ان العقل المجرد لا يكفي وحده لحل حقائق الوجود 

برك 


01 ]2ك الأضاء رار ا السداء واللناء (1/ 769) 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (40) 

ولكنا ننكر خرقهم للإجماع, لا إجماع الطائفة الذي عبر 
0 لعلهم اختلفوا) )1 ذلك أن لا يفخ ان سشين م 
النوع إجماعاء فالأمة الإسلامية تشمل جميع الطوائفء لا 
طائفة بعينها, ولذلك فإن الذي يذكر الإجماع يحتاج أن 
المطروحة» وهو ما فعله الإمام أحمد نفسه حين استدل 
بالإجماع على نجاسة الدم. فأجاب من سأله: (الدم والقيح 
عندك سواء؟) بقوله: (الدم لم يختلف الناس فيهء والقيح 
قد اختلف الناس فيه) (2) 





وذلك الإجماع الذي لا يحل الخروج عليه هو ما عبر عنه 
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (إن الله قد 
أجار أمتي من أن تجتمع على ضلالة) (3) 

وهو جزء من حديث دل معناه على صحتهء وهو قوله 
صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله أجار ركم عن تلات خلال 
أن لا يدعو عليكم نبيكم, متهلكوا حعبناء وان لا يظهر أهل 
الباطل على أهل الحق» وأن لا تجتمعوا على ضلالة) 

والقرآن الكريم يدل على هذاء ذلك أن وذ 
الأمة في الباطل يعني انتصاره على الحق مع أن 
تعالى أخبر أن الحق لن ينطفئ نوره أبداي كما فال ا 
زَيَرِيدَونَ لِيَطفِنُوا نور الله بأفواههم وَاللَهُ ميم ره وَلَوْ 
كَرِة الكَافِرزو نَ) [الصف: 8], وقال: (وَفلُ جَاءَ اءَ الحو" درههة 
الْبَاطِلٌ إن الْبَاطِلٌ كَانَ رَهُوفًا) [الإسراء: 81] 

وأخبر عن بني إسرائيل أنهم لم يجمعوا على تحريف 
الدين» بل بقيت منهم طائفة 


1) نام لكشن على از الخليل سس 275 
ها سك التمده 1 105 


2 
50 لان طاح 0 0 2 ا ل 2 رم 5550 226 لذن 5 السشئل الك 
6 (ج 3/ ص 9 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (41) 

صالحة؛ إلى أن جاءٍ الإسلام فاتبعته» كما قال تعالى: 
(َوَمِنَ قَوْم مُوسَى أمَّهُ يَهْدُون بالْحَىّ وَبهِ يَعْدِلُونَ) 
ا : 9و15] 0 

وأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن في 
هذه الامة كذلك: لن يجمع الكل على الانحراف: بل 0ك 
طائفة ملتزمة بالحق: حتى تقام الحجة على الخلق.. 
أنه لو لم يبق إلا الباطل المجردء لما استطاع الخلق 0 

سن الحو والباطل. 

وقد نص على ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا 
عن خالقيم حتى باد أمر الله) (1) 

وبذلك تنقطع حجة كل من يريد أن يأتي في الدين 
بالجديد الذي يغيره من جذوره»2 كما نسمع الكثير من 


استفادة الجديد منهاء ولا في البحث عن كيفية تفعيلها في 
الحباة: ذلك أن كل هذا بناء, وليس هدما. ٠‏ وإنما نعني به 
ذلك الهدم الذي ينقض الدين من أساسه: باستعمال الحيل 
السفسطائية المستفادة من المناهج المختلفة. 

وقد يتصور البعض أن مساحة إجماع الأمة محدودء وهذا 
وهم كبيرء فمساحة الاتفاق في الأمة أكير بكثير من مساحة 
الخلاف فيها.. فهي تتفق في أكثر مسائل العقيدة 
وقضاياهاء. فهم يتفقون جميعا في معظم المسائل 
المرتبطة بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم 
الآخر. وهم يتفقون في أكثر مسائل القضاء والقدر 
والحكمة والتعليل: وإن كانوا يختلفون في بعض الفروع, 
التي ليس لها من الأهمية ما لأصول الدين الكبرى 


1)الخارة 73116 57ت 3641 ومشلكم 3/ 1524 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (42) 

التي نصت عليها الأدلة القطعية. 

وهم يتفقون كذلك في أكثر مسائل الفقه وقضاياه, 
سواء في أبواب العبادات 1 المعاملات: باعتبار أن أصول 
هذه الأبواب مذكورة في القرآن الكريم بصبغة قطعية » 
لتحفظ وحدة الأمة في هذا الجانب»: بل إننا عندما نرجع 
للمصدر الثاني الذي هو السنة المظهرة: نجدهم كذلك 
يتفقون في أكثر الفروع الفقهية, والخلافات بينهم لا تعدو 
خد الضوراو القضايا البسيطة. 

وهم يتفقون كذلك في أكثر قضايا السلوك والأخلاق: 
والتي وردت التفاصيل الكثيرة المرتبطة بها في القرآن 
الكريم والسنة المطهرة: واتفقت الامة عليها بلا خلاف. 

وهم يتفقون كذلك على مركزية القرآن الكريم, 
ور من السنة المطهرة: وكونها مصادر الدين في جميع 
حكامه 

بالإضافة إلى هذا كله يتفقون في الكثير من المواقف 
التاريخية أو السياسية كالقضية الفلسطينة. وعلى ضرورة 





وحدة الأمة, وعلى مواجهة كل مشاريع التخلف والعولمة 
والحداثة والاستعمار التي تريد أن تقضي عليها. 

وبذلك فإن مساحة الخلاف محدودة جداء وإنما يضخمها 
المتطرفون الدينيون» والمتطرفون اللادينيون حتى 
يستثمروا مسائل الخلاف في تشويه الدين» وتحطيم الأمة, 
وإطفاء نور الحقيقة فيها. 





التنويريون والصراعات مع المقدشات (43) 


ينتقد التنويريون كل حين » وبلهجة شديدة ه ذلك التخلف 
الذي وقعت فيه الأمة الإسلامية بسبب وقوعها في 
الخرافات والدجل» وعدم اهتمامها بالحقائق التي تؤثر في 
الواقع الشخصي؛ فتهذبه وترقيه» أو الواقع الاجتماعي؛ 
فتجعله واقعا حضاريا راقيا متطورا 

لكنهم يقعون في نفس !| حين يهجمون» ومن دون 
اناره من علم: أو سلطان مهن حجة على هغاني كثيرة؛ 
فيفتون فيها بجزم وتحقيق: وكأن كتاب الغيب قد فتح 
لهم؛ فراحوا يقرؤونه للناس» وبذلك يقعون في نفس ما 
ا 0 
لاا على أنها ليست لاه اده وأن أصحابها 
تفرقواء ففيهم من استمع لهاء وفيهم من لم يستمع إليها. 

لكن خرافات التنويريين الجددء لا تستند لتلك الروايات: 
بل هي تسنتد لمناهج غريبة في الاستنباط: لا يدل عليها 
العقل, ولا أي منطق صوري ولا رياضي. . ولا يدل عليها إلا 
الهوى المجردء وال الذي لا ضابط له. 

والأمثلة على ذلك كثر من أن نحصيها في هذا المقال 
ال ٠‏ ولذلك نكتفي ببعض ما ذكره من يصور لنفسه 
واتباعه أنه المحيط بحقائق القران الكريم» وانه اخرج منها 
من المعارف ما سبق به الأولين والآخرين, وهو محمد 
شحرورء وذلك في سلسلة الكتب التي ألفها حول الأنبياء 
عليهم الصلاة والسلام: والتي تنيع استنباطاته فيها من 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (44) 

نفس المنابع التي نهل منها كعب الاحبار ووهب بن 
المنبه وغيرهما من التكلف الممقوتء والفضول الذي نهينا 
عكنه. 

ومن ذلك ما فسر بيه قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْيَا نُوحًا 
إلى فَوْمِهِ قَلِيتَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا حَمْسِين عَامَا فَأَحَدَهُمْ 
الطُوفَانٌ وَهُمْ ظَالِمُونَ4 [العنكبوت: 14], والتي كان يمكن 
أن يقرأها كما يقرؤها أي مؤمن من أن نوحا عليه السلام 
مثال للصبر الجميل: وأنه مكث كل تلك المدة مع قومه 
يودى رشالة الله)؛ وبل حجحة من غير أن يتصبيق أو بصحر, 
ويقر] منها مدى ضير الله وحلمه على خلقة. وانه لم نزل 
بهم عقوبة الطوفان إلا بعد تلك السنين ا 

لكن شحرورا لم يقرأها بهذه الطريقة, بل راح يبحث 
عن الحيلة التي يحول بها تلك المئات من السنين إلى 
أربعين سنةء وكأن الله الذي خلق كل شيء يعجز أن يمد 
في عمر نوح عليه السلام إلى تلك المدة التي ذكرها 
القرآن الكريم 

وسنذكر هنا ما ذكره لنرى ا ما استدل به لذلك؛ 
الأعمار في ا هذاء بل لعلها كانت أقلء, فلقد أثبتت 
الوثائق التاريخية أن متوسط الأعمار عند الفراعنة لا 
عن 40 عاماء أما الزعم بأن عمر آدم كان ألف عام: وأن 
نوحاً لنسث في قومه تسعمائة وخمسبين عاماً بد عوهم إلى 
الإسلام فهذا ضرب من العبث والتخريف, لا نلوم عليه 
أصحاب التراث التوراتي لأن علوم التاريخ كانت مجهولة 
لدذبهم: لكنناا نتلوم الفعاضرين 'الذين هاا رالوا يظنون 
ويغرضون علينا ظنهم : أن الإنسان كان عيش ألف عام 
وأكثر) (1) 
التاريخية المرتبطة بالفراعنة على 


1 75510لقخض ال 11 قراء. لاسر 049/2 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (45) 

زمن نوح عليه السلام» والذي لا نملك أي آثار تدل 
عليه؛ فالآثار لم تحفظ لنا كل التاريخ. ولذلك من العجيب 
أن نستدل على حقائق التاريخ. وخاصة ذلك الموغل منه 
في القدم بما ليس لدينا ي حجة أو براهين عليه ثم 
ننسف بعد ذلك الحقائق القطعية التي حكاها لنا ربنا. 

وبعد أن يضع شحرور تلك المقدمة التي لا تملك أي 
حظ من العلمية, يقدم مقدمة ة أخرى, يتفق الجميع على 
5 الفواعد الصحبحة. لا للبناء, وإثما اللهدم؛ 0 (من 
حيث المبدأ: إذا تغارض ظاهر نص قرآاني مع حقيقة علمية 
ثابتة وجب اللجوء إلى التأويل» وإن تعارض فهمنا لنص 
قرآني مع حقيقة علمية ثابتة حكمنا بأن فهمنا للنص هو 
الخطأء وليس النص بذاته2. لأن كلام الله تعالى بداهة لا 
يمكن ولا يجوز أن يتعارض مع كلماته أي مع قوانينه 
ونواميسه) )1( 

وهذه حقيقة, ولكنها تستعمل عندما يتعارض ظاهر 
النص القراني مع ما تبت علمياء وما ذكره عن الفراعنة 
ليس له علاقة بتاتا بعمر نوح عليه السلام, ولا أعمار قومه؛ 
فالمسافة بينهما طويلة, ولا يمكن قياس الغائب على 
الشاهد. 

والنتيجة التي وصل إليها بعد لف ودوران طويلين هي 
ما عير عنه بقوله: (إن القران استعمل التقويم الذي كان 
سائدا في عهد نوح» وليس في تقويمنا نحن2» فمتوسط 
أعمار البشر في نمو مستمر» وليس العكس) (2). . وبذلك: 
وبعد ال هواه المجرد على 0 الذي كان ان في 


1 ال 2 51 
2 الطرك اننال 2 55 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (46) 

تحدث عنها القرآن الكريم قد لا تساوي 40 عاما. 
نوح عليه السلام مع قومه لا معنى لهء ذلك أن الله تعالى 
لم يذكر مدة مكث نوح عليه السلام في أداء دوره الدعوي 





إلا بسبب تلك الخاصية التي تميز بهاء وهي الطول الشديد 
الدى يستدعي الصير الحميل مع الحلم والاناة. 

وبذلك: فإن شحرورا بسلوكه هذا - والذي تصور أنه 
يصحح فيه معلومة أخطأ جميع المفسرين في فهمها 
عل سد لإ رفاس د الف انلصي اليك 
جاءت تلك الآية الكريمة لبيانها. 

ومثئل ذلك حدينه عن سسعفينة نوحج عليها السلام, ومن 
ركع والتي كان يمكن أن 1 بما ورد في --00 
السلاهت المؤمس د وروحن عن الحيوانات كما 0 
ل 01 
السفيية: ٠‏ ولا عرضهاء ولا فيمن ركبها من الإنس 
السفينة: ولا من 0 

لكن شحرورا لم يفعل ذلك, وإنما راح يقزمها 
ويحتقرهاء ولم يكتف بذلك: بل راح يجادل فيمن ركب فيها 

من البشر ويشكل عليه: مع كون القرآان الكريم أخبير أنه لم 
كت فيها إلا المؤمنون: 

وقد قال معبرا عن ذلك: (تحدث المفسرون بالتفصيل 
الممل عن أن ركاب السفينة ثلاثة أنواع: الأول ل 
أولهما ذكر والثاني اه والثاتى يشملل أهل. نوخ وهم 
ثمانية: نوح وامراته وأاسناوه 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (47) 

الثلاتة سام وحام ويافث لكل واحد منهم وحة؟ وهذا 
النوع الثاني يحكمه ما يحكم النوع الأول: 1 الثالث 
فيشمل من آمن بنوح وهم قليلء لكننا لم نسمع أحداً من 
المفسرين أشار إلى المبدأ الذي يحكمهم أهو مبدأ الإيمان 
الأول والثاني؟) 

وقد طرح هذا الذي 0 إشكالا ادا عليه ان 


إيمانه» وإنما بسبب كونه عازباء وقد قال مقررا هذا: 
(والسؤال الآن: ماذا يفعل نوح بشاب عازب مؤمن؟ هل 
يتركه للغرق لأنه عازب؟ أم يحمله معه لأنه مؤمن ليسطو 
على زوجات الآخرين بعد انحسار الطوفان؟) 

ويشكل على زوجة نوح عليه السلام أيضاء مع أن 
القرآن الكريم لم يتحدث عن ركوبها في السفينة معه؟: لأن 
الغرض هو الحقائق والعبر لا تفاصيل من ركب السفينة 
ومن لم يركبها, فلذلك كان ن ريكفيه أن يقرأ قوله تعاليي: 

حَتّى إِذَا جَاءَ أمْرنًَا وَقَارَ لوز قَلَنَا إِخملٍ فيبها مِنْ كل 

رَوْجَيْنِ انْبَيْنِ وَأَهْلَكَ إلا مَنْ سَبَقّ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا 
آمَنَ مَعَهُ إلا فَلِيلٌ) [هود: ا 

لكن شحرورا لم يفعل ذلك,/ وإنما راح يستنبط من 
القرآن الكريم بطريقته الخاصة أسماء من ركب ومن لم 
يركب, فقد قال: (وإن كان المعيار في الدخول إلى 
السفينة هو الإيمان فلماذا حمل نوح امرأته وقد ضربها الله 
الزوجة والأولاد, 0 ممن سيق عليه را لأنه ليس 
ابنه) (1) 

وهكذا راح يتكلف في استنباطا شكل السفينة 
وقدراتهاء ويبتصور أن الإجابة على ذلك تشكل مسالة مهمة » 
مم كو نها لبست كدذلك؛ وحدت لو كانت كدلك, فاه لبس 


36 245 21221500 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (48) 

لدينا من الأدلة ما يمكننا أن نستند إليه. 
وقد قال معبرا عن ذلك: (هنا سيظهر سؤال في غاية 
الأهمية وهو: ما هو المستوى الإنتاجي في الأدوات 
المستخدمة لصنع الفلك؟ ومن ركب في الفلك؟ لقد أجاب 
القرآن على هذه الأسئلة كالتالي.. لم يكن في زمن نوح 
حبال ولا مسامير لربط الخشب بعضه إلى بعضء وإنما تم 
ربط الحسشيت على مبذا الدسر وفهىي الألياق الظبيعية.. آأما 
ده نفسه فقد ص من فعل [فلك] وهو الاستسداردة وهو 
الوقت مجاذيف للتجذيف ولا دفة للتوجيه ولا ار ا 





أن الفلك مجرد جسم خشبي له استدارة يعوم على الماء 
فقط.. فإذا سأل سائل: كيف تم التوجيه والجر في فلك 
نوح؟ ؟ أقول: لقد 1 الجر لك التبار المائي حسب 


اجاشه الطليدة ! الآن فإن توجيه السفن يجري 
بواسطة الرادار د والشد يجري بواسطة المحرك 


وهكذا راح يتكلف في كيفية حصول الطوفان, وكان 
في إمكانه ألا يبحث في ذلك كله, ويركز على المعاني 
والعبر المرتبطة بذلك, خاصة مع عدم ورود ي دليل. 

وقد قال ذلك بصيغة التقرير والجزم, بل والإيجاب: 
(يحت أن تفهم أن طوفان بوح كان مكلا اى غبارة غن 
عاصفة مطرية كبيرة جدا جرت بشكل محليء حيث كان قوم 
نوح يسكنون في مناطق منخفضة قريبة من الأنهار تحيطها 
الجبال.. ونحن نعلم الآن أنه خلال ساعات من العاصفة 
المسرراة الشديدة يمكن إغراق مدينة بأكملهاء وبنفس 
الوقت نعلم إذا كانت هناك عاصفة مطرية تبعها طوفان 
في منطقة ما في أستراليا فهذا لا يعني أن الطوفان قد 
وصل إلى مصر أو الهندء وأن من يفسر بأن الطوفان عم 
كل الأرض فهذا غير صحيح ولكنه عم لك الأرض التي 
سكنها قوم نوح وبنفس الوقت لم يغط 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (49) 

الجبال. دعا ان المطاده البى سكن فيها قوم نوه 
عبارة عن منطقة محاطة بالجبال. فقد حصل تيار مائي 
عدف ذكان المدج كملاسيل السال من حبب الشسكل لاادن 
حيث البعد كما نراه الآن في طوفان الأنهار الجحبلية ذات 
الميول الكبيرة) 

وهكذا راح يتكلف في تفاصيل كثيرة» بل راح يصور أن 
قوم توح عليه السلام لم يهلكوا يبتستب كفرهم: وإنما 
بسبب عدم معرفتهم بالسباحة, فقد قال: (ويما أن كل 
الذين لم يركبوا في الفلك هلكوا فمن الجائز أن 0 
في زمن نوح كان لم يتعلم السباحة بعد) 
وراحج يفسر قوله تعالى: (عِمَا حَطِيبَاتهمم أَغْرِقُوا 
قَأدْخِلُوا تارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونٍ الله أنصًارًا) [نوح: 


25 والذي يستدل به العلماء عادة ل وقوع العذاب في 
عذاب البرزج لسر حر السيل ' جنث ٠‏ قوم نوح ورماها في 
منخفضة وعلاها الماء, ودخلت الحِنْث في اليركان, وقد بين 
هذا في قوله: (مِمَا خَطِيئَاتَهِمْ أَغْرِقُوا فَأَدْخِلُوا تَارًا فَلَمْ 
يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونٍ اللَهِ أنصارًا) [نوح: 125]: هنا استعمل 
فاء السببية والتعقيب بين الغرق وإدخال النار واستعمل 
النار نكرة وهنا لا ا نار جهنم) 

ومثل ذلك تكلفه في معرفة تفاصيل كثيرة عن أقوام 
الأنبياء من غير أي دليل,. كقوله عن قوم نوح عليه السلام 
أنهم كانوا يعبدون الظواهر الطبيعية (1) بدليل قوله تعالى 
حكاية عن دعوة نوح عليه السلام لقومه: 0 تَرَوا | كَيْفَ 
خَلَقَ اللَهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهنّ تُورًا 
وَجَعَلَ السّمْسَ سِرَاجًاء [نوح: 15, 16] 

مع أن مثل هذه الآيات واردة في خطاب القرآن الكريم 
للبشر جميعا بما فيهم قوم 


716 2 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (50) 

النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنفسهم, فالله تعإلى 
يقول: ١ب‏ .في خَلْق ١‏ السّمَاوَاتِ وَالْأَرَض وَاخْيَلَاف اللْبْلِ 
اهار وَالعُلِكِ الْتِي تَجْرِي في الْبَحْرِ بمَا تفع النّاسنَ وَمَا 

نْرَلِ اللَهُ مِنَ السَّمَاءٍ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بهِ الْأَرضَ بَعْنَ مَوْتَهَا 
وََتْ فِيها مِنْ كل دَابَةٍ وَتَصْرِيفٍ الرّيَاج وَالسّحَاب الْمُْسَخْرِ 

بَيّنَ السَّمَاءٍ وَالأرزض لَآيَاتِ لقوؤم يَعْقِلُونَ) [البقرة: 164]: 
0 هذه الآية الكريمة وغيرها كثير موجهة لمن يعبد 
الظواهر الطبيعية, أم أنها خطاب الله لعباده ليستدلوا 
بالصنعة على الصانع. 

وعلى هذا يي نجد أتباع هذه ال يتكلفون كل 
حين», ليخرجوا لنا من الاستنباطات ما لم يذكره الأولون 
والآخرون: ومن الأمثلة على ذلك ما كتبه بعضهم تحت 
عنوان [النبي محمد ليس من ذرية النبي إسماعيل] (1): 
وهو منشور في موقع شحرورهء والذي تكلف فيه صاحبه 


3 


تكلفا شديدا ليثبت في الأخير أن محمدا صلى الله عليه 
واله وسلم من ذرية إسحق, وليس من ذرية إسماعيل. 

وقد قال في مقدمة مقاله ذلك كعادة التنويريين ‏ : 
(لدراسة هذا الموضوع وعيدا عن تأثير اليهود في التاريخ 
وتحربيقه لصالحهم: لابد من إعادة دراسة الموضوع من 
القرءان ذاته وترتيب التصوص مع بعضها وفق منطق 
اللسان العربي ومنطق القرءان لتتكامل الصورة» وهذه 


محاولة لإعادة ترتيب النصوص وفهمها من جديد حسب 
المحكم دما كد 0 لهاء الانتباه اه إلى أن حادث 


الضيوف هي اها في ادا والبشرى بالولد في 
ع ار أن بكر إبراهم علب السلاهم هو انسحق ولس 
ل وأنه هو الذي 





: التنويريون والصراعات مع المقدسات (51) 

أمر بذبحه2. تم علق على ذلك بقوله: (وبهذا العرض 
القرآني وصلنا إلى أن الولد صاحب البشرى هو إسحاق, 
وليس قبله أي ولدء ولا يوجد عند النبي إبراهيم غير أم 
إسحاق بدليل فهمها انها المقصودة بالحمل والولادة» ولو 
كان يوجد غيرها لما صكت وجهها وقالت: إنها عجوز عقيم, 
عقب سماعها البشرى لبعلهاء وبعد ذلك توجهت الملائكة 
بالبشرى لها) 
لإبراهيم - السلام, واستدل 0 الال عجيب عبر 
إسماعيل, من فول النبي يونتف, عندما ذكر آباءه: : لوَكَدَلكٌ 
يَجِتَبيكَ رَبك وَبُعَلمُكَ مِن تأويل الْأَحَادِيثِ فينم نشفئتة عَلبك 


وَعَلَى آلِ يَعْقُو ب كَمَا أتمّهَا عَلَى أَبَوَبْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ 
وَإِسْحَاقَ إِنّ 00 عَلِيِمْ حَكيمٌ)4 [يبوسف: 6].. وذكره الله 


منفصلاً عنٍ النبي إبراهيم وأبنائه في قوله: (وَإِسْمَاعِيلَ 
وَالتسَع ونونس ولوطًا ولا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ4) [الأنعام: 


6 وهذا إشارة إلى أن النبي إسماعيل من ذرية الندني 
نوح مثله مثل النبيين الذين ذكروا معه؛ أما النص الذي ذكر 
النبي إسماعيل كأب لأبناء يعقوب وهو (أَمْ كُنْثُمٍُ شْهَدَاءَ إِذْ 
حَصَّرَ يَعْفُوبَ المَوْتٌ إذ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبّدُونَ مِنْ بَعْدِي دي قَالُوا 
تَعْبُدُ إِلَهَِكَ وَإِلَة آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهَا 
وَاحِدَا وَتَكنٌ لَهُ مُسْلِمُونَ) [البقرة: 21133 فهو لأن النبي 
إسماعيل من الآباء السلف الذين مضوا بالنسبة لأبناء 
يعقوب وهو معاصر للنبي إبراهيم) 

هذا وجه استدلاله, وقد ذكرناه بطوله لنعرف الطريقة 
0 ل ال ا 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (52) 

حرصهم على الوصول إلى الحقيقة المجردة 

ل اش لا ا ال ا 
خوك: (وفا دكراه هر ثآن الشى اششحاف هدو :!. الى 
إبراهيم فقطء وهو الذبيح» وهو الذي سكن عند البيت 
المخرم: والندوة حضصرا من ذرنة أو من ذرية الي نوع أو 
من كليهماء نصل إلى أن نسب النبي محمد الخاتمي هو من 
ذرية النبي إسحاق لأنه هو الذي سكن عند البيت المحرم, 
والأنبياء في هذه المنطقة كلهم من ذ ريته) 

وهكذا يستنبط من القرآن الكريم 3 كل تلك الأحاديث 
ل ل ل سا ع ار ف ل كد 
التفسير والحديث والتاريخ» وإنما (الخطاب في القرآن [يا 
نني إشسرائيل] هو خطاب لمجموعة من القيائل من شكان 
منطقة شبه الجزيرة العربية» وهم متداخلون مع أهل مكة 
وذرية النبي إبراهيم عن طريق النبي يعقوبء؛ وبعث النبيين 
فيهم على الغالب من ذرية الننى إبراهيم وبعضهم من ذريبة 
الذي ابح مبل السب موشى أده مداخلك هم درية الشى 
إنزاهيم.. وبنو إشسرائيل هم أروفة القبائل العربية في شيه 
الجزيرة العربية ويحتضنون ذرية النبي إبراهيم» ولا علاقة 
لليهود بذلك قط) 

هذه مجرد أمثلة عن ذلك التكلف المقيت الذي يمارسه 


مدر مع الحقائق القرآنية من غير أن تكون لهم 





أثارة من علم, ولا سلطان من حجة:ء اللهم إلا تلك الأوهام 
التى بخادعون بها العقول الدى تاثبرت بهم: وتضورت انها 
بلجوئهم إليها قد نجت من التطرف» وغفلت عن أنها 
كرحم من تطرى يلبس اه الصدماه 3 تطرف يلببس 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (53) 


التنويريون.. وتحريف الكلم عن 


من السلوكات التي ذكرها القرآن الكريم عن أهل 
الكتاب' كنتيجة لنقض الميثاق, وقسوة القلب [تحريف الكلم 


يي وَنَسُوا حَظًا 0 ذُكَرُوا بهغ) [المائدة: 1 
تبربير لنقض الميناق» 5 أن أى انسان لمان الخطيئة, 
وشحلهاء فدعر غلهاء الا كفي ها يل حاول أن 
يبررهاء ويعطيها من الشرعية ما يحول منها طاعة وقربة» 
وما يكتسب منها جاها وسمعة, ويكون تبريره لها أخطر من 
المعصية نفسهاء ذلك أن التبرير استحلال للمعصية» ا 
لله وتأل عليه. 

وهو أيضا يعبر عن قسوة القلب, ذلك أنه لا يحاد الله 
إلا من قسى قلبهء وطبع بالران والختم والأقفال التي 
تحول بينه وبين الاستنصار والهداية.. والقلب الفاسي هو 
ذلك الذي يقدم هواه على د ويقدم 0 على لا 
وشهواته. 

ولذلك نه تعالى عن الظلم العظيم الذي يقع فيه 
من يضع الشرائع من هواه المجرد؛ فيجعل من نفسه إلها 
من دون اللهء قال تعالى: (3 مَنْ أَظلْمْ مِمَّنٍ_افْتَرَى عَلَى 
الله كذبًا أولَيْكَ ؛ بُعْرَصُونَ ا رَبّهِم وَيَقُولُ الأشْهادٌ هَؤْلاءِ 
الذِينَ كَدَيُوا عَلَى رَيّهِمْ ألا لَعْنَهٌ الله عَلَى الظالِمِينَ (18) 


5-0 
3 





-. 


الذينٍ : 0 عَن سَبِيلِ الله و يَبغوتها عِوَجَا وهم بالآخِرَةٍ 
هم 0 [هود: 18: 19] 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (54) 

وهاتان الآيتان الكريمتان لا تصدقان على أحد في هذا 
العصر كما تصدق على أولئك التنويريين الجدد الذين جعل 
ويحرم: بل يضع العقائد والقوانين التي تحكم الكون.. بل 
يتألى على الله فوق ذلك؛ فيفرض عليه أن يدخل من ا 
الحنة؛ ومن يبقضه النار. 

وهم تستعملون نقس ما استعمله أهل الكتاب من قبلنا 
من تبديل الكلم عن مواضعه؛ فيحولون الكلمات عن 
معانيها الواضحة السيطة اليسيرة إلى معان أخرى لا علاقة 
المعاني. 

والأمثئلة على ذلك أكثر من أن نحصيهاء ولكنا نذكر 
اختصارا بأن أكثر المناهج التي' استفادها التنويريون من 
الغرب» واستعملوها مع القرآن الكريم: باعتباره عندهم 
النصوصض البشرية, تحريف للكلم عن مواضعه.. ذلك أن 
الل ا ور و لمجي بج ل سساو الم نر 
حقيقة خارجية واقعية. 

وقد ذكرنا في مقالات كثيرة في هذا الكتاب وغيره 
أمثلة كثيرة عن ذلك التحريف الواضح للألفاظ القرآنية, 
وإخراجها عن 1 الواضحةء وسنذكر هنا أمثلة أخرى, 
باختصارء لنتبين كيفية التحريف وآثاره ودوافعه. 

فمن ذلك ما نرى التنويريين يكادون يتفقون عليه من 
تحريف لكلمة [الحور العين]»: والتي ذكرها القرآن الكريم 
كنموذج من نماذج النعيم المقيم الذي وفره الله لعباده في 
الجنة, ليكون دافعا لهم للعفة والعمل الصالح في الدنيا.. 

وكان في إمكان التنويريين أن يسلموا لله فيما ذكر, 
فهو ادرى بعباده: وبرغباتهم: ولذلك خاطبهم بما يتناسب 
معهم . ٠.‏ لكنهم لقسوة قلوبهم: ولتمردهم على الله 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (55) 

وتقديمهم لأهوائهم عليه لم يفعلوا.. بل راحوا 
يصورون ذلك باعتباره هوسا جنسياء والعياذ بالله, مع أن 
القرآن الكريم لم يذكر أي شيء يرتبط بذلك, بل اكتفى 
باعتارهة من غيم الجنة مثله مثل الولدان المخلدون 
والقصور التي تجري : الأنهار. 

وكان في إمكانهم [ © يتركوا أكيفية التعامل مع ذلك 
النعيم لله تعالى, لأن الحقائق القرآنية لم تذكر التفاصيل 
المرتبطة بذلك: وإنما اكتفت بالنماذج التي تملأ النفس 
بالرغبة. كما اكتفت من ذكر بعض مشاهد النار التي تملا 
النفس بالرهبة2. ومن خلال هذين الجناحين يهذب المؤمن 
نفكسه: وير قي روحه؟ ويصلح سلوكه. 

لكن التنويريينٍ ساءهم أن يذكر الله تعالي ذلك. بل 
لكونها في تصورهم تشويه لهء 0 أدري” فا محل 
التشويه: وهم 0 يركعون أمام كل غانية» بل بنبعون 
دينهم ودنياهم من اجل متاع بسيط من الدنياء. في نفس 
الوقت الذي يحتقرون فيه ذلك النعيم المقيم الذي وعد 
الله به عباده المؤمنين. 

وكل ذلك دلبل على قساوة قلوبهم: وإلا فإن القلوب 
المؤفية قلوب ورعة تعظم ما عظم الله: وتحقر ما حقر.. 
فلذلك لا ترى الدنيا بمتاعها جميعا مساويا للحظة اداه 
من لحظات النعيم المقيم الذي أعده الله لعباده 0 
العين بهذا الطرح الذي عبر عنه بقوله: (و [الحور العين] 
كفكرة مثالية جميلة2» ترتبط فى أحد جوانبها ب (العفة) 
خصوصا فى المجتمعات الفقيرة وشقيقتها المغلقة. حين 
يكون الزواج أمرا شاقا مع ارتفاع تكاليف الحياة فليس 
هناك حصن للراغب فيه إلا التعفف والانتظارء وإن لم يفز 
بها فإنه سيجد تعويضا مناسبا كلما تذكره حفزه على عدم 
التورط فى أمور أخرى يرفضها 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (56) 


الدين والمجتمع2 أو تفرض الثقافة المجتمعية على 
الراغبين : فى الزواج الالتزام ار معدن لاد يقلل 
العرف حتى وان كان ظالماء فالصبر أفضل طالما إن 
جائزته تنتظره فى الحنة) 

ومنهم من راح يتهكم بهم ويصور الصور 
الكاريكاتورية ‏ عنهم,ء لا لشيء,. إلا لان الإرهابيين 
والمتطرفين جعلوا من الحور العين وسيلة لاصطياد 
المغفلين» وكان في إمكانهم مواجهة التطرف والعنفء: لا 
الرد على الحقائق الثابتة: لأن ردها رد على الله نفسه. 

ومنهم من راح يتساءل عن سر وجود حور عين للرجال, 
وعدم وجود حور عين للنساءء ورأى أن ذلك تفريقا بين 
الذكر والأنئى2 وأن النعيم في الجنة خاص بالذكور لا 
بالإناث. 

وهذا كله تحريف للكلم عن مواضعه؛ فالقرآن الكريم 
ذكر نماذج عن النعيم2ء ولم يذكر كل النعيم2» واكتفى 
0 منه» واعطى فوق ذلك قاعدة عل الحمتع” 
نحدوا في امتحانات الدنيا: (! م الْحَنََّ ني وَأَرْوَاجْكُمْ 
تُحْبَرُو نََ (70 يُطَافٌ عَلَيهمْ بصِحَافٍ ف من ذهب وَاكوَاب وَفِيَا 
مَ تَشْتَهِيه الأنفسن ولد الأغْيْنٌ وَأنثَم ٠‏ فيا خَالِدُونَ؟ 
[الزخرف: 70: 71] 

فقوله تعالى: (َوَفِيهَا م تتشتهيه الْأَنْفْسن وَتَلَدُ الْأغْيُنٌ) 
ل ل ا ل ات ا ل الا 
يشاء؛ فقدرة الله لا تحدها الحدود. 

وفوق ذلك؛ فكل النعيم المذكور في الجنة مما يتعلق 
بالجنسين: الذكر والأنثئى. وقصر الحور العين على الرجال, 
ا خاصة: 0 يعني تفضيل الرجال 0 تادر ولا 
الكريمة لم تفصل لنا كل 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (57) 
النعيم» وإنما اكتفت بنماذج عنه. 


ولعل من علل ذكر القران الكريم للحور العين خصوصاء 
هو توفير القابلية للرجال لمواجهة الفتن الكثيرة التي 
تفرزها علاقتهم بالنساء.: وهي فتن واقعية لا شك فيهاء 
ولبست 0 كما يذكر البعض بالبيئة البدوية؛ بل هي 
مرتبطة بكل الجغرافيا وكل التاريخ» ونحن لا نزال نسمع 
كل حبين, بان شلانا من الناس من ذوى المناضت الرافية 
اتهم بالتحرش» أو بفضيحة حنسيبية. 

ولذلك لا داعي لأن نكذب 0 أنفسناء وتعتبر 1 
بالنساء خاصة بالعرب أو بالبدو أو بذلك الجيل الذي 
القرآن الكريم في عهدهء ففي كل الأجيال نجد فتنة 0 
بالنساء. وفي كل الأجيال نجد قيسا وليلى.. ونجد روميو 
وجوليت.. 

فلذلك كان الخطاب القرآني المرتبط بالحور العين 
خطابا واقعيا يخاطب النفس بما أعد الله لها من نعيم 
مرتبط بهذا الجانب لتستعلي على فتنة النساء في الدنياء 
لأن الله سيعوضها بدلها بالنعيم المقيم في الآخرة:» والذي 
يكون من جملته [الحور العين], والتي وصفها رسول الله 
صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (لو أن امرأة من نساء 
أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهماء ولملأت ما 
0 ريحاء ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها) 
1 

ومع وضوح الأدلة من القرآن الكريم والسنة المطهرة 
على كون الحور الغين من نسناء الجنةء إلا آن التنويريين 
الدسا رون الكلم عن مواضعه راحوا يفسرونها تفاسير 


لعل أطرفها بحث مطول زعم فيه صاحبه أن الحور 
العين ليسوا شاع 000 


(1) رواه البخاري. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (58) 

فاكهة, ثم راح يستعرض كل الآيات القرآنية المرتبطة 
بهن» وبنعيم الجنة» ليحول منهن فاكهة رغم كل شيء (1). 

وقد ذكر في مقدمة مقاله المواضع التي وردت فيها 
لفظة الحور بمشتقاتهاء ثم راح يتصرف فيهاء ويتلاعب بها 
بطرق مختلفة من ذلك قوله: (يجب أن نتأمل آية مهمة من 
القرآن تعطينا معنى جيد وحقيقي وهي قوله تعالى: ١م‏ 
ظَنّ أن لَن يَحُورَة [الانشقاق: 14], فالمعنى هنا يقول إن 
المجرم الذي استلم كتابه خلف ظهره ظن أن العذاب لن 
يعود عليه ترحجع: اذا قتطبيق هذا المعبى على حور غين 
يدلنا على أن هذه النعم من فاكهة ستعود دوماء من حو حور 
يعود بشكل عين لاتنضب, ويتفق هذا المعنى بالتالي بالآية 
التالية. وهى أن أهل الجنة كلما قطفوا من فاكهة الجنة 
أعيدت لهم على الفور إنشاءها بشكل متمائل رزقا 
لاينقطع, (كُلَْمَا رَنِقُوا مِنْهَا مِنْ نَمَرَةٍ رِزْفًا فَالُوا هذا الذي 
رَزْفَتَا من قَبْلُ وَانثُوا به مُتَشَابهَا4 [البقرة: 125]:» فهذه 
الثمرات كما في معنى ستحورهء وتعود وترجع كلما أخذها 
أهل الجنة:؛ واذا تابعنا بهذا المعنى نرى اتصال باقي الآيات 
0 اسان من كونها أي النعم من فاكهة ونعم وخيرات 

مختلفة»: الخيرات الحسان وهذه لهم لاتنقطع عندما يدخل 

المتقون الجنة من الجنسين (الذكر والانثى) يزوجون بها 
بمعنى الاقتران والتلازم, لذلك فهي للذكور والاناث معا بلا 
تفرقة) 

وبمتل هذه الطريقة راح يبستعر ص ما ورد في شأنهن 
فى سورة الردمن: ثم نعقب على ذل بقوع اانا نا 
ع الع اودري العوووطا رياه م ل ا 11 
التأنيث, جنتان» عينان» مدهامتان», فيهما.. وهذا بالتالي 
لايعود على التأنيث, بل يعود على فاكهة الجنة من رمان 


101ل فالا عدون لد ادر 2-6 آلارودة دوق آهل الدآن 50 كدر 2009 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (59) 








وخلافه2 أي أن في كلتا الجنتين على حدة كثير من 
الفاكهة القاصرات الطرف التي يسهل الوصول اليها.. 
وفي السياق نفسه بالاتصال مع اية اخرى, فهذه الحور 
مقصورة داخل خيمتها التي تحفظها كما تحفظ كل فاكهة 
قشرتها وتبدو أيضا هذه الثمار (حسب آية اخرى) صن 
أكمامها كاللؤللؤ المكنون) 

وهكذا راح يحول من كل أوصاف الحور في العين 
القرآن الكريم إلى أوصاف للفاكهة. ويستعمل في ذلك كل 
ألوان الحيل والخدع التي مارسها أهل الكتاب من قبلنا 

فوا الكلم عن مواضعه. 

ما آخرء فقد راح يستعمل حيلا أخرى» ليحول من الحور 
العين إلى ما عبر عنه بقوله: (وحار تعنى رجع أو عاد إلى 
ربه فى الآخرة.. وعلى ذلك فالحور هن المؤمنات 
العائدات. وهؤلاء المؤمنات قد تحوّرت أشكالهن أيضاء 
فقد أعاد الله إنشائهن إنشاء. (دعن حن) كن العُيُونِ 
حِسَانُهَاء والمفرد للرجل: أَغَيَنُ. وللمرأة: عَيْنَاءً... فسوف 
بتروج المؤمنون فى الحنة 00 المؤمنات الراجعات أو 
العائدات إلى اللهء وبالطبع سيعود الرجال إلى شبابهم 
مثل النساءء, لأن لهم ما اشتهت أنفسهم, وهل لن يشتهي 
أحد أن يعود إلى شبابه وعٌنفوانه؟.. وهذا هو نصيب النساء 
فسيتمتعن ارون كما سبيتمتع بهن أزواجهن) )1( 

وهكذا نجد كل يوم من يجتهدء ليبحث عن معنى جديد 
للحور العين مما لم يفطن له أحد من المفسرين ولا 
اللغويين القدامى والمحدثين. 

وليت الأمر اقتصر على الحور العين»: إذن لهانء بل إننا 


(1) الدور الغتر عر لين بحت دوف أهل الفران. 11 توفمر 12011 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (60) 

حديدة ممتلئة بالغربة لكل القطعيات والبديهيات, ومن 
أمثلة ذلك ما فسر به شحرور المصطلحات القرآنية (1), 
والتى اهنم بها اهتماما بالغا كشائر التذويريين لأنه لا يفكن 
تزييف الحقائق من غير أن تبدل المصطلحات الدالة عليها. 





فقد فسر مصطلح [القرآن] بقوله: (القرآن: يمثّل 
القران وه محمد صلى الله علد والد وسلم لهذا ذكر مع 
كل من التوراة والإنجيل» ويمثل مجموع الآيات المتشابهات 
(آيات النيوة وتفصيلها) التي تتحدّث عن القوانين الكونية 
التي تتحكم في الكون بما فيه من نجوم وكواكب وزلازل 
ورياح ومياه في الينابيع والأنهار والبحار.. وعن قوانين 
التاريخ وام الدما م ل الأمم وهلاكها, وعن 
البائدة (القصص القرآني بما فيه القصص المحنّدي), وعكن 
غيب المستقبل كقيام الساعة والنفخ في الصور والحساب 
والجثة والنار. والقرآن حاء من فعل قرن لأثه قرن القانون 
العام للوجود مع القانون الخاصٌ له مع خط تطوّر سير 
التاريخ الإنساني2 وهو بذلك قرن بين معلومات اللوح 
المحفوظ؛ ومعلومات الإمام الك وعد الحرء الأكير من 

وفسر [اللوح المحفوظ] 0 (بما أن القرآن المجيد 
هو القوانين الصارمة الناظمة للوجودء فإنّ اللوح المحفوظ 
هو بمثابة برنامج هذه القوانين.. وهذا البرنامج بقوانينه 
الصارمة التي تسيّر الوجود هو برنامج ثابت ولا يتغير, لا هو 
ولا قوانينه, وبالتالي لا ينفع فيه الدعاء لأنّه لا يتغيّر من 
أجل أحد مهما كان) 1 

وفسر [الكتاب المبين] بقوله: (هو مجموع آيات 
القصص القرآني بما فيه القصص المحمٌّديء أي هو مجموع 
الآبيات التي تتطرّق إلى أنباء غيب الماضي وإلى أخبار 
القصص 


00 انط قال للع ات ارين فك لمان م لم ل ل لست 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (61) 
المحمّدي. لأن آيات القصص المحمّدي بما فيها من 
آيات القتال كانت أخباراً بالنسبة لمن عاصر النبي صلى 
الله عليه وآله وسلم لكثها تحؤلت إلى أنباء عن الماضي 
لمن بعدهم من العصور) 
وفسر [الإمام المبين] بقوله: (هو أرشيف الإنسانية 
من يوم خلقها الله عر وجل إلى يوم الدين» أي أرشيف 





الأحداث التاريخية الإنسانية الفردية والجماعية إلى قيام 
الساعة» ومنه جاء الكتاب المبين (القصص القرآني بما فيه 
القصص المحمّدي). تمت فيه أرشفة الأحداث الإنسانية بعد 
حدوثها وتحؤلها إلى واقع) 

وفسر [مواقع النجوم] بقوله: (هي الفواصل الموجودة 
بين آيات الكتاب,. سواء جاز الوقف عندها أو لم يجزء 
وليست مواقع النجوم التي في السماء: هي من مفاتيح 
فهم الكتاب كله خصوصاً بالنسبة للقرآن في عملية تأويله, 
لأن مواقع النجوم في الكتاب تجعل كل آية من آيات 
الكتاب تحمل فكرة متكاملة: (فقَلَا أَفسِمٌ بمَوَاقع النْجُوم 
(75) وَإِنّهُ لَقَسَمٌْ لَؤ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنْهُ لزان كَرِيمٌ) 
(الواقعة 75 - 77) 

وفسر [الإسلام] بقوله: (هو الإيمان تسليماً بوجود الله 
وباليوم الآخر وأداء العمل الصالح.. فالإيمان بالله هو 
الرسل كل في زمانه: فكل هؤلاء يؤمنون بالله واليوم 
الآخر. وقد سمّاهم التنزيل الجكرم المسلمين على اختلاف 
مللهم. ولهذا فإِنٌ شهادة أنْ لا إله إلا الله هي تذكرة 
الدخول إلى دين الإسلام مهما كانس مله الإنسان. والإسلام 
يُبنى على العمل الصالح بعد الإيمان تسليماً بوجود الله 
وباليوم الآخرء وقد جعل الله الإيمان به مسلّمة لا يمكن 
البرهان عليها علمياً أو دحضها علمياًء لذا فهي خيار وقناعة 
يتساوى قيهما انتشتاين وبائع الطعميةء وفيها تظهر عدالة 
ربٌ العالمين» إذ يجب على المسلم أن يكون عنده ذرة شك 
في وجود الله والملحد عنده ذرة شك في الإلحادء وهذا 
الشك هو الدافع 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (62) 

الأساسي وراء تقدّم المعارف الإنسانية قاطبة: ومبدأ 
الشك هذا وضعه إبراهيم عليه السلام. أمّا العمل الصالح 
فيرتكز على القيم الإنسانية وعلى رأسها الوصايا العشر 
(الفرقان) المذكورة في سورة الأنعام التي خضعت 
للتراكم بين الرسالات. كما ثبتى الإسلام على التشريع 


لجع !مجع وريج جكخررن اريم كر 
(الحدودي)؛ وعلى الشعائر التي خضعت للاختلاف) 

وهكذا نجده 5 قواميس جديدة للمصطلحات 
القرآنية. وتطبيقها لا يعني إلا شيئا واحداء وهو هدم 
الإسلام من اساسة: ولد أنا اكقينا من تديلة للكلم غن 
مواضعه بما ذكره عن كلمة [الإسلام] لكفى ذلك في هدم 
الإسلام. 

فالإسلام عنده مجرد الإيمان بالله والعمل الصالح.. 
والعمل الصالح مرن جداء يمكن للمجتمع أن يحدده, ويمكن 
للزمن أن بغبره.. وهكذا الإيمان بالله. . حيتثت يتساوى عنده 
الملحد مع المؤمن؛ بل إنه ‏ وضن خلال أحاديثه عن الملاحدة 
وإشادته بهم - نجده يفضلهم على المؤمسن 

وقد قال في تأبينه لهوكينغ: (لا يسعني إلا أن أعزي 
الإنسانية بفقيدهاء وكلي ثقة أن الله سيتباهىٍ أمام خلقه 
بستيفن هوكينغ» كما يتباهى (ولله المثل الأعلى) الأب 
بإنجازات ابنه2» حتى لو افترضنا أن هذا الابن لم يعترف 
اسة) 

وبذلك فإنه لا وحود عنده لمجموعة من الناس تحمل 
اسم الإسلام. . فالإسلام عنده هو دين البشرية جميعاء 
ولذلك لا معنى لدعوة الملاحدة او المسيحيين او اليهود أو 
البوذيين 60 غيرهم من أهل الأديان للإسلام.. لأنهم 
مسلمون اصلا 

وهكذا ل من معنى الصلاة الذي يراد به تلك الشعيرة 
المعروفة التي وردت تفاصيلها في كتب الحديث والسنة 
إلى مجرد دعاء. من قام به في أي لحظة من حياته» وقي 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (63) 
ذلك العذاب الشديد الذي ختخصصه الله بتاركي الصلاة. 
أما تلك الشعيرة. فهي خاصة عنده فقط بالمؤمنينء لا 


المسلمين: وهي اختيار شخصي 2 من شاء منهم فعله» ومن 


لم يشا لم يفعله:. 

وهكذا راح لكل الشرائع والشعائر يحرفها عن 
دمواضعها. وتستجمل نلك الجدع الي تسهيها' المعفلون 
مشاريع فكرية: وهم لا يعلمون أنها اه شيطانية: لا 





تختلف عن تلك المشاريع التي استعملها أهل الكتاب مع 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (64) 
كة ل ا 


من المهارات العجيبة التي يتقنها الكثير من التنويريين 
الجدد 0 التلاعب بالحروف والكلمات والجمل: حتى يهيأ 
لك أنك لم تعرف في يوم من الأيام لغتك العربية الجميلة 
الواضحة: وانك لم نقرا في بوم من الأيام كناب ربك: ول 
فهمته» ولا تدبرته» مع كونه كما يصف الله تعاالى - 
] بلِسَانٍ عَرَبِيُْ مَبِينِ) [الشعراء: 5 ] 
بل بخيلوة في عينيك كنتابا عن كتب الظلاسيم: الممئلت 

بالحروف العجيية: واللقة العرنية: والجمل القى لا يمكن فك 
أسرارها ورموزها.. وكأن الله تعالى عندما قال: (وَلَقَدْ 
يَسَرْنا الْقُرَآنَ للذكر فَهَلٌ مِنْ مُذَّكِر) [القمر: 17]: والتي 
كر ارت مرامدافث دورق ؛ القمر, الم يكن يقضد التيسير: 
بل كان يقصد عكسه. 

فمن آامثلة ذلك ما قراته: عن بعضهم أن مكة المكرمة 
ليست هي مكة التي نعرفها.. بل هي مكة أخرى.. والدليل 
على ذلك أن الميم تفيد كذا وكذا.. والكاف تفيد كذا وكذا.. 
وهكذا يركب من خلال تلك الحروف جملة عجيبة تجعل من 
مكة المكرمة بلدة في الشامء أو في افريقية؛ أو في 01 
مكان آخر إلا المكان الذي توجد فيه.. ويصبح حينها كل 
الحجاج على مدار التاريخ ‏ والذين ددا بقلوبهم 
وأجسادهم: وتحملوا كل ألوان العناء في سبيل ذلك مجرد 

ن ومخدوعين وتائهين.. لأنهم لم يعيشوا للزمن الذي 

تدرف فيه مكة الحقيقية. 

ويذهب آخر إلى اسم الله العظيم [الرحمن], فيربطه 
بالارامة او السر بانية او الغيرية لغولة إلى مغنى جديد لم 
يسمعم به لا الحلف: ولا السلف. حتى بهيا لك أنه لولا ذلك 
المفسر العجيبء لبقي هذا الاسم العظيم مجهولا إلى يوم 
الدين. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (65) 

وهكذا يذهب اخر إلى لفظة [كتاب].. فتتحول إلى كل 
شيء ما عدا الكتاب.. وآخر يذهب إلى كلمة البقرة.. 
فتتحول من الحيوان المعروف الذي نتشرب لبنه: وناكل 
لحمه إلى كائن آخر. . مختلف ا 
يتحول المعنى القرآني الواضح ا إلى معنى ا 
بالغرابة. ليصبح بعدها مطية لكل دجل وخرافة وأسطورة. 

حتى صار الذي يريد أن يدند نظرية الظور دهف إلى 
قوله تعالى: (سُْلالَةٍ مِنْ طِين) [المؤمنون: 112 فيحولها 
إلى [سلالة من قردة]ء ويحول الطين إلى ما يسميه علماء 
التطور ب[الحساء البدائي]. ويفرق بين البشر والإنسان.. 
ليجعل من القران الكريم مطية لقبول تلك النظرية 
البائسة. والخرافات المرتبطة بها. 

وهكذا نجد التلاعب بالقيم القرآنية. وحقائقها 
المقدسة الواضحة, حيث ٠‏ تتحول إلى معان أخرى, مختلفة 
تلك المناهج التي تجعل من النصوص المقدسة نصوصا 
مطاطة يمكن لآأي شخص أن يتلاعب بهاء ويحرفها إلى 
الجهة التي يريد. 

ولعل القرآن الكريم أشار إلى هذا المعنى عن اليهود, 
وما كانوا يفعلونه من تلإعب بالألفاظ, حين قال: (فِبَدَلَ 
الذين ظَلَمُوا قَوْلا عغَيْرَ الذي قيل لهم قَأَئْرَلتا عَلَى الذين 
ظَلمُوا رِجِرًا مِنَ السّمَاءٍ بمَا كَانُوا يَفْسْقونَ) [البقرة: 59] 

وللأسف, فقد صار القرآن الكريم عند هؤلاء لا نورا 
للهدا . ولا د را للصراط المستقيم: ولا كلمات الله 
المقدسة التى أنزلها لعباده لينقذهم من نفو سهم 
وأهوائهم 0 التي تتر بض يهم بل أاصبح وسيلة 
للتضليل والتمويه والتللاعب. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (66) 


القسم الثاني 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (67) 


التنويريون.. والنبوة 


تشكل النبوة 5 بالمفهوم القرآني النقطة المركزية 
التي يتطلق منها المؤومن للتغرق على حخقائق الوجود, 
والتعرف على القيم السلوكية التي يتحقق السالك لها 
بمرضاة الله ومحبته وتقريبه. 5 

ولذلك لا نكاد نجد سورة من القرآن الكريم إلا وتمتلئ 
بذكر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: باعتبارهم تجسيدا 
للحقيقة, والقيم النبيلة» بالإضافة إلى كونهم تاريخ 
حقيقيا لأهداف وجود الإنسان على هذه الأرضء وتاريخ 
الصراع بين الحق والباطل؛ والشيطان والإنسان. 

لكن ذلك الشكل الجميل الذي عّرضت به النبوة في 

قرآن الكريم2 والذي يصلأ أقطار النفس بالإعجاب 

والتبجيل والتعظيم تعرضص للكثير من التشويه: سواء من 
أولئك القدامى الذين سلموا قرآنهم م لأهل الكتاب ليفسر 
لهم؛ فحولوا الحقائق القرآنية إلى أساطير الأولين: أو 
أولئك الذين سلموا القرآن لأهواء المحدثين والمعاصرين, 
فحولوه إلى خرافات وأساطير لا تقل عن خرافات الأولين 
وأساطرهم 

وقد 50 اول حملة التتنويريين على ما ورد في القران 
الكريم من أحاديث الأنبياء وقصصهم ذلك الإنكار لها 
باعتبارها مجرد أمثلة سيقت للعبرة» وليس لها أي حظ من 
الوجود الواقعي, كما فعل ذلك محمد أحمد خلف الله. في 
بحثه المعنون ب[الفن القصصي في القرآن الكريم]: والذي 
تقدم به لنيل الدكتوراه عام 7 م. 

والذي استعمل في الاحتيال لنث هذه الشبهة نفس ما 
يستعمله التنويريون من التكلف والقضول والنالي على 
الله. فقد قال في مقدمة كتابه: (إن التاريخ ليس من 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (68) 

عقامد القران, واللمسلاته خط ات حظطر على الى 
غلم الله عليه واله وسلم وعلى القران. لاهو حدير بان 
يدفع الناس إلى الكفر بالقرآن كما 0 من قبل 
بالتوراة, وإن المعاني التاريخية ليست مما بلغ على أنه 


دين تتيع وليست من مقاصد القرآن في شيء ومن هنا 
أهمل القرآن عقوا التاريخ من زمان ومكان وترتبسب 


وقال: (فطن العقل الإسلامي إلى أن هذه الأشياء لا 
تفهم على أنها الحق التاريخي والواقع العلمي إلا بضروب 
من التأويل» ولو أن العقل الإسلامي أقام فهمه للقصص 
القرآني منذ اللحظة الأولى على المذهب الأدبي لما احتاج 
إلى هذه التأويلات) (2) 

وكل هذا تكلف 0 وتقة زائدة بالآثار والتاريخ: 
وكأن الآثار سجلت كل أحداث التاريخ» ولم تغفل منها 
شيئاء وهو ما لم يقل به أحد من المؤرخين السابقين ولا 

بل ان المؤرخين أنفسهم يعتمدن في التاريخ على 
الكثير من الوتائق الأدبية ككتابات كونفو شيو س » وإلياذة 
هوميروش؛ والشعر الجاهلي: باعتبارها حميغا مصادر يمكن 
التعرف من خلالها على الواقع التاريخي. 

بالإضافة إلى أن القرآن الكريم» يذكر كل تلك الأحداث 
باعتبارها واقعا تاريخياء وأن الله تعالى هو الذي أخبر 
رسوله عنهاء ولذلك نجد فيه أمثال قوله تعالى يعد ذكره 
لقصة موسى عليه . السلام: وما كُنْتَ بِجَانِتِ الْعَرْبِيٌ إِذ 
أَنْسَانًا قرُونًا فَتَطاول عَلَيْهِمْ الْعْمْرٌ ا كُنْتَ ناويا في أَهْلٍ 
عددن لو عَلَيْهِمْ آيَايَنَا وَلَكِنَا كُنَا فرسلين (45) وَمَا كنت 
ل الطور إِذْ نَادَيْنَا 


1) الف اللقكتكك فك القرار الكرت :. محمد اح خلف الله ص 42 
0 التضدر السائق 0 944 





ال ل مع المقدسات (69) 
وَلَكِنَ رَحَمَهَ مِن رَبَكَ لِتُنْدِر قَوْمًا مَا أتَاهُمْ مِنْ تذير مِن 
قَبْلِكَ لَعَلَههُمْ يَتَدَكْرُونَ4 [القصص: 44 - 46] 





ومثله قوله عن قصة مريم عليها السلام: (دذَلِك مِنْ 
أَْبَاءٍ الْعَيْبٍ نوحَيه إِلَبَْكَ 5ع كنت لَدَبْهمْ إذ يُلقُونَ أَقَلَامَههُمْ 
نهُمْ تكفل فدرم وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذ يَخْتَصِمُونَ) [آل عمران: 
44 

أو قوله تعقيبا على ما حصل لقوم لوط عليه السلام: 
ارا د مَرَْيَا الآحرينَ (136) وَإِنَكُمْ لتفزون عَلَيْهِمْ مَصبِحِينَ 
(137) وَبِاللَبْلِ أقلا تَعْقِلُونَ4 [الصافات: 136 - 138] 

ولا يعقل أن يكون كل ذلك مجرد أمثال فنية لا علاقة 
لها بالواقع» ولا بالتاريخ: والمشكلة التي جعلت التنويريين 
يقعون في هذا التكلف هو تصورهم أن العلم البشري قد 
أحاط بكل شيءو وأنه ما دام لم تسجل أسماء عاد وتمود» 
أو ما ذكره القرآن الكريم من أسماء وحقائق: فإن ذلك 
يعني عدم وجودهاء وهو وهم كبيرء فما نجهله من التاريخ 
أكثر يكثير مما تعلمه.. وحتى ما تعلمةه منه؛ فإن الكثير, منة 
مبني على الظنون أكثر من كونه مبنيا على الحقائق, 
والمؤرخون أنفسهم يذكرون هذاء ويقررونه» ولا يزعمون 
لأنفسهم أنهم يحيطون بالحقائق من جميع جهاتها. 

هذا ما ذكره التتويريون القدافى: والذين تأنروا 
بالمستشرقين في الاعتماد على التشكيك في كل شيء.: 
حتى في الحقائق الواضحة:» أما التنويريون المحدثون؛ فقد 
راحوا يستعملونه ما تلقنوه من مناهج غعربية بعيبة الالتفاف 
على النبوة: مها وها لس فعلوا مع سائر 
أحكام الدين وقيمه وعقائد 

ل ا ل 0 
حول الحقائق القرآنية 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (70) 

الواضحة التي وردت في القرآن الكريم» والتي حولها 

عن مسارها تماماء معتمدا في الكثير من ذلك على نظرية 
التطور التي تصور أنها وحدها يمكن أن تفسر تاريخ 


الأنبياء. ولذلك أخرج لنا نظريات جديدة غاية في الغرابة. 

ولا يمكننا في هذا المقال المختصر أن نناقش كل ما 
ذكره من تفاصيل: ولذلك نتكتفي ببعض النماذج: ومن 
خلالها يتبين لنا منهجه» ومنهج الرد عليه 





وأول تلك النماذج» والذي انطلق فيه من إيمانه العميق 
بنظرية التطور هو تصويره لتدرج النبوة في مراحل مختلفة 
بحسب المراحل التي مر بها الإبسان في سلم التطور.. 
ولذلك ذكر أن الأنبياء الأوائل الذين أرسلوا للبشرية لم 
تكوروا من النشر باعتبار البيثر لم تسطوروا بعد - ونا هى 
من الملائكة, ولذلك فإن أول ندي عنده هو نوح عليه 
السلام, وأنه لعدم كفايته لأداء هذا الدور كان معه ملاتكه: 
يقومون هم أيضا بالدعوة. 

فقد قال ,تعليقا على قوله تعالى: (قُلْنَا اهُيِطُوا مِنْهَا 
جَمِيعَا فَإِمًا يَأَتَيَنَكُمْ مِني هُدّى فَمَنْ تبعَ هُدَايَ قلا حَوْفٌ 
عَلَيْهِمْ وَلَا هة هُمْ يَحْرَنونَ) [البقرة: 8 (هذا الهدى حاء بداية 
على شكل نذر من الملائكة كان الله يبعنهم في قوله 
تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَمَّةٍ إلا حَلَا فِيها تذير) [فاطر: 24], وقد 
استمرت النذر مع نوح., (وَلَوْ شَاءً اللَّهُ لَأئْرَلَ مَلَائِكَةَ ما 
]ا ا فد آبَائِنا نا الْأوَلِِنَ [المؤمنون: 24]» ومع هود 
(وَاذْكْرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْدَرَ قَوْمَهُ بالْأخقَافِ وَقَدْ حَلَتِ التّدْرْ مِن 
بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) [الأحقاف: 21], وإلى إبراهيم وإلى 
لوط والى صالخ؟. وكانت اللندر تأنن على ششكل مشخض 
يعرفون أنها ليست منهمء؛ وإنما هي مرسلة من السماءء 
ونحن نرى في الأطروحة القديمة أن الحكام جاءوا من 
السماء دانهم من دم آخر رواية اسطورية: لمفهوم النذر 
الواردة في التنزيل الحكيم) (1) 


2555ل 1 ١‏ الاء 2 1 22012 6 2 02 11 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (71) 
ثم يوهم القارئ أنه يعتمد في ذلك على الحقائق 
والوثائق؛ فيقول: (الطوفان قضى على الجميع؛ وبعد 
الطوفان نزل الحكم الملكي من السماء من جديدء وأصبحت 
مدينة كيش مقر حكم الملوك, وقبل الطوفان كان الحكم 
الملكي قد هبط من السماء لأول مرة في مدبنة أرئدة:: 
ونؤكد هنا أيضاً أنه قبل نوح كانت النذر من الملائكة فقط, 
وقد : ل ا م ل ع 
وهو الرسول محمد) )1( 


م او كاي سوس كر ل 0 
الا وردهاء ويتعسن وجو5 0 فالله تعالى 0 في 


. مِن أَهْلِ الُقُرَى) 0 6 ا 1 وَمَا م 
مِن قَبَلِك إلا رجَالا وجي إِلَيْهمْ 5208 الذَكْرِ إن كُنيُمْ 
لا تَعَلمُونَ) [النحل: 23 وقال: يَابَنِي آدَمْ إمَا انبتكم 
رَسْل مِنْكُمْ يَفْضُّو ن عَلَيْكُمْ آيَاني فَمَنِ اتَقَى وَأضْلَح فلا 
حَوْفٌ عَلَبْهِمْ وَلَا لا هُمْ 0 [الأعراف: 35] 

بل إن الله تعالى رد على المشركين 0 طالبوا 
بنزول الرسول الملك بدل الرسول البشرء 0 : (وَقَالُوا 
لؤلا أنزل عَلَيْهِ مَلَكَ وَلَوَ أَنْرَلِنَا مَلَكَا لَقُضِيَ ١‏ هر تم لا 
يُنْظَرُونَ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكَا لَجَعَلْتَاهُ رَجُلَا 5 
تلبسون؟ [الأنعام:2,8. 2]9» واعتبر قولهم دل نوعغا من 
السخرية؛ فقال: (وَلَقَدٍ اسْتهرَىّ بِرْسُلٍ مِنْ فَبْلِكَ فَحَاق 
بالذين سَخِررّوا ه نجهة منهمٌ هَا كاثوا به مسوردون1 * [الأنعام: 10] 

وسبب هذا الموقف هو نظرية التطور التي بيؤعمن بها, 
وجعلته يتوهم أن البشر 


251 2155 1 


النتويريون والسراعات مغ المفدسات [02) 
كا من الصيف. حيبت الم نكن الهدة القدرة على 
استقتال التدوة النشرية: ولدلك ندرج الك معهم : 
دهكذا يتطلى من هذه التظرية للفسر التددة. والدى 
يعتبرها مرحلة ترتبط بالضعف والقصور البشريء وان 
السشر فى تلك المراجل كانوا - صر الطلمفرل الصسدار كا 


يحتاجون إلى رعاية خارجية؛ فلما كبروا استغنوا حيار 
ولهذا قشر ختم النيوة: بكون البشر اصح لهم من الرقي 
العقلي ما يغنيهم عن النبوة» وبالتالي يمكنهم التخلي عن 
النبوة الخاتمة نفسهاء بتلك الأفكار التي يمكنهم أن يصلوا 
إليها. 

بل إنه ينطلق من هذه النظرية ليفسر الأدوار التي 
كلف الأنبياء عليهم السلام بالقيام بها. وهي أدوار تخالف 





و 

كوو عند دكرة لوطيين بو عليه التسلام مع فوكةة لجير 
منطقة الشرق الأوسط كما يعقد الثالم القديم :ددومه 
هم بداية الإنسان الحديت فى هذه المنطقة حيبت كان هناك 
مجموعة من الناس لها علاقات اجتماعية بدائية» ولها لغة 
محردة بحيث تسمح لنوع من الوحي المجرد: وكان الوضع 
الإنتاجي في هذه الحقبة التاريخية بدائيا جداء لذا فقد كان 
الشرك الأساسي الذي وقع فيه الإنسان آنذاك هو عبادة 
مظاهر الطبيعة وخاصة الشمس والقمر, ٠‏ وقد ذكر هذا في 
قوله تعالى: ألم تَرَؤا كَبْفَ حَلَقَ اللَهُ ‏ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَافًا 
(15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهنّ تُورًا وَجَعَلَ السّمْسَ سِرَاجًا) [نوح: 
5 16]/ وبالتالي فقد اقتصرت رسالة نوح على التوحيد 
والاستغفار فقط دون أن يكون هناك أي وصايا أخلاقية أو 
شعائر تعبدية)» فعند نوح لا صلاة ولا صمو م ولا زكاة ولا أي 
شكل . من أشكال العبادات التي نعرفها) (1) 


ل 717 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (73) 

ولست أدري كيف استنتج كل هذاء مع أن القرآن 
الكريم اعتبر من أسباب ما وقع لقوم نوح من العقوبة هو 
خطاياهم, وهي معنى ينتظم الخطايا العقدية والخطايا 
ا فقد قال تعالى: (مَِا حَطِيئَاتَهِمْ أَغْرِقُوا فَأَدْخِلُوا 

رَا فَلَمْ يَجِدُوا لَههُمْ مِنْ دُونٍِ اللَهِ أنصارًا) [نوح: 25] 

بل إن شخرورا يوغل فى التطرف حين برعم أن القثل 
نفسهء لم يكن في ذلك الحين جريمةء بل كان شيئا عادياء 
لم نات الشراتع لحجريعة: لأن آأول تخريم له حسب تصورة 
- كان مرتبطا نيدي إسرائيل: فقد قال في معر ص ذكره 
للعبر والعظات المستنبطة من من قصة نوح عليه السلام 
في القرآن الكريم: (عدم وجود تشريعات من أي نوعء لأن 
مفهوم التشريع لم يوجد بعدء والمجتمعات ما زالت بدائية 
لا تجارة فيها ولا بيع ولا شراء» وجريمة القتل الأولى التي 
حصلت مع ابني ادم لم يشرع تحريمها إلهيا إلا على بني 
إسرائيل) (1) 





وهكذاء فإن الوظيفة الأساسية التي كلف بها نوح عليه 
السلام ‏ على حسب رؤية شحرور ‏ هي الترقية الحضارية 
المادية لقومه: ولذلك كان من بنود الاساسية لرسالة نوح 
عنده هي [التبشير بالبنيان والاستقراراء والتي استدل لها 
بقوله: (لقد عاش الإنسان في عهد نوح في الكهوف حيث 
كانت المنطقة تحيط بها الجبال» وفيها أنهار؛ فيعتقد أنهم 
كانوا يعيشون في الكهوف وفي الغابات المحيطة بالأنهار, 
لذا فقد كانوا يعبدون مظاهر الطبيعة» . حيث أن تمبيز الآلهة 
والاستغرار. وهذا التبشير في نبوته, ورد في قوله تعالي: 
يُمْدِدْكُمْ بِأمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلُ لَكُمْ جَنَاتِ وَيَجْعَلَ لَكُمْ 
1 )4 [نوح: 12].. من هنا نلاحظ كيف 


0 المحةر الجانق 2 17 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (74) 

بشر نوح الناس بالاستقرار من البناء وهذا الاستقرار 
فعلا كان حاصلا حتى زمن هود) 

وهو كعادته في الإغراب ‏ لا يفهم من لفظة [البنين] 
ما تعودنا أن نفهمه منهاء وإنما يرى أنها مشتقة من (فعل 
[ بنن]ء وتعني الننات واللزوم والإقامة: وهذه هي طبيعة 
الأبنية والبنيان) 

لكنه عندما يواجه بقوله تعالى: (رَبٌّ اعْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ 
وَلِمَنَ دَخَلَ بَيْتِىَ مُؤْمِنَا1 [نوح: 28]: والذي ورد فيه لفظ 
[البيت] دمعاه راضخ حلى: دشب إلى تأوبله. بكونة لبس 
المراد منه البيت الذي نعرفه. والمشكل من البنيان 
المعروف: وإنما هو ( اسم حنس »' ولها اضل واحد وتعني 
المأوى والمآب وجمع الشمل. فليس من الضروري أن 
يكون البيت بنيانا إذ يمكن أن يكون كهفا) 

وهكدا في تأويله للفظة الأموال؛ فهو يفشرها بقوله: 
(فهنا المال لا يعني النقدء بل جاء من فعل [مول] وتعني 
هنا أدوات الإنتاج البدائية» وما يمكن د يصطاده الإنسان 
ويجنيه من الطبيعة. وفي القاموس خرج إلى ماله: أي خرج 
إلى ضياعه وإبله) 





وهكذا انطلق من نظرية التطور ليصور أن اسم 0 
لم يكن موجوداء ويستدل لذلك من القرآن الكريم 
طريقته في الاستنباط الممتلئ بالغرابة» فهو يقول ‏ عند 
حديثه عن تطور ا الإله -: (لقد رأينا كيف شاع 
كواكب ونجوم وأصنام ] 9 كان مفهوم الإله 
المجرد غامضاً لا اسم له لعدم اكتمال القدرة العقلية على 
التجريد عند أهل تلك العصور؛ فقد كان إسمه عند الأسباط 
(إله إبراهيم), وذلك في قوله تعالى: (أَمْ كُنْثُمْ شْهَدَاءَ إِذْ 
خضر تفقوت العوّت إد قال لببيه عا تفتدذون عن 0 قَالُوا 
تعمد إلهكٍ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهَا 
وَاحِدًَا وَنَحْنُ لَه مُسْلِمُونَ4 [البقرة: 133]: وكان آاسمه عند 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (75) 

فرعون: (إله 0 كما في قوله تعالى: (وَقَالَ 
هَرَعون تاقاقان 1: صَرَحًا لَعَلَي أَبَلْعُ الأسْتات (36) 
أاشتات الشّماوا 50 إلى إِلَه ممُوسَى) [غافر: 36 37]: 
وكان أاسمه عند سحرة فرعون: (رب العالمين)»؛ 0 
موسى وهارون)/, كما في قوله تعالى: (قَالُوا آمَنَا بر 
العَالَمِينَ (121) رَبٍّ مُوسَى وَهَارُونَ) [الأعراف: 121, 0 
أو لم يكن له ا على الإطلاق كما عند فرعون في قوله 
تعالى: (حَتَى إِذَا أَدْركَمٌُ الْعَرَقُ فَالَ آمَئْتُ أَنَهُ لا إلة إلا الذي 
آاعتثت به بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأْنَا من الفسلمين) 1دشضن: 0]) )1( 

وهو يصور أن الاهتداء لله لم يتم إلا في عهد إبراهيم 
عليه السلام, وذلك (بعد رحلته الطويلة في البحث عن الله 
من المشخص إلى المجردء وليولد عنده مفهوم الإسلام 
والتسليم لهذا الإله المجرد لأول مرة في تاريخ الإنسإن 
بدلالة قوله تعالى: (مِلَهَ أبيكمُ إِبْرَاهِيممّ هُوَ سَمَاكُمْ 
الْمُسْلِمِينَ مِنْ فَبْكُ) [الحج: 78]) (2) 

بالإضافة' إلى ذلك, نراه يحرف ما ذكره الله تعالى عن 
أنبياته من قَيمَ نبيلة: واخلاق عالية؛: وتسليم مطلق لله؛ 
ليتحول كل ذلك إلى تصرفات لا معنى لهاء بل قد تحمل 
معان لا تتناسب مع الأنبياء عليهم السلام. 


ومن أمثلة ذلك أنه حول من رؤيا إبراهيم عليه السلام ‏ 
إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لله إلى مجرد أحاديث 
نفسء لا علاقة لها بالواقع» وقد قال مقدما لهذه الفرية 
العظيمة: (احتار إبراهيم ماذا يفعل ليتقرب من هذا الإله, 
فالناس يقدمون قرابين لآلهة مزيفة لا تملك ضراً ولا نفعاً 
لأحد.. وظلت فكرة تقديم القربان لله تدور في رأس 


0 لمك ساق 2 7105 
(2 الفخدر الما 2 7105 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (76) 

يرى في المنام أنه يذبح ابنه. ثم تكررت الرؤيا حتى 
ترسخت, فقرر إبراهيم أن يحولها إلى فعل على ارض 
الواقع, بعد أن أيقن أنها ليست مجرد رؤيا بل تكليف وأمر 
إلهي) (1) 

وهكذا يحرف موقف إسماعيل عليه السلام الممتلئ 
بالحلم والتسليم لله. حيث يعلق عليه بقوله: (إننا نفهم أن 
جواب إسماعيل لأبيه كان أن يفعل ما يؤمر لا ما يرى في 
المنام. لأن إسماعيل لا يقبل أن يقتله أحد بمجرد منام 
حتى لو كان أباه»: فإذا كانت المسألة أمراً بالقتل فليفعل, 
وإن كانت رؤيا فلا) (2) 

وهو يشير بذلك إلى أن إسماعيل عليه السلام مع صغر 
نسنه» قهم من الحلم ما لم يفغهمه والده: ولذلك امره أن 

وهكذا يحرف ذلك النص الصريح الذي أخبر الله تعالى 
فيه عن تسليم كلا النببين الكريمين لله تعالى2» وهو قوله 
تعالى (فَلَنََا أَسْلَمَا وَئَلَهُ لِلجَبين) [الصافات: 103] بقوله: 
(في هذا إشارة إلى أن معركة المعاناة النفسية قد حسمت 
لمصلحة التسليم لله تعالى. وإلى أن نار تنازع الأفكار 
وتجاذب الوساوس في أعماقهما قد انطفأ لمصلحة الإيمان 
والإنابة, وإلى أن الحيرة عندهما قد اطمأنت للطف الله) 
)3( 5 

وعندما يواجه بقوله تعالى: (وَنَادَيْنَاهُ أنْ يَاإِبْرَاهِيمُ 
(104) قَدْ صَدّفت الرَّؤْيًا إنا كَذَلِكَ تجزي المُحَسِيِينَ) 





[الصافات: 104, 105], يفسرها بأن كل ما حصل لم يحصل؛ 
فلا إبراهيم هم بذبح ابنه: ولا إسماعيل أذن بذلك.. بل إن 
الله تعالى اكتفى منه بذلك الموقف الذي تراجع فيه 
إبراهيم عن رؤياه تعد أن صححها له ابنه إسماعيل. 


01 المضدذرالجائق 2 2109 
2 لد الصا 21112 
ال لما 5 21122 


التنويريون والصراعات مع المقدسات  )77(‏ _ 

ونفس هذا الموقف نجده عند تلميذ تنويري اخرء راح 
يعبر عن تلك الرؤيا بقوله: (وهذا المنام ليس أمر من الله 
بذبح النبي إسحاق, فالأوامر الإلهية لا ناتي في المنامات:» 
وإنما كان مناماً يقصد به شيء اخرء ولكن النبي إبراهيم 
أوله علي ظاهره وخاصة بعد تكرار رؤيته له, فأراد أن يذبح 
ابنه ظناً منه أنه ينفذ أمر اللهء وأخطأ في تأويل المنام, 
فنزل الأمر الإلهي بتوقيف هذا العمل وأعطاه فداء لمنامه 
وابنة: واخيرة انه تم تصديق الرؤيا من خلال الخضوع لله 
وذبح الدنيا 0 وإخراجها من قلب النبي إبراهيم: 
وليس المقصود الصورة المادية للمنام, وأن ذبح الولد في 
المنام رمز لذبح الدنيا وزيتنها) (1) 

ولا يقتصر أمر الإغراب عند شحرور وسائر التنويريين 
الجدد على هذا الحد.ء بل إنه ‏ وعند حديثه عن القيم 
الأخلاقية التي ارتبطت بالأنبياء في القرآن الكريم ‏ يقع 
في إغرابات لا تقل خطورة. 

فهو مثلا عند حديثه عن يوسف عليه السلام - وكيف 
تحلى لالم له الفاحشة بكل قوة: وا مخالفة 
واي واعما راعى يوسف عليه السلام فقط ما تعلمه 
من بيئته البدوية من وفاء ومروءة. فقد قال معلقا على 
قوله تعالى: (وَرَاوَدَنَهٌ ف سا عَنْ تفسه وَغَلْفَتِ 
الْأَنْوَاتَ وَقَالَت قيت لِك قَالَ مَعَادَ الله إِنهُ بر ار 
3 مَنْوَايَ إِنَهُ لا يُفْلِحُ الظالِمُونتَ) [يوسف: 03 (ونفهم منه 
أموراً أولها: أن يوسف كان يعرف الله بدليل أنه استعاذ به 
(2), ثانيها: أنه استكبرٍ واستنكر أن يمتئل لما تدعكوه إليه 
باعتباره يتعارض أخلاقياً مع 





1 ل عه لسن 2ن ران ال اششا عا سات اسل 1 درق درا 
رق ولك ا عل شوك ]ان درف الله كل ل حر سراحل اكور ]ةا 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (78) 

ما انفتحت عيناه عليه في بيئته الأولى من مكارم وقيم 
ومتل عليا كالوقاء والخروءة: وليس باعتباره زرنا محرما لآأن 
تحريم الزنا لم يكن قد نزل به تحريم إلهي) (1) 

0 في _ تفسيره لقوله تعالى: (وَلَقَدِ هَثَت به 

لَوْلَا أَنْ رأى بُزقان رَبَّهِ كَذَلِكَ لتضرف عَنهُ عَنْهُ الس 

0 نَهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف: 24] راح يقع 
في نفس الأخطاء التي وقع فيها أولئتك الذين انتقدهم 
باعتبارهم خرافيين وظلاميين؛ فقد قال تعقيبا عليها: (هذه 
الآية لا يمكن فهمها إلا إذا فهمنا لماذا استعاذ يوسف بالله 
في الذنة السابقة,. والحواب إنة من موقعة كشسى بعلم أل 
ميل الرجل للمرأة والمرأة للرجل غريزة فطرية جعلها الله 
فيهما.. ويعلم أن هذه الغريزة المخلوقة المجعولة فيه 
قانون رباني قاهر لا فكاك لإنسان منه نبياً كان أم غير 
نبي إلا بتدخل من الله الخالق البارئ المصورء وهذا ما 
أشار إليه يوسف 06 فير قوله: (وَإِلَا تَصْرف عَني 
كَيْدَهُنَ أَضْبُ الَيهنّ وَأكنْ مِنَ الحَاهِلِينَ) [يوسف: 33]: ومن 
عر لا 7 يوسف إلى ا لم 
عد موكلا عله) 

ثم راح يفسر كيف استجاب الله له. فقال: (والسؤال 
الثاني: كيف حصل ذلك وتم؟ والجواب: كما أن الله سبحانه 
استجاب لإبيراهيم وعطل خاصية الإحراق في نار النمرود 
فجعلها ك1 وسلاماء وكما استجاب لموسى في مباراته 
أمام فرعون فحول العصا من خشب إلى لحم ودم فإذا هي 
قدرته على الجماعء فإذا بعنوان ذكورته خرقة بالية لا تنفع 
لا للخل ولا للخردل»: وهذا هو البرهان الرباني المادي الذي 
رآه يوسف رأي العين وهي تهم به ويهم بهاء وهكذا أصبح 
الجماع الجنسي مستحيلا. وهذا هو برهان الله على 
الإحصان من 


(1) شكرة الفضكن الفراتى فراءة معاضره 2)/ 233 








التنويريون والصراعات مع المقدسات (79) 

الفاحشة, وهو برهان من مقام الربوبية: وإلى يومنا 
هذا إذا أراد الله منع إنسان من الوقوع في الفاحشة؛ فإنه 
يفقده القدرة على الجنس أن كان فاحيسة: وحن .ؤكر 
قوله تعالى بأنه لو لم يهم بها لما رأى برهان ربه) (1) 

وخطورة هذا الطرح لا تتعلق بقصة يوسف عليه السلام 
فقطء وإنما بذلك التبرير للفاحشة:ء واعتبارها ميلا طبيعياء 
وأن الإنسان فيها خاضع لغريزته القاهرة2» وأنه ليس 
مسؤولاً عنها ما دامت تلك هي إرادة الله»: إلا إذا أراد الله 
منعه منهاء فيعطل كدرب على ممارستها. 
وقع فيها قوم لوط؛ فهو يبررهاء 0 ويعتبر أنها 
مرتبطة بالنواحي البيولوجية للإنسان: وليست اختيارات 
سلوكية ب< يختارها لنفسه: ولذلك يعقب على قوله تعالى 
حكاية عن لوط عليه السلام وخطابه لقومه: زَوَلُوطًَا إِذْ 
قال 0 اتأثون الْفَاحِسَةَ مَا سَبَفَكُمْ يها مِنْ أَحَدٍ مِنَ 
الْعَالَمِينَ؛4 [الأعراف: 80] رادا على أقوال ار التى 
استنتجت من الآية الكريمة أن أول من فعل تلك الفاحشة 
هم قوم لوط: (نقول هذا ونحن نعلم أن المثلية, سواء 
أكانت لواطاً بين ذكر وذكرء أم كانت سحاقاً بين أنثى 
داش هي بالاصل فظوت تكويني في هرمونات الدكوره 
هرمونات الأنوثة لدى الفاعلة في السحاقء, يدفع الأول إلى 
التماس اللذة عند ذكر مثله» ويد فع الثانية إلى تفريغ 
شهوانيتها عند أنذى متلهاء وهذا بيغتي أن اللواط كان 
موحودا قبل قوم لوط بشكل غير علني وعلى الصعيد 
الفرديء إلا أنهم جعلوه ظاهرة عامة 


1 لت5لسا25 255 7 254 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (80) 
اجتماعية تمارس علناً في المجالس والمنتديات) (1) 
ويقول تعقيبا على الآيات الكريمة التي أخيرت أن سيب 
العقوبة التي حصلت لهم هي تلك الفواحش: (.. فإننا لإ 
نستطيع أن نقتنع بأن هذه الويلات المخيفة, جاءت عقاباً 


الفواحي؛ لأنها عر ل الحسن والقبح منها إلى 
المعروف. و«الفكر فى جاب .وافقربتف إلى الأحلاق 
الاجتماعية المصطلح عليها منها إلى العقائد) (2) 

والتعبير ب[المصطلح عليها]ء يعني أنها لست منكرة 
بذاتهاء وإنما هي منكرة باعتبار الأعراف والشرائع؛ فإذا 
عن الحجاب: 0 أن للعرف دورا كبيرا في تحديده, فإذا 
ما قبل عرف من الأعراف أن تخرج المرأة لا تستر إلا 
جيوبها؛ فإنها محجبة بحسب ذلك العرف. 

هذه مجرد نماذج عن تهديم ور للنبوة. وكل القيم 
النبيلة التي جاءت بهاء وخطور: لا. سستفمل قصض 
كعب الاحباره ولا وهب بن المنبه» وإنما يستعمل خياله 
الواسع» وقواميسه التي يستعملها كل حين لتبديل الكلم 
العلف. والدير الم بمظشع| الى أوم طرو| م ,طرف 
السلف ليقعوا في تطرف الخلف. 


250 156 
(0 السطرر السايق! 711882 





التتويريون والضراعات: مع المقدسات (81) 


من المغالطات الكبرى التي يقع فيها التنويريون, 
وعلى أساسها ينكرون الكثير من الحقائق: أو يتدخلون 
بعقولهم فيهاء توهمهم أن العقل السليم هو الذي تكون له 
الجرأة 0 إنكار كل ما بتستسبخه ' لكيه ع ومن 

اليا النقلية 00 2 قطعية لا يجادل فيها 


وهذا النوع من التفكير في حقيقته لا يختلف عن عقل 
أهل الجاهلية الذين تصوروا أن الإيمان بالبعث, وما بعده, 


وام لبك ل كدري رح ور لقان كو 0 





والمتعلقة بالدجال,: 0 عضارة للقن. وخلاصة للشرء 
داه سيظهر في يوم من الأيام, ويجحر وراءه الكثير عبر ما 
بخترعكه من حيل وتقنيات: وما تكون له من قدرات 
وعجائب. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (82) 

ولست أدري ما العحب فقي ذلك كله ما دامت الأدلة 
الكثيرة قد دلت عليهء ذلك أن الخرافة ليست هي العجيب 
من الأخبارء وإنما الخرافة هي الأوهام التي لا دليل عليهاء 
ا ا ا 

ولو كانوا بعتبرون 2 ١‏ الأخبار خرافة: 
فلبتجروؤوا: 'ويكدبوا تلك ا تع لم كر الله تعالى بها 
عن سليمان عليه السلام, وكيف سخر له كل دشيءه او 
لينكروا تلك الناقة التي خرجت من الصخرء أو ينكروا إحياء 
الفشيج عليه السلام للقونى: اوحويلة من الطين طبوراء 
أو ينكروا تحول عصا موسى عليه السلام إلى ثعبان. 

وإن كانوا يعتبرون كل ذلك خاصا بالأنبياء؛ فقد أخبر 
الله تعالى أن في قدرات الإنس والجن عجائب كثيرة: فقد 


معحرزة ؛ وإنما بسيب كو فته ا ني علم بعض الكتا كما ١‏ 

تعالى: (قَالَ اه 0 العا كم يَأْتينِي بعَرْشِهَا ِقَبْكَ أنْ 
يَأتُونِي يه نَّ أنا آيِيكَ به قَبْلَ 
أن تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِي عَلَيْهِ لقويٌ أَمِينُْ (39) قَالَ الذي 


لو لو بت 2 


هُ عِلَمُ مِنَ الكِتاب أنا آيِبكَ بهِ قَبْلَ أن يَرتدٌ إِلَبْكَ طزفك 

د قَالَ هَذدَا مِنْ فَضْلِ رَبّي لِيَبْلُوَنِي 
أَأشْكْرْ آَم أَكْفُرْ وَمَنْ شَكر فَإِنْمَا بَشْكْرُ لِنفْسه وَمَن كَفَرَ فَإِنٌّ 
رَبَي عَنْىٌ كَرِيمٌ م [النمل: 38 - 40] 

وما داموا لا يستطيعون إنكار ذلك كله باعتباره واردا 
في القرآن الكريم» فلم يتجرؤون على إنكار الدجال»: وهو 
وارد في السنة المتواترة القطعية الثبوت»: التي اتفقت 
عليها جميع المدارس الإسلامية. 

وقد قال الكتاني 0 عن تواتر أحاديثةه في كتف 
المدرسة السنية وحدها: (أحاديث خروج المسيح الدجال ذكر 
غير واحد أنها واردة من طرق كثيرة صحيحة عن 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (83) 

جماعة كثيرة من الصحابة,. وفي [التوضيح] للشوكاني 

منها مائة حديث, وهي في الصحاح والمعاجم والمسانيد, 
اودر يحصل بدونهاء فكيف و تي وقال بعضهم: 
أخبار الدجال تحتمل محلدات: وهد فردها غير واحد من 
الأئمة بالتأليف, وذكر جملة وافرة منها في [الدر المنثور] 
لدى قوله: (إِنَّ الْذِينَ بُجَادِلُونَ فِي نات الك عدر سلطان 
أَنَاهُمْ إن فِي صُدُورِهِمْ إلا كِبْرُ مَا هُمْ بِبَالِغِيهو4 [غافر: 56 
)1( 

هذا في المدرسة السنية وحدهاء فكيف لو ضممنا إليك 
تلك الروايات الكثيرة الواردة في سائر المدارس 
الإسلامية. 

وقد كان في إمكان العقل التنويري لو كان يحترم 
نفسه: ويحترم إيمانه الذي يدعيه أن يسلم لله في آمره, 
ويعلم أن إنكاره لمثئل هذه النصوص المقدسة قد بحرهة إلى 
إنكار غيرها. 

وقد كان في إمكانه أن يعلم أنه أقل من أن يفتي في 
أمر لم يحين زمانه بعدء ولذلك قد يكون للمستقبل من 
العجائب ما يبدد ذلك الاستغراب الذي يقفه أمام عجائب 
الدجال. 

بل إن الواقع يدل على أن التقنيات العلمية في 
المستقبل القريب أو البعيد ستكون عجيبة جداء وأنه قد 





يستطيع فرد من الناس» وفي طرفة عبن غيل ان يصل إلى 
مئات الملايين 70 ملايبيرهم: اك يستطيع أن يبميز ببينهم' 
وأنه يستطيع أن يكرم من يشاء منهم ' أو انيس فن يشاء.. 
ودور الدحال» كما ورد في الأحاديث الكثيرة ليس إلا ذلك. 
وقد كان في إمكان التنويريين بعد هذا ان سكروا بعص 
العجائب عن الدجال التي لم تصح عندهم أدلتهاء أو أ 
سوققوا.في قولها؛ أو شتكنيوا عن الحديت عنها مااداموا 


11) بطع المخائ 152ل ب الا الكنا... | الكت السلفة القادرهة ط 2 زر ث. ض 228 229 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (84) 

لم يستكملوا البحث في شنأ 

لكن الستويرين افحاتب الجرأة العظيمة, والمراهقة 
الفكرية, والتسرع في كل شيءه راحوا برمون تلك 
الأحاديث بالخرافة2» سواء نطق بها رسول الله صلى الله 
عليه وآله وسلم عندهم أو لم ينطق؛ فهو عند الكثير منهم 
قد يجتهد في الإخبار بالغيب» ويخطئ في اجتهاده. 

وهم في ححنهم كدان الإنكار لا يقدمون سوى ما 

دوا عليه من تلك الأيقونة التي تعودوا عليهاء والتني غير 

الك 5 بقوله: (هل المسيخ الدجال خرافة؟... ما عليك 
إلا 3 تكون شاهدت مسلسل السندباد أو فيلم لص بغداد أو 
حاسون وآلهة الحرب والسيكلوب تبعيبن واحدة: والتنين 
الذي ينفث النار.. ثم تأمل قليلاً لتتخيل شكل المسيخ 
الدجال2. كي ا وتحذره ثم يهبك الله القوة لتنتصر 
عليه وبعدها يعم السلام والخير هذا العالم.. إنها 
مننولوجيا مخلص آخر الزمان وأمنيات الضعفاء والحمقى 
بانتصارهم دون جهدء ولا زالوا في شوق لهذا المخلص 
الشجاع الذي سيهب الله على يديه الخير والسلام لهذا 
أمد الانتظار) (1) 

أو كما عبر آخر عن ذلك بجرأة عظيمة ‏ بقوله: (لا 
شأن للنبى صلى الله عليه وآله وسلمء ولا سآن للاسلام 
بهذه الأحاديث كلهاء سواء ما اتصل منها بالغيوب2 أو 
بالتشريع أو بالأخلاقيات والمواعظ والتاريخ.. نحن ننكر أى 
صلة تسن تلك الأحاديث والاسلام: ونكذب بها أى كدت أن 





يقول النبى محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد قالهاء 
ونرى أن متن هذه الأحاديث صادق فى التعبير عن ثقافة 
الناس فى العصور التى قيلت فيها. هى إنعكاس لثقافتهم 
انهم جعلوا تلك الثقافة بما فيها 


(1) أكدقة المشح الدكال. شاف عشكر شوق أهل الشان الأحد 13 إثريل 2014 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (85) 

خطأ وصواب جزءا من الاسلام» وأضافوها للاسلام بأثر 
رلحدة 1 مرفوض. لأن الاسلام قد نمم واكتمل ا 
للإضافة 1 لكر أو التغبير أو التبديل. من هذه الثقافة 
التى جعلوها أحاديث ما كانت جذوره فرعونية الأصل, حتى 

مع تعرضها للتحوير وبعض التغيير. مثل اسطورة ايزيس 
واوزوريس وست. والصراع بين إلهى الخير والشر 
(أاوزريريس) و(ست). ومنها انحدرت عقائد نزول المسيح 
والمسيح الدجال, والمهدى المنتظر.. ومن الطبيعى أن 
يختلف التعبير عنها باختلاف الزمان دالمكان. وان تيدا على 

استحباء فى موطأ مالك فى الجزيرة العربية: نم 2 
التوسع فيها ف فى البيئات النهرية المتأثرة جدا 71 
الفرعونية. لقد وصل تأثير عقيدة ايزيس واوزيريس الى 
أوربا قبل الاسلام: واستمر حتى قبيل النهضة الأوربية) (1) 
أو كما 0 في مقال تحت عنوان: 
[خرافة المسيح الدجال] (2): (.. مقال يدور المقال حول 
أخطر المعتقدات التي نخرت 00 ابراهم ‏ وخاتم الشوة 
محمد رسول الله الذي اططفاهما لتبليغنا وحيه, الكن 
فالدار 1 الألباب لا 3-2 الروايات الني تخالف 
0 تتنسم بدنو مستواهاء وهكذا تزلزل عقيدتهم » 
7 العوام الذين يتلقون ويحجر عليهم التدبر بحجة 
[الإجماع], واحتكار العلم لرجال الدين الذين درسوا اللغة 
العربية وتخرجوا من الأزهر ويحفقطون الأحاديث عن ظهر 


010 ارك الا ” 
0 اف لش الال 1 فير شرف أمل الما 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (86) 

يكفرون ويعادون من لايؤمنون بها: (ويلك! إنها 0 
صحيح البخاري ومسلم, هل نت تعرفٍ 00 الشيخ... 
واحدة؟) 

وأمثال هذه الخدع الكثيرة التي يسمونها حججاء وهي لا 
تحمل إلا مقدمات واحدة يطبقونها في كل ما لا يشتهون.. 
وإلا فما العلاقة يبسن التقدم والتطور والرفاه: أو تبن 
استنارة العقل وبعده عن الخرافة: وببسن إنكار وحود الدجال 
الذي يمثل قمة الشر والضلال والفتنة. 

بل إن العقل السليم»: قد يهتدي إلى ذلك: حينما يرى 
طاغوتنا جبارا مثل ترامب» يتحكم في العالم»؛ لا في أمريكا 
حدهاء بل في أوروباء وفي جميع دول المستضعفين, خحتى 
7 يقضي على الاتفاقات الدولية التي اتفقت عليها دول 
العالم بما فيها دولته نفسها. 

وقبله استطاع هتلر أن يشعل حربا عالمية» ويباد 
تسييها عشرات العلايين: وتدمر أمتالها من البيوت.. ويشرد 
منات الملايين؛ مم نه عاش في زمن لم يتح له فيه أن 
يملك القنابل النووية ولا الهيدروجينية. فكيف لو عاش في 
زماننا هذاء ووضعت بين أصابعه أزرار القنابل المختلفة. 

وهكذا نرى التقنيات المتطورة تجعل للأفراد سلطات 
كبيرة لم تكن تتاح لهم في الماضيء وهي لا تتعلق فقط 
برؤساء الدول, بل قد تتعلق برجال الاقتصاد أو الإعلام ؛ أو 
مجموعة قليلة من الأفراد. 

فما المانع بعد هذا ا 
تتوفر فيه كل قدرات التي تنجذب لها النفوس الشريرة: 
ل كا لل نل على 
مشاعرهم أنضا. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (87) 


أنا لا أريد من خلال هذا المقال أن أبين كيف يكون 
الدجال. فذلك غيب محضء ولكن أريد أن أذكر بن العقل 
السليم المؤيد بالإيمان بالغيب الذي هو علامة الإيمان 
الحقيقي: لا يستبعد شيئا في قدرة الله: ولو أن ما نعيشه 
من تقنيات عرض على أهل القرون من قبلنا لتعجبوا منهاء 
بل لسارع المتنورون منهم إلى إنكارهاء وربما لن يقبلها 
منهم إلا آاولئك الذين يطلق عليهم التنويريون لقب 


الخرافيين. 
ولذلك فإن العاقل الحقيقي هو صاحب العقل 
المتواضع» الذي يرى أن قدرة الله أكبر من أن تحدء وأن 


رسول الله صلئى الله عليه والهة وسلم 1 من أن يفتري 
على الله: أو يقول ما لا حقيقة له: ويعلم كذلك أن الأمة 
التي اتفقت على وجود هذه الشخصية:, لا يمكن أن تكذب 
في ذلكء: وكيف تكذب في أمر وقع إجماعها عليه؟ 

بل إن العاقل يرى أن في وجود مثل هذه الشخصيات 
في الثقافات والديانات الأخرى دليلا على وجودها 
الواقعي, ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 
أخبر أن كل الأنبياء حذروا أقوامهم من الدجالء فقال: (ألا 
كل نبي قد أنذر أمته الدجال) (1) 

والعجيب أن عدنان إبراهيم مع علمه بتواتر أحاديث 
الدجال: وورودها في كتب الصحاح في جميع المدارس 
الإسلامية,. إلا أنه راح يستعمل عقله البسيط في إنكاره 
بحجج غريبة جداء عبر عنها في بعض خطبه التي عنونها 
[المسيح الدجال.. تدجيل أم تغفيل] بقوله: (إذا كان 
الدجال بهذه د رة الفائقة على الإضلال: أوليس الناس 
معذورون باتباعه؟ اليس من يحمل هذه الصفات فتنة يبرد 
من قدّر خروجه وهو الله تعالى أن يضل الناس ويفتنهم 
عن دينهم؟ وأن الآيات إنما تأتي تخويفاً.ء فقط وليست 
إضلالاً وتكفيراً للناس؟ إن الله لا يمكن أن يفعل هذاء فإن 
قال قائل بأن إبليس نفس 


11) 1185252052 7 وا عاك (1 2-610 611) والناى ركم 2557 5359) 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (88) 





الحكاية. قال لاء إبليس لا يملك لقدرة على هذا.. 
والنتيجة: الدجال تدجيل وتغفيل) 
الله عليه وآله وسلم عندما 1 0 ٠‏ الدجال أخبر عن 
خطورتهء وعلمنا الطرق التي يمكننا أن ننجو منه إن 
اننغناها: ولم يذكر أبدا استحالة النحاة مند: بل اخير أن 
المؤمنين الصادقين ينحون منه بوسائل بسيطة حدا (1). 

ثم لو طبقنا هذا الاستدلال: فإن الله تعالى في تصوره 
سيعفي كل من يتعرض لفتن كبيرة: والعالم الآن يموج 
بفغتن كبيرة لم 0 موجودة في العصور السالفةء بل إن 
الفتن ‏ بحسب ما يدل عليه الواقع ‏ تسير وفق منحنى 
تصاعدي خطير. 

ثم استدل لذلك بكون الروايات التي تتحدث عنه تحوي 
أحاديث ضعيفة ومكذوبة ومتناقضة. . وهذا كله لا يساوي 
شيئا أمام تواتر الروايات الواردة عنه» وخاصة مع اتفاق 
المدارس الإسلامية عليهاء ذلك أنه عند التواتر تلغى أحكام 
الاحاد. 

ولذلك كان في إمكانه أن يناقش تلك الأحاديث التي 
يرى أنها لا تتفق مع الصورة الصحيحة للدجال بحسب 
الروايات المعتبرة: وكان في إمكانه أن ينكر بعص 
التفاصيل التي لم تتواتر الأدلة عليهاء أو لم تثبت في 
الأحاديث الصحيحة: لكنه لم يفعل: وراح مثل الدوورين 
عر ا وم سصيوران ن ذلك 

فالعقل تخدرة نفسة:, وعلم أن الجرأة على إنكار ما لم 
ييسر لنا علمه صعبة بل مستحيلة» كما قال تعالى في ذكره 
لهذا المنوع من التفكير: (بَل كَذهِ بُوا يما لَمْ يُحِيطوا بِعِلمِهِ 
وَلَمَا يَأْتَهِمْ تَأوِيلَهُ كَذَلِكَ كَذْبَ الْذِينَ مِنْ فَبْلِهمْ فَانْظر كَبْفَ 
كان عَاقِبَهُ الظَالِمِينَ؟ [يونس: 39] 


1 2-7 لكا 1 1 2 ]د كلا كا رد ف 5 السوري وو ها 5 ككاآن] [أركا لسكا ] 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (89) 
وهكذا هؤلاء,» يكذبون بشيء لم يحيطوا بعلمه.ء ولا 
لديهم أدوات ذلك وفوق ذلك لا يعرفون نأويله وحقيقته 





الواقعية, لأن الزمن حجاب بتعنههم و بعنه. 

وسبب ذلك كله هو أن العقل التنويري ‏ بسبب مراهقته 
الفكرية ‏ يتصور أنه أوتي مفاتيح الحقائق» وأنه من خلالها 
ينبت ما يشاءع: وينكر ما يشاء. من غير برهان ولا حجة ولا 
دليل إلا الهوى المجرد. 

وهو لذلك يفعل مثلما يفعل ذلك المراهق المتهور 
الذي يتصور أنه من خلال الحروف القليلة التي درسها ‏ 
يستطيع أن يحكم في كل شيء., بخلاف الشيخ الحكيم الذي 
حنكته التجارب: والذي يتأنى قبل أن يدلي برأيه في أي 


5 - . 5 - 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (90) 


الإمام المهدي.. والمنكرون له 


من عجائب تحكم الهوى في عقول التنويريين الجدد 
تلك المحادة'لله ورشسوله فى امور قطعية وردت بها 
الأحاديث المتواترة, المتفق عليها من جميع المدارس 
الإسلامية, بحجج لا يمكن أن يقتنع بها عاقل إلا إذا كان له 
الجرأة الكافية على رفض النصوص المقدسة ومخالفتها 
وتقديم هواه . 

وخيتها يمكن الزامه بإنكار ما عذاها من النتصوص التي 
اي ولف ل الور 
وحينها سيفرع الدين من كل محتوبياتةه, لات لا سكن أن 
تبقى شعيرة من شعائر الإسلام ولا حكم من أحكامه بعد 
رفع الثقة عن المتواتر القطعي المتفق عليه. 

وربما 0 حسن نموذج لهذا التألي على الله 
المقدسة على الشر 2 0 أملا للأمة, بل للبشرية 
جميعاء وأن الأرض بمجيئه ستمتلئ عدلا بعد أن ملئت جوراء 
دان الحق سبعود لنصابد: وآن الدين سيظهر عندذة على 
الدين كله. 

لكن التنويريين لم بلاحظوا كل هداء بل راحوا بجرة 
قلم ينفون كل تلك النصوصء, لأن عقولهم لم تقتنع بهاء 
ولست أدري هل اقتنعت عقولهم بقوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا 


فِي الرَّبُورٍ مِنْ بَعْدٍ الذَّكْرِ أنّ الأزض بَرِنُّهَا عِبَادِيٍ الصَالِحُونَ 
(105) إن في هَدًا لَبَلَاعَا لقَوؤم عَابِدِينَ؟ [الأنبياء: 105: 21106 
وهو صريح ينطبق تماما على الإمام المهدي ومن بعده من 
الصالحين الذين يرثون الأرض بعد أن ينهار مشروع 
الشيطانء, ويقوم مشروع الرحمن. 


التتويريون والصراعات مغ العقدشات (91) 

الزبور إشارة صريحة إلى آن البشارة بالإمام المهدي 
ليست خاصة بهذه الأمة فقط, بل هو مبشر به في سائر 
الديانات.. فكلها 7 وجود مخلص في آخر الزمان» وإن 
كانوا يختلفون في أاسمه. 

وبذلك لا يستعمل التنويريون عقولهم في مواجهة 
النصوص النبوية القطعية المتواترة المتفق عليها فقطء بل 
يقفون أيضا في وجه القران الكريم.» وفي وجه كل 
الديانات التي تنص ااا على وجود المخلص» وتنتظره: 
وتعقد آمالا كبيرة عليه . 

وللأسف, فإن الموقف من الإمام المهدي على الرغم 
من الدلائل الكثيرة التي تدل عليه لم يكن خاصا 
بالتنويريين الجدد,ء بل انصم إليهم اللكتدو عرد الحركيين, بل 
حدينا واحدا من اي رسول الله من الله عله واله 
وسلمء لكنهم مع أحاديث الإمام المهدي راحوا يتساهلون, 
دل بلتعشون الأعدار لمر انكرة: بل إن فيهم من نحزا على 
إنكاره2 ومع ذلك لم يتهم بتلك التهم التي اتهم بها من 
شكك في احاديث لطم موسى عليه السلام لملك الموت 
وغيره. 

وسر ذلك هو تلك القاعدة التي تبناها الجميع في 
اعتبار التشيع بدعة مطلقة: وشرا مطلقاء ولذلك فإن 
السنة عندهم هي مخالفة الشيعة. حتى لو جر ذلك الخلاف 
إلى خلاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نفسه. 

وقد رأى الجميع مبلغ اهتمام الشيعة بالإمام | يه 
واعتباره مشروعا كاملا للمؤمن. يدخل في جميع اجزاء 
حياته» فبركاته عندهم لا يتنعم بها أهل عصره فقطء بل 





تتنعم بها كل العصورء لأنه يعيش في كل العصور.. ولذلك 
نحد من ألقابه عندهم [إمام العصر والزمان] 
يتنعمون بها من حلف 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (92) 

الغمام2» ويعملون كل جهدهم ليزيحوا ذلك الغمام لتبدو 
الشمس منيرة للعالم كله2, فتحجب بطلعتها البهية كل 
ظلمة: وتزيل كل عناء: وترفع كل جور. 

وبناء على هذا كله راح الجميع يبشرون بعدم وحجود 
الإمام المهدي. حتى أن القرضاوي وفي برامجه التي تبثها 
الجزيرة: والتي يشاهدها مئات الملايين: كان ينكر كل حين 
أحاديث الإمام المهدي؛ ويعتبره خرافة لا وجود لها. 

ويستدل لذلكء لا بما يعارض ذلك من القرآن الكريم أو 
الحديث النبوي الشريفء أو الأدلة العقلية, وإنما بما سمعه 
وكتبة الشيح عبدالله بن ريد .ال محصود'رتينين المحاكم 
الشرعية والشئون الدينية فى دولة قطر فى كتابه [لامهدى 
يُنتظر بعد الرسول محمد خير البشر]ء والذي قال فيه: (إن 
احاديت المهدى ليست تصحديحة ولا صريحة ولا منواترة بل 
كلها محروحة وضعيهة , والجرح مقدم على التعديل وقد 
رجح أكثر العلماء المتأخرين خاصة أهل الأمصار بأنها كلها 
مكذوبة على رشنول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ٠‏ فهى 
أحاديث خرافة سياسية إرهابية» صيغت وصُنعت على لسان 
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صنعها غلاة الزنادقة 

لما زال الملك عن أهل البيت؛ 0 :رهون ينها ىا امه 
ويتوعدونهم بأنه سيخرج المهدى وقد حان وقت خروجه 
فينزع الملك عنهم ثم يرده إلى أهل البيت إذ أنهم أحق به 


وأهله) 

مع الغلم أن هذا الشيخ ابن نحدء واحد أبرر رهوز 
ار الحنبلية الوهابية. فقد تلقى دروسه على يد 
الشيخ عبدالملك بن إبراهيم آل الشيخ - قاضي حوطة بني 
ع ءاد ولارم الشيخ عبدالعزيز الشثري (أبو حبيب): وطلب 
العلم على بد الشيح محمد بن إبراهيم - مفتي الديار 
السعودية - بالرياض واخذ عنه سنة كاصلة: ثم اختاره ابن 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (93) 

إبراهيم صضصمن ثمانية من ادر تلاميذه للذهاب إلى 
#مكة للوعظ والتدريس بها (1). 

وقد استعمل في رسالته التي أنكر فيها الإمام المهدي 
نفس أسلوب السلفية في التشدد مع المخالفين» ولكنه 
في هذه المرة تشدد مع الأحاديث نفسها على الرغعم من 
انه بقبل ما هو دونهاء يل ببدع من أنكر ما هو دوتها يكثيرء 
وقد قال معبرا عن الدوافع دالر عات التي جعلته ينكر 
الإمام المهدي, واعتباره بدعة دخيلة على الإسلام: (حتى لو 
صدقنا الأحاديث الواردة في المهدي. فهو ليس بملك 
معصومء ولا نبي مرسلء ما هو إلا رجل عاديء كأحد أفراد 
الناس إلا أنه عادل, وكل الأحاديث الواردة فيه ضعيفة 
0 أنها موضوعة على لسان رسول الله ولم يحدث 


وقال: (لا يجب الإيمان الجازم بخروجه2 فليس من 
عقيدة المسلمين الإيمان به ليست كالايمان 0 
والملائكة والبعث والجنة والنار. فهذه كلها أثبتها القرآن 
وصحيح السنةء وليس منها الإيمان بالمهدي.. والحاصل أنه 
يحب طرح فكرة المهدي ونبذهاء وعدم اعتقاد صحتهاء 
وعندنا كتاب الله نستغني عنه من كل بدعةء واتباع كل 
مبتدع مفتون.. فلا نفع للمسلمين أن يهربوا من واقعهم, 
ويتركوا واجباتهم لانتظار مهدي مجهولء فيركنوا إلى 
الخيال والمحالات, ويستسلموا للأوهام والخرافات) 

وقال: (مسألة المهدي ليست في أصلها من عقائد أهل 
السنة القدماء, فلم يقع لها ذكر بين الصحابة في القرن 
الأول: ولا بين التابفين, وان اصضل من شد هده الفكرة 
والعقيدة هم #الشيعة» فسرت هده الفكرة: بطريق 
المجالسة والمؤانسة والاختلاط إلى أهل السنة. فدخلت 
في معتقدهم» وهي ليست من أصل عقيدتهم) 

وقد أشاد يوسف القرضاوي بهذا الكتاب, واعتبره 
مرجعا لهذه المسأالة. وقد ذكر 


ار ا 1 1 ل لظ 1ن 6 للك ]ل سق عكاط” 











التنويريون والصراعات مع المقدسات (94) 

في بعص اخادحة المتلفزة التي يراها عشرات الملايين 
أنه حضر (للقاء بين العلامة المحدث محمد ناصر الدين 
الألباني, والشيخ عبد الله بن زيد آل محمودء فلم يستطع 
الألباني إقناع عبد الله بموضوع المهدي وصحة أحاديثه) 
المجالس, أو عن خلال سخصيه هن 8 8 
أدري أيهما أكثر علما بالحديث: هل الألباني المختص 
صاحب المصنفات الكثيرة فيه :» أم ابن محمود ذلك الذي لم 
يشتهر إلا برسالته التي ينكر فيها الإمام المهدي؟ 

ولم يكن القرضاوي ولا ابن محمود وحدهما من أنكره, 
بل أاصبح الآن هو العقيدة المشتهرة خاصة بعد 0 قام 
عدنان إبراهيم وتلاميذه من التنويريين بشن الحملة 
الشديدة عليه حتى صار الحديث عن الإمام المهدي 
كالحديث عن التنين وعروس البحر وسائر الخرافات. 

ولم يقتصر الأمر على الإنكار» بل أصبح الإمام المهدي 
أمل الأمة الأكبر» ومن نصت عليه النصوص المقدسة: ذلك 
الذي يتلهف المؤمنون للقائه - موضع سخرية من صبيبان 
الأمة وشيوخها وشبابها. 

ولهذا ساذكر هنا باختصار شبهاتهم الكبرى مع الرد 
العلمي عليها. 


الشبهة الأولى ضعف الأحاديث الواردة 


وهي شبهة شيهة عجبية, ولي طبقنا هذا المعبار على جميع 
الأحاديث الددة الشريفة:, لألغيناها جميعاء وألغينا معها كل 
الأحكام الشرعية. فالقرضاوي وعدنان إبراهيم وكل هن 
أنكروا أحاديث الإمام المهدي يقبلون بما هو أدنى منها 
بكثيرء وهذا دليل على تحكم 





التنويريون والضراعات مغ المقدسات (95) 
الهوى» لا النص المقدسء ولا العقلء ولا الفطرة: ولا 


أي شيء آخر. 





ذلك أنه لا يوجد أي شيء يمكن أن تعارض به تلك 
الأحاديث.. فلا هي تخالف العقلء ولا هي تخالف الفطرة, 
ولا هي تخالف القرآن الكريم: ولا هي تخالف أي معلوم 
من الدين بالصرورة: بل هي نض فقط على انه يتيظهر 
في المستقبل من يعيد إحياء الدين» ومن في عهده يظهر 
دين الله على الدين كله, وليس في ذلك أي حرج, فقدرة 
الله أعظم من أن تعجز عن تنفيذ ذلك. ١‏ 

فمن تلك الأحاديث قوله صلى الله عليه وآله وسلم: 
(يخرج فى آخر أامتى العهدى: ششقيه الله العنت. و :جرح 
الأرض نباتها2ء ويعطى المال صحاحاًء وتكثر الماشية, 
وتعظم الأمة: يعيش سبعاً أو ثماني (يعني حججاً) (1) 

ومنها قوله صلى الله ا وآله وسلم: (المهدي منا 
أهل البيت يصلحه الله في ليلة) (2) 

ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لو لم يبق من 
الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتي يبعث فيه رجل 
مدى أو من اهل نيتى بعلا الأرضص قشنطا وعدلاً كما ملنت 
ظلماً وجوراً)  )3(‏ 

وغيرها من الأحاديث الكثيرة» التي لو شئنا لفهمناها 
على ضوء القرآن الكريم2» فهي جميعا ليست إلا بيانا لما 
ورد النص عليه في النصوص الكثيرة من انتصار الإسيلام 
على الدين كله,ء وهيمنته عليه, كما قإل تعالى: (َهُوَ الذي 
أرْسَلَ رَسُولَة بإلُْدَى وَدِينٍ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كله 
وَلَوَ كرة المُشركونت) [التوبة: 33]: وقال: (َهُوَ الذي حل 
رَسُولَةٌ بِالْهُدَى وَدِينٍِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كله وَكَقَى 
باللهِ شَهِيدًا) [الفتح: 28] 


(1) أخرجه الحاكم (4/ 557) بهذا اللفظ وقال: ضحيح. وأخرحة أبو داود (4284), وأحقد (3/ 57) كوه 
قال ابن القيم على ستد ا داور اإستاره حر وقال الالتاني في (السلسلة الصحيحة 2/ 336): سنده صحيح. 

)2( أخرجه أحمد (2/ 58),: وقال أحمد شاكر: إسناده صحيحج, . وأخرجه ابن ماجة. 

(9 أخرجه نه داود في باب ذكر المهدي (4281), وقال الألباني: صحيح.. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (96) 

أو تلك ال ص التي تخبر بأن الأعداء مهما فعلوا؛ 
فلن يستطيعوا أن يطفئوا نور اللهء كما قال تعالي: 
(يرِيدُونَ أن يُطّفِنُوا نُورَ الله ا وَيَأْبَى الله إلا أن 
يِْمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرة الكَافِرُونَ4 [التوبة: 132 وقال: د 


ا 


_- 
لي 1 تج 10 


لِبُطْفِنُوا تُورّ الله يأفواههمْ وَاللَهُ مُيتِمٌّ ثُوره وَلَوْ كَرِة 
الْكَافِرُونَ4 [الصف: 8] 

وغيرها من التضخوص المقدسشة الكثيرة التي تخير أن 
الأمة ستعود إلى رشدهاء و ستسير خلف القائد الرباني 
الذي يقوم دينهاء ويزيل كل الانحرافات التي علقت بهء, 
والتي جعلته أقرب إلى دين البشر منه إلى دين الله. 

لكن مع ذلك نجد شيخا كالقرضاوي يبلغ به الهوى إلى 
درجة أن يستدل على الملأ بكون الأحاديث المرتبطة بالإمام 
المهدي ضعيفة لأنها لم ترد في الصحيحين, مع أنه يعلم 
جيدا أن عدم ذكر الشيخين [البخاري ومسلم] لأحاديث 
المهدي في صحيحيهماء لا يعد دليلا على إنكار المهدي 
ابر كو اد دح بكو الوميو الوك وذلك 
بشهادتهما.ء فضلا عن إجماع علماء الحديث والفقه على 
ذلك والقرضاوي نفكسه يقول بذلك. 

بل إننا لو تأملنا في الكثير من الأحاديث الواردة في 
الصحيحين, لوجدنا أنها لا تنطبق إلا على الإمام المهدي, 
كما أقر بذلك شراحهماء بل إن جمعاامن علماء الحديت أقر 
بأن في الصحيحين أحاديث تتعلق الي وإن لم تكن 
صريحة في ذكر المهدي. 

وفوق ذلك كله؛ فقد نص العلماء على تواتر الأحاديث 
الواردة في شانه: ومنهم العلامة أو الطيب محصد شمس 
الحق العظيم آبادي الذي قال: (اعلم أن المشهور بين 
الكافة من أهل الإسلام على مر الأعصار أنه لابد في آخر 
الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين» ويظهر 
العذل؛ ويتبعة المسلمون:؛ ويشتولي على الممالك 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (97) 
لخدت من را الساعة الثابتة في 2 على 5 وأن 


عنتسى عليه السلام ينزل من بعده فيقتل الدجحال 

معه فيساعده على قتله: وياتم بالمهدي في صلاته. 2 
أخاديت. المهدى جماعة من الأنمهة فهم: أبن دآورا 
ا ل لئسا الاك لطا آنه 
تعلى الموضلء؛: واسندوها إلى جماغة من الصحانة مثل: 





علي وا عباس» وابن عمر ه وطلحة: وعيد الله بن 
مسعود : 0 هريبرة :1 وانس» ا سعيد الخدري: وأم 
خبيية: وام شلفة: ودوان: وقرة بن إياش: وعلي الهلالى: 
وعبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله عنهم. . وإسناد 
أحاديث هؤلاء تبن 000 وحسن, وححيف ل د الإمام 
تضعيف أحاديث المهدي كلها فلم يصب بل أخطأ) )1( 
وقال القاضي الشوكاني تأليف له سماه (التوضيح في 
تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح): (والأحاديث 
الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها 
خمسون حدينا فيها الصحيح, والحسنء: والضعيف المنجبره: 
وهي متواترة بلا شك ولا شبهةء بل يصدق وصف التواتر 
على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في 
الأصول, وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي 
كثيرة أيضاً لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل 
ذلك) (2) 
وقال الإمام أبو الحسن محمد بن الحسين الآبري في 
ل الله 0 الله عليه ا 0 بذكر المهدي؛ 


0 هل بعتهه 


[1) عور المقنوة تت بسن |.. ناو (11 361 3562) 
رض كات (الرناع لكا كان وها كوي 5 2 الساعم) ل 00224 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (98) 

وأنه يملك سبع سسينين »؛ وأنه يملا الأرض عدلاً, وأن 
عيسى بخرج فيساعده على قتل الدجال» وأنه بيؤم هذه 
الأمة ويصلي عيسى خلفه) 

وقال العلامة المحدث أبو العلاء السيد إدريس بن محمد 
بن إدريس العراقي الحسيني: (أحاديث المهدي متواترة - أو 
كادت - وجزم بالأول غير واحد من الحفاظ النقاد) 

قال المحدث أبو الطيب صديق حسن الحسيني البخاري 
في كتاب (الإذاعة): (والأحاديث الواردة في المهدي على 
اختلاف رواياتها كثيرة جدآ تبلغ حد التواتر. وهي في 
السنن وغيرها من دواوين الإسلام من المعاجم والمسانيد) 





رسالة أبي زمده (قوة. خبر المهدي ا ذ 
السخاوي أنها وصلت إلى حد التواتر) 

بل إن الشيخ عبد العزيز بن باز أثبت تواترهاء ورد على 
أنكر صحتها أو تواترهاء فقال: (أما إنكار المهدي المنتظر 
بالكلية كما زعم ذلك بعض المتأخرين فهو قول باطلء لأن 
أحاديث خروجه في آخر الزمان» وأنه يملأ الأرض عدلاً 
وقسطا 0 علد جوراء قد الوائرت تواترا مويك دوكس 
ابد الحسن الآبري السحساءت حر غلماء الفرن الرات, 
والعلامة السفاريني: والعلامة الشوكاني وغيرهم » وهو 
كالإجماع من أهل العلم» ولكن لا يجوز الجزم بأن فلانا هو 
المهدي إلا بعد توافر العلامات التي بينها النبي صلى الله 
عليه وآله وسلم في الأحاديث الثابتة» وأعظمها وأوضحها 
كونه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) )1( 

بالإضافة إلى هذاء فقد ألفت المؤلفات الكثيرة في 
الروايات المرتبطة بالإمام 


لقن ,تلت وإرناط الناع لاك ٠‏ آل آل عارك 0 89 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (99) 

المهدي,. والتي لم يكتبها الشيعة فقطهء وإنما كتبها 
أعلام كبار من المدرسة السنية, بل من المدرسة السلفية 
نفسها.ء فقد كتب الشيخ عبد المحسن العباد كتابه: (الرد 
على من كذب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي), 
وكتب اه حمود بن عبدالله بن حمد التويجري مجلدآً 
بعنوان (الاحتجاج بالاآاتر على من أنكر المهدي المنتظر)., 
وغيرهما كثير. 

ومما يؤكد هذا التواتر ويدعمه تلك 0 0 
جداء والتي رويت في المصادر الشيعية ا 0 
المعتبرة: وللاسف فإن الذين ينكرون صحة حاراء” أو 
ينفون تواترهاء يستكبرون على تلك النصوص الكثيرة: 
والتي تتجاوز حد التواتر بكثير.. ولكنهم لكبرهم يتصورون 
أنه لا حديث إلا الذى يحدتثهم به من ينتمون لمدرستهم 
وتشبعوا بفكرهم 





الأحاد يت المرتبطة بالإمام كي 0 ا الشيعة لآ من 
روابة السنة, دهذا حظا كبير. فأغلف الروابات الواردت هما 
كتب السنة عن الإمام المهدي ليس في اسنادها أي رجل 


ارم ول 0 ار اللي 
ان لون أن رول الك حل الك عله مالك ويل لا 
ينطق عن الهوىء ويعلمون أن كل ما يقوله حق وخيرء وأنه 
لذ حكال لإدجال العقول فى كد ا شال اد لي 

ولهذا كان الأجدر بهم الاكتفاء بإثبات عدم صحة 
الجا الفارية عد ال إرسال أحوايى 2 الأحدت 
بسبب كون الدين قد اكتمل, ولذلك لا حاجة لأي مهدي 
يجدده» أو يصحح ما انحرف منه. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (100) 

والعجيب أن هؤلاء الذين يتساءلون عن مدى جدوى 
الإخبار كنهه لا يتساءلون عن حدوى ما ورد في النصوص 
المقدسة من أن الشمس ستشرق من مغربهاء أو الدخان» 
أو الدابة. أو يأجوج ومأجوج» وغيرها من الآيات التي ورد 
في النصوص المقدسة أنها ستكون علامات على الساعة. 

فإذا ما سألهم أحد عن سرهاء أحالوه إلى علم الله, 
كون الله اعلم تخلفة وانهم لا يحيطون نشىء من علمة: 
أو قرأوا عليه ما قصه الله تعالى علينا عن الملائكة عندما 
أخبرهم بأنه سيجعل خليفة في الأرض, فقال: (وَإِدْ قَالَ 
رَبْكَ لِلمَلَائِكَةَ إثي جَاعِلٌ في الْأرْضٍ خَلِيقَةَ قَالُوا أَتَجِْعَلٌ 
ل شيا وَيَسْفِكَ الدّمَاءَ وَبَحْنٌُ نُسَيّحُ بحَمْدك 
وَنُقَدَّنْ لك قَالَ إثي أغْلمٌ مَا لا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 30] 

وكان في إمكانهم أن يسترشدوا بهذه الآية الكريمة, 
لمعلمو! فن الأدب مع الله تعالى؛ فلا يعقبوا عليه: ولا 





يردوا أمره؛ ذلك أنهم لا يحيطون بتأويل الحقائق: ولا 
مغرفة أسرار فا يريده الله: 

وكان في إمكانهم أن يست رشدوا نقصة مو تسى عليه 
السلام مع الخضرء وكيف دله على أن في الغيب أشياء 
كر رز عاالا دركه مل عالم السهاذة. 

وكان في إمكانهم أن يعودوا إلى الاسم الذي سماهم 
الله به» وهو الإسلام:»: وهو اسم لا يستحقه إلا من سلم لله 
تسليما مطلقا في شريعته وعقيدته وسلوكه ومواقفه: بل 
يكون يبن يديه كالميت تبن يدي الغسال» أو كالريشة في 
مهب الريح 

لكر الذي لماجي أن عل عل ارس دمن 
تبعهم في هذا الموقف جعلهم يعترضون من حيث لكا 
يشعرون؛ فيتساءلون بعقولهم القاصرة المجردة عن جدوى 
ظهور هذا الإمام العظيم الذي وكلت له أخطر مهمة في 
التاريخ. 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (101) 

وهم في نفس الوقت يصححون حديث التجديد الذي 
قال في صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله يبعث لهذه 
الأمة على راس كل مائة سنة من يحدد لها دينها) (1): مع 
كونه لا يرقى في صحته لأحاديث الإمام المهديء لا في عدد 
رواته» ولا في عدد مخرجيه: ولا في ي شيء اخر ١‏ 

ومع ذلك نجد القرضاوي2ء وكل من ينكر احاديث 
المهدي: بيؤمن به و بصضصححه' بل يؤلف فيه الكنب» ولا يكاد 
يخلو مجلس من المجالس إلا ويذكره2» ويعدد من خلاله 
المجددين الذين ينطبق ل الحديث: ويكاد يذكر نفسه ‏ 
لولا الحياء ‏ من بينهم: مع أنه لا فارق بين الأمرين؛ فالدى 
بشر بظهور المجددين في كل مائة سنةء هو نفسه الذي 
شر يظوور الفجدد الاعظم عد هئات السسسن: 

ولذلك فإن على الذي يذكر عدم حدوى التبشير 2-6 
المهدي واعتبار الدين قد و فلا حاجة إليه, أن ينكر أيد 





لكن العقل المزاجي ل يقدم هواه على النصوص 
ويرفض ما نشاءء من دون أن يدلى بأي سلطان أو أ أي ححة. 

وأنا لا يمكنني في هذا المقام أن أذكر الفوائد التي 
تدل عليها تلك البشارة العظيمة بالإمام المهدي, ولكني 
أعبر عن نفسي فقطهء وعن تأثير حضور الإمام المهدي في 
حياتي.. وليعتبرني من يشاء خرافيا أو ضالا أو متكاسلا أو 
ما شاء من الأسماء. 

فأول شعور أشعره هو ذلك الشعور الذي شعره ورقة 
بن نوفل ومن معه من 


0 اك ا 42919 2220 النيار. 3ف المقاس الكت (149) وارلا 5 الملشلة 
انح (رفم/ 1599 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (102) 
الأحبار الصادقين الذين كاد يترقبون ظهور النبي 

الأمي الذي بشرت به الأنبياء؛ فأفنوا أعمارهم في ذلك 
الانتظار الجميل: الذي لا يختلف عن انتظار يعقوب عليه 
السلام ليوسف عليه السلام. 

وهذا الشعور لا يمكن وصغه » ولا التعبير عنهه لآنه ذوق 
محص » ولذة محضة '» فكلما ذكرت الإمام المهدي كلما د عتني 
الأشواق إلى تقبيل التراب الذي يسير عليه, أو الهواء الذي 
بتتلنسهكمةت '؛ فريحه هي نفس ربح يوسف التي أعادت ليعقوب 
بصره. 

وعلاقتي به ليس لذة نفسية فقطء بل هي طاقة 
روحية أيضا تجعلني ‏ من حيث لا أشعر ‏ أتواصل معه؛ كما 
تواصلت أرواح أولئك الأحبار والرهبان مع رسول الله صلى 
الله عليه وآله وسلم قبل أن يخرج من عالم الملكوت إلى 
عالم الملك. 

وهو أيضا ليس أشواقا روحية فقطء » بل هو طاقة كبرى 
تجعلني أشعر بأن علي أن أقدّم أي هدية تليق بذلك الجناب 
الرفيع الذي جعله الله أملا للآأمم, يصحح مسارهاء ويعيد 
للإنسان الخليفة حقيقته ومكانته» بعد أن يخرجه من أسر 
الشياطين التي سجنته في سجونها قرونا طويلة. 

وهذا ما يجعل من الانتظار حركة, لا كسلا وعكزيمة لا 
وهنا.. فالذي ينتظر الغالي عليه أن يقدم الغالي. حتى لا 





يلقاه ويداه فارغتان. 

هذه مشاعريء والتي لا أستطيع أن أكبتهاء أو أكتمها 
مخافة أن أتهم في عقلي ودينيء لأني أشعر أن علاقتي به 
أعظم من كل علاقة. 

دهي لست صعة؛ ولا اا دن مفرد ها بل هي مفكة 
لكل شخص يسلم للنبوة؛ ويعلم أنها لا تقول إلا الخير, ولا 
ترشد إلا 

أما ا بعضهم ؛ فهي ناشئة من تلك التصورات 
الفرضية الميدية على عالم 


الشويريون والصراعات مع المقزيات [103) 

الملك2. لا على عالم الملكوت2» فهم يتصورون أن 
تعظيمهم للإمام المهدي يؤثر في تعيظمهم لرسول الله 
صلى الله عله دالهة وسلم, وهم لا بعلمون أن الزعام 
المهدى الدى هن حفيد رشسول الله ضلى .الله عليه واله 
وسلم2ء ليس سوى قطعة منهء فهو منه كما ورد في 
الحديت. ولذلك كان تعظيمهة حطيما لرسول الله صلى الله 
عله دالكه وسلم. دعصي حك لرشوز الك صل الله عليه 
داله دسلم: والشوق اليه شوق لرشول الله صلى الله عليه 
ل ل ل ل ل ]ةك 


ولذلك لا نملك إلا أن نقول لأولئك الذين يتساءلون عن 
جحدوتى ظهوره او خروجه أو وحوده: بحق لكم أن تتساءلواء 
لأنكم تتصورون الدين شلك الصورة السعيطة:؛ الخالية !من 
المشاعر المتدفقة نحو النبوة والولاية.. ذلك أنكم تتعاملون 
اليريد الذى تبلغ الرشسالة؛ وينتهي دورة: 

أما من يعشق النبوة في ذاتهاء ويعشق الولاية التابعة 
لها؛ فهو يعلم أنه يستحيل أن تقوم الشريعة من دون النبي 
الذي تنزلت عليه» أو من دون الولي الذي يمثلهاء ولذلك 
كانت محبة الولي والشوق إليه وانتظاره ليست إلا سيرا 
في خطى النبوة» وتمثلا حقيقيا للعلاقة معها. 

وربما لن يفهم هذا الحركيون خصوصا أولئك الذين 
فشلوا في كل مشاريعهم بسبب غياب هذا البعد عن 





دعوتهمء لأنهم طالبوا بتحكيم شريعة الله بعيدا عن الأولياء 
الذين يمثلونهاء والشريعة الحقيقة لا يمثلها ولا يطبقها إلا 
الأولياء, ورتة الأنبياء. 

وللأاسف نحد أكثر الحركيين ابتداء من حسن البنا 
وانتهاء بقادة الإخوان المسلمين المعاصرين ينكرون الإمام 
الفهدى: ولو انهم تمثلوه فى دعونوس, ا أن 
يستفيدوا من البشارات المرتبطة به» لنجحوا في أقصر 

٠‏ مثلما نجح غيرهم.. لكنهم 





التدريون والسبراعات عن المقدسات (104) 
لا يعتبرون. 


الشبهة الثالثة أن الإمام المهدي فكرة 


مقتيبسة من الديانات الأخرى 


وهي من الشبه التي يبثها أولئك التنويريون الذين 
يتوهمون أنهم بأطروحاتهم يقومون بتنقية الإسلام من 
التاثيرات اليهودية والمسيحية وغيرهاء والتي تسربنت إليه 5 
سب وصفهم عبر العصور المختلفة. 

ونحن لا ننكر ذلك التسرب, ولا ننكر ضرورة تصفية 
الإسلام. وخاصة التفاسير القرآنية من آثار تلك 
الإسرائيليات التي شوهت الدين» وحرفته. 

ولكن ليس كل ما ورد في الكتب المقدسة لتلك 
الذيانات هما ينافقى مع ديناء فهيباك قواسم ‏ كثيرة 
مشتركة, ولو أننا طبقنا هذا الأساس لاعتبرنا الدعوة إلى 
الله نفسها درعوة مسربة من الكتاب المقدس.: ذالك ان في 
الكتاب المقدس نصورص كثيرة ممتلئة بالحمال تعرف بالله 
وبأسمائه الحسنى وتدعو إلى محنتة والتوكل عليه.. فهل 

ومثل ذلك تلك البشارات الكثيرة ا برسول الله 
صلى الله عله واله وسلم: والنى الا بزال علماء المسلمسين 
يستعملونها في مناظراتهم مع أهل الكتاب, بل إن الكثير 
من أهل الكتاب آمن بسببها قديما وحديثا.. فهل نحكم على 


تلك الكتب والأسفار بأنها محرفة جميعا حتى ما ارتبط منها 
بتلك البشارات؟ 

وهكذا فإن القرآن الكريم يخبرنا أن التحريف مس 
بعضص الكتاب» ولم يمسه جميعاء ولذلك كان علماء 
المسلمين في حوارهم مع أهل الكتاب يستعملون نفس 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (105) 
خلاله. بل إن القرآن الكريم أولء من إستعمل هذا ا 
عندما قال مخاطبا اليهود: (كل الطّعَام كَانَ حِلا لِبَنِي 
إِسْرَائِيل إلا مإ حَرَّهَ مَ إِسْرَائيل عَلَى تَفْسِهٍ مِنْ قَبَلِ أن تُتَرَل 
لتَوْرَاةُ قُلَ قأثوا” َالتوْرَاةٍ قَائلُوها إِنْ كُنْتُمْ صَادِفِينَ) آل 
عمران: 93] 
وهكذا أخبر عن المؤمنين من أهل إلكتاب, ووصفهم 
بكونهم 0 يَنْبِعَونَ الرّسول | التَبعتَ الْأمْىَ الذي يَحِدُونَهُ 
.في التَوْرَاةِ والإتجيل يَأْمُرْهُمْ بِالْمَعْرُوفٍ 
عَنٍِ الْمُتْكْر ل اله وَبْحَدمْ عَلَيْهمُ 
الْحَبَائِتَ وَيَضَعٌ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الْقِي كانتت عَلَيْهِمَّ ) 
[الأعراف: 157] 
بل إن القرآن الكريم أخبر أن إله أهل الكِتاب هو نفسه 
إلو المسلمين» كما قال تعالى: ( وكا تُجَادِلوا أل الكناب إل 
يالتِي هِي أَحْسَن إلا الذين ظلَمُوا مِنْهُمْ وَفُولُوا آمَنَا 0 
أنزل إِليْنا 2 إِلَبْكُمْ وَإِلَهْنَا وَإِلْهُكمْ وَاحِدٌ وَتَحْنٌ لَه 
مُسَلعون 42 [العنكبوت: 46] 
وبناء عل هذا؛ فإن كل النصوص الواردة في حق 
الإمام المهدي: والتي وردت في الكتب المقدسة المجلمة” 
ليست سوى مصداق لقوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا في الرَّبُورِ 
مِنْ بَعَدٍ الذكر أنّ الأرضص يَرِنْهَا عِبَادِيَ الصَّالِحَونَ) [الأنبياء: 
]4 ففي هذه الآية الكريمة إخبار من الله تعالى بأن 
البشارة بوراثة الصالحين للأرض كتبها في الزبورء والإمام 
المهدي هو بداية تلك البشارة كما ورد في الرويات 
المختلفة. 
وفي الزبور الحالي نجد إشارات كثيرة تنطبق تماما 
على ما ذكر في القران الكريم. ففي المزمور (377) من 





زبور النبي داود عليه السلام, وفي الفقرة التاسعة منه 
قال: (الأشرار ينقطعونء أمّا المتوكلون على الله فَإنّهم 
سيرثون الأرض). 


ا 0 مع المقدسات (106) 

وفي الفقرة الثامنة عشر جاء: (إنّ الله يعلم أيّامِ 
الصالحين وسيكون 0 أبديًاً) 

وفي الفقرة الثانية والعشرين ورد: (الذين باركهم الله 
سيرثون الأرضء أمّا الذين لعنهم الله فسينقطعون) 

وجاء في الفقرة التاسعة والعشرين: (الصدّيقون 
سيرتون الأرض سيسكنون فيها إلى الأبد) 

وهكذا : ل هذه البشارات في سائر أسفار 


الكتاب المقدس. ففي سفر أشعياء [باب 1/11 3 و6 9]: 
(برز برعم من جذع يسيء يمتدٌ غصن من جذوره» يستقرٌ 
فيه روح الله: وروءة الحكمة والفطنة: وروع المشورة 
والجبروت» وروح العلم والخشية من اللهء يحكم وفق علمه 
لا وفق ما يسمع وبرى »' يعيش الذئب مع النعحة والنمر مع 

المعزى 0 مع شبل الأسدء ويرعى الدبٌ مع البقرة 


والأسد يأكل التبن مثل البقرة2. ويلعب الطفل الرضيع 
بتححر الأفعى, ولا يبحدرث ضرر وفساد في جميع جبالي 
المقدسة: لأن الأرض تمتلئ بمعرفة الله مثئل المياه التي 
تملؤ البحار) 
الجميل الذي يعم فيه السام والعدالة” الأرض 7 بسبب 2 
الصالحين: والذي يبدأ بحسب الروايات من الإمام المهدي. 
وهكذا نجد أمثال هذه البشارات في العهد الجديد. ففي 
إنجيل لوقا [باب 21: 25 277]: (تكون في الشمس والقمر 
والنجوم آيات: ويظهر على الأرض للأمم ضيق وحيرة بسبب 
اضطرابٍ أمواخ البجر: وتضفق قفلوت الناس من الخوف, 
ومن ترقب تلك الوقائع التي تظهر على ربع الأرض 
المسكونة: وتتزلزل قوة السماء. عندها 





التثويرتون والضراعات مع المقدشات (107) 


يُرى إبن الإنسان ممتطياً غمامةء يأتي بقوّة وجلال 
عظيم) 1 
المقدّس) بأن المراد بابن الإنسان هنا ليس السيد المسيح 
علبه السلام, 1 إن عبارة ابن الإنسان تكرت في الأناجيل 
عليه السلام فقطء وأنًا البقيّة فإنّها تتحدّت عن المنجي 
الذي يظهر في آخر الزمان. 

ومثل ذلك نجد هذه البشارة في رؤيا يوحثا اللاهوتي 
[باب 12 الفقرات: 1 و2 و5 و14]: فقد ر ورد فيها: (ظهرت 
علامة عظيمة في السماءء امرأة تتلفعٌ بالشمس وتحت 
قدميها القمر وعلى رأسها تاج فيه إثنا عشر كوكباء وكانت 
المرأة حُبلى وتصرخ من شدّة ألم الطلق,: ثم ولدت طفلاً 
ذكراً سيحكم جميع الأمم بعصا حديدية, ولأجل حفظ ذلك 
المولود بشكل تام. فقد اختفى عن أنظار الشياطين لعصر 
وعصرين ونصف عصر) 

بل إننا نجد أمثال هذه البشارات في الكتب المقدسة 
لغير أهل الكتاب من اليهود والنصارى: ففي [أوبانيشاد], 
وهو أحد الكتب المعتبرة عند الهنود نجد هذا النص الذي لا 
ينطبق إلا على المخلص: (عند نهاية العالم أو عند انتهاء 
السسير الحديرى سشهر اخطير وسيد العظوير الجارس) 
ممتطياً حصاناً أبيض وفي يده سيف مصلت يلمع كالنجم 
المذثئب,» يقضي على جميع الأشرار ويجدّد الخلق ويبُعيد 
الطهارة. المظهر العاشر هذا يظهر عند انتهاء العالم) 

ونحد في [باسك]: وهو من الكتب المقدسة عن الهنود: 
(نُختم الدنيا بملك عادل في آخر الزمان؛ يكون إماماً 
للملائكة والإنس والجنّ يكون الحقٌ مكه 0ه ويستحوذ على كل 
ما هو مخفي في الجبال والبحار والأراضيء ويخبر عمّا في 
السماوات والارض ولا ناني إلى الذنا أاعظم منه) 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (108) 
وفى [نابكل]. وهو انضا من الكتب المقدّسة عن 


الهنود: (عند انتهاء العالم تتجدّد الدنيا القديمة: وتعود حية: 
ويظهر .صاحت القلك الحديد؛ وهو من أولاد شيّدي العالم 





العظيمين أحدهما (ناموس آخر الزمان) والآخر (الصدّيق 
الأكبر)2» أي وصيّه الأكبر المسمى ب (بشن)»: واسم صاحب 
هذا المُلك الجديد (هادي). يصير ملكا بالحق وخليفة (رام) 
وله معاجز كثيرة. يطول عمر دولته: ويعمر اأكثر من أولاد 
(الناموس الأكبر). وبه تختم الدنياء ويسيطر على ساحل 
البحر المحيط وجزائر سرانديب وقبر الاب ادم وجبال القمر 
وشمال هيكل الزهرة و سيف البحر والمحيطات: ويهدم بيست 
أصنام (سومنات) وبامره ينطق (جغرانات) ويكبثٌ على 
وجهه في التراب فيكسره ويلقيه في البحر الأعظم ويكسشر 
جميع الأصنام في كل مكان) ‏ . 
(يظهر ويشنو بين الناس» هو اقوى واقدر من كل شخص, 
في يد ويشنو (المنجي) سيف مثل كوكب مذثب؛ وفي يده 
الأخرى خاتم يسطع نوره»ه» وعند ظهوره تظلم الشمس 
والقمر وتهتز الأرض) 

وغيرها من التصودا كاده والتي 4 نزال نرى أتباع 
تتخلص البشرية على ديه من كل حور وظلام وانحراف: 
ليصحح مسارها إلى الصراط المستقيم بعد فترة الضلال 
الطويلة. 

ولا يهم الأسماء التي يسمون بها ذلك المخلص. لأن 
العبرة بالحقائق: لا بالأسماء, وبالمعاني لا بالصور.. ولذلك 
لا معنى لاعتبار ما اتفقت عليه الأمم جميعا خرافة, أو 
ضلالة خاصة إذا ورد في كتابنا ما يؤيدها. 

بل إننا نجد لفكرة المخلص تأثيرها النهضوي الكبير في 
شائر الأمى, حتى لد كان تأيرا سلبياء لكن له دورج 
الفاعل.. فالمسيحيون المتصهينون»2 والحركة الصهيونية 
نفسها 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (109) 
لم نشم ولص الهود عن .ذلك الدل الدى .يا 
يعانونه إلا بنشرها لفكرة المخلصء ولهذا يجتهدون في بناء 
الهيكل له؛ تمهيدا لظهوره. 


الشبهة الرابعة أن الإمام المهدي كان 


وهي من الدعاوى الغريبة جداء ذلك أنها تستعمل ما 
يسميه الفقهاء [سد الذرائع] في موضوعات الأخبار: لا في 
الموضوعات العملية والفقهية» مع أن لسد الذرائع ‏ في 
حال القبول به - شروطه الكثيرة في الفقه والأصول, 
والتي يشكل عدم التعارض مع النص أولى أولوياتها. 

فهل نحن أكثر حرصا من رسول الله صلى الله عليه 
وآله وسلم على الأمة, حتى نكتم أو نكذب أحاديثه الصحيحة 
الصريحة, التي نقبل ما هو دونها بكثيرء بحجة أن تلك 
الأحاديث قد تستعمل استعمالا خاطتا؟ 

ولو طبقنا هذا المعيار لألغينا جميع أحكام الشريعة,. بل 
ألغينا جميع عقائدهاء فالإرهابيون الآن يستندون إلى ما 
ورد في النصوص المقدسة من نعيم الجنةء ليستقطبوا 
المزيد من الأتباع2» وينشروا إرهابهم, فهل يأتي أحد من 
عورا عليها؛ ل الشريعة طلبا لمخالفتهة أ 

ولذلك؛ فإن هذا البعد الذي عبر عنه الشيخ ابن محمود 
النجدي القطريء: وجعله من مبررات إنكاره للإمام المهدي؛ 
فقال: (جميع العلماء والعوام. في كل زمان ومكان, 
يقاتلون كل من يدعي أنه الإمام المهدي, لاعتقادهم أنه 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (110) 

بقسد الدذين: وتقرق جماعة المسلمين» ويملاً ما 
استولى عليه جورا وفجوراء كما جرى لكثير من المدعين 
للمهدية: وسيستمر الناس يقاتلون كل من يدعكي ذلك حتى 
تقوم الساعةء فأين المهدي والحالة هذه؟) تأل على الله, 
واجتهاد مع النص؛ وإدخال للعقل فيما لا مجال له فيه. 

بل إننا لوتأملنا التاريخ لوجدنا أن ادعاء المهدوية أكبر 
دلبل عليها؛ منلما حصضل مع أدعباء الندوة. وخاصة ‏ قبل 





ا ل لتر 1ك اك اكاك 


بل إننا لو طبقنا هذا المعيار. وهو الادعاء واعتباره 
داعية لإنكار تلك النصوص المقدسة الكثيرة, فإننا ‏ وحتى 
لا نقع في التطفيف في الميزان2» أو في المكاييل 
المزدوجة ‏ علينا أن نترك تعلم العلوم الدينية, لأن هناك 
من العلماء بالدين من راح يفسد الدين» ويضلل الناس.. 

بل نترك كذلك الأحاديث الدالة على التجديد, ذلك أن 
الصراع في التاريخ حصل بين المجتهدين» وكل منهم يزعم 
أنه المجددء ولا زال الآن الصراع موجودا؛ فكل جهة تتصور 
أن زمام التجديد بيدها. 

ددا كانت هده الشبهة مجرد 0 ذلك أن الحقيقة 
- بأمثال لك الحجج كتمان للعلم, وقد قال تعالى في 
وصف أهل الكتاب وكتمإنهم للبشارت برسولٍ الدب كلد 
الله, عليه وآله وسلم: (الَذِينَ آتَيْنَاهُمُ_الْكِتَابَ يَعْرِفوتةُ _ 0 
يَعْرِفُونَ أَنْتَاءَهُمْ وَإِنَ قَرِيقًا مِنَهُم 6 لكا الحقّ و 
يَعْلمُونَ1 [البقرة: 6] 

ولو تأملنا حجج أهل الكتاب في ذلك الكتمان لوجدناها 
نفس حجج هؤلاء: ذلك انهم يتصورون أن مصلحة الدين في 
بقاء النبوة في بني إسرائيل؛ فإذا ما خرجت 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (111) 
منهم كان في ذلك الضلال.. وهو نفس ما يتذرع به 
هؤلاء الذين يتصورون أن التجديد حكر عليهمء ولذلك لا 
يصح أن يسلموه لغيرهم كائنا من كان حتى لو كان الذي 
بشر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل بشر به 
كل الأنبياء. 


ذلك خصوصا مخالفة للشيعة الذين 
كبيرة لتلك البشارات النبوية: : ا 
في التارية على آاساسها؛ فيخالفونهمء ولا يعلمون 
يخالفون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نفسه. 
والمشكلة رق ارو لي ل الكتمان؛ 
فهو مع الإثم العظيم المرتبط به لا يساوي شيئا أمام 





التكذيب. .ا لا تكذيب الرواة والمحدثين: وإنما تكذيب رسول 
الك جر اسك عل واه ل شم 

ولا تتعجبوا من هذا؛ فقد اه المنكرين لأحاديث 
الزماء المهدى. تقتلون تهبن الطرق الأساست البل رونت 
بج أحاديت آخرى. وسشروها عر السنهة الصضححة بل 
يشنعون على المخالف إن نكرهاء متهمين إياه بإنكار 
السنة. 

لكنهم في نفس الوقت يكذبون نفس الرواةء بل نفس 
السلسلة» إن روت احاديث الإمام المهدي, ولست أدري ما 
هو معيار تكذيبهم لها؛ فإن كان كذبهاء فلتكذب في سائر 
الأحاديث, وإن كان غير ذلك فليس إلا الهوى: ذلك أنه لا 
اجتهاد مع النص. 





العثويرنون والضراعات مغ المقدشات (112) 


من القضايا العقدية التي خاض العقل التنويري ةذ 
عن غير أن تكور له أنارة من علم, و بصيرة من هدى؛» أو 
دليل من وحي مقدس ما يطلق عليه اصطلاحا [عذاب 


المتواترة: من الكتاب والسنة المطهرة: ودل عليه معهما 
العقل الممتلئ بالحكمة والإيمان» وقال به كل الحكماء 
والعلماء الذين لم يستطع أحد منهم وعلى مدى القرون 
الطويلة أن يتجرأ؛ فيكذب ما دلت عليه النصوص»ء أو يحشر 
أنفه فيما لا طاقة لعقله المحدود في التعرف عليه» أو 
الإحاطة به. 

لكن التفكير الرغبوي والمزاجي للتنويريين راح يخوض 
فيه كما خاض في غيره:؛ ولا دليل له إلا الهوى المجرد. 
ذلك أنه من الناحية العقلية يمكن لخالق هذا الكون أن 
يعذب من شاءه» متى شاء.ء كيف شاءء وفي إطار قوانين 
العدالة ل بصعهاء ار ا الو 


وَمَنَ ‏ التاحية الشرعية: والتئي في المكخول الوَحَيدَ 
بالحديث في هذا الجانب: نرى النصوص الكثيرة التي تحذر 
من عذاب القبرء وتبين الرذائل التي يمكن أن تكون سببا 
في حصوله:ء بل تعلمنا من الأدعية والتضرعات ما يجعل منه 
قضية حاضرة في أذهانناء لنربي أنفسنا من خلالها؛ فنقاوم 
نزغات الهوى بسياط الرهبة.: كما ب إلى العمل 
الصالح بجوائز الرغبة. 

لكن الشسويرس: وشيف ما راوه عن بعص المسشابحج 
والوعاظ من استعمال هذا النوع من القضايا العقدية في 
محله أو في غير محله: راحوا لا يكتفون بالإغارة عليهم أو 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (113) 

نقدهم:» وإنما الإغارة على النصوص المقدسة نفسهاء 
ونقدها. 

وهذا ما يدل على كون العقل التنويري عقلا مراهقا؛ 
فهو لا يفكك القضاياء ويميز بين المقبول والمرفوض:» 
وبين الحقيقة والاستعمال الخاطئ لهاء وإنما يغير على 
الجميع.ه وبطريقة استتصالية لا علاقة لها بالعلم.2 ولا 
بالحكمة: ولا بالتؤدة: وإنما هي تحسم للهوى المجردء 
والتفكير الرغبوي, والعقل المزاجي. 
عنوان [عذاب القبر أم عذاب الفقر] 0 (بالطيم لا يخفي 
على أحد المنتفعين من تجار الدين بالأزهر الذين يدافعون 
عن مصالحهم الشخصية باسم الدين والتدين ودفاعهم 
المستميت عن موضوع عذاب القبرء ندعو الله ان يقبرهم 
في جهنم إن شاء الله حقيقة شيء مخزي أن تكرس 
حياتك للدفاع عن عالم أنت لا تعلم عنه شيناء هو جزء من 
عاسم الغيب» هو عالم الأموات, فلا أنت ولا أنا ولا أي 
هذا العالم عالم العدوت و بعلم ما الذي يحدث لأى إنسان 
بعد الموت, ولكن المنتفعين من تجار الدين بالأزهر ركزوا 
جل اهتمامهم على الإنسان بعد موته فقط, اما نفس 
الإنسان وهو حي برزق» وكيف سيعيتشن سعيدا أم حزينا 


مثل ملايين البؤساء الذين يعيشون في فقر وبؤس وسط 
هؤلاء المجرمين من تجار الدين 

وبتعد كل هذه الص]ر ا على المطلوب, والخلط يبسن 
القضاياء وردة الفعل التي لا تدل على الحكمة والأناة» راح 
صاحب المقال يخطب قائلا: (أليس من العار أن تدافع عن 
الأموات وتترك الأحياء يزدادون بؤسا باسم تمثيلية عذاب 
القبر. . فيا أستاذ يا إنسان يا من تؤمن أن الله كرمّك.. 


0 عدات؟القكرام عات القفر. رمضان ع الر عن ف الخعيس 16 اكور 2014 





التتويريون والصراعغات مع المقديات (134) 
يشتركون معك في المكان والزمان.. اشعر بهم وقف 
معهم وبجانبهم ضد الفاسدين لا تقف ضدهم من اجل 


القبر. فلا 0 الفقر العدراء إلا على الأحياء والعقلٌ 
يقول أن الذي لا يهتم وبشعر تمعانات الناس وهم أقامة 
أحياء, ١‏ فمن المؤكد أن ما يقوله مدعيا خوفه على نفس 
00 الناس حتى ينشغلوا عن حقوقهم الطبيعية وهم 

ع 

ولست أدري ما علاقة عذاب القبر بكل ذلك, وهل في 
إمكان العالم أو رجل الدين أو الخطيب أن ينقذ الناس من 
الفقر: وهل هذا دوره»؛ أم دوره أن بير يبين أحكام الشريعة: 
وبعظ الناسٍ ويوجههم, أما تكليفه بإغنائهم من الفقرء 
الكبرى ليس رجال الدين الذين يؤمنون بعذاب القبرء ولكن 
رجال الدنيا الذين ينكرونه» لانهم لو كانوا يؤمنون بهء لما 
تجراوا على سرقة دينار واحد. 

ولهذا فإن هذا التنويري في حقيقته لا يعطي حلا لعلاج 
الفقرء وإنما يريد أن يضم للفقر الذي يعانيه الفقراء كفرا 
وضلالا وزندقة: ليجمع الفقراء يبسن عذاب الدنيا وعذاب 
الآخرة2 أو ليضموا إلى معاناتهم المادية معاناة أخرى 
نفكسية وروحية' أشد وأخطر. 





ومثئل ذلك كتب اخر يقول في مقال بعنوان [عذاب 
القبر بين الحقيقة والخيال] (1): (من المؤسف جدا أن تجد 
في هذه الأيام وبعد نزول القرآن الكريم على خاتم النبين 
منذ أكثر من 1200 سنة عددا كبيرا من أبناء هذه الأمة 
الإسلامية ما ما زال 


1052-6 الال 0 1م 220 2-004 2016 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (115) 

يؤمن بمقولة عذاب القبر ضاربا بمقولته هذه بكل 
الآيات القرآنية عرض الحائطء والتي تنفي هذا الادعاء نفيا 
قطعيا لا مرية فيه» ويتمسكون ببعض أحاديث الآحادء والتي 
يجمع معظم علماء الأمة بأنها احاديث ظنية الثبوت, 
وتاركها لا إثم عليه ولا يجوز استنباط او استخراج أسس 
الدين من هذه الأحاديث) 

وهكذا راح هو وأمثاله ينتقون من القرآن الكريم بعض 
الآيات التي تنص على العذاب الأكبر في القيامة» متجاهلين 
آيات أخرى2» تتحدث عن العذاب الذي قبلها2. وبدل أن 
يحكموا جميع الآيات والنصوص: راحوا يستعملون بعضها 
وبناء على هذا نحاول في هذا المقال»: وباختصارء ذكر 
شبهاتهمء والرد عليهاء وبيان مخالفتها للنصوص المقدسة, 
ومخالفتها للعقل والحكمةء: ومناقضتها للمقاصد الشرعية 
من ذكر هذه القضية واستعمالها وسيلة للتربية والإصلاح. 


الشبهة الأولى : أن عذاب القبر 


ا الأديان على 1 0-0 ان 0 أخذوها من 

أهل تلك الأديان» وليس من مصادرهم المقدسة: أو ا 

بتصورون من حيتت لا يشعرون ان المصادر 00 
استفادتها من أهل تلك الأديان» ولم 

الله تعالى. . وهم في هذا يطلبون من الله ا 











التنويريون والصراعات مع المقدسات (116) 

القبر] (2)1 والذي أعاد فيه هذه العقيدة لمصادر 
مختلقة عبر عنها بقوله: (بما أن اليهود هم أصل هذه 
العقيدة عند المسلمين؛ فهذا يعني حدوث واحد من أمرين 
اثنين : إما أن اليهود - حينها - كانوا يؤمنون بالحياة في 
ال وأن البعث يكون مرتين الأولى في القبر, والثانية 
الحيوات, وهذه العقيدة هي نقسع] عقيدة من يؤمن بعذاب 
العير من ! . أو أن اليهود الم يكونوا يؤمنون 
دان الحساب الأخروي م موجود بداخله: وهذا تعدى 7 
اكه القبر لديهم هو نفكسه حرا الآخرة) 
هذه العقيدة هم المصريون القدامى2. فقال: وأنا أرجح 
الثانية.. لأن هذا الاعتقاد هو بعينه اعتقاد المصريون 
القُدماء, فقنشاه البهود بالأصل كانت مصرية حتى ضع 
الخلاف حول هذه النتيحة: ولكنها كانت رؤية دينية عامة 
منتشرة 00 الشر القديم: فا د 0 يتقابله 
المعبود 0 البايلى.: حتنى عقائد اليونان 
القدماء 7 0 من هذا الطرح. . وعهدة ل والجزاء 
العيت معه: 3 ولأن كنت وأسفار التهود الكبرى خلت من أي 
إشارة للبعث يوم القيامة: وأن الإيمان بيوم القيامة لدى 
اليهود لم يأتٍ إلا متأخراً وبالتحديد بعد كتابة التلمود 
بتشفيه.. ولأنه لا يوجحد أحد من اليهود الآن يقول بعذاب 
القبر.. بمعتى انهم يعتقدون في أن النعث يكون يوم 
القيامة, وهذا يُثير التساؤل كيف وأن هذه العقيدة كان 
منشأها لدى اليهود نم يُنكرونها الآن. . والإجابة حاءت في 
الوجه الثاني بأنهم كانوا يقولون بذلك قبل كتابة 


(1) مصدر خرافة عذاب القبر: سامح عسكرء الحوار الفتمدن: 23 فيبراير 2013, ببعض التصرف مراعاة 
للاختصار. 
ر 


التتويريون والصراعات مع المقدسات (117) 








التلمودء وبعدما حاء التلمود بعقيدة البعث دعوم القيامة 
متأثراً فيه بالإنجيل... حينها آمن اليهود بأن البعث واحد 
يوم القيامة وأن الحياة اثنين في الدنيا والآخرة) 

نم أخذ بيسن كبف تطور هذا المفهوم المستورد من 
المصريين القدامي, فقال: (يكفينا الإشارة بآن فكرة 
اجتماعيا نتيجة لتطورها على لد المتصوفة. . أيضاً و 0 
أثر عَمقها الضارب في أذهان القدماء الشرقيين» وهي 
تعني أن عذاب القبر لديهم كان هو العذاب الأخير لأنهم 
كانوا لا يعتقدون بيوم القيامة الذي يبعث الله فيه العباد 
ويُحاسبهم على أعمالهم فمن كان صالحاً دخل الجنة ومن 
كان طالحاً دخل النارء وأن الأساطير المصرية والعراقية 
واليهودية القديمة كانت متشابهة في البعض ومتطابقة في 
البعض الآخر.. وفي قضية عذاب القبر نكاد نرى تطابقاً 
عجيباً بين عقائد اليهود والفراعنة وبلاد العراق ‏ خاصة 
السومريين والبابليين ‏ قبيل ظهور التلمود وتاثر اليهود 
بالأناجيل التي أفصحت عن شكل الحياة بعد الموت وبأن 
هناك 6 سترد فيه الحياة للأحساد وهو اليوم الأخير 
للعالم وبعدها يأتي الحساب) 
القبر وأكاذيب شسبوخ التعيان الأقرع] )00 0 في مقدمة 
الكتاب: (فى الوقت الذى يستعد فيه العالم لارتياد القرن 
قضايا ترجع إلى خرافات تنتمى إلى القرن الحادى 
والعشرين قبل الميلاد. من نوع عذاب القبر والثعبان 
الأقرع التى اخترعها أجدادنا المصريون القدماء ثم عادت 
إلينا منسيوئبة ردا إلى الننى» ونحن مشغوفون بهذه 
الخرافة ونعتبرها 


(1) اكدوة غراف القير واكار - لشي الشان الرإفرع اح شك شد 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (118) 
من المعلوم صر الدين بالضرورة من أنكرها. يكون 





ا آلاف سنة مع أن الإسلام حين نزل فى القرن السابع 
الميلادى وقف موقفاً حازماً من الأساطير والخرافات 
ووضع منهجاً علمياً تجريبيآً فى القرآن للبحث والاكتشاف.. 
لكن الأسلاف ركنوا إلى الخرافة وأهملوا ما جاء فى القرآن 
الكريه من منوخ علمى تجرتى .. وعندماابدات الضحوهة فى 
العصر الحديث فوجئنا بخرافات العصور الوسطى التى 
يرفضها القرآن الكريم وقد عادت إلى الظهور والتأثير 
على عقول الشباب المتدينين ليزدادوا تخلفاً باسم الإسلام 
وهو دين العلم ودين التعقل والتبصر) 

نم قال بكل حماسة: (مرة أخرى. . ماذا يراد بنا؟!.. هل 
يراد بنا أن نكون رقيق القرن الحادى والعشرين نعيش فى 
زوايا النسيان بينما يتقدم العالم من حولنا... هل يراد 
بديننا الحنيق أن يكون عنواناً للارهاب 0 والتخلف 
والخرافة؟!) 

وهكذا راح يتصور أنه بمجرد تكذيبه لعذاب القبر يكون 
قد خلص المسلمين من الخرافةء وأنه بذلك سيؤهلهم 

لارتياد القرن الواحد والعشرين: وهو لا يعلم أن قوله هذا 

سيفتح الباب على مصراعيه لإنكار عقائد أخرى من الدين, 
قد توصف بالخرافة,. حتى ندخل القرن الواحد والعشرين ‏ 
كما يزعم ونحن مسلحون بسلاح العلم المجرد. 

ونقفكس الشيء نحدن بردد في كتب ومقالات تنويربة 
كثيرة: تحاول أن تربط هذه العقيدة بعقائد الأمم السالفة, 
0 بنسقها تعد ذلك, وكأن الا د الشرعية هي أن 

اولان هؤلاء استمروا في تطبيق هذا المغيار على 
أحكام الحج:. لألغوها جميعاء فقد كان الحج أيضا موجودا في 
الديانات المختلفة. بل إن القرشيين المشركين كانوا 


شعو يح ال سلس شد كدر من أحكاء الح . 


وهكذا نجد أكثر الأنبياء المذكورين في القرآان الكريم 
هم ل المذكورون في الكتاب المقدسء, بل نفس 
قصصهم موحودة ': والاختلافات ا ما ورد في القرآن 
الكريم والكتاب المقدس محدودة؛ حول نعتبر تلك القصص 





مستمدة من الكتاب المقدس.: وأنها إرث من الديانات 
الأخرى تسلل لكتاب المسلمين وديبنهم ٠.‏ 

وهكذا الأمر في مسائل كثيرة جدا سواء من باب 
العقائد أم الشرائع» والتي تدل في الأصل على وحدة 
الدين, لا على كون المسلمين قد أخذوها من غيرهم. 

ولو أن هؤلاء تواضعوا قليلاء وحاولوا 3 يتخلصوا من 
ذلك العقل الرغبوي والمزاجيء: وعادوا إلى نصوص القرآن 
الكريم نفسهاء ومثلها إلى السنة المطهرة التي هي بيان 
للكتاب, وشرح لهء لوجدوا الأدلة الكثيرة جداء والتي تكفي 
آحادها لكف المؤمن عن التجرأ على مخالفتها. 

ولذلك» فإن مجرد اتفاق المسلمين مع أهل الكتاب أو 
غيرهم من أهل الأديان على هذه العقيدة لا يعني إلغاءهاء 
بل إنه يعني أن هذه العقيدة من العقائد المقررة في 
الأديان الأخرىء والتي لا زالت تحتفظ بها. 


القرآن الكريم” 


وهي الشبهة الأكبر التي يتطلق متها المكد.ون بيغذاب 
القبرء. ولذلك يأتون ببعض الآيات الكريمة التي تنص على 
أن العذاب الحقيقي يكون بعد المساءلة والحساب يوم 
القيامة, ليضربوا بها غيرها من الآيات الكريمة. 

هم يستعملون في هذا كل ما لديهم من أدوات القص 
والكتمان والحذف التي 





التنويريون والصراعات مع المقدسات 0 

يستعملها عادة العقل الرغبوي لتقرير ما يريد ومن 
أمثلة ذلك اقتباس يعضهم لقوله ,تعالى: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ 
بالله وَكَنْئْمْ أموانا فَاحْيَاكم نم تُعِيَنَكُم : ثُمَّ يُحْيِبِكُمْ ) [البقرة: 
8] مع ل الآية» والتي تقول: ثم إِلَبْهِ تُرَْجَعُونَ4 
[البقرة: 28]: ثم تعقيبه على النص الذي اقتبسه 0 (إذآ 
يقول الحق, 3 موت فى البداية, ثم الحياة الدنيا التى 
وحياتان» أي: 0 - 4.. إِذدَا اضفنا [حياة القبر] : تصبح هذه 





المعادلة خاطئة لأننا نضيف حياة أخرى لمشاهدة الفلم 
المرعب [منكر ونكير والثعبان الأقرع... ], ثم بعد ذلك موتة 
أخرى.. أي 3+3/ وهذا لا يساوى 4 كما قال الحق) 

لكنه لو قرأ فقط تتمة الآية2» وهي قوله تعالى: (ثُمَّ 
إِلَيْهِ ترج جَعَونَ4 [البقرة: 28] لرد على نفسه بنفسه.ء فالله 
5 دكر رجوغه إلنه, أي يوم القيامة' بغد الحياتين 
والموتتين: وذلك ما يتطلب وحود حباة برزخية. 

وهكذا نجدهم يقرؤون قوله, 0 (وَلَا تَحْسَبَنَ الله 
عَافِلا عَمَا يَعْمَلَ الظالِمُونَ انها ب م لِبَوْم تشخص فيه 
الْأَيْضصَارْ) [إبراهيم: 42], وقوله: ١‏ و3 5 اللَّهُ الْنَّاسَ 
بِظلْمِهِمْ ما ترَكَ عَلَيهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِن ُو هُمْ إِلَى أَجَلِ 
مُسَتَّى فَإدًا جَاءَ أَجَلَهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونِ سَاعَة" و يَسْتَقدمون 1 
[النحل: 06 وقوله: (وَلَوْ يُوَاخِدْ الله النّاسَ قا كَسَبُوا مَا 
تَرَكَ عَلَى_ظهرقها مِنْ دَإِبّةِ وَلَكِنْ يُوَ خرٌ هُمْ إلى أَجَلِ هُ مَُسَمَى 
فَإِذَا جَاءَ أَجَلّْهُمْ فَإِنَّ الله كَانَ 0 تَصِيرًا) [فاطر: 1 
ويتصورون أن ري سيؤخر إلى الآخرة:, لأن الله تعالى لا 

لكنهم لو 1 6 تلك الآيات آيات أخرى كثيرة جداء 
تذكر تعجيل الله تعالى العقوبة لعباده في الدنيا قبل 
الآخرة. لفهموا تلك الآيات الكريمة فهما صحيحا؛ فهي 


0 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (121) 

لا تنفي العذاب المطلقء: وإنما تنفي العذاب الأكبر 
الحقيقي, والذي لا يكون إلا في الآخرة:» أما ما عداه؛ فهو 
هين جدا مقارنة بعذاب الآخرة, ولكن لا يعني أنه ليس 
عذاباء كما قال تعالى: (وَإِنَ لِلَذِينَ ظلمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِك 
وَلَكِنَ أَكْتَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [الطور: 47]: والتي فسرها ابن 
عباس بقوله: (عذاب القبر قبل عذاب يوم القيامة) (1) 

ومن الأغئلة التي ذكرها القرآن الكريم لذلك قوله 
تعالى: (وَصَرَبَ الله مَثَلَّا فَرْيَةَ كَاتبْ آمِنَةَ مُطْمَيْتَةَ يَأْتِيها 
رِرقّها رَعَذدَا مِنْ كل مَكَانِ و فكفَرث ‏ بأَنْعُم اللَهِ فَأدَاقَهَا الله 
لَبَاسَ الجُوع وَالْحَوْفٍ بها" عَانُو| > يَصْبَعُونَ (112) وَلَقَدٌ جَاءَهُمْ 
رَسُولُ مِنْههُمْ فَكَذْبُوهُ َأَحَدَهُمٌ الْعَدَ الْعَدَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ) 
[النحل: 112: 113],: فقد ذكر الله تعالى في هاتين الآيتين 


منه أن العدات 0 عذاب حقيقي كامل, د اح 
إلى الآخرة: وبعد الحساب» وهناك عذاب ناقص وقاصر 
بالنسبة لعذاب الآخرة» وهو معجل في الدنيا أو في البرزخ 

ومثل ذلك قوله تعالى عن ثمود: (فَعَفَرُوهَا فَأْضَبْ صْبَحُوا 
يَاِدِمِينَ (157) فَأَحَدَهُمٌ الْعَدَابُ إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةَ وَمَا | كَانَ 
أَكْنَرْهُمْ م مُؤْمِنِينَ) [الشعراء: 157: 158] 

بل إن الله تعالى خصص سورة في القمر بأنواع 
العذاب التي أصابت أهل القرى: بسبب بغيهم وظلمهم» ثم 
يقول بعد ذكره لكل عذاب يصابون به: : ( فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي 
وَنُذْرِ4 [القمر: 16] 
يل إنه يصف شدة العذاب الذي أصابهم؛ فيقول: (إنَا 
أرْسَلنا عَلَبْهُمْ رِيحًا سو خرصرة قي يوم تحس مُسْتَمِرٌٌ (19) تَنْزِعٌ 
الئاس كَأنَههُمْ أَعْجَارُ تخل م مُنْفَعِرٍ (20) فَكَيِْفَ 


1) م الكل - 220 2 487 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (122) 
كَانَ عَذَابِي وَنُذْرِ4 [القمر: 19 - 21] 
وهكذا تدل هذه الآيات الكريمة على أن تأجيل العذاب لا 
يراد منه العذاب المطلقء, وإنما يراد منه العذاب الحقيقي 
الذي لا يمكن أن يقارن به عذاب الدنياء ولا عذاب البرزخ. 
وهكذا نجد القرآن الكريم نفسه يخبرنا بأن العذاب 
المرتبط بالكافرين والمنحرفين لا يصيبهم في الآخرة 
فقظ. بل تصبيهم فى ”الدنا با أيضاء وفي حال الاحتضار 
خصوصا؛ فقد قال تعالى في أقسام المحتضرين» وكيف 
يعاينون العالم الذي سيفدون إليه: فَلَوْلَا إذا بَلَعَتِ 
الْخْلقُومَ ل وَائثم حِينَيِذٍ تتطزون (84) وَبَحْنُ آفرث إلنه 
مِنْكُمْ وَلَكِنَ لا ارون (85) فَلَوَلَا إن كُنْثُمْ عق مَدِ ينين 86 
تزجعُوتهاٍ إن كُنتُمْ صَادٍقِينَ (87) فَأمَا إن كَانَ مِنَ الْمُفَرَيِينَ 
055 فَرَوْحٌ وَرَيْحَانُ وَجَنَّتُ تَعِيم (89) وَأَنَا إن كَانَ مِنْ أضعاب 
٠‏ (7090 فَسَلَامٌ لك مِن أضْحَاب ٠‏ الْيَمِينِ (91) وَأمًا إن 
ا الْمُكَدْبِينَ الصَّالَِينَ (92) فَْرْلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَنَضَ 
جَحِيمٍ) [الواقعة: 83 - 94] 





وهكذا أخبرنا عن فزع الإنسان عند اكتشافه لحقيقة 
المصير الذي سيك ري إليه عادر بعد موته؛ فقال: (حثى 
إِدَا جَاءَ أَحَدّ حَدَهُمٌ الْمَوْبٌ قَالَ رَبّ ارَجِعُونٍ (99) لَعَلَي أعْمَلة 
صَالِخًا فِيمَا تَرَكْتُ كلا إِنّهَا كَلِمَةُ هُوَ فَائْلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ 

بَرْرَحٌ إلى يَوْم يُبْعَنُونَ) [المؤمنون: 99, 100] 

وذكر لنا بعض العذاب الذي يصيبهم في حال الاحتضار 
شدرد دوكر القابلية لهم للخرف, ا البرزخ؛ فقال: وَل 
وَأَدْبَارَهُمْ وَدُوقُوا عَدَابَ الْحَرِيقٍ (50) ذَلِكَ بمَا قَدَّمَتْ أَبْدِبكُمْ 
وَأَنَّ الله لِيْسَ بظلام لِلْعَبِيدِ [الأنفال: 0 51] وقال: 
( فَكَيْفَ إذا توفتهم فَبَمَهُ فَْههُمْ المَلَائِكَةٌ يَصْرِبَُونَ 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (123) 
جُوهَهُمْ وَأَدْبَإِرَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَهُمْ اتَبَعُوا مَا أشخط اللَّهِ 
1 رَصُوَاتهُ فَأَخْبَط أَغْمَالَهُخْ؟ _ 0 7 28] 
وقال: (وَلَوْ تَرَى إذ إِلظُأالِمُونَ فِي عَمَرَاتِ الْمَوْتِ 
وَالْمَلَائِكَةٌ بَاسِطو يديهم أخْرِحُوا أَنْفسَكُمّ الْيَوْمَ تُجْرَوْنَ 
عَدَابَ الَُونِ بِمَا كُنثُمْ تقُولُونَ عَلَى الله غَيْرَ الحقّ 6 
عَنْ آيَاتِه تستكرزون1 [الأنعام: 6] 
ولذلك, فإن القرآن الكريم لا يخبرنا فقط عن وجود 
عذاب القيرء أو عذاب البررخء وإنما يخيرنا أيضاء بأن 
العذاب يبدأ من لحظات الاحتضار نفسها. 
وهو نقفس ما قرره الحكماء والفقلاسفة والروحانيين 
بناء على تصوراتهم للنفس الناطقة, وعلاقتها بالحقائق, 
وتأثيرها فيهاء وهو ما يدل على أن عذاب القبر ليست 
قضية نصية فقطء بل يدل عليها العقل المجرد أيضاء ذلك 
أن القول بعدم البرزخ يعني العدم المطلق؛ وهو ما لم يرد 
عليه أي دليل» فالموت جالة من حالات الإنسان» وليس 
عدمار كما قال تعالى: (الذي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلوَكُمْ 
أَنّكُمْ أَحْسَن عَمَلَا4 [الملك: 2] 
وقد قال الغزالي مقررا هذه الحقيقة عند بيانه لمعنى 
سوء الخاتمة: (اعلم أن سوء الخاتمة على رتبتين: إحداهما 
أعظم من الأخرى؛ فأما الرتبة العظيمة الهائلة فأن يغلب 
على القلب عند سكرات الموت وظهور أهواله إما الشك 





رو سه 
فكون ها غلا غلىء الشلب عل عفد الحدود حجاا شة 
وبين الله تعالى أبداء وذلك يقتضي البعد الدائم والعذاب 
المخلك.. والاسة وهف دونها أن تخلب على قلبه عند الموت 
حب أمر من أمور الدنيا وشهوة من شهواتها؛ فيتمثل ذلك 
في قلبه ويستغرقه حتى لا يبقى في تلك الحالة متسع 
لغيره؛ فيتفق قبض روحه في 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (124) 

تلك الحال؛ فيكون استغراق قلبه به منكسا رأسه إلى 
الدنيا وصارفا وجهه إليها. ومهما انصرف الوجه عن الله 
تعالى حصل الحجاب» ومهما حصل الحجاب نزل العذابء إذ 
نار الله الموقدة لا تأخذ إلا المحجوبين عنه: فأما المؤمن 
السليم قله من حت الدنا المعصروف همه إلى الله تعالى؛ 
فتقول له النار: جزيا مؤمن فإن نورك أطفأ لهبي, فمهما 
اتفق قبض الروع في حالة علبة حب الدنياء فالأمر مخطر 
صفة أخرى للقلب بعد الموت تضاد الصفة الغالبة عليهء إذ 
لا تصرف فى القلوت إلا بأعمال الجوارح: وقد .طلت 
الجوارحج بالموت فبطلت الأعمال فلا مطمع في عمل ولا 
0 في رجوع إلى الدنيا 0 0 
القيامة, 1 0 هذه المدة؛ 'فاعلم 0 كل . م أنكر 
نور القزان ونور الإيمان: بل الصحيح عند ذوي الأبصار ما 
صحت به الأخبار وهو أن القبر إما حفرة من حفر النار أو 
روضة من رياض الحنة» وأنه قد يفتح إلى قبر المعذب 
سبعون بابا من الجحيم» كما وردت به الأخبار فلا تفارقه 
روحه إلا وقد نزل به البلاء إن كان قد شقي بسوء الخاتمة, 
وإنما تختلف أصناف العذاب باختلاف الأوقات فيكون سؤال 
منكر ونكير عند الوضع في القبرء والتعذيب بعده, ثم 
المناقشة في الحسابء والافتضاح على ملأ من الأشهاد في 
القيامة. إلى آخر ما وردت به الأخبار فلا يزال الشقي 





الأحوال + معدب ب إلا أن تعغمده الله 0 2( 


11) ]حاء 1251ل 4 173) 
2 إخاء علوم الدس 4 172) 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (125) 

وهكذا نجد الآيات القرآنية الكثيرة تخبر بأن العذاب يبدأ 
مباشرة بعد الموت, وذلك باستعمال الفاء التي تفيد 
الترتيب والتعفيب, ومن أمثلق ذلك أقوله تعالى ْ عن آل 
الله كَأَحَدَهُمٌ الله 0 إنّ الله قود سَدِيدٌ العِقَاب) 
[الأنفال: 52] 

ومن أمثلة ذلك قوله تعالي عن قوم نوح عليه السلام: 
زَمِمَا خَطِيتَاتَهمْ أغْرِقوا فَأدْخِلوا تارًا فَلَمْ يَجَدُوا لَهُمْ مِنْ 
دُونِ الله أنصَارًا) [نوح: 25]؛ فقد أخبر الله تعالى أن قوم 
نوح عليه السلام, عذبوا عذابين: عذابا في الدنيا بغرقهم, 
وعذابا في البرزخ بإدخالهم النارء وذلك باستعمال الفاء 

ولم يكتف القرآن الكريم بهذه الشواهد الواضحة, 
والتي لا تتعارض مع كون العذاب الحقيقي هو عذاب 
الآخرة: لأن ما دونه لا يساوي شينا بجانبه, وإنما ذكر هذا 
العذاب بصيغة صريحة لا يمكين لأحد أن يجادل فيهاء فقال 
عن قوم فرعون: : ( فَوَقَاهُ الله سَتْنَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بآل 
فرعو سُوءٌ العَذَابٍ (45) الثَاز يَعَرَصُونَ عَليهَا غَدّدًا وَعَشِبًا 
وَيَوْمَ تَقُومٌ الساعَهٌ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَسَدّ العَدَاب) 0 
45, 46] 

فقد أخبر أنهم وفي الوقت الحالي يعرضون على 
الناس غدوا وعشياء وذلك ما يعني حياتهم في البرزخ على 
عكس قا يصور المتكرون لغذات القير؛ وهي أيضا دؤكد ما 
ذكرنا من أن العذاب الشديد يكون في الآخرة,. لا في 
البرزخ»: وبذلك يجمع بين الآيات التي تخبر عن تأجيل 
العذاب إلى الآخرة» وبين سائر الآيات. 

ولم يملك صبدحي ا معد إيراده لهذه الآيات 
الكريمة إلا أن يسلم بهاء لكنه راح يحتال عليها بكون عذاب 
البرزخ 00 فقط بآل فرعون» ولسنا ندري ما وجه 


- 


-- 





ل 6 0 2 
ليقرر الحقائق» والعاقل هو 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (126) 
4 يفهم الحقائق بإطلاقهاء. لا ذلك الذي يقصرها 
على شواهدها. 
وهكذا نرى القرآن الكريم يرد على تلك الشبه التي 
يتعلق بها التنويريون» والذين يوردون بعص الآيات التي 
تتحدث عن كون أهل البرزخ يذكرون بعد بعثهم بأنهم كا د] 
: : (وَنُفِخ فِي الصُورِ فَإِدَا هُمْ مِنَ 
إ نِم يَنْسِلُونَ (51) قالوا يَاوَبْلِنَا مَنْ بَعَنَنا مِنْ 
مَرْقَدِنَا هذا 1 وَعَدَ الرَّحَمَن وَصَدَق المَُرْسَلونَ) [يس: 51 
86 بايات كثيرة تقرر وجود حباة حقيقية عند البرزخ. 
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى عن الشهداء: رولا تَحْسَبَنَ 
الَّذِينَ قَيَلُوا في سَبِيل الله أَمْوَانًا بل أَخْيَاءٌ عِنْدَ رَبُهمْ 
يُرْرَكُونَ (169) فَرِحِينَ بمَا آنَاهُمْ اللمُ مِن فَضّلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ 
م للد ادو عَلَيْهِمْ وَلَا هَُمْ 
نون [آل عمران: 169: 1170]: فهاتان الآيتان الكريمتان 
0 بدقة ووصوح حياة الشهداء في البرزخ 
وهي لا تتنافى أبدا مع الآيات السابقة, عالدى 2 
مقولة الخلائق بعد البعث, ذلك أن المراد منها هو 
الأجساد في مرقدء وكونها كذلك لا يعني عدم نعيمهاء 
عدم عذابها. 
بل إن الصوصض ندل على ان كل حيات متديية تقتير هونا 
ونوما بالنسبة لما قبلهاء كما وردت الإشارة إلى ذلك في 
الأثر: (الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا) (1) 
وقد قر صبحي منصور في كتابه الذي حاول أن 0 
فيه على عدم عذاب القبر بحياة الشهداء في البرزخ: لكنه 
جعله خاصا بهم » كما خصص 00 بقوم 0 ونمو » 
النى من 8 أن تذكر 


ل ال لمر ل ير الآ الم | 2 0010 
من قول بشر بن الحارث. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (127) 

الحقائق: لا أن تؤرخ لجهة من الجهات. 

وقد قال في ذلك: (الذى يفقد حياته قتلاً مضحياً بها 
فى سبيل الله تعالى يهبه الله حياة أبدية وقت البرزع وفى 
عاش حياته ادح بأكملها يحارب الله تعالى ويضطهد الدى 
ل اويا ات ب 1 
مع كثرة المكذبين الذين حاربوا الله ورسله: لأن القرآن 
ذكرهم فى هذا الخصوص بالتحديد: وذكر أيضاً أن 
المجرمين حين تقوم الساعة يقسمون ما لبثوا غير ساعة, 
إذن القاعدة العامة ان المجرمين يستيقظون عند البعث 
وقد مرت عليهم فترة البرزخ بدون إحساس أو شعور أو 
عذاب.. والاستثناء هو حالة آل فرعون وقوم نوح) 

ولسنا ندري دليله على هذا الاستثناء,. ولم لا يضع فيه 
أيِضًا تلك التصوص النيوية التي تحعغل ذنونا أخرى كالنميمة 
وعدم التنزه من البول وغيرها من موجبات عذاب القبر. 

بولهذا فإن التنويريين أنفسهم يقرون بأن كوله تعالى: 
(قَالَوا يَاوَيْلتَا, مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هذا ها وَعَدَ الرَّحَمَنُْ 
وَصَدَق الْمُرْسَلُونَ) آينسن: 0 لا يفهم فيا حرفياء بل 
يفهم على ضوء سائر القرآن ال ل ل المرقد دلالة 
على لير أو على ار اده 0 كون مرحلة 

وقد حاول صبحي منصور أن 0 كل الوسائل 
للفرار مما تقتضيه الآيات الكريمة الواردة في آل فرعون, 
فراح يجادل في مصطلح اداح القبراء فقال: (إن ا 
الخصوصية التالية ل أن الله أنجى جسده وقال له 
عند الموت (قَالَيَوْمَ تتجيك , بِبَدَيِكَ لتكون لِمَنْ خَلَفَكَ آيَهَ) 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (128) 
(يونس 2). ولو كان هناك عذاب قبر كما يقول أشياع 





ل 505 لقب ل المراد + - ا فقطء فحتى 
الذى لا يقبر قد بعذب» وقد بنعم ٠.‏ . ولكن حرى الاصطلاح 
على هذا. مع أن الغير لثمر مقط خلا للعداب: وآنها هي 
أيضا محل للنعيم» لكن جرى الاصطلاح على تسميته 
وهكذا لو قرأنا القرآن الكريم, وتدبرناه لوجدنا فيه 
الآنات الكنثيرة التى تصرح يعالم اليررج يبعا فيه من تعيم أو 
عذاب, بل تصرح ببعض تفاصيله, كالمساءلة في عالم 
الم .والتي نيص عليها قوله تعالى: (يُتَبْتُ اللَهُ الذِينَ 
مَنُوا بإلقؤلِ النَّابتٍِ في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرة وَيْضِلٌ 
0 الظالِمِينَ وَيَفْعَلٌ اللَهُ مَا يَشَاءٌ)4 [إبراهيم: 27]. 
وقد ورد في الحديث ما يفسرهاء فقد قال رسول الله 
صلى الله عليه وآله وسلم فيها: (نزلت في عذاب القبرء 
فيقال له: من ربك؟ فيقول: : ربي الله؛ ونبيّي محمد صلى 
الله عليه وآله وسلم,؛ فذلك قوله عز وجل: (يُتَبَتُ الله 
الّْذِينَ آَمَنُوا بِالقَوْلٍ النَّابتِ فِي الْحَبَاةِ الدّنيَا وَفِي الآخِرّة) 
[إبراهيم: 27]) (1) 


الشبهة الثالثة ‏ عذاب القبر والسنة 


المطهرة 


المطهرة, والتى د تنص 0 0 حباة الررع, بما 0 
١‏ مقدسا؛ ا يرى َّ القرآن الكريم 


لك الا 2د 1569 ملك لدت 2871 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (129) 
وحده يمكن أن يهديه للحقائق, ولا خطاب لنا مع هذا 
الصنف عند هذه الشبهةء لأنا خاطبناه في الشبهة السابقة, 


أن شيخ القرآنيين المحدثين لم يملك إلا أن يقر بذلكء لكنه 
خصه بقوم فرعون» وقوم نوح عليه السلام, وهو نوع من 
الهروب من الحقيقة القرآنية التي دلت عليها كل الأدلة. 

أما الثاني2» وهو الذي يقر بالسنة: ولكنه يتعامل تعاملا 
مزاجيا معهاء ذلك نه يبضع حدودا للسنة المقبولة تتناقض 
كل حين: بحيث لا يستطيع هو نفسه أن يضع ضابطا يطبقه 
على الجميع.. فإن أراد بالسنة المتواترة تواترا لفظيا 
فقط, 0000 الكثير من العقائد والشرائع التي يقر بهاء 
ذلك أن مثل هذا التواتر لا يكاد يوجد.. وإن أراد بالسنة ما 
تواتر معنوياء فعذاب القبر مما تواتر معنويا خاصة إن قبلنا 
الشيعية: والتى نض جميع: أثمتها ابتداء من الإامام على 
نفسه على عذاب القبرء وله فيها مواعظ لا تزال تردد في 
المجالس الشيعية.. وإن أراد عدم مخالفة 0 فأحاديث 
البرزخ تقسر القرآن, ولا تتناقض معه. . وإن أراد ىج 
موافقة العقل,. فلست أدري أي عقل يقصده, ذلك أن 
العقلاء والفلاسفة يقرون بحياة البرزخ وأنواع ار 
والعذاب فيها كما سنرى. 

انطلاقا من هذاء سنورد هنا بعض الأحاديث الواردة في 
المصادر الحديثية المختلفة. بل في أوثق المصادرء والتي لا 
يستطيع أي محترم للسنة النبوية المطهرة: أن يردها هكذاء 
خاصة مع كثرتهاء ودلالتها الواضحة. 

فمن تلك الأحاديث ما روي أن النبي صلى الله عليه 
وآله وسلم كان يتعوذ قائلا: (اللهم إني أعوذ بك من فتنة 
النار. ومن عذاب النارء وأعوذ بك من فتنة القبرء وأعوذ بك 
من عذاب القبرء واعود بك من فتنة الغنى» وأعوذ بك من 
فتنة الفقرء وأعوذ بك من فتنة المسيح 


التنوبيريون والصراعات مع المقدسات (130) 
الدجال) (1) 


ومنها حديث مروره صلى الله عليه وآله وسلم على 


قبرين فقال: (إنهما ليعذبان, وما يعذبان في كبيرِ, أما 


- 


بالنميمة) (2) 





هذه العقيدة 0 عن اب وهو 0 بهودية َة دخلت 0 
عائشة؛ فذكرت عذاب القبرء فقالت لها: أعاذكِ الله من 
عذاب القبر. فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وآله 
وسلم عن عذاب القبرء فقال: (نعم,. عذاب القبر حق) (3), 
فلا إشكال فيهء ذلك أن العبرة بالحديث»: وليس بمورده, 
فكون عائشة لم تعلم ذلك إلا في ذلك الحينء لا علاقة له 
بالحديث, وقد يكون حصل ذلك في أول الهجرة. حين كان 

د وجود في المدينة. 

أما قول عائشة: ع رأيت رسول الله صلى الله 0 
وآله وسلم تعد ل صلاة تعوذ من عذاب القبر). فلا 
يدل كما يتوهم ار ل ل 
فهي أخبرت عن رؤيتهاء ولم 7 عن كل الأحوال» وهذا 
متفق عليه عند الأصوليين, حتى في الواقع؛ فعدم 
الثبوت لا يعني عدم الإثبات. 

ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن أحدكم إذا 
مات عرض عليه مقعده بالغداة (صباحًا) والعشي رما 
إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة. وإن كان من أهل 
النار فمن أهل النارء فيقال: (هذا مقعدك حتى يبعثك الله 
يوم القيامة) (4)). 

ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا فرغ أحدكم 
من التشهد الآخرء فليتعوذ بالله من أربع: عن 


1)البخارى حذيك: 6376 

2) البخارى حزيت ل 6 202 
5 اللتخارى حديت: 1372: 

4) البخاري حديث 1379/ مسلم حديث 2866. 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (131) 
دالتقات دمن سر الفسيح الدجال)(0) ' 
دسها دك سل الك عله وال و ل 20 الألراية 


(ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارّاء كما حبسونا وشغلونا عن 
الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس) (2) 

ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن هذه الأمة 
تبتلى في قبورهاء فلولا ألا تدافنوا2. لدعوت الله أن 





يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه) (3) 

وتخصيص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه 
الأمة بالابتلاء في قبورها لا يعني عدم ابتلاء سائر الأمم, 
وإنما قد يعني أن هناك من لا يبتلى كأهل الفترة ونحوهم, 
بدليل ما ذكر في القرآن الكريم عن قوم نوج وآل فرعون. 

ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (العبد إذا وضع 
في قبره» وتولى وذهب اضحابه: حتى إنه ./ قرع 
تغالهم (ضوتها عند المشي): آناه ملكان: 'فأافعداه, 
فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله 
عليه وآله وسلم؟ فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله: 
فيقال: انظر إلى مقعدك من النارء أبدلك الله به مقعدًا من 
الجنة2. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فيراهما 
جميعًاء وأما الكافر ‏ أو المنافق ‏ فيقول: لا أدري: كنت 
أقول ما يقول الناسء فيقال: لا دريت ولا تليت» ثم يضرب 
بمطرقةٍ من حديدٍ ضربةً بين أذنيه» فيصيح صيحةً يسمعها 
من يليه إلا الثقلين) (4) 

ومنها ما روى ان رشول الله على الله عليه واله وسلم 
خرج بعدما غعربت الشمسء» فسمع صوتاء فقال: (يهود 
تعذب في قبورها) (5) 


الات انك 8 / مسلم حديث: 2870. 
البخاري حديت: 1375/ مسلم حديك: 2869. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (132) 

وغيرها من الأحاديث الكثيرة التي لا يستطيع المسلم 
المسلم للنيوة أن ينكرها جميعا: بل قد بكتنقى بمتاقشة 
بعضها بسبب بعض رواتهاء أو قد يناقش في كون بعضها 
روي بالمعنى, أما أن يرميها جميعاء خاصة مع عدم 
مخالفتها للقرآن الكريمء ولا للعقل: فهو محض هوى. 

وقد رويت هذه الأحاديث عن جمع كثير من الصحابة: لا 
كما يذكر التنويريون نانها لم نر إلا عن خمسة منهم: فقد 
قال عبدالغني المقدسي: (الإيمان بعذاب القبر حق واجب, 
وفرض لازم» رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: 
علي بن أنى طالب وانق ألو وريد بن ثنابت» وانس بن 





مالك» وأبو هريرة:» وأبو بَكرة». وأبو رافع» وعثمان بن أبي 
العاص» وعبدالله بن عباس» وجابر بن عبدالله, وعائشة 
رف الشسى عقي الله عله والهة دسلكم. داحها أسنماء, 
وغيرهم)  )1(‏ 
العر قد لعث لك 0 التوائر؛ | إذ ا اله السنة 
وحَمَلة الحديث ونقاده عن الحم الغفير والجمة | ع 
ل ل ل ال ل ل ل ا 
مدن مالك وعبدالله بن عباس, والبراء بن عازب: وعكمر بن 
الخطابء وابنه الا وعائشة أم المؤمنين»: وأسماء بنت 
انئ بكر» وأبو ابوت الأنصاري, وأم خالدء وانو هربرة ١‏ وابو 
سمعيد الخدري, وسمرة بن جندب, وعثمان, وعلي: وزيد بن 
نانت:, وجابر بن عبدالله: وسعد بن 0 وقاص,2 وزيد بن 
أرقم, وانق بكرة: ان بن سمرة ؟؛ ل بن 
عمرو بن العاص» وابوه عمروه وام منشير ؟ه وأنو 5 كد 
وعبدالله بن مسعود دادو طلحة» وأسماء ‏ بنت 
الصديق» وعبدالرحمن بن حسينة» وتميم الداري: 0 
ان مو تسى الأشعري, والنعمان بن 


0 الأقضاة 55 ]الاعتنا. ل الف افد 2 174 172 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (133) 
بشيرء وعوف بن مالكِ) (1) 
ولهذا حكى الكثير من العلماء تواتر هذه الروايات في 
المدرسة السنية وحدهاء فقد قال الشوكانيء وهو من هو 
في علم الحديث: (تواترت بعذاب القبر الأحاديث الصحيحة: 
ودلت عليه الآيات القرآنية) (2) 
ومما يقوي ذلك التواتر الأحاديث والروايات الكثيرة في 
المدرسة الشيعية: وهو ما يعطلي المسألة قوة كبيرة تفوق 
التواتر» لأنه حينها يصبح إجماعا للأمة2 لا مجرد إجماع 
للطائفة, والإجماع أكبر من التواتر؛ لأن التواتر قد يحصل 
في مدر سة واحدة: وبعبير عن وجهة نظرها فقط بخللاف 
الإجماع الذي يدل على اجتماع الجميع. 
نحب أن ننبه الذي لا يعرف منهج الشيعة في التحديث 
إلى أن | الروايات عندهقم ' وإن ظهرت بصيغعة الوقف أو 





الانقطاع إلا أن لها حكم 30 عندهمء» لما روي عن الإمام 
وحديثف جدي حديث الحسين,ء وحديث الحسين حديث 
الحسن» وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين» وحديث أمير 
المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم, 
وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قول الله عز 
وجل) )3( 

وأهل السنة يفعلون ذلك أيضا حين يحكمون على 
روايات الصحابة التي لا مجال فيها للاجتهاد بأن لها حكم 
المرفوعء كما قال محمد الأمين الشنقيطي: (فإن كان مما 
لا مجال للرأي فيه فهو في حكم المرفوع, كما تقرر في 
علم الحديث: فيقدم على القياس: 

)1 عا الترول لخاقيط يلكي 2 2 الى 117 


(2) ف العدير للشوكا نت جح 1 ص :7184 
6 الكل 5 الكاف 122 6602 


التنويريون ار مع المقدسات (134) 

الإسرائيليات) (1) 

بناء على هذاء و فمن روايات الشيعة في هذا ما رووه 
عن رسول الله صلى لى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا 
يأتي على الميت ساعة أشدٌ من أول ليلة, فارحموا موتاكم 
بالصدقة. فإن لم تجدوا فليصل كم ركقين: بشراا في 
الأولى بفاتحة الكتاب مرة جات الكرسي مرة وقل هو الله 
أحد مرتين» وفي الثانية بفاتحة الكتاب مرّة وألهاكم التكاثر 
عشر مرات ويسلمء؛ ويقول: اللهم صل على محمد وآل 
محمد وأبعث ثوابهما إلى قبر ذلك الميت فلان ابن فلان, 
فيبعث الله من ساعته ألف ملك إلى قبره. مع كل ملك 
ثوب وحلة» ويوسع في قبره من الضيق إلى يوم ينفخ في 
الصور) (2) 

ورودا عنهة صلى الله عله واله وشك اله قال: (من 
صام اثني عشر يوماً من شعبان زاره في قبره كل يوم 
سبعون ألف ملك إلى النفخ في الصور) (3) 

ورووا عن الإمام علي في رسشالته لمحقد بن ابي بكرء 
وقوله له: (يا عباد الله؛ ما بعد العوت لمر لا تعفر له أشْةٌ 





(4) 

55 عت آنه غال: (و]د نا الدوت فى عشرانة, 
وامهدوا له قبل حلوله؛ وأَعِدُوا له قبل نزوله؛ فَإِنٌّ الغاية 
القيامة: وكفى بذلك واعظا لمن عقلء ومعتبراً لمن جهل, 
وقبل بلوغ الغاية ما تعلمون من ضيقى الأرماس, وشدة 
الإبلاس: وهول المطّلع, وردعات الفزع؛ واختلاف الأضلاع, 
واستكاك الأسماع, وظلمة اللحدء وضيقة الوعدء وضم 

(1) مذكرة أصول الفقه (ص 256) 

2 ا الاطار ‏ 216 244 

(3) وسائل الشيعة, ج 10, ص 498.: 

31 جار النار 5 6 ص 2218 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (135) 

الضريح,. وردم الصفيح) (1) 5 

وروي في الدعاء عن الإمام زين العابدين: (اللهمٌم صل 
الموت مستيشربن » وفي وحشية القبر فرحين» وبلقاء منكر 
ونكير مسرورين» وعند مساءلتهم بالصشواب مجيبين) )2( 

وعنه قال: (.. فإذا دخلها (أي حفرة القبر) عبدٌ مؤمنٌ, 
قال: مرحباً وأهلاً أما والله. لقد كنت احتّك وانت بمشى 
على ظهري.:. فكيف إذا دخلت بطني فسترى ذلك: فيفسح 
له مدى البصرء أت يرى مقعده من الجنة» ويخرج 
من ذلك رجلٌ لم تر عيناه شيئاً قط أحسن منه, فيقول: يا 
عبد الله» ما رأيت شيئاً قط أحسن منك! فيقول: أنا رأيك 
الحسن الذي كنت عليه2. وعملك الصالح الذي كنت عملا 
)3( 

ورووا عن الإمام الصادقء قال: (وإذا حُمل الميت إلى 
قبره فلا يفاجأً به القبر؛ لأن للقبر أهوالاً عظيمة:» ويتعوّذ 
حامله بالله من هول المطلع, ٠‏ ويضعه قرب شغفير القبر, 
ويصبر عليه هنيهة, » ثم يقدّمه قليلاً ويصبر عليه هنيهة؛ 
ليأخذ أهيّته, ثم يقدّمه إلى شفير القبر) (4) 

ورووا عنه أنه قال: (إن لكل شي ء قلباً, وإن قلب 
القران بس, من قراها قبل أن سام أو فى نهاره قبل أن 





نمسي كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين م 
يُمسيء, ومن قرأها في ليله قبل أن ينام وكل الله به مئة 
ألف ملك يحفظونه من كلّ شيطان رجيم ومن 


11 ا الأنا 602 05 7244 

(2212هة الستارة عاو رقم 206 حا الأرا. ح 91 2 123 
(3) الكافي: ج 3: ص 130. 

(4) من لا يحصره الفقيه: 6 1 ص 1100 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (136) 
كل آفة, وان مات في يومه أدخله الله الجئة), )1( 


مر ضنه ١ه‏ وكل الله مه لكا : من العؤاد ‏ بعوده في قدرة: 
ويستغفر له إلى يوم القيامة) 2( 
وسأله أبو بصير: أيفلت من ضغطة القبر أحد؟ فقال: 


(نتعود بالله منها, ما أقلّ من يغلت من ضغظة القبر) (3) 

هذه مجرد نماذج» وإلا فالأحاديث اداه عنهم في ذلك 
كثيرة جداء وهي تفوق التواتر بكثيرء ولهذا صارت الإيمان 
بحياة البرزخ من العقائد المقررة الأساسية في كتب 
الشيعة كما هي في كتب السنة؛ كما عبر عن ذلك الإمام 
الصادق بقوله: (من أنكر ثلاثة أشياء. فليس من شيعتنا: 
المعراج» والمُساءلة في القبرء والشفاعة) (4) 

وهكذا نحد علماء المدرسة السنية يقررون هذا في باب 
العقائد. من دون خلافء؛ ومن أقول العلماء في ذلك, قول 
حنبل: (قلت لأبي عبدالله أحمد بن حنبل في عذاب القبر, 
فقال: هذه أحاديث صحاح نؤمن بها ونقر بهاء كلما جاء عن 
النبي صلى الله عليه واله وسلم إسناد جيد أقررنا بهء؛ إذا 
لم نقر بما جاء به الرسول ودفعنام, ورددناه: رددنار على الله 
أمرى؛ قال الله تعالى: (وَمَا آتاكُمُ الدشول فَحْدُوهُ وَما 
نََاكُمْ عَنْهُ فَانتهُوا4 [الحشر: 7]: قلت: وعذاب القبر حق؟ 
قال: حق يعذبون في القبور) (5) 

وقال أبو جعفر الطحاوي: (نؤمن بعذاب القبر لمن كان 
له أهلاء وسؤال منكر 


11 ئلع 6 ٠‏ 0247 
(2) الكاف 2 35 ص 120 

(3) الكافي ع 3 ص 236.. 

4 أمالت السلدوق 2164/3570 
رك لدت لاك 75702 


الستونريون والصراغات عه العقديات (133) 
ونكير في قبره عن ربه ودينه ونبيه, على ما جاءت به 
الآأخبار عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم» وعن 
الصحابة رضوان الله عليهمء, والقبر روضة من رياض الجنة, 
أو حفرة من حفر النيران) (1) 
وقال ابن حزم تعليقا على قوله تعالى في آل فرعون: 


ع © 


(وَحَاقَ آل فِرْعَوْنَ سُوءٌ الْعَدَابِ (45) الثَارٌ يُعْرَصُونَ عَلِيّهَا 
عَدُوَا وَعَشِبًا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَهُ أَدْخِلوا آلَ فِرْعَوْنَ أشَدّ 
الْعَدَابِ) [غافر: 45 46]: (فهذا العرض اهو عذاب القبرء 
وإنما قيل: عذاب القبرء فأضيف إلى القبر؛ لأن المعهود 
في أكثر الموتى أنهم يقبرون: وقد علمنا أن فيهم أكيل 
السبع: والغريق تاكله ذواب البجر؛ والمحرق: والمصلوب:, 
الى هله كان على ها در من بحن أ ل راي إلا 
في القبر المعهود لما كان هؤلاء فتنة ولا عذاب قبر ولا 

لة.ه ونعوذ بالله من هذاء بل كل ميت فلا بد من فتنة 
وسؤال: و تعد ذلك سرور أو نكد إلى يوم القيامة: فيوفون 
حينئذ أجورهم» وينقلبون إلى الجنة أو النار) (2) 

وقال النووي: (مذهب أهل السنة: إثبات عذاب القبر, 
وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب والسنة؛ وتظاهرت به 
الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه واآله وسلم من 
رواية جماعة من الصحابة في مواطن كثيرة: ولا بمتنع في 
العقل. أن بعيد الله تعالى الحياة فى جرءٍ هن الجسد 
وبيعذبه» وإذا لم بمنعه العقل وورد الشرع به وحب قبوله 
واعتقاده) (3) 

وغيرها 1 من النصوص الكثيرة التي نجحدها في كتب 
العقائد في 111 الإسلامية المختلفة. وهي كافية 
ل ا ا ل ل ا 
راه او 


1) شت الظعارد ع 2 1 157 
(2) الفصل في الملل والنحل لابن حزم ج 4 ص 56. 
(3) مسلم بشرح النووي ج 9 ص 223 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (138) 





سمعه من غيره» من غير تحقيق ولا تثبت. 


الشبهة الرابعة ‏ تعارض عذاب القبر 
مع العقل 


من أجل إلغاء هذه القضبة العقدية, أو ان من 0 
ولأجل ذلك يحاولون استخدام القرآن الكريم كسند 
لعقولهمء لعلمهم أن العقل وحده لا يكفي للتدخل في 
الأدور الغينية: 

ومن خلال استقراء مقولاتهم المرتبطة بالاستدلال 
العقلي على إنكار عذاب القبر يمكن أن نجد ثلاث شبهات: 

أولها ‏ خلطهم بين التعقل والتصور؛ وتوهمهم أن ما لا 
يدركونه بحواسهم ليس له وجود واقعيء» وهذا غير صحيح, 
لأن عذاب القبر مثله مثل سائر عالم الغيب, لا علاقة 
للحواس بهء فلذلك يكون التعامل معه بالتعقل: لا بالتصور. 

ومن هذا الباب توهمهم أن المراد من عذاب القبر 
ونعيمه2» ارتباطه بالقبر الحقيقي المعروف»2 وهذا غير 
سحب 0 هدد الل ا من عاب العامة لا من باب 
يذكر القرآن الكريم هى البررج: وهى المرحلة الفاصلة بين 
الحياتين الدنيا والآخرة, كما قال تعالى: ركلا إِنّهَا كَلِمَهُ هُوَ 
قَايْلّها وَمِنْ وَرَائِهمْ بَرْرَحٌ إلى يَوْم يُبْعَنَُونَ1 [المؤمنون: 
100 

ولهذا نرى العلماء ينبهون كل حين إلى أن المراد 
بالقبر هي حياة البرزخ: لا القبر في حد ذاته» كما قال قال 
النووي: (لا يمنع من سؤال الملكين وعذاب القبر كون 
الميت قد تفرقت أجزاؤه, كما نشاهد في العادةء أو أكلته 
السباع أو حيتان البحر أو نحو ذلك, فكما أن الله تعالى 

ه للحشرء وهو سبحانه وتعالى قادر على ذلك. فكذا 

يعيد عبد الحياة 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (139) 





إلى حزء منه أو أجزاء وإن أكلته السباع والحيتان: فإن 
قبيل: فنحن نشاهد الميت على حاله في قبره؛ فكيف يسأل 
ويقعد ويضصرب بمطارق من حديد ولا يظهر له أنثر؟! 
فالجواب أن ذلك غير ممتنع ه بل له نظير في العادة: وهو 
النائم: فإنه قفحد لذة وآلامَا لا نحس نحن يم منهاء وكذا 
تحد النقطان لذة دآلمًا لما سسمعة أن تفكر فد ولا بتاهد 
ذلك جليسه منهء وكذا كان جبرائيل يأتي النبي صلى الله 
عليه وآله وسلم فيخبره بالوحي الكريم ولا يدركه 
الحاضرونء وكل هذا ظاهر جليء وأما ضربه بالمطارق فلا 
مش ان يوسع له في قبره فيقعد ويضرب) )1( 

والمؤمن الذي يؤمن بالغيب: وبقدرة الله المطلقة, لا 
يتساءل عن الكيفية؛ فذلك لله تعالى,.ء وعقولنا أقصر من 
أن تعرف حقيقة عالم الغيب, بل هي أقصرٍ من أن تعرف 
عالم الشهادة. ولكن مع ذلك حاول العلماء أن يبسطوا هذا 
المعنى: ويقربوه خاصة لأولئك الذين يذكرون مم يرون 
الموتى بصورة عادية» ولا يرون أي آثار للعذاب عليهم . 

وقد حاول الغزالي أن ال للعقول الكثيفة هذا 
المعنى.ء فذكر تعقيبا على : تلك النصوص المقدسة التي 
تذكر الحيات والعقارب ا العذاب درجات الإيمان بهذاء؛ 
فقال: (فأمثال هذه الأخبار لها ظواهر صحيحة: واشرار 
خفيّة, ولكنها عند أرباب البصائر واضحة, فمن لم تنكشف 
له حقائقها فلا ينبغي أن ينكر ظواهرها. بل أقل درجات 
الإيمان التصديق والتسليم. فإن قلت: فنحن نشاهد الكافر 
في قبره مدة ونراقبه: ولا نشاهد شيئا من ذلك. فما وحه 
التصديق على خلاف المشاهدة؟) (2) 


1) عسلم بشرخ الووء - 9 2 224 
2) ]حا علو ال تع 6 الكرء 16 6 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (140) 
ثم راح يجيب على هذا السؤالء. بأن للمؤمن ثلاث 
مقامات في التصديق بأمثال هذا: 
أولهاء وهو أكملها وأظهرها وأصحها وأسلمها وأكثرها 
أدنا مع الله وهى التصديق موجودة. فعلاء كما ورد فى 
النصوص المقدسة: وهي تلدع المبت: ولكننا لانتشاهدهاء: 
لأن (هذه العين لا تصلح لمشاهدة الأمور الملكوتية, وكل ما 





يتعلق بالآخرة فهو من عالم الملكوت. أما ترى الصحابة 
رضي الله عنهم كيف كانوا يؤمنون بنزول جبريل» وما 
كانوا يشاهدونه: ويؤمنون بأنه عليه السلام يشاهده؟) 

ثم خاطب الغزالي من يشكك في هذاء بقوله: (فإن 
كنت لا تؤمن بهذا فتصحيح أصل الإيمان بالملائكة والوحي 
أهم عليك. وإن كنت آمنت به» وجوّزت أن يشاهد النبي ما 
لا تشاهده الأمة,. فكيف لا تجوّز هذا في الميت؟ وكما أن 
الملك لا بنتبيه الآدميين والحيوانات: فالحيات والعقارب 
التي تلدغ في القبر ليست من جنس حيات عالمناء بل هي 
جنس آخرء وتدرك بحاسة أخرى) 

ثانيها. وهو للتقريب, وليس للحقيقة المطلقة». وقد 
عبر عنه الغزالي بقوله: (أن تتذكر أمر النائم» وأنه قد يرى 
فى نومة حنة تلدغة: وهو تألم ينذلك: حنى دراه تصيح فى 
نومه» ويعرق جبينه؛ وقد ينزععيج من مكانه. كل ذلك يدركه 
من نعفكسه؛ ويتأذى به كما يتأذى البقظان: وهو يشاهده: 
وانت ترى ظاهره ساكناء ولا ترى حواليه حبية؟؛ والحية 
موحودة في حقه: والعذاب حاصل, ولكنه في حقك غير 
مشاهد. وإذا كان العذاب في ألم اللدغ:, فلا فرق بين حية 
تتخيل أو تشاهد) (1) 

وطبعا؛ فإن المراد الغزالي من هذا هو التقريبء لا 
الحقيقة المطلقة: لأنها غيب, 


)1 إحياء علوم الدين, 5 26 الجزء 16 ص: 6. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (141) 
والذي خلق النوم: وأودع فيه تلك القدرات»: يمكن أن 
يخلق غيره» ولا عجب في ذلك عند صاحب القدرة المطلقة. 
تالثهاء وهو أدنى المراتب, وقد عبر عنه الغزالي بقوله: 
.. أنك تعلم أن الحية بنفسها لا تؤلم, بل الذي يلقاك منها 
- السم»ء ثم السم ليس هو الألم» بل عذابك في الأثر 
حعل فلك من السم؛ فلو حصل مثل ذلك الآئثر من 
غير سم لكان العذاب هد توفر» وكان لا يمكن تعريف ذالك 
النوع من العذاب إلا بأن يضاف إلى السبب الذي يفضي 
إليه في العادة. : ونكون تمرة السبب حاصلة وإن لم تحصل 


نم ختم هذه المراتب ‏ كعادته ‏ بنصيحة غالية قال 
فيها: 0 أوصيك به أن لا تكثر نظرك في تفصيل ذلك, 
ولا تشتغل بمعرفته, بل اشتغل بالتدبير في دفع العذاب 
كيفما كان» فإن أهملت العمل والعبادة واشتغلت بالبحث 
عن ذلك كنت كمن أخذه سلطان وحيبسه ليقطع يده وبحدع 
أنفه. فأخذ طول الليل يتفكر في أنه هل يقطعه بسكين, 
أو سيف؛ أو تموسى؛ واقمل طريق الخيلة في دفع اصل 
العذاب عن نفسهء وهذا غاية الجهل, فقد علم على القطع 
أن العيد لا يخلو بعد الموت من عذات عظيم: أو تعيم فقيم, 
فينبغي أن يكون الاستعداد له. فأما البحث عن تفصيل 
العقاب والنواب ففضول وتضبيبيع زمان) )2( 

وقد ذكر ابن أبي العز الحنفي ما أشار إليه الغزالي من 
التسليم لأمور الغيب من دون بحث فيهاء ولا في كيفيتهاء 
لتجاوزها حدود العقول؛ فقال: (قد تواترت الأخبار 


(1) إجباء علوم الض ع 6 - الخرء 16 ص 27 
)2( إحياء علوم الدين, 6 6- الجزء 16 ص: 8 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (142) 
عن رشسول الله صلى الله عليه واله وسلم في نيوت 
عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلًاء وسؤال الملكين, 
فيجب اعتقاد ثبوت ذلك 000 به ولا يتكلم في كيعيته؛ 
هذه الدار» والشرع لا يأتي تحيله العقول: ولكنه قد 
يأتي بما تحار فيه العقول, 0 غود الروج إلى الجحسد ليس 
على الوجه المعهود في الدنياء بل تعاد الروح إليه إعادة 
غير الإعادة المألوفة في الدنياء وسؤال الملكين في القبر 
يكون للروح والبدن جميعًاء وكذلك عذاب القبر يكون للروح 
والبدن جميعًا باتفاق أهل السنة والجماعةء تنعم الروح 
وتعذب مفردة عن البدن ومتصلة به) )1( 
نانيها: توهصمهم أن عذاب القير يتناقى مع رحمة الله 
وهذا غير ضحيخ؛ بل إن التصوصض ندل على ان ما يظهر 
للإنسان في قبره هو عمله المتجسد له؛ فلذلك لا يلقى 
الإنسان في قبره إلا ما قدمه من عمل صالح,ء أو عمل 
سيء: كما أشار إلى ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: 
(يا عبادي إنما هي مي لكم: ثم أوفيكم إياهاء 





را و ل عل الل و ود ع ولا كلذ اوسن 

وتحسد الا( (3) مما دلت عليه النصوص الكثيرة, 
كقوله تعالى: (يَوْمَيْذٍ يَضَدْرْ النَاسُ أْشْتَانًا لِيْرَوَا أَعْمَالَهُمْ 
(6) فَمَنْ يَعْمَلَ مِتْقَالَ ذَرَةِ حَيْرَا يَرَهَ (7) وَمَنْ مَنْ يَعْمَلِ, مِتْقَالَ 
دَرَةٍ شَدا يَرَُ) [الزلزلة: 6 - 18]» وقوله: يَوْمَ تجِدُ كل تفس 
مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ هُد مُخْصّرًا 0 


00 ل > الخد لكلا ل 1 ل ل 22 25 1693 

(2) عسلم. 52577 

رق 2ت العال 2 أن كل عل ره 2 اسان لشراء كان ]ا ا ل 2 ]ال الأول 5ه 
والثانية أخروية, وتكمن هاتان الصورتان في جوف وداخل, العمل وفي يوم الحشر وبعد التحولات والتطورات التي 
تحصل و يهاء فإنٌ العمل تدراك صورته الدز نيوية وبد ل تسل ويظهر في صورته الأخروية الواقعية, وبها ينعم الإنسان 
ويتلذذ, لل حشر ويادف [السبحاني, نامك الفران. 0603 8 ص 1050 





التنويريون والصراعات م المقدسات (143) 
. وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدٌ لؤ أنّ بَيْتهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا) 
[ال عمران: 30] 

ومثل ذلك قولم صلى الله عليه وآله لم مخاطبا 
20 0 هيت ا كان كريما 0 وان 6 
لئيماً أسلمك, ثم لا يحشر إلا معكء ولا تبعث إلا معه؛ ولا 
تسأل إلا عند: فلا تجعله إلا صالحاًء فإنه إن أصلح آنست به 
وإن فسد لكا تستو حش إلا منه2 وهو فعلك) )1( 

وبذلك: فإن العذاب في القبر وغيره لا يتعارض مع 
رحمة الله, لأن الله تعالى جعل أسبابا للنعيم, وأسبابا 
للعدات, قعن قعل السيب.؛ لاند أن تحمل النتيجة. مثل 
الذي يضع يده على التيار الكهربائيء: فإن سنة الله فيه أن 
يصعق, وكذلك المعاصيء فإن لها آثارها الذاتية التي لا 
يمكن تفاديها. 

وقد أشار الغزالي إلى هذا المعني» وفسر به الروايات 
الواردة في ذلكء: فقال تعليقا على الأحاديث التي تذكر 
الحيات والعقارب في القبر: (ولا ينبغي أن يتعجب من هذا 
العدد على الخصوصء فإن أعداد هذه الحيّات والعقارب 
بعدد الأخلاق المذمومة من الكبرء والرياء: والحسدء والغل: 
والحقد. وسائر الصفات. فإن لها أصولا معدودة, ثم 
بتري معدودة: ا ل إلى أقسام. 





0 0 كال منها لدع لدغ التنين, والضعيف 
القلوت والتضائر يشاهدون دور التصيره هده الشهلكات 
وانشعاب فروعهاء إلا أن مقدار عددها لا يوقف عليه إلا 
بنور النبوة) (2) 


(1) الصدوق: الأمالت: النض 3 0 
(2) إحياء علوم الدين. ج 6 الجزء 16.: ص: 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (144) 

ثم بين وجه ارتباط عذاب الميت بعد موته بهذا؛ فقال: 
(وهذه الصفات المهلكات تنقلب مؤذيات ومؤلمات في 
النفس عند الموت.ء فتكون آلامها كآلام لدغ الحبيّات من غير 
وحود حيّات. وانقلاب الصفة مؤذبة يضاهي انقلاب العشق 
مؤذيا عند موت المعشوقء فإنه كان لذيذا فطرأت حالة 
صار اللذيذ بنفسه مؤلماء حتى يرد بالقلب من أنواع العذاب 
ل ل ]ا 

ثم راح يطبق هذا المثال: باعتباره الحقيقة, لا مجرد 
مثال؛ فقال: (بل هذا بعينه هو أحد أنواع عذاب الميت, 
فإنه قد سلط العشق في الدنيا على نفسه.ء. فصار يعشق 
ماله وععاره اام وولده: وأقاربه, ار ا أخذ 
يكون حاله؟ ليس 0 شقاؤه, وتشند عذابه» وبيتمنى 
نشول قله لم تكن فى مال قا دلا جا قط فكب لا 
أتأذى بفراقه؟ فالموت عبارة عن مفارقة المحبوبات 
الدنيوية كلها دفعه واحدة. . فما حال من لا يفرح إلا بالدنياء 
العذاب تحشره ع ما فاته من نعيم الآخرة, والحجاب عن 
الله عز وجل: فإن حب غير الله يحجبه عن لقاء الله والتنعم 
مه كه فيتوالى عليه ألم فراق جميع محبوباته: وحسرنه على 
ما فاته من نعيم الآخرة أبد الآباد. وذل الرد والحجاب عن 
الله تعالى؛ وذلك هو العذات الذى يعدب بدهء اذ لا يتبع نار 
الفراق إلا نار جهنم) 

وبخلاف ذلك حال المؤمن» فهو كما يصفه الغزالي ‏ 
(من لم يأنس بالدنياء ولم يحب إلا الله وكان مشتاقا إلى 





ا 0 5 
فيهاء وقدم غلك محبو به ' وانقطعت عنه العوائق 
والصوارف: وتوفر عليه النعيم مع الأمن 


)1 ) إحياء علوم ادر 8 6 الجزء 16 ص: 6. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (145) 
من الزوال أبد الآباد. ولمثل ذلك فليعمل العاملون) 

وتحت أن تسر هنا الى ما ذكراء بتقصل ف. كباب 
[أسرار الأقدار]» من أن هذا العذاب الذي يعذب به المؤمن 
في قبره نتيجة بعض معاصيه هو في الحقيقة رحمة به لأنه 
يربيه» ويطهره», حتى يأتي يوم القيامة سالما طاهرا من 
ذنوبه, لأن عذاب الآخرة (أَشَدٌّ وَأَْقَى) [طه: 127] 

تالتها؛ تصورهم أن المصلحة الشرعية تقضي تغليف 
الرجاء على الخوفء وأنه لا يصح أن يذكر للناس عذاب 
القبر ونحوه؟ لأن ذلك قد بؤذبهم » ويخيقهم » » ويقنطهم من 
رحمة الله. 

ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره عدنان إبراهيم في 
شريط متداول له تحدث فيم عن أمان المؤمن يوم القيامة 
استناد! إلى قوله تعالى: (الَذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبسُوا إِيمَاتَهُمْ 
بظلم أولَيْكَ لَهُمْ الْأَمِنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام: 182 حيث 
فشر الظلم بالشركء واعتباره قاصرا عليه. مع أن القرآن 
الكرتم اعتبر كل مغعضية ظلما. 

ثم راح يستهزئ بالذين يخوؤفون الناس من عذاب يوم 
القيامة. ومن عذاب القبرء ويملئون الدنيا بتلك الرسائل 
والأشرطة عن فزع يوم القيامة وأهوال القبر» ولست أدري 
ما المانع من ذلك إن كان الغرض منه الدعوة إلى التقوى 
والصلاح. 

فالقرآن الكريم نفسه مارس هذاء فقد قال تعالى: 
(يَاأَيّهَا الّذينَ آَمَنُوا قُوا نفس وَأَمْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا 
إِلْنَاسُ وَالْحِجَارَهُ مَلائِكَةٌ غِلَاظ شِدَادْ لا يَعْصُونَ اللة مَا 
أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6] 

وهو نفسه اد خبر عن حال المؤمنين/ بل المقريين 
منهم: وخشيتهم لله؛ فقال: ل الأرار يَسْرَيُونَ مِنْ كأس 
كَانَ مِرَاجْهَا كَافُورًا (5) عَيْنَا يَشْرَبُ بها عِبَادٌ الله يُفَحُرُونَةَ 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (146) _ 

تفجيرًا )6( ّ يُوفُونَ بِالئْدْرِ وَيَحَافُونَ وما كان تع 
مُسْتَطِيرًا (7) 0 الطّْعَامَ ,عَلَى حُيّْهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا 
وَأْسِيرًا (8) إِتمَا تَطعِمكُم لِوَجْهِ ءِ 
شْكُورًا (9) إنَا تحَافُ مِنْ رَبّنَا 
[الإنسان: 5 - 4110 

. ثم عقب على ذلك بقوله: ( فَوَقَاهُمٌ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ 
وَلَفَاهُمْ تَضْرَةَ وَسُرُورًا4 [الإنسان: 11] 

وهكذا عندما ذكر عباد الرحمن» قال عنهم: (وَحِبَادٌ 
الرَّحْمَنِ الَّذِين يَمْشُونَ عَلَى الأ رض هَونًا وَإِدَا حَاطبَهُمُ 
الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَذِينَ يَبِينُونَ لِرَبْهِمْ سُجّدًا 
وَقِيَامَا (64) وَالَذِينَ يَفُولُونَ رَبَنا اصرف عَنَا عَدَابَ 
عَذَابَهَا كَانَ عَرَامَا (65) إِنَّهَا سَاءَت مُشتقرًا 
[الفرقان: 63 - 66] 

وهكذا نرى القرآن الكريم يتوعد المؤمنين بالعذاب 
الشديد على المعاضئ المختلفة) ولم يذكر أبذا أنهم ما 
داموا مؤمنين » فهم معفون من ذلك. 

ومن أمثلة ذلك تلك التهديدات الإلهية الخطيرة 
المرتبطة بآكل الرباء كما قال تعالى: يَاأَيّهَا الَّذِينَ دوا 
0 الله وَدَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرّبَا إن كُنثُمْ مُؤْمِنِينَ (278) 

ن لَمْ تَفْعَلُوا فَأدَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ الْلَهِ وَرَسُولِهِ)4 [البقرة: 
8 9 فهل يضمن عدنان ا الآكلي الربا ألا يعذبوا 

وهكذ! توعد الله تعالى أكلي مال 0 فقال: (إِنَّ 
الّذينَ تاكلوت اغوال البتاقى طلمًا إِنَمَا تاكلون في تطويهم 
تارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا4 [النساء: 110 فهل يضمن هؤلاء ألا 
بعذب اكل مال الينيم؟ 

وهكذا؛ فإن من علامات المؤمنين تذكر الأهوال وأنواع 
العذاب» حتى تردع النفس الأمارة وتؤدب» ولهذا ورد في 
النصوص المقدسة بيان الأعمال التي يعذب بها 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (147) 





الأدب مع الله تعالى, ول 2 0 صلى الله عليه وآله 
وسلمء والذي استعمل هذه الوسيلة التربوية في أن نقوم 
نحن بالتهوين منها وتحقيرها. 

وقد اخضى ابن القيم الكتير من المعاضى النى ورد 
ى. شانها الوعد كات الشر. عدذكر سيك ([السام. 
والكذاب,: والمغتاب,: وشاهد الزور» وقاذف المحصن, 
والداعي إلى البدعةء والقائل على الله تعالي ورسوله 
صلى الله عليه وآله وسلم ما لا علم له بهء وآكل الرباء 
وآكل أموال اليتامى: وآكل السحت من الرشوة؛ وآكل مال 
اخية المسلم بغير حق أو مال الما هر" وشارب الحم 
والزاني: واللوطي, والسارق» والخائن: والغادرء والمخادع: 
والماكرء واخذ الرباء ومعطيه: وكاتبه: وشاهداه: والمحتال 
على إسقاط فرائض الله تعالى: وارتكاب محارمه» ومؤذي 
المسلمسن: ومنسة عوراتهم: والحاكم بغير ما أنرل الله, 
والعقيى غير ما شرعهة الله: والمعين على الانم والعدوان: 
وقاتل النفس التي حرم الله؛ والمُعطل لحقائق أسماء الله 
وصفاته الملحد فيهاء والمقدم زناه على نسنة رسول صلى 
الله غلية واله وسلم: والناحة. والمستمة إلنها. والمفتون 
العاء الدى جرمةه الله تعالى ورسويلكه ضلى اللة عليه وأله 
وسلمء والمستمع إليهمء والمطففون في الكيل والميزان, 
والجبارونء والمتكبرونء والمراؤونء والهمازون, 
واللمازون» والذين يأتون الكهنة والمنجمين والعرّافين 
فيسألونهم ويصد قو نهم » واعوان الظلمة الذين قد بإعوا 
آخرتهم بدنيا غيرهم» والذي إذا خوفته بالله تعالى وذكّرته 
الم سرحر شإرا حوضهم محخلوق مك خاف وكف عما هد 
فيه؛ والذي يجاهر بالمعصية ويفتخر بها بين الناس؛ والذي 
لا تأمنه على مالك وحرمتك, والفاحش اللسان البذيء الذي 
تركه الناس اتقاء شره؛ والذي يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها 
وينقرهاء ولا يذكر الله فيها إلا قليلاء ولا يؤدي زكاة ماله 
ططلمة يها نفشة ولا بحخ مع هدرك غلء الحة: ولا نودي ها 
عليه من الحقوق مع قدرته عليهاء والذي لا يبالي بما حصل 
من المال؛ من حلال 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (148) 
أو حرام: ولا يصل رحمهة ' ولا بر حم المسكين: ولا 
الأرملة, ولا اليتيم» ولا الحيوان البهيم, بل يزجر اليتيم, ولا 
مدحويم له وبتمنع الساعد ويشتغل تبعيديوب الناس عن 
عيبه2» وبذنوبهم عن ذنبه - فكل هؤلاء وامنالهم يعذيبون في 
قبورهم بهذه الجرائم2.» بحسب كثرتها وقلتهاء وصغيرها 
وكبيرها) )10( 
الآامارة بالسوءء: وتعيدها إلى جادة الصواب, مثلها مثل ما 
ذكر فى عذاب الآخرة: وقد روه عن وي عن الإمام علي 
قال في بعض خطبه: (.. والله لقد رأيت عقيلاً وقد أملق 
حتّى استماحني من بزركم صاعاء رلايت صبيانه شعت 
ا ل ا ل 
0 وعا ني مؤكدا وكرر عليٌّ مردداً فأصغيت إليه 
فظي أني اببعة د بدني واتبع قياده مفارقاً طريقي, 
0 حديدة أدنيتها من جسمه ليعتبر بها قصخٌ 
ضجيج ذي دنف فلن عر لم وس وو تم 
فقلت له: تكلتك الثواكل يا عقيل, أتئن من حديدة أحماها 
إنسانها للعبه» وتجرني إلى نار سجّرها جبّارها لغضبه؛ أتئن 
من الأذى ولا أئن من لظى» وأعجب من ذلك طارق طرقنا 
بملفوفة في وعائهاء ومعحو نة شنئتها كأئما عحنت بريق 
حيّة أو قيئهاء فقلت: أصلة أم صدقة أم زكاة فذلك محرّم 
علينا هل البيبيت»؟ فقال: لا ذا .ولا ذاك ولكنها هدبة ' فقلت: 
هبلتك الهبول» أعن دين الله أتيتني لتخدعني أم متخبط أم 
ذو جنّة أم تهجر؟! والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما 
تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب 
شعيرة ما فعلته: وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم 
جرادة تقضمهاء ما لعلي ولنعيم يفنى ولذة لا تبقى: 


1) الروك لا كنل 105 101 





التتويريون «الضراعات مع المقديات (149) 
نعوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل وبه نستعين) 
)1( 


وهكذا كان لذكر العذاب, وتذكره در 
وقد سئل بعض الصالحين: نصنع نجالس أقواما 
يخوفونا. حتى تكاد قلوبنا 00 فقال: (واللم, إنك إن 
0 تؤعدونك عدن يدركك الخوف) (2) 
وهع نقس ما عبر عنه قوله تعالى: : (وَالَذِين يُوْْ نَ ما 
تؤا وَفَلوبُهُمْ وَجِلَهُ أنَّهُمْ إلى رَاجِعُونَ (60) أَولَيْكَ 
0 في الحَبْرَاتٍ وَهُْمْ لَهَا سََابصُونَ4 [المؤمنون: 60, 
61 فقد اعتبر مسارعتهم للخيرات: ومسا بقتهم لها بتتسبب 
ذلك اد الذي يحرك قلوبهمء ويمنعهم من الركون إلى 


1 2051 الللاعة 2 / 217 
(2) إخناء علوة الدين (2/ 162) 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (150) 


التنويريون.. والجنة 


نتيجة لغلبة الدنيوية والمادية على الفكر التنويري, 
والذي يلح دائما على اعتبار الحياة الدنيا هي المحور 
والمركزء وهي البداية والنهاية:. فإنه يحتقر الكثير من 
عوالم الغيب» إما بتجاهلهاء وعدم الاهتمام بهاء أو بنقد 
أولتك الدذين بعيشون فيهاء؛ ويتصورون أن الايعان لا يكمل 
إلا بالإيمان بهاء بل باختلاط المشاعر بها إلى أن تصبح 
حرءا أساشيا من حباة المؤمن لاننفقك عنها لحظة. 

أو كما ذكر ل الصحابي الجليل الذي عبر عن إيمانه 
بقوله: (عزفت نفسي عن الدنياء فأظمات نهاري 
وأسهرت ليليء وكأني بعرش ربي بارزاء وكأني بأهل الجنة 
في الجنة يتنعمون فيهاء وكأني بأهل النار في النار 


يعذيبون)» والذي أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله 
وسلم بعد قوله هذا بقوله: (أصبت فالزم.. مؤمن نور الله 
قلبه) (1) 


ل ل ل يع ال رةه 
فهم لا يؤمنون بالزهدء ولا بتلك الرياضات الروحية التي 





0 المجرات م دالتقوب الجوداء. . والجنة لا تشكل 
عندهم شيئاء لأن الجنة عندهم هي تلك الأبراج العالية, 
والحدائق المزينة الموجودة في أمريكا دأورونا. : فتلك 
البلاد هي منتهى هممهم.. عو لسوت 
0 التي يعيشون فيهاء نال يودون لو أحرقوها عن 
خر 

وهذا الكلام ليس تحاملا علبهم.. بل هو الحقيقة التي 
تنطق بها كلماتهم, وتنطق بها قبل ذلك ملامح وجوههم 
عندما يسمعون المؤمن يتحدت عن عوالم الغيب, 


(1) رواه البزار. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (151) 

ويعطيها قيمة كبيرة في حياته. . لأنهم يريدون منه أن 
يعيش عالم الشهادة لا عالم الغيب2 وكأن عالم الغيب 
يحول بينه وبين عالم الشهادة» وكأن الله تعالى لم يثن 
على المؤمنين الذين تركوا لأجسادهم أن تعيش في عالم 
الشهادة بينما تحلق أرواحهم في عوالم الغيب الجميلة» كما 
قال تعالى في أوائل أو صاف المؤمنين في سورة البقرة: 
(ذَلِك الكِتَاث لا رَبْبَ فِيه هُدّى لِلمُتّقِينَ )2( الذين يَؤْمِثُونَ 
بِالعَيْبِ) [البقرة: 2, 3] 

فالإيمان بالغيب هو الأساس الذي تنطلق منه حياة 
المؤمن2» بل هو المعيار الذي يفرق بين الإنسان الكامل 
الإنسان القاصر الناقص الكل الذي لا يعرف من الحياة إلا 
جانبها الهزيل البسيطء ولذلك تكون فعه حنث المتارف 
البسيطة التي يعيشهاء ويتصور أنها البداية والنهاية. 

ومن مسائل الغيب التي نجد للتنويريين احتقارا كبيرا 
لهاء بل حياء عظيما منها [الجنة] التي هي سلوة المؤمن 
وعزاءه. كما أنها المحرك لهمته عندما تضعف نفسه, 
وتتخدر إرادته2» حينها يتذكر ما هيأه الله للصابرين من 
عظيم الجزاء؛ فترتد إليه قوته وإرادته» ويصبح كالجبل 
الأشم الذي لا تحركه أعاصير الأهواء. 





وهي فوق ذالك سلوة المريض الذي يعلم أن الحنة دار 
الصحة الأبدية. وسلوة الفقير الذي يعلم أن الجنة هي دار 
الغنى الأبدي2. وسلوة المحرومين» والذين أرقتهم الحياة 
الدنيا لأنهم يعلمون أن الجنة هي دار الراحة الأبدية.. 

ولذلك لم تكن الجنة دار ضيافة إلهية في الآخرة فقط, 
بل هي أيضا ترياق وبلسم يداوي كل الجروح:» ويملا النفس 
بالطمانينة والانشراح وكل أنواع السعادة.. فيعيش المؤمن 
مصحوبا بذكريات المستقبل الجميل الذي ينتظره عند الله. 

لكن كل هذه المعاني التي ساهمت في الطمانينة 
النفسية للمؤمنين وفي رقيهم 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (152) 

الأخلاقي على الرغم من الظروف الصعبة التي 
يعيشونهاء لم يلاحظها التنويريون» بل توهموا أنها حجاب 
دون العمل على الحصول على ذلك الرفاه الذي ينعم فيه 
الغرب, 9 لا يساوي في نظر المؤمن قطرة من بحار 

لقد تصور التنويريون - تنسب نظرتهم الدنيوية العوراء 
القاصرة ‏ أن الحة منلها منل كل عوالم الغيب هي سيب 
تخلفنا عن الغرب2 وعن كوكب اليابان» وعن الكواكب 
الكثيرة التي يتصورون أنها الحقيقة الوحيدة المطلقة. 

ومن أمثلة ذلك الجحود والاحتقار للجنة» بل السخرية 
منها تلك الأشرطة المنتشرة ؛ بكثرة» والتي يتحدث فيها أحد 
زعماء التنوير في العصر الحديث [أحمد القبانجي], ذلك 
الذي يرتدي 0 وزورا عمامة علماء الشيعة»: مع كونه لا 
بل حرب الإسلام نفكسيه. 

وقد أوهم ذلك بعض المغفلين بأن موقفه من الجنة 
وعالم الآخرة هو نقفس موقف علماء الشيعة: دون أن يكلف 
من هذا. . ولكن الأحقاد تعمى 

وقد نتشر القبائنجي حطى وتصة في هذه المجال في 
عقال (1) حاول فيه أن ين عدم ضرورة الجنة: وانها لا 
تشكل أي دافع للعمل الصاح, بل إنه لا حاجة إليها أصلا. 


ولست أدري من الذي فوضه بأن يقول هذا الكلام»: وهو 
الذي يسيل لعابه لمتاع الدنيا القليل.. لكن العقل التنويري 
المستكبر الذي حرم من ذلك الإيمان الذي ينعم به البسطاء 
والطيبون يتصور أن بيده كل شيء., ولذلك يتحكم في كل 
شيء»ء ابتداء من تحكمه في وظائف الإله نفسها. 


11 1ط اونا | الغا الا الفكدن]ل.. 29363 - 2014 12/2 1219 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (153) 
وقد عبر عن ذلك الاحتقار للجنة بقوله: (أما الجنة, 
فليس فيها سوى إشباع للغرائز الحيوانية من أكل وشرب 
ونكاح2» وليس فيها أي إشباع للغرائز الانسانية كالإبداع 
والايثار والكرم والشجاعة ونصرة المظلوم وتعليم العلم 
وحب 0 ووو..) 
0 أدري كيف عرف ذلكء وهل زار الجنة حتى يحكم 
عليهاء ل بالنصوص المقدسة التي تتحدث عن 
الجنة, 0 دار الضيافة الإلهية التي تتحقق فيها كل 
الرغبات المشروعة» ويتحقق معها كل أنواع السمو الروحي 
والأخلاقي؛ حيت بعيش أهل الجنة الحضارة الراقية والذوق 
لكنه ‏ سيب الفشى الذي أحاط ل رك 
الجنة إلا من خلال ذلك الوعظ البارد الذي يستعمله بعض 
عوام الوعاظ والدعاة بعيدا عن الحقائق التي وردت في 
النصوص المقدسة: ولذلك توهم أن الجنة مجرد دار للمتع 
الجسدية وحدها. 
ثم راح مثل سائر التنويريين ‏ يتحدث عن ذلك 
الكوكب الذي يسمونه كوكب اليابان؛ فيقول: (أما عملياء 
فنحن نرى اليابان مثلا وهم لا يعتقدون بالجنة والنار 
(الديانة السائدة هناك التاوية والبوذية) أحسن من 
المسلمين أخلاقا وأقل كذبا وسرقة وغشا في تعاملهم 
وخدماتهم للبشرية معروفة» وفي المقابل تنحد المسلمين 
مع اعتقادهم بالجنة والنار وكثرة منابر الوعظ والارشاد 
والكتب الدينية وخطب الجمعة أصبحوا أسوأ المجتمعات 
البشرية أخلاقا) 





وهذا التحليل يدل على سطحية العقل التنويري» فهو لا 
ينظر إلى المشكلة من زاويتها الحقيقية» وإنما ينظر إليها 
من الزاوية التي يرغب فيها؛ فالمشكلة في المسلمين 
لسن 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (154) 

55 هم يفتقدون بعالم الغيف: ولا بالحنة والبار: وإنعا 
المشكلة في ضعف إيمانهم بذلك.. وإلا لو كان الإيمان 
بالغيب والجنة والنار قائماء لكان المسلمون قمة في 
الرقي الأخلاقي والحضاري. 

فهم في الحقيقة مثل ذلك المريض الذي يملك الدواء: 
ولكن لا يستعمله؛ فيتوهم من يراه بأن الدواء لم بمفعم 
ولم يجد مع مرضهه: من غير أن يبحث في كون المريض 
استعمل الدواء أو لم يستعمله,. وهل استعمله بالطريقة 
الصحيحة: أم استعمله بطريقة خاطئة. 

ونقفكس الشيء يتوحه للقابنجي وللتنويريين جميعا 
الذين جعلوا من حديث الإرهابيين عن الجنة سببا لإلغائها 
واحتقارهاء كما عبر القابنجي عن ذلك بقوله: (أصبح 
الاعتقاد بالجنة وحور العين سببا للإرهاب الآن.. أي سببا 
للرذيلة والجريمة لا لمنعهاء فلولا الجنة وحور العين لما قام 
التكفيريون بقتل انفسهم وقتل الأبرياء) 

وهذا بنتببيه أولئنك الذين بحرمون الأدوية النافعة تتسبتب 
أن بعض الشواذ استعملها بطريقة خاطئة, فقتل نفسه 
بها. . أو يشبه اولئك الذين يمنعون من بناء الجسور حتى لا 
تستعمل وسيلة للانتحار. 

ولم يكتف القبانجي بكل ذلك. بل راح إلى ذلك الرهان 
الذي يستعمله المؤمنون بالغيب في حواراتهم مع 
الجاحدين والملاحدة. والذي عبر عنه أبو العلاء المعري 
بقوله: 

زعم المنجم والطبيب كلاهما... لا تبعث الأجساد قلت: 
إليكما 

إن صح قولكما فلست بخاسر... أو صح قولي فالخسار 


موقفك اذا مت 0 تجد الجنة! كرد اي لن 0 مسوأ 
من موقفك اذا مت ووحدت النار! ( 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (155) 

أو ما عبر عنه مصطفى محمود فى حواره مع صديقه 
الملحد, والذي اذكر أنه قال له ساخرا: (ماذا يكون الحال لو 
ليس بعده شيء؟), 0 تسلف منود شدلدة زلن 
أكون قد خسرت شينا.. ولكنكم انتم شوف تحخسرون كنيرا 
لو أصابت حساباتي وصدقت توقعاتي.. وإنها لصادقة.. 
سوف تكون مفاحئة هائلة با صاحبي) )1( 

أو ما غبر عنه - قبل ذلك كله الإمام الصضادق مع بعص 
الملاحدة. حيث قال مخاطبا له: (إن يكن الأمر على ما 
يقول هؤلاء وهو على ما يقولون, يعني المؤمنين, فقد 
تقولون فقد اسدويسم 0 فقيل له: 0 شى بغ تقول 
وأي شي ء يقولون ما قولي وقولهم إلا واحد؟ فقال: 


(وكيف يكون قولك وقولهم واحداء وهم يقولون إن لهم 
معادا 1 وعقابا ويدينون بأن في السماء إلها وأنها 


وبدان' وائم ترعمون أن السماء خرات لبس فيها احد..: 

2 

له 0 (القمار مع الله!] (3), قال فيه 0 (في 
الدنيا نحن غير متساويين انضاء فالمتدين تغب نفقسه 
بالتكاليف الشاقة كالصلاة والصوم والحج والزيارات 
والخمس وغيرها ويترك الملذات كالغناء والرقص والملاهي 
والصداقة مع الجنس الآخر, بل الزواج مع أناع الديانات 
الجهاد أو تفجير نفسه ه أو الكراهية لأتباع المذاهب الأحر” 


بل سا كد سف زات . 


2 الكاكك 12 10 
رق اسل لسر 2 لك حم الما 0200 لسر لك 2085 7 2015 5 5 01147 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (156) 

وهذا كله كذب وبهتان». فكل تلك الشعائر التي يقوم 
بها المؤمن ليس لها علاقة بالتعب, لآن المؤمن يمارسها 
براحة نفسية كبيرةء بل إنه يشعر بتاثيرها في ترقية 
أخلاقه, و سمو روحه' وشعو © بالطمانينة 'والسعادة, فوق 
ما لها من دور في حفظط 2 أعناء نفسه الأمارة بالسوء. 

فالمؤمن ‏ نتيجة إيمانه باليوم الآخر ‏ لن يقع في 
الفواحش التي تدمر صحته وصحة المجتمع: ولن يدمن على 
المخدرات ولا لك 51 شيء يضره.. وفوق ذلك كله يمتلك 
دوافع أخلاقية عالية بخلاف ذلك الذي لا يؤمن بالله» ولا 
باليوم الآخرء فهو لا يملك شيئا يسليه» كما لا يملك شينئا 

ولم يكتف القبانجي بذلك التزوير للحقائق» وإنما راح 
يفرض على الله خلاف ما ورد في كتابه ‏ من يدخله الجنة 
أو من يدخله النار». فيقول: (ما دام الانسان يسير في حياته 
الدنيا بوحي وجدانه ويتحلى بالفضائل ويترك الرذائل فهو 

من أهل الجنة لأن القرآن يقول: (إلا مَنْ أتى اللة بقلب 
0 [الشعراء: 89] أي سليم من الحقد د والانانية 
والتكالب على الدنيا وأمثال ذلك. ومعلوم ان التدين لا يهتم 
لنقاء القلب بقدر اهتمامه بالقشور والطقوس فتكون 
النتيجة أن خسر الدنيا والآخرة ونكون قد ربحنا الدنيا 
والآخرة) 

وهذه كلها مغالطات, فسلامة القلب لا تقتصر على ما 
ذكره, بل أول سلامة للقلب هي عدم الاعتراض على الله 
وال له والإذعان لشريعته والقيم التي جاءت بها.. أما 
ادعاؤه. ن التدين بهتم بالقشورهء فهو ناتج عن نظرته 
السلبية للدين مثله مثل سائر التنويريين» وإلا فإن الدين 
هو مجمع الفضائلء بل لا يمكن أن تتحقق الفضائل من 
دونه.. ذلك أنه يستحيل أن يجد البشر معابير للأخلاق» أو 
دوافع تحرك إليها من 





التويريون واقصراعات مم العقدينات [1937) 





ويختم القبانئنجي حديته عن ذلك الذي توهمه قمارا 
بقوله: (إن هذه الفرضية كلها بمثابة لعب القمار مع الله 
لأنها تنزل بمستوى العلاقة مع الله الى الحضيض وتجعل 
من هذه العلاقة تجارة او قماراء فالمتدين يصلي ونصو م . ٠.‏ 
بدافع احتمال وجود جنة ونار لا بدافع الايمان بالله والحب 

له والشكر لنعمائه» اي لو لم يكن هذا الاحتمال موجودا لا 
صلى ولا صام ولا ترك الرذائل. أما الوجداني فهو يعمل 
بالفضائل ويترك الرذائل لذاتها ويرتبط مع الله بدافع 
الحب له لا بدافع الخوف من النار والطمع في الجنة لأنه لا 
يوؤمن نهما اساتنا) 

ولست أدري من الذي أخبره أن الطمع في جنة الله, 
شنافى عم حب المومن له.. فالموعن فحن الله لدانه: 
ويبحيه لصفاته: وبحيه لكرمه وحوده' والذي تحلى في الدنيا 
فيما وفر لخلقه من أصناف الرعاية.. وفيما سيوفر لهم 
في المستقبل من أضعافها. 

وهل يمكن لعاقل أن يدعي أننا إذ أحبينا كريما لكونه 
تكرم علينا بأصناف العطاءء, ووعدنا بأضعافها أننا لا نحبه إلا 
لأحل ما يعطينا.. هذا اكدى دهان .عطظيم لآن محة 
المخسن اسه سك لوال خصل إ سا ]ل الي 

بالإضافة إلى أن القبانحي والتتنويريين مغه يتصورون 
الجنة بحسب عقولهم البسيطة, وإلا فإن الله تعالى الذي 
اعتبر كل ما نراه في الدنيا من أصناف الجمال مجرد متاع 
قليل» واعتبر الحياة التي نعيشها حياة دنيا لا تساوي شينئاء 
في نفس الوقت اعتبر الحياة الأخرى هي الحياة الحقيقية 
يجعلنا نقف أمامها مبهوتين منبهرين لا ندري منها شيئاء أو 
الدنيا إلا الأسماء) )1( 


لت 2 الحده 217 2) 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (158) 
ولذلك فإن كل أحاديث التنويريين عن الجنة وعالم 
الغيب أحاديت متطلقة من متلومات خاطتة. لأنهم صوروا 
أنهم قد أحاطوا بتلك العوالم ينما شدالم غرفوا منها 
٠‏ بل لم يذوقوا من شرابها اللذيذ قطرة واحدة: ولذلك 





استقذروا الشراب, ولو ذاقوه عدوا 0 وباعوا 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (159) 


التنويريون.. ونظرية التطور 


من الأدلة الكبرى على تناقض العقل التنويري» وكونه 
يتعامل بمزاجية ورغبوية مع الحقائق المختلفة موقفه من 
نظرية اللطور وربطها بالمصادر المقدسة, وخصوصا 
العلمية والقرآنٌ لكر سمه ويعتبرونهم 0 ومخر فين 
ومعقد ين » نحدهم يفعلون ما بنهون عنه مع هذه المسألة 
خصوصاء _ مع كونها لم تثبت علمياء بل ثبت عكسهاء ولم 
تثبت قرآنياء بل ثبت عكسها أيضا.. ولكنهم» ولمزاجية 
تفكيرهم يقطعون بكلا الأمرين خلافا لكل علماء الطبيعة, 
ولكل علماء اللغة والتفسير. 

ولا ينطيق هذا على نطرية التطور فققط: بل يتطيق 
على نظريات أخرى لم تثبت علمياء بل يستحيل إثباتها 
علمياء ومع ذلك نراهم يجتهدون في ربطها بمصادر الدين 
في نفس الوقت الذي يشنعون على من يربطون الحقائق 
القرآنية القطعية بالحقائق العلمية الثابتة. 

ومن اعغثلة ذلك محاولهة عدتان إبراهم للريط ا بين 
نظرية الأوتار الفائقة والمصادر المقدسةء مع أن هذه 
النظرية لم تثبت علميا (1): بل يستحيل إثباتها علمياء لأن 
القصد منها ليس علمياء وإنما الفرار من الخالق» والبحث 
عن نماذج فيزيائية ترفض وجودهء أو تحاول أن تبرر وجود 
الكون بعيدا عنه» وقد قال عنها الفيزيائي الشهير [راسل 


01 كنا لكك للك الك يه عل تلن كر اط 2 در كله الك ران أشي ف كا لالكون 0 
ال والإلان در لسك [الرليا. الكل | 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (160) 


ستانارد]: (إنها نظرية تحتاج لمصادم هيدروني بحجم 
مجرة لاختبارها وهذا غير ممكن.. حسنا لو قلنا ‏ طبقا 
للنظرية 5 إن الكون خلق نفسه فمن أوجد النظرية؟ 
أوجد القوانين الفيزيائية الخاصة بها؟.. ورغم ذلك ٠‏ فلا 
توجد لها مغادلة فيرياسة ختى الآن.. اطلب: عنهم أن يكنبوا 
معادلة فيزيائية.. لن يفعلوا لانهم ببساطة لايمتلكونها) 

وهكذا موقفه من نظرية الأكوان المتعددة. مع كونها 
لم عثيت علميا؛ بل تستحجيل إننانها علمناء ومع ذلك راح 
يجتهد كغيره في ربطها بمصادر الدين المقدسةء وذلك 
لتمريرها رغم أنفها للعقل المسلم. 

فالأكوان المتعددة التي يحاول ملاحدة الفيزيائيين 
الإشهار لها تختلف تماما عن تعدد السموات أو خلق الله 
الواسع, لأن الأكوان المتعددة ليست سوى احتماللات كثيرة 
للخلق ممتلئة بالعبث بينما الخلق المتعدد كله متناسق 
وليس فيه أدنى عيثت»ه ولا بخضع لمبادئ الاحتمالات. 

وقد دكر بعضهم الدوافع النفسية لتلك النماذج» فقال: 
(اعتقد علماء الكون أن عليهم الالتفاف وراء المشكلة.. 
لقد حاولوا على 0 لاس ات عده سارح 
مختلفة للكون ا الحاجة إلى بداية» مع الاستمرار في 
اشتراط انفجار عظيم.. يبدو الآن من المؤكد أنْ الكون 
كانت له بداية) 

دهكذا راحوا يقتلون هم تطرية المطلور الدر لم شت 
علميا. ولن تثبت علمياء بل إن العلم الآن يسير في 
مواجهتها والرد عليهاء واعتبار القائلين بها مجرد خرافيين. 

بل إن بدائل علمية كثيرة ظهرت ك[التصميم الذكي] 
(1): كان الأحرى بهؤلاء التنويريون الإشهار لها والتعريف 
بهاء لكونها تتناسب تماما مع القران الكريم» ومع 


0 له عل ا شل 5 05 [الكاء لشت ل عدف ] س0 للسلك ]اللا #الكل] 


العقل, لماه 1 


3 لكنا للأسف لا نزال نرى هؤلاء التنويريون يشيدون إلى 
الان بدارون» مع كون معارفه التي جاء بها لا تساوي في 
موازين العلم الاآن شيئا.. 





ولهم في ذلك مغالطات كثيرة نحاول مناقشتها هناء 
لطر الحادر, ا تلطه لضم لا الخلف 
في القرآن الكريم. 

العغالطاء الشربطلة جلهية بطلريت 
التطور 

من الأدلة التي تدل على افتقار التنويريين لكل أدوات 
البحث العلمي: وخاصة متابعة الجديد فيه: والاطلاع على 
كل ما كتب حوله: احتفاظهم بتلك المعلومات القديمة التي 
كتبها من انتصر من الغربيين لنظرية التطور دون البحث 


المتمفس الذين وضعوا بدائل لهدة النظرية بعد 


وبما أنااقد ذكرا ذلك يتفصيل في كات [الحياة تصميم 
لا صدفة], وكتاب [كيف تناظر ملحدا؟],ء فسأكتفي هنا 
بالإشارة إلى بعص المغالطات الكبرى: التي تمرر مثل هذه 
لساري على المتنورين وأتباعهم المفتقرين لأدوات البحث 
در 0 تقليديين ومحافظين ومتزمتين» ولذلك 0 
هدفهم من تبني الحقائق هو المخالفة, لا البحث عن 


أولا ‏ المفاهيم المتعددة لنظرية 
التطور 


أول المغالطات التي يمرر بها التنويريون موقفهم من 
هذه النظرية على أتباعهم 





لسوت لات مع المقدسنات 06 
ال الس ع ال ل لط سد 


الإطلاق»: والثاني معهوم ‏ مزيف» ا مه بقصد تمريرهاء 
ومحاولة إثبات أنها يمكن أن تخضع للتجربة. 

أمًا الأول.: وهة [الطور الكبيرا.ء وهو المعروف عند 
الإطلاق»: فيعني التغبّر في الصفات المورفولوجية والجينية 
مما يتسبب في الانتقال من نوع إلى نوع آخرء وهو 
النقغود الاأصلى عن بطر اللطور عند داورن وغيرة هن 
القدماء الذين تبنوا هذه النظرية: وهو الذي وقع فيه الجدل 
بين المتدينين من المسلمين وغيرهمء وبين الداروينيين. 

واما التنابى: وهو [التطور الصغير]؛ فيشير إلى مقدار 
على مستوى النوع الواحد ‏ نقسة, كتطظوير كاس احفا 
لمقاومتة نحو جسم غريب؛ أو تغيبر لون لجلد, الأو خبير فى 
حجم عضو معين من الجسم و نحو ذلك 

وهذا النوع لا إشكال فيه, لأنه في أصله لا علاقة له 
بنظرية التطورء فالأنواع لا تنتقل فيه إلى أنواع جديد, 
وإنما تكتسب صفات حديدة مسسعفمهم التزاوح: ومن أمتلة ذلك 
أن هحرة الأوروبيين إلى أستراليا واختلاطهم بالشعب 
الأسترالي الأصلي, أدت إلى اختلاط العرقين» وقد أثر ذلك 
على أولادهم, بحيث أصبحت أشكالهم تمزج بين الأصلين.. 
وهم يعبرون عن هذا بالتطور البيولوجي للأستراليين.. 
ومن أمثلته أيضا ظهور فيروس الأنفلونزا كل مرة بصورة 
جديدة: بحيث لا تؤثر فيه اللقاحات السابقة. 

وقد ورد في النصوص المقدسة ما يدل على أن هذا 
النوع عاديء. ففي الحديث أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله 
عليه وآله وسلمء, فقال: إن امات ولدت غلاما أسود ‏ وهو 
يريد نفيه عنه ‏ فقال 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (163) 

له: (هل لك من إبل؟): قال: نعم» قال: (ما ألوانها؟), 
قال: خُمْره فقال له: (هل فيها من أورق؟), قال: نعم, 
قال: (فأنى كان ذلك؟): قال: أراه عرق نزعه. قال: (فلعل 
ابنك هذا نزعه عرق) (1) 

والمغالطة التي يمارسها الداروينيون في هذا الجانب 
هي أنهم إذا طولبوا بدليل على التطور الكبير يذكرون أدلة 


التطور الصغيرء وفي ذلك تغرير وخداع كبير. 

وقد عبر عن هذا الخلط [مايكل بيهي] بقوله: 
(الدارونية الحديثة فسرت التطور الدقيق بشكل رائع»: لكن 
عند الحديث عن التطور الكبير فعلى التطوريون أن 
يصمتوا) 

وذكر [نيكولاس كومنينلس]ء الأستاذ بجامعة ميزوري 5 
كنساسء: في كتابه [2612156 5" أللا,93]: أنه من الأخطاء 
الشائعة في الاستدلال العلمي استخدام التكتّفات 
الملحوظة في التطور الصغير لافتراض صحة التطور 
الكبيرء والانتقال من نوع إلى نوع آخر. 

ثانيا ‏ كذب التنبؤات العلمية لنظرية 
التطور 
من أهم أدلة مصداقية النظرية العلمية صدق تنبؤاتها 

في حال عدم إمكانية إثباتها عملياء والأمثئلة على ذلك في 
تاريخ العلوم ا ومن أشهرها وأقربها ما ذكرته وسائل 
الإعلام من ان العلماء رصدوا للمرة الأولى موجات جاذبية, 
هي تحوجات في المكان والزمان, تنيا بها البرت 
اه بالتزامن مع رصد ضوء ناجم عن الحدث الكوني 
نفسه.ء ولأجل ذلك فاز ثلاثة علماء أميركيين اكتشفوا تلك 
الموجات بجائزة نوبل في الفيزياء: وأثبت هؤلاء الباحثين 
أن النتائج التي اكتشفوها تساهم في تأكيد نظرية 


ا 385175156 59505 25 الى 21 إن عرس شد الول :2 لكا 1 كا ]ل 0 
الخرض ومشك رفم (1500) 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (164) 

أينشتاين (1). 

لكن الأمر مختلف تماما مع كل الدعاوى 0 
العلمية التي طرحتها نظرية التطور, حيث بر آها 
تخلفت, وس الو ل ا 8 
دارون ‏ يكذ طرحه الطرينه - ايطمعخ في أن عنيت 
الاكتشافات اللاحقة في السجل الاحفوري نظريتة»: وبناء 
على ذلك فإن التنبؤ الدقيق لنظرية التطور هو اكتشاف 
كميات كبيرة من الأشكال الانتقالية. 


لكن صار المستقبل الذي كان يحلم به داروين بحد ذاته 
عبئا على الداروينية وكما يقول هنري جي المحرر العلمي 
في مجلة الطبيعة: ‏ (إنّ عملية أخذ مجموعة من الحفريات 
والقول بأنها نعكس وجود سلسلة قرابة هي في الواقع 
الامر انها مجرد حكابة أو حدوته من احاجي منتضقف الليل 
المسلية التي قد تكون مُوَجَهَةَ هَ أو مرزسدة للإنسان في كثير 
من الأحيان إلا أنها ومع ذلك لا تستند لأ أساس علمي) 
)2( 

كما اعترفت مجلة [011 660013 ([1281023] مؤخرا 
بقولها: (مضيء ولكن متقطعء. يبدو السجل الاأحفوري 
كفيلم للتطور فقد منه 999 من اصل 1000 صورة) 

وهكذا يعترف التطوريون أن 99.0 بالمائة من الدليل 
مفقودء ومع ذلك يحاولون دائما خداعنا بنماذج مزيفة 
لحخلقات اسقالت لسر صا مها لكريم 


(1) انظر مقالا بعنوان: نبوءة ار شاك رصد سرامن لموجات الجادية يرن اغيركا تأدرنا ]ا ما فيل 
أكثر عن :100 عام شاف بوش عرد .تم النشر: 10:44 17/ 10/2017. على الرابط 

امسغط.5_18291660م ات 601710717 056313٠‏ 0]] ناح . الا لالا لال // 000 

) 2) نقلا عن الذاروية فى الرمن القديم, هارون يحي دطء دتى من موقعه الالكتروني, ص 34. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (165) 
ولم 0 الأمر قاصرا على عدم اكتشاف الحلقات 
المفقود.ء بل إن الاكتشافات الأحفورية كل حين تثبت 
عكس كل التوقعات التي تبنتها الداروينية» ومن الأمثلة 
على ذلك تلك الحفرية البشرية التي عثر عليها في أسبانيا 
في سنة 1995, على ب يد ثلاثة علماء أسبان من جامعة مدريد 
0 عن رجه صبيي في الحادية عشرة عن عمره كان 
يبدو مثل الإنسان العصري تماماء على الرغم من مرور 
0 سنة على وفاته. 
وقد هزت هذه الحفرية قناعات المكتشفين لهاء فقد 
قال [أرساجا فريراس]؛ وهو أحد المكسفين: 0 0 
شيئا بدائيا. لقد توقعنا أن يكون غلام 0 0 سينة 


مشابها لطفل توركانا. ولكن ما عثرنا عليه كان وجها 


ري تماما. اتات اد الخيركر ال للغاية.. ٠‏ إن 
الأشياء التي ا فعدم العثور ا ا 
متوقع: الصاو لسار ولكرا ل امبر باك أن اروع 
ينتمى الى الحاضر: إن الأمر أشيه 0 شيع عنل 
جهاز تسجيل في كهف جران دولينا. سيكون ذلك مدهشا 
للغاية» لأننا لا نتوقع العثور على أشرطة كاسيت وأجهزة 
تسجيل في العصر البلستوسيني الأدنى. وينطيبق ذات 
الشيء على اكتشاف وجه عصري عمره 800.000 سنة. لقد 
اندهشنا جدا عندما رأينا هذا الوجه) (1) 


نالا عغارسة الدارو سن للحذاع 
العلمى 
ل 65 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (166) 

بعد يأش العلماء المومنين بنظرية التطور من إيجاد 
الحلقات المفقودة التي تنبأ بها داورن» راحوا يموهون 
على أتباع هذه النظرية بالكثير من النماذج التي أثبت 
التاريخة بطلانها بعد ذلك, وللأسف لا زال التنويريون 
تدمنون بها على الرعم من 0 أصحاب النظرية أنفسهم 
تخلوا عنها. 

ومن الأمنئلة على ذلك: والتي استعملها الداروينيون 
لفترة طويلة, بل لا زال بعضهم يستعملهاء 5 
[إنسان بلتداون].. أو ما يطلق عليها الآن 0 بلتداون] 
(1)» ففي عام 1912: ادعى فريق بحثي بقيادة عالم حفريات 
بريطاني هاو يُدعى [تشارلز داوسون] اكتشاف حفرية.. 
وقد كان الأمر حينها عجيبا ومثيرا.. ذلك أن عظام فك تلك 
الجمجمة كانت نمتلك صفات جمجحمة الإيسان. 

وقد اهتمت الهيئات الكثيرة بذلك الاكتشاف الخادع, 
وتم إطلاق اسم [إنسان بلتداون] على تلك الحفرية»: والتي 





عغرضت في أهم متاحف العالم لأكثر من 40 عامًا متتالية 
على أنها دليل قاطع على صحة نظرية التطور. 

وكان صداها هائلا على المستوى الأكاديمي, حتى أن ما 
يقرب من 500 أطروحة للدكتوراه تمت كتابتها عن هذا الأمر 
لمدة 40 عامًّاء بل كانت توصف بكونها رمرًا لانتصار نظرية 
التطور المزعومة: وضعت للعرض والمشاهدة في المتحف 
البريطاني: والذى يعتير واحدًا من اشهر المؤسسات في 
العالم. 

00 تم فحصها ودراستها في تلك الفترة الطويلة من 
قبل اشهر العلماء من جميع 


0ك لز رن 6 ]سان لسار د 01 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (167) 

أنحاء العالم2» بل حتى من قبل أعداد لا تحصى من 
الزائرين. 

وفي الأخيرء وبعد كل ذلك الانتصار الكاذب الذي لبس 
لباس العلم اكتشف أن الأمر كله لا يعدو أن يكون مجرد 
تدعكة. 

ففي عام 9 استطاع [ كينيث أوكلي] من قكسم 
الحفريات في المتحف البريطاني أن يطور طريقة جديدة 
لتحديد أعمار الحفريات.. وبدأ باستخدام هذه التقنية التي 
أطلق طلق عليها اختبار الفلوريد على الحفريات الموجودة داخل 


2 ان راح يطبقها على جمجمة [إنسان بلتداون] حتى 
ذهل للمفاجأة, فقد اكتشف أن عظام الفك خالية من مادة 
الفلوريدء بينما احتوت الجمجمة على نسبة صغيرة منه. 
وهذا بعني أن ات الفك لا جاور 0 بضع سنوات, 
فضت تقدير. ‏ 

ومع تكثيف التحقيقات, اكتشف أن تلك الحفرية التي 
تم تصويرها على أنها أفضل دليل تم التوصل إليه لإثبات 
نظرية التطور كانت في الحقيقة محض كدت . فعظام 
الفك تنتمي إلى إنسان الغاب المتوفى حدينًا.. والجمجمة 
تنتعي إلى إنشسان متوف مند قثرة قاريت 500 ا 


إرفاقها بعظام الفك في وقتن ير وتم ا أداة 
صلبة ' لكشطها.. ثم نم غمرها فى شائل تناتى. كروصات 
البوتا م وذلك لإعطائها مظهرًا قديمًا. 

وقد ثبتت التحاليل المفصلة التي أجراها [جوزيف 
وينر] بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الحفرية كانت مجرد 
تدكة. 

وكان البروفيسور [لو جروس كلارك] أستاذ التشريح 
بجامعة أوكسفورد 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (168) 

واحدًا من هؤلاء العلماء الذين كشفوا هذا الغش 
والاحتيال.. وفي نهاية التحقيقات التي قام بهاء قال: 
(بالفعل جاه يبدو حلبًا افتعال هذه الخدوش» وبعيدو أنه من 
الك طرة السؤال الأهم» وهو: كيف أن هذه الخدوش لم 
يتم ملاحطتها من قيل؟.. إنهم لم يبحدوا عن هذا الآمر من 
قبل.. لم يقم أي شخص في السابق ممن فحصوا عظام 
لد بلتداون 0 فكرة وحود تزيبيف محتمل صب عبينيبهه 

أ [كلارك 0 أستاذ الأنثروبولوجيا. فقد قال معلقا 
على هذه الخدعة الخطيرة : (اكثتشفت بلتداون عام 1553 
ولم تكن سوى عظام فك لقرد تم إدخالها على جمجمة 
إنسان» فهي خدعة قد تم وضعها عن عمدء فهم لم يقروا 
شكل واضح عما إذا كان هذا الفك ينتمي لقرد د أو إذا كانت 
جزء كوي و و و ا ا 0 
القرد د والإنسان. . وقد أرجعوا تاريخه لحوالي 500 ألف عام 
مصت: واطلقوا عليه اسم [الإنسان الفجرى الدوسوني أو 
إنسان داون]ء وكتب ما يقرب من 0 كتاب عن هذا الأمر 
خدع هذا الاكتشاف علماء الحفريات لمدة 45 عامًا) 

هذا مجرد مثال.. والأمثلة كثيرة جدا.. بل إننا في كل 
يوم نسمع كذبة جديدة وخدعة جديدة» ويصدقها الكثيرء لا 


لكونها علمية, ولكن لكونها تصب في ذلك التفكير الرغبوي 





المزاجي الذي جعل الداروينيين ينتصرون لهذه النظرية 
بالصدق أو بالكذب. 

ومن الأمثلة على ذلك أيضا خدعة أخرى اسمها [إنسان 
نبراسكا]. ونددا قصة هذه الخدعة عام 2 وهو الوقت 
الذي كانت الجهود المكثفة تبذل فيه بهدف الوصول 
لبرهان على نظرية التطور. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (169) 

حينها ‏ كان الحميع مهووسون بالوصل إلى ذلك 
الإثبات.. أو بالوصول إلى الحلقة المفقودة التي تصل 
الإنسان بالقرد أو بغيره من الحيوانات. 

حينها أعلن [هنري فيرفيلد ادرنورن] رئيس قسم 
الحفريات بالمتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي عن اكتشافه 
عل وادى الأفاع. عرت سرانكا. 

وقد حدث توافق بشكل تام بناء على ضرس واحد فقط 
انه نتفي إلى فا يسمى" الرجل القرد. نم دارت العديز 
من النقاشات العلمية العميقة حول هذا الدليل المزعوم, 
والذي يكن في الحقيقة أكثر من مجرد خيال. 

وقد أطلق على هذه الحفرية ‏ والتي سببت جدلا واسعًا 
- اسم [إنشسان تتراسكا].. بل شرعان ما تم إعطاء اسم 
علمي عليهاء وهو [هسبيروبايئيكوس هارولدكوكي].. 
وسرعان ما لقي مكتشفها الكثير من الدعم والاهتمام. 

ومما يدل على فداحة التفكير الرغبوي لدى 
الدذارويين: وتشلطةه عليهم: انهم راعوا يخرون العديد من 
الرسومات لإعادة بناء حمجحمة وحتسنيد إنسان نبراسكا 
اعتمادًا على ضرس واحد فقط.. بل ذهبوا إلى ما هو أبعد 
من ذلك: حيثت شرت الغديد من الرسومات الإيضاحية 
لإنسان نبراسكا مع اولاده وروحته .قي بيتتهم الطبيعية 
التخيلية. 

بل بدأ التطوريون مرة أخرى بحشد جميع الوسائل 
المتاحة لهم من أجل هذا السيناريو الوهمي.. 

ومع أن بعض العقلاء في ذلك الحين أقر بأن الأدلة 
المتعلقة بخصوص [إنسان اسدا عدر ملائمة تحاقاء وآن 


الدليل المتاح لا يبرهن على أي شيءء, وأن على هؤلاء 
الانطار يدا سن الدذفب.. إلا أن المعو رين ددر ميم 
على نظريتهم» وخوفهم من 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (170) 
شقنار هذا الدلر الكادب راحواابنيون دملة دصارة 
ا و ا ا 
باعتبارهم غير علماء ولا متخصصين ولا متطورين عقليا. 
لكن بعد كل لد بفترة من الخداع 0 اا أن 


رابعا ‏ التكتم على الانتقادات الكثيرة 
الموجهة لنظرية التطور 


وهو أمر مخالف تماما للمنهج العلمي. ذلك أن الحقيقة 
علمية هادتة: ولا تفرض عليه أى سلطهة أو وصاية. 
ومن الأمثلة التي تدل على ذلك الانغلاق الفكري الذي 


يعانيه الداروينيون» موقفهم من كتاب [التطور: نظرية في 
أزمة] الذي أصدره [مايكل دنتون] عام 1985, والذي أثار 
الكثير من الجدل2 بل من العنف والمواجهة من طرف 
التطوريين2. لسبب بسيطء وهو أنه أقر فيه 0 
وصرح فيه بما جبن غيره أن يصرح به؛ فقد ذكر فيه أن 
نظرية التطور بالاصطفاء الطبيعي نظرية في أزمة علمية 
حقيقية. 

. ولهذا وُصف من قبل العديد من البيولوجيين بأنه نقض 
لأركان نظرية التظطور وهدمها باسس علمية.. ويسيف هذا 
تغرض الكناب ومؤلفقه إلى حملة كبيرة فن التشويهات؛ لا 
لكو لسر لص و لي حم اللستطلت 0 . ولكن الك 
التطور حتى وإن كانت تناقض في كثيز. من . نقاظها 
الحقائق العلمية الواضحة. 





إلى ربط العلم بنظرية التطورء فالعلم يقوم على 
املظ ار م سي شرت الصو عن مرعة 


التتورر ون والشراعات مع العفدنات (171) 

متصلة بماض لا يمكن إخضاعه للملاحظة. 

ولهذا نراهم يتركون الاحتجاج العلمي المبني على 
الاسسس المتطقية النجريبية: ويلحؤون إلى أساليب لا علاقة 
لها بالعلم من أمثال ادعائهم أن النظرية مقبولة بشكل 
واسع في المجتمع العلمي 

وكأن صحة أي م تعتمد على الأغلبية المفترضة 
لأتباعهاء لا على ما يدل عليها من أدلة.. ولهذا يمارسون 
نوعا من الضغط النفسي والدعاية الخالية من اللغة 
العلمية. 

لقد أقر الدكتور [أدرا دينكل]2, وهو برفيسور في 
الفلسفة: ومساند لنظرية التطورء بالطبيعة الخاطئة لهذا 
الأسلوب, فقال: (هل الحقيقة التي يؤمن بها العديد من 
الأناس البارزين أو المنظمات أو الهيتات يثبت صحة نطرية 
التطور؟.. هل يمكن اثبات النظرية بقرار المحكمة؟.. هل 
الحقيقة التي يؤمن بها الشخصيات أصحاب السلطة يجعلها 
صحبحة ؟) )1( 

نم راح يجيب على هذه التساؤلات بقوله: (أريد أن 
أسترجع حقيقة تاريخية.. ألم يقف جاليلو ضد الشخصيات 
الهامة والمحامين» وخصوصًا العلماء في ذاك الوقتي دكلم 
عن الحقيقة لوحده, وبدون أي دعم من أي شخص؟.. ألم 
تكشف محاكم الإستقصاء حالات أخرى مشابهة؟) 

ثم ختم كلمته بقوله؛ (إن كسب دعم الدوائر البارزة 
والمؤثرة في صنع القرار لا يصنع الحقيقةء وليس له علاقة 
بالحقيقة العلمية) 


عر 1 اللره الك( ي] لا ع الك ورت للدي اكه 27 ضاط فلار 
9 . 





التتويريون. والضصراعات: مع المقدسات (172) 


إضافة إلى ما ذكره الدكتور [أدرا دينكل], فإننا إذا 
تاملنا الواقع العلفى حيداء ونطرة حيادية. تحد تطرية 
اكور عير عخيروله عن السجميع التاحي 505 عا ضيه 

نظرية التطور.. بل إنه خلال العشرين سنة عاضية: 

0 مخترمة من العلماء رقص الدارونية سكل 
الداروية بعد رؤية تصميم لا عيب فيه في الكون وفي 
الكائنات الحية. 

والأهم من ذلك كله أن الذين تخلوا عن النظرية هم 
أعضاء من جامعات مشهورة؛ ومن جميع ا العالم.» خاصة 
في الولايات المتحدة, فهم خبراء وأكاديميون في مناصب 
علمية مثل البيولوجيا والبيوكيماء والميكروبيولوجي وعلم 
التشريح وعلم الدراسات القديمة وغيرها من الحقول 
العلمية.. فلذلك, فإنه الخطأ الكبير القول بأن الأغلبية من 
المجتمع العلمي تؤمن بالداروينية. 

وحتى لو فرضنا ان هناك إجماعا على قبول هذه 
النظرية, فهل الاحتكام إلى الإجماع من الناحية العلمية 
احتكام صحيح؟.. وهل الإجماع العلمي معصوم من الخطأ؟ 

لقد عبر عن هذا المعنى [مايكل كريتشتون] حين ذكر 
أن الإجماع يمكن استخدامه في مجالات الدين أو السياسة, 
ولكن لا مكان له في العلمء ذلك أنه يعتمد فقط على الأدلة 
المكتشفة من التجارب العلمية2 ولا يعتمد على أعداد 
العلماء.. 

لقد عبر عن ذلك بقوله: (دعنا نكن واضحين: الأسلوب 
العلمي ليس له أي علاقة بالإجماع. الإجماع هو عمل 
السياسة.. العلم في الوجه المقابلء» يحتاج إلى محققين 
يصادف انهم على صواب» وهذا بعني أن لديه معلومات 
قابلة للإثبات بالمراجع في العالم الواقعي.. أما الإجماع 
العلمي فليس له علاقة: فالذي له علاقة هي النتائج القابلة 


التتويريون والضراغات مخ المقدسات [173) 
للإنتاج.. أعظم العلماء في التاريخ كانوا عظماء بالفعل 


لأنهم كسروا الإجماع.. لا يوجد شيء اسمه إجماع علمي.. 





إذا كان هناك إجماع فهو ليس علما.. وإذا كان هناك علم 
فهو ليس إجماعا.. نقطة على السطر) 

وعبر عكن ذلك في موقف آخر بقوله: (الإجماع بستخد م 
عندما لا يكون العلم صلبًا بما فيه الكفاية.. لا أحد يقول إن 
إجماع العلماء يتفق على أنّ بعد الشمس عنا هو 93 مليون 
ميل.. لم يحدث أبدًا أن تكلم أحد بهذه الطريقة) 

وقال: (أريد أن أتوقف هنا لمهلة وأتكلم عن فكرة 
الإجماع, :والفكرة التي انتشرت بكثرة وهي الإجماع 
العلمي.. أنا اعتبر الإجماع العلمي تطورا خبيثا يجب إيقافه 
دون رحمة. . فتاريخيًاء ادعاء الإجماع كان مأوى الأوغاد.. 
إنها طريقة لتجنب المناظرة بإدعاء أن القضية ]رت 
محلولة.. كلما سمعت عن إجماع العلماء في الموافقة 1 
شيء ما 1د فابحث عن محفظتكء لأنه يتم شراؤك.. 

وقبله ل عبر جاليلو عن موقفه من قضية الإجماع 
العلمي, فقال: (في الأسئلة العلمية. سلطة الآلاف لا 

تستحق التفكير المتواضع لشخص واحد)ء؛ هذا هو القانون 

السب ال لك إل در للم لا تفكير القطيع الذي 
يتصور أنه كلما كبر العدد كانت الحقيقة. 

وفي هذا المقام نذكر نظرية التصميم الذكي التي هي 
البديل الحقيقي لنظرية التطورء والتي تمنينا لو أن 
التنويريين اهتموا بها بدل اهتمامهم بنطرية التطور؛ وهي 
نظرية نشأت في مواجهة نظرية التطور (2)1 وتحاول 
تفغسير نشأة الأنواع الحية اا علميا بعيدا 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (174) 

عن كل أنواع 0 والتفكير الغرضي» وهي 
56 التطور للطبيعة, 0 أداة فاعلة في الحلق .. 

وهي لأجل ذلك تواجه دعاوى التطوريين عن وجود 
عوت فى تصميم الأدواع الخية؛ لكونها تطورت بعضها من 
بعض, فنشات العيوب نتيجة السمكرة وإعادة التخليق, وهي 
لذلك لا تعترف بوجود أعضاء بلا وظيفة:ء أو أعضاء غثّرت 
وظيفتها عبر المشوار التطوري. 

وهي ترى في الأنظمة الحيوية تعقيدات وظيفية 
0 وتعقيدات غير قابلة للاختزال, ومن تنم تعجز 
ا التطورية التدرجية التراكمية عن تفسيرها. 

وهي تحصر دورها في وصف حقيقة الحاء كما هي 
وتزيل عنها الرؤية التطورية الخرافية.. وترى كل 0 
الأنواع عالما قائما بذاته» لم يتطور من غيره؛» ولم 
عنه.. وهي لذلك تفسر خلق الأنواع الحية بكونها تمت من 
قبل مصمم ذكيء ولا تسمي اسم ذلك المصمم ليجتمع فيها 
جميع الاديان المؤمنة بوجود مصمم ذكي بغض النظر عن 
الدينية. 

وقد تعرض اصضحاب هذه النظرية المضايقات كنيرة من 
طرف التطوريين؛ فمنذ بدأت حركة التصميم الذكي, 
والتطوريون يشيعون عن أصحابها أنهم اخَلْقَوِبُون]: مع أن 
المنضمين إلى هذه الحركة والمؤسسات التابعة لها ليسوا 
كذلك جميعا.. فبعضهم دينيون مع اختلاف دياناتهم.. 
وخصيح لا إدريون.. بل إن بعصهم ملاحدة. 

ومن اقطاب هذه النظرية البروفيسور الدين كينيون]؛ 
وهو من أوائل المؤسسين لهذه الحركة, وأحد المشاركين 
في وضع نموذج رشهير لتفسير نشاة البروتين في بدء 
الخلق من خلال الألفة الكيميائية للأحماض الأمينية» بعد أن 


تراجع عن نموذجه واعترف 








التنويريون والصراعات مع المقدسات (175) 





بتعدم وحود قيمة تفسيربة له. 

ومنهم البروفيسور [أنتوني فلو]ء الذي قضى عمره 
في الإلحادء. ثم عاد عنه وصنّف كتاب [هناك إله] الذي أعلن 
فيه تراجعه عن إلحاده: وانضهم إلى حركة التصميم 00 

ومنهم الدكتور البيولوجي [هنري جي] المُحرر بمجلة 
نيتشر التطورية الشهيرة. وذلك في كتابه [البحث في 
أعماق الزمن]ء والذي علق على الاستشهاد ببضعة عظام لا 
تملأ صندوقا صغير على تطور الإنسان أو غيره ‏ مع كونه 

من التطوريين : (إن أخذ سلالة من الأحافير وادعاء أنها 
حل خط كا لا حدر فرصي غلمة شالك للرخار 
وإنما هو تأكيد على قصة تحمل نفس قيمة القصص التي 
تروى قبل النوم ‏ ربما مفيدة.. ولكن ليست علمية) 

ومنهم [جيري فودوراء وهو بروفيسور الفلسفة وعلم 
الإدراك بجامعة ولاية نيو حبر دسي ١‏ والذي اكتبت كتابه في 
التشكيك في حقيقة وجود خرافة الانتخاب الطبيعي مع 
كونه كان حينها ملحداء وذلك في كتابه [لماذا لا تملك 
الخنازير أجنحة؟] 


الات انر _ لط عل لظطلرة 
التطور بالقرآن الكريم 


التطور 4 0 اكتفوا 0 والدعوة البهاء" دون 
ذلك: فنحن تعلم عشقهم لكل عربى نبت أن لم ينيت: كما 
تعلم حبهم لمخالقة ما عليه سائر العلماء. واعتبارهم ذلك 
تحررا ووعيا وتعقلا. 

والتناقض الآكبر الذي يقع فيه هؤلاء هو اهتمامهم 
بعثل هذه القضاياء التى لو 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (176) 
طرحها علماء المسلمين لاعتبروهم متخلفين: ذلك أن 
هذه النظرية ‏ في حال التسليم جدلا بثبوتها ‏ لا علاقة لها 
بأي مجال من المجالات العلمية الواقعية2. فسواء قلنا: إن 





الزرافة تطورت عن حيوان سابقء أو خلقت خلقا جديدا.. 
فإن ذلك لن يغير من الزرافة. ولا من فوائدها أو معارها 
شيئا.. وبذلك فإن البحث في هذا نوع من الترف العقلي 
مثله مثل البحث في أيهما السابق البيضة 5 الدجاجة. 

بالإضافة إلى أن في هذا الكثير من التكلف.. فالله 
تجالى ما أشهدنا حخلة كوندة, ولآ شبىء منده والا ستشهاد 
بالحاضر على الغائب قياس فاسد.. مع أنه لم يثبت في 
المخابر أي دليل على التطور.. كل ما فيه بضاعة كلامية 
مزجاة خالية من كل دليل.. لا يهدف أصحابها إلا إلى تفسير 
كيفية نتشوء الحياة: ومحاولة عزل الله عن ذلك النشوءء 
ابتداء أو استمرارا. 

وبناء على سريان الشبهات التي طرحوها على الكثير 
من الناس, حتى اصبحوا تطوريين اكثر من دارون نفسه؛ 
فإننا سنناقش هنا أدلتهم. لا بتفاصيلهاء وإنما بهدم 
الأسس التي تقوم عليهاء وبيان مخالفتها للمصادر 
المقدسة. 

ومن خلال استقراء النصوص المقدسة في هذا الجانب 
نجد ناحيتين اثنتين ركز عليهما القرآن الكريم» وفيهما 
أحسن الردود على من بتينى هذه النظرية: أو يحاول ربطها 
بالمقدس: أولهما يرتبط بسنة الله تعالى في خلقه, 
وثانيهما يرتبط بخلق آدم عليه السلام» وكيف تم ذلك. 


أولا - المصادر المقدسة والخلق 
المباشر 
تحاول نظرية التطور في أساسها الفلسفي تفسير 


التنوع الحاصل في الحياة2. كما تحاول تفسير نشأتها 
الأولى», بعيدا عن الحاجة للإله إما كليا بعدم الحاجة مطلقاء 


وهو 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (177) 
مذهب الملاحدة: أو جزئيا على مذهب الربوبيين: 
باعتباره اعطى الشرارة الأولى للخلقء ثم تركه يتنوع 
تحسب ما تمليه العشوائية أو التوجية الإلهى. 





ولهذا نجد الكثير من المؤمنين بالله من جملة أتباع هذه 
النظرية2 باعتبارها لا تلغي الله مطلقاء وإنما تعتبره ‏ 
وخاصة على مذهب الربوبيين ‏ مشعل الشرارة الاآاولى, 
لتبقى نار الحياة بعدها تسري من غير إدارة تتحكم فيها. 

لكن المشكلة التي تواجه هذه النظرية هي مصادمتها 
للمصادر المقدسة للأديان الثلاثة خصوصا الإسلام 
والمسيحية واليهودية.. ولهذا انبرى رجالها جميعا للرد 
عليها 


فهي تتفق جميعا في قدرة الله المطلقة على الخلق 
المباشر لأي نوع» متى شاء وكيف شاء من غير حاجة لذلك 
السلم الطويل من التطورء ولا تلك الأحقاب الطويلة من 
الزمان. 

وهذا ما ا القرآن الكريم 0 0 إما على 
العموم المرتبط بجميع أنواع الخلق على الخصوص 
بخلق الحياة نفسها. 

وقد كان في إمكان الددودريسن أن 0 تنوع الا 
بالمضادر المقدسة.. ذلك أن الله تغالى فى إمكانه وهو 
القادر على كل شيء أن يخلقٍ ما شاء متى شاء كيف شاء. 

ولذلك فإن التفسير الأسهل بالنسبة لهم خلافا 
للملاحدة ‏ هو ألا يفسروا التنوع بالطفرة: وإنما بالخلق 
الجديد. فالطفرة عشوائيةء والعلم الآن لا يثبتها بالصورة 
التي تبناها الداروينيون الأوائل» أو الداروينيون الأواخر. 

ونظرية الخلق الجديد التي يذكرها القرآن الكريم لا 
تلغي وجحود تقارب بين المخلوقات.. وإنما تعني أن الله 
تعالى باعتباره خلاقاء لا يطور الخلق السابق ليتحول إلى 





التويريون والصراغات مع المقدسات [178) 
خلق جديدء وإنما يخلقه ابتداء. كما صور ذلك بدقة عند 
ذكره لخلق آدم عليه السلام, والذي ورد في النصوص 
القرآنية والنبوية أنه خلق من طين» ومن حمأ مسنون.. 
بل أشار .إليها القران الكريم عند ذكره للبعث, ا 
(أَفَعَيِيَا بِالْخَلقي الأوَّلِ 0 هم في لَبس مِن خَلقٍ جَدِيدِ) [ق: 
5] فالله تعالى يرد على المشركس” 0 تعجبوا من 


البعث, والذي هو خلق جديدء لا علاقة له بالتطورء بأن ذلك 
يسير جدا بالنسبة لقدرة الله المطلقة. 

كما صور ذلك بدقة عند ذكره لناقة صالح عليه السلام, 
والتي أخرجها من الصخر آية من آيات الله.. كما قال 
تعالى: (وَإِلَى تَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْم اعْنُدُوا الله هَا 
لَكُمْ مِنْ إله غَيْرَهُ قَدِ حاءنَكُم بين عن ربكم 6 هذه نَاقَةٌ الله 
لَكُمْ آبَة قَدَرُوهَا تأكُلَ فِي أرزض الله وَلَا تَمَسُوهَا بِسُوءٍِ 

فَيَأْخْدَكُمْ عَدَاتٌ أَلِيمٌ) [الأعراف: 73] 

فقد كان لهذه الناقة المخلوقة خلقا جديدا من الصفات 
والمميزات ما لم يكن لسائر النوق» فقد كانت تعطيهم لبنا 
كثيراء كما أنها تستقي كثيراء قال تعالى: (قَالَ هذه تَاقَهةٌ 
لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْم مَعْلُومِ) [الشعراء: 155] 

وهكذا فإن من مقتضيات الإيمان بالبعث الإيمان 
بالخلق الجديدء فالإنسان عند بعثه لن يتطور من كائن آخرء 
وإنما سيخلق من حديد من تراب الأارض, وبخصائص حديدة 
تخالف الخصائص التي ولد بها في هذه النشأة. 

ولهذا رد الله تعالى على الذين يفرضون عليه ماذا 
يفعل, وكيفٍ يفعل» بقوله: (أْفَعَيِينَا بالْخلق ى الأول تل هم 
- 9 مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ)1 [ق: 15 ومعناها ‏ كما 0 

: (أعجزنا عن الخلق الأول حتى نعجز عن الخلق 

0 لم نعجز عن الخلق الأول وهو إبداؤه فلا نعجز 
عن الخلق الجديد وهو إعادته) 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (179) 

والمراد بالخلق الجديد (تبديل نشأتهم الدنيا من نشأة 
أخرى ذات نظام آخر وراء النظام الطبيعي الحاكم في 
الدنيا فإن في النشأة الأخرى وهي الخلق الجديد 0-0 ع 
غير فناء وحياة من غير موت) 

وقد أشار إلى هذا أيضا ما ورد في القرآن الكريم من 
القدرات العظيمة التي آتاها الله للمسيح عيسى عليه 
السلام2. ومنها إحياء الموتى» وإبراء الأكمة والأبرص.. 
والتي وصلت إلى حد القدرة على الخلق بإذن الله.. والتي 
وردت في مواضع من القران الكريم» وبصيغ متعددة» منها 
قوله تعالى على لسان المسيح معبرا عن فضل الله عليه: 


-_ 5 


سح 


لوَرَسُولَا إلى بَنِي إِسْرَائيل أي قَدْ جِنْتكُمْ بآيَةِ مِن رَبْكُمْ 
نم أخلق لَحُمْ من الطين كَهَيْئةِ الطَبْر فأَنْفحُ فِيهِ فَيَكونٌ 
طيْرًا بإِذْنِ اللهو)4 [آل عمرآن: 49] 

ومنهاآ منة الله عليه بالقدرة على ذلك, قال تعالى: 
(قَإِدْ تَخلق َ مِنَ الطين كَهَيْنَةِ الطثْر بِإِدْني قَتَنْفُهُ فيا 
قَتَكُونٌ طبر ١‏ 00 [المائدة: 110] 

وهذه الآيات فيها رد شديد على اولئك: الذين : ن 
على الله أن يخلق أي أمة من الأمم ابتداء, ويتصورون 
يفتقر إلى أن يطور خلقا سابقاء ليحصل 0 
وكأنه عامل في مصنع ١ه‏ أو مخترع في مخدر ه وليس قادرا 
على كل شيء.. يخلق ما يشاء.. متى يشاء.. كيف يشاء. 

ولو أن هولاء تطروا فيما بخترعوةء من متترعات 
يزرهون بهاء لكان ذالك وحده كفيلا بتسليمهم لخالقهم: 
واعترافهم بقدرته المطلقة على الخلق ابتداء من غير 
حاحة لأي وسائط. 

فهل كان الجيل الثاني من جهاز الكمدودر ضاعة 
جديدة, أم أن المخترعين راحوا إلى نفس الجهاز القديم 
ينقصون منه ويضيفون» حتى تحول إلى 0 جديد.. لاشك 
أن 


لتتويريون والضراغات مع المقدينات (380) 
الواقع لم يدل على هذاء.. بل إن كل جيل من الأجيال 
يقتضي أن يصنع صناعة خاصة تتناسب معهء مهما كان 
امقر بلس داحتال اننا هد 


ثانيا ‏ المصادر المقدسة وخلق آدم 
عليه السلام 


لم يكتف التنويريون بالضراع مع نلك 2 الدالة 
على قدرة الله المطلقةء وكونه [إدَا قَصَى أمْرًا فَإِنمَا 
يَفُولٌ لَهُ كَنْ فَيَكُونْ) [البقرة: 41117 وإنما راحوآ - نكل 
وقاحة وجرأة ‏ يصادمون النصوص الصريحة التي تنص على 
ان ادم عليه السشلام خلق من نرات: ومن طين, ليحولوه إلى 
كاسن متطور عن كانن شابة : وأن تلك التسوية التي ذكرها 





القرآن الكريم ليست سوى ألفاظا عبثية اعتباطية لا دلالة 
حقيقية لها. 

والمشكلة أن هؤلاء في تكلفاتهم يربطون ذلك بالقرن 
الكريم؛» فيستدلون بقوله تعالى: (إنّ مَل عيشي عِندَ الله 
كَمَئَلِ آدَمَ حخَلَقَهُ مِنْ تراب ثُمَّ قَالٌ لَهُ كن فَيَكُونُ) [آل 
عمرآن: 9 ويلبسون على أنفسهم وعلى الناس, بان الله 
شبه المسيح بآدم غافلين عن أن المشبه به لا يساوي 
المشبه في كل الوجوه. . وغافلين عن أن الله تعالى ما ذكر 
ذلك إلا ليبين أن له الإرادة المطلقة, ولذلك ‏ كما خلق آدم 
علية السلام من غير آبوين» فهو قادر على خلق المسيح 
من غير والد. 

ولو أن هؤلاء تخلوا عن كبريائهم» وراحوا يحترمون لغة 
القرآن الكريم, 5 قولهِ تعالى: فإ قال رَثّكَ 
لِلْمَلايِكَةِ إنيى حَالِقٌ بَشَرّ : مِنْ صَلْصَالٍ من حَمَإ ممسنون (28) 
فَإِدَا سَوَّبْثَةُ وَنَفَحْتٌ 0 مِنْ زوحي فَقعُوا لَه سَاجِدِينَ) 
[الحجر: 8 29] والذي ورد في مواضع متعددة من القران 
الكريم.. لما وقعوا فيما وقعوا فيه.. ولما فضلوا أي فرضية 
مهما كانت على هذه الحقائق المقدسة. 

وبناء على تلك الجرأة نشأت نظريات تأويلية مختلفة 


للقرآن الكريم يمجها الذوق 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (181) 

السليم» وتمجها قبل ذلك اللغة القرآنية الراقية. 

وسنشير هنا إلى بعضها لنرى مدى التهافت الذي 
وقعت فِيه.. فمن ذلك استدلالهم بقوله تعالى: [وَقَدَ 
حلفكم اعذانا) [إبوع: 14]. وكد ها احسب رضم - 
تشير إلى نظرية التطورء وهذا لا يصطدم فقط مع 
موقفهم السلبي من الإعجاز العلمي_ في القرآن الكريم, 
وإنما. تصظدم ايضا. بالحفائق. الفرانية المرسيطة بهذا 
الجانب. 

فالاية الكريمة: والتي وردت في خطاب توح عليه 
السلام لقومهء لا تشير إلى تطور الأنواع: كما تنص نظرية 
التطورء والتي تعني تحول الكائنات من نوع إلى نوع عبر 
العديد من الطقرات والانتخات الطبيعى خلال رمن طويل. 


5020 
حيث تمر آحاد الكائنات الحية خلقا من بعد خلق حتى تتحول 
من نطفة إلى كائن كاملء كما أشارت إلى ذلك آيات كثيرة 
من القرآن الكريم, كقوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَفْنَا الْإِئْسَانَ مِنْ 

سْلالَة من طبن (2د) ثُمّ جَعَلْنَاهُ نُطقةً في قَرَار مَكِينِ (13) 


- 
2 


ثم حَلَفتا | لتُطْفة عَلَقَهَ فُحَلَفْتا | لعَلِقة مْصْعَةٌ فَخَلَفْنَا الْمُضْعَةَ 
عِظَامًا فَكَسَوْا الْعِظَامَ لَكْمًا ثُمَّ أَنْسَأْنَاهُ < اا افسارد 
اللهُ أَحْسَنْ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 2 - 14] 


و بس 2 
آخَرِينَ4 [الأنعام: 133], فقد فسروا [القوم اخ في 
الآبة الكريمة بكونهم خلقا آخر غير البشر. 

مع أنهم لو رجعوا للقرآن الكريم نفسه لوجدوا تأويلها 
واضحا جلياء فالله تعالى ذكر سنته في استبدال كل من 
ينقض العهود بغيرهم من الأقوام» مثلما فعل مع بني 
ارال حين نقضوا العهدء فأبدلهم بالعرب,» ثم هدد 
العرب أنفسهم أنهم في حال 


ان والصراعات مع المقدسات (182) 
استبدالهم سيعوضهم بغيرهم, كما قال تعالى: إلا 
تَنْفِرُوا يُعَدْبْكُمْ عَذَاَا أَلِيمًا وَيَسْتَيْدِلُ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَصُدُوهُ 
7 الله عَلَى كَل شَيْعٍ دار [التوبة: 39], وقال: (وَإِنْ 
تَتوَلَُوًا يَسْتَبْدِلٌ قَومًا عغَيْرَكُمْ نم لا يَكُونُوا أَمْتَالَكُمْ)4 [محمد: 


]38 


فهل تعني هذه الآية الكريمة ‏ على حسب تصور 
الدودر سن - هدو بطور الإسسان إل حلد آخره لان الآ 


الكريمم ذكرت عدم شبيههم بالقوم السابقين: نم لا 
يَكُونُوا أَمْتَالَكُمْ)؟ 

وقدرصرحت آيات أخرى بهذا. المعنى, فالله تعالىي قال: 
(إنْ يَشَأْ يُدْهِبْكُمْ أَنّهَا النّاسن وَيَأَْتِ بِآجَرِينَ كَإِنَ الِلَهُ عَلَى 
دَلِكَ قَديرًا) [النساء: 21133 وقال: ْ حل 
السَمَاوَاتٍ وَالأرض بالْحَقّ إِنْ يَشَأ مُذْجه 
ا [إبراهيم: 2119 وقإل: (إِنْ يَشَأ - 
جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى الله بعَزِيزِ) [فا 





ومن ذلك استدلالهم بقوله تعالى: (إنََ اللّة اصضططقى 
آدَمم وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) [آل 
عمران: 3 فقد 9 الله تعالى اصطفى آدم عليه 
السلام عبر طفرة جعلته مخالفا للجنس السابق الذي كان 
عليه أجداده. 
وغفلوا عن أن الله تعالى ذكر اصطفاء نوح وآل 
عمران. فهل كان اصطفاؤهما أيضا عبر طفرة ميزت بينهم 
وببسن آبائهم وأجدادهم؟ 
بل إن القرآن الكريم ذكر سنته في الاصطفاء؛ فقال: 
قل ِالْحَمْدْ لِلَهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الذ, اضطقى آللمُ خَيْرْ 
يَسْرِكُونَ4 [النمل: 59]» وقال: ثُمَْ أو وَرَنْتا الكِتَابَ الَّذِينَ 
امطلقانً من عتادنا كمنوم طإلم لتفسه وملهم فقتضز 
مِنْهُمْ سَابقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ الله ذَلِكَ هُوَ الْفَصْلُ الْكَبِيرُ) 
[فاطر: 32] 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (183) 
وذكر نماذج عن ذلك الاصطفاء, ومنهم مريم عليها 
السلام» قال تعالى: (وَإِدْ فَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ _ 
اضْطّفَاكِ وَطهَرَكِ وَاضْطفَاكِ عَلَى نِسَاءٍ الْعَالَمِينَ؟ة [ 


0 02] 5 
منهم طالوتء كما قال تعالى: (وَفَالَ لَهُمْ تبِيِّهُمْ إنّ 
اللّهِ قَدْ بَعْتَ لَكُمْ طَالُوت مَلِكَا قَالوا أنّى يَكُونٌ لَهُ الْمُلْكَ 


عَلَيْنَاوَتَحْنٌ أَحَقٌّ بالمْلِكِ مِنهُ وَلَمْ يؤْت سَعَهة مِنَ المَالٍ قَالَ 
إن الله اضطفاة عَلَيْكُمْ وَرَادَهُ بَسْطةً في العِلم وَالجسشم) 
[البقرة: 247] 1 1 

فهل هؤلاء جميعا تحولت جيناتهم عبر طفرة وراثية من 
نوع إلى نوع, أم أن المراد منه الاصطفاء المرتبط بالقيم 
والأخلاق والإيمان2 لا بالنواحي البيولوجية التي يشترك 
فيها البشر جميعا. 

. ومن ذلك استدلالهم بقوله تعالى: (وَاللَّهُ أَنبَتَكُمْ من 
الآ رض تَبَاتًا1 [نوح: 2117 فقد فسروها بتلك التفسيرات 
المادية لمبدأ الخلق [الحساء البدائى]2 والذي لم يثنبت 

علمياء ويستحيل أن يثبت علمياء وقد ذكرنا الردود على ذلك 
بتفصيل في كتاب [الحياة: تصميم لا صدفة] 


والمراد من الآبة الكريمة هي نفس المراد من قوله 
تعالى عن مريم عليها السلام: تلج رَبها بغبو 

وَأَنْبَتَهَا تبَائًا حَسَبًا [آل عمران: 37]. وقد 00 ال 
الرازي عن ابن الأنباري في تفسيرها قوله: (التقدير أنبتها 
الحسن إلى ما تتخلق بالدعا؛ ومنهم عن صيرقه إلى ها 
يتعلق بالدين» أما الأول فقالوا: المعنى أنها كانت تنبت في 
اليوم مثل ما يبنيت المولود في عام واحدء وأما في الدين 
فلأنها نبتت في الصلاح والسداد والعفة والطاعة) (1) 


3 


ا 


11 :2215 ك2 الى أ المت الك . (8/ 0206 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (184) 05 
ومن ذلك استدلالهم بقوله تعالى: (الذزي |1 حَسَنَ كل 
شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأُ حَلْقَ الْإِنْسَانٍ مِنْ طِينٍ 7) ؛ َ َم جَعلَ مَسْلَةٌ 


مِنْ سلالةٍ مِن مَاءِ مهين (8) ثم سَوَاهُ وتفخ فِيهِ مِنْ روحِهِ 

وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأتصَارَ وَالْأَفَيْدَهَ فَلِيلَا مَا تشكزون) 
[السجدة: 7:- 9], وقد حملوا هذه الآنة محامل عجيبة. لا 
علاقة لها باللغة, ولا بسائر الآيات القرآنية. 

. فقد فسروها على أن المراد منها أن الله تعالى بدأ 
خَلقَ الإنسان من طين أي من [الحساء البدائي] كما يقول 
الداروينيون» والذي اختلفوا في الطاقة التي وهبته الحياة؛ 
ثم جعله يتناسل بالماء المهين» عبر المراحل المختلفة.. 
ومن عفن الطين المنتن نشأت أبسط وأصغر أنواع الحياة 
ممثلة في بعضص أنواع البكتيرياء وبعضص الكائنات وحيدة 
الخلية التى لم تتميز بعد على أنها نبات أو حيوان.. ومن 
هذا الأصل المشترك لجميع الكائنات نبت فرعان من الخلايا 
المجهرية تولد من أحدهما النبات. ومن الآخر الحيوان.. 
وعبر ملايين السنة تطورت هذه الحيوانات لينشأ منها 5 
(1). 

وهذا تفسير عجيب جدا لا يصلح في أبسط التعابير 
البدائية التي نستعملهاء فكيف باللغة القرآنية الدقيقة 
والمتماسكة, فهل يصح الشخصض تسأله عن المادة التي بنى 
ونترونات, أو من العواد الأولية البسيطة ال بشكل 00 





الذرة» أم أنه ٠‏ يذكر لك آخر شيء تتشكل منه الجزيئات التي 


211 ول روتكيف د إن ادلها عل ذلك إسك. الأب ]ل آن الإسان لك جلو شر الل فاسشرة 

ن سلالة خلقت من طين: وهذه السلالة هي الكائنات الحية التي خلقت من مادة الأرض؛ وتسلسل ظهورها حتى 
لت ال ان 2 رك كر كات ل ار 2 رحد 0 لعا ]نظ القاط رم 
ل لا سا عر عطليت 1ل ادال ل 6 كنات 21 1622 ]د 
لسرن ذلك وق] ارك ف شن إلك ل( الس )5 2 2اللة (257 - 058] 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (185) 
وهكذا نرى هذه اللغة مستعملة في حياتنا جميعاء فلا 


نذكر في تعابيرنا إلا آخر شيء متشكلء لا أوله: ولا 


ولو كان الأمر كما ذكروا لأخبر الله تعالى الملائكة 
عليهم السلام أنه خالق بشرا من سلالة الشمبانزي: أو من 
أي حيوان آخر, وأنه سيقوم بإجراء طفرة في سبيل ذلك 
ولم, يقل لهم: (إني خَالِقٌ بَشرًا مِنْ طين (71) فإذا سوّيثة 
وَتَفَحْتٌُ فيه مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَه سَاجِدِينَ) [ص: 71, 10 
وهي كلها مرتبطة ببعضها بفاء الترتيب والتعقيب. 

ولو كان الأمر كما ذكروا لما قال الله تعالى: (لَقَدَ 
خَلَفْنَا الإِنْسَانَ في اخسّن 0 [التين: 214 وهو يشير 
إلى أن كل إنسان في أحسن تقويمء وأن البشر لم يمروا 
بأي مراحل تطورية. 1 

بالإضافة إلى ذلك,. فإن القران الكريم ذكر لنا منالا 
0 كم والقرآن يبيفهم بعصه من لحن فقد قال 
كْهَيْنَة الطّيْر بإذني فتنفخ ففِيههَا فتَكونٌ طيرًا بإذيي) 
[المائدة: 110]) فهل كان المسيح عليه السلام اكثر قدرة 

من الله تعالى بحيث خلق الطير في لحظة واحدة: بينما 
0 مذهب الداروينيين احتاج للم تعالى إلى مئات 
الملايين من السنين لتتشكل الطيور؟ 

أما مفعنى السلالة التي توهموا 71 المراد منها هو سلالة 
الحيوانات السابقة لآدم عليه السلام2. فذلك غير صحيح, 
وبحسب اللغة القرآنية نفسهاء ذلك ان السلالة في اللغة 
مشتقة من قولهم: [سل الشيء] إذا انتزعه واستخرجه من 
غيره2: والشيء المسلول هو المنتزع من شيء آخرهء والآية 


الكريعة نصت على أن الإنسان مستل ومستخرج من 
وقد قال الزمخشري ‏ اللغوي الكبير ‏ معبرا عن ذلك: 
(السلالة: الخلاصة, لأنها 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (186) 

تسل من بين الكدرء و(فعالة) بناء للقلة كالقلامة 
والقمامة. وعن الحسن: ماء بين ظهراني الطين. فإن 
قلت: ما الفرق بين من ومن؟ قلت: الأول للابتداء. والثاني 
للببان» كقوله من الأؤثان. فإن قلت: ما معنى: جَعَلْنَاةُ 
الإنسان نطفة؟ قلت: معناه أنه خلق جوهر الإنسان أوّلا 
طيناء نم جعل جوهره بعد ذلك نطفة) (1) 

فالآية الكريمة تدل على أن أصل خلقة بني آدم 
وابتداءها كانت من الطين 0 وليس .من حيوانات 
5 كما قال تعالى اععررا ذلك في انه أخرى: (الذي 

سن كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ و وَبَدَأْ خَلْقَ الْإِنْسَانٍ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ 

عل شل مِنْ سْلالَةِ مِنْ مَاءِ مهين (9) نم سَوَاهُ ونقَمَ فيه 
مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفَيْدَةَ فَلِيلَا مَا 
تشكرزون1 [السجحدة: 7 - 9] 

بالإضافة إلى ذلكء, فإن الآية الكريمة التي لووا أعناقها 
تخالفهم تمام المخالفة. فالله تعالى 0 أن آدم ا 
د لك كر الي ا ا 
إلى الطين: مع أن .الله تغالى 0 أن سلالة آدم عليه 
السلام من سلالة من ماء مهين» كما قال تعالى: سل 
تشلة من سْلَالَة من مَاءٍِ مَهِين ) [السحدة: 8]» مينما نب برى 
التنويريون أن آدم نفسه من سلالة من ماء مهبيبن.. وهو 
خلاف ما ذكره القران الكريم. 

أما الإشكال الأكبر الذي وقعوا فيه, والذي نشأ من 
ل الا القرآنية, فهو تصورهم أن قوله 
تعالى: رم سَوَاهُ وَتَفْحَ 2 فِيهِ مِنِ رُوحِه وَجَعَلُ لَكُم السّمْعَ 
وَالْأَبْصَارَ الا ة فَلِيلا مَا تشكرزونَ) [السجدة: 9] خاص 
بآدم عليه السلام, بينما الأمر ليس كذلك» فهذه الآية 
الكريمة جاءت بعد قوله تعالى: ( ثُمَّ جَعَلَ تَسْلَهٌ ه مِنْ شْلالة 





للك اك 1 1 كر 252 الك ال لك 11751 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (187) 
مِنْ مَاءٍ مَهِينِ) [السجدة: 2]8 وهي تشير إلى أن تلك 
التسوية والنفخ تعبير عن المراحل التي يمر بها الجنين 
كما ذكر ذلك في آيات أخرىء وبالتالي فإن أداة (ثم) التي 
استدلوا بها ليس المراد منها تأخر خلق آدم عر عن الطين 
لمراد منها المراحل التي يمر بها الجنيب» ولتي 
٠ 0 :‏ كما قال تعا 
١ ْ‏ ن_البَعْثِ فَإِنًا حَلَفْتَاِكُمْ 


واع5 9 2.. عو د[قلي. 


- 
- 


-25 -3 
: 0 كم كر 2 


صخ 


ب الْأَرْحَامٍ مَا نَشَاءٌ إلى أَجَلِ 


: : شدَّكُمْ) [الحج: 5] 

دفن ل استدلالهم 0 بين البشر والإنسان, 
وهو تكلف عحبيب هه وعدم فهم 00 القرآنية, 0 
وقعوا فيه من التفريق بين : 
الأشياء, بدعوى عدم الترادف: 
تغبير حقائق الأشياء, وإنما مع أن عد فقط.. كما بقول 
الغرالىن: (هذه الأسامي مختلفقة. المفقهوهات. وليست 
مترادفة لأن الصارم يدل على السيف من حيث هو قاطع, 
والمهندذ يبدل على السيف من حيتت نسيته إلى الهند, 
والسيف يدل دلالة مطلقة من غير إشارة إلى غير ذلك) (1) 

وهكذاء فإن لفظتي البشر والإنسان مترافتان من حيث 
الحقيقة المرادة منهماء ومختلفتان من حيث دلالة كل 
منهما على الأوصاف المرتبطة بالإنسان.. فالبشر له دلالته 
اللغوية الخاصةء والإنسان له دلالته اللغوية الخاصةء ولو أن 
كليهما يشتركان في الدلالة على الإنسان. 

ومنل ذلك عثل اسعاء الله الحسسيى:؛ فيئى لا نعف أن 
لكل اسم إله الخاص بهء وإنما تعني أن الله تعالى واحد 
لكن له أسماء كثيرة بحسب الاعتبارات المختلفة. 


2008 الممصد الاش رض‎ )1١ 





التنوبيريون والصراعات مع المقدسات (188) 


وللجمال بل حتى للخمرء وذلك لأن لكل اسم دلالته على 
وصف من الاوصاف» لا على حقيقة جديدة. 

هذه 0 النصوص ل استدلوا بها على قضية لم 
دانسا لسر المخالعة. 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (189) 
القسم الثالث 
اله ريون واحكام الشريةه 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (190) 


التنويريون.. والصلاة 


من القواسم المشتركة للتنويريين جميعاء قديمهم 
وما يرتبط بها من معان روحية سامية. 

و سر ذلك بسيط» وهو أن تصورهم للدين تصور مادي 
بحت, يبدأ بالحياة الدنياء وينتهي بهاء وغاية الحياة عندهم 
هي تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية, وأن دون 

بن حضارة مادية راقية كالحضارة الأوروبية: 
باعتبارها نهاية التاريخ» والنموذج المثالي للرقي الإنساني. 
ولذلكت ينظرون إلى الشعائر التعبدية. في أحسن 
الأحوال, باعتبارها مجرد أدوات ووسائل لتحقيق هذه 
الغايات المادية الدنيوية: لا باعتبارها أهدافا بحد ذاتهاء أو 
أهدافا كبرى 

اك 0 ذلك ينكرون الأحاديث النبوية المطهرة التي 

اتفقت عليها الأمة بمدارسها المختلفة: والتي تعظم تلك 





00 وتبين خطر جحودهاء أو التقصير فيهاء أو التهوين 
من 

وبناء 5 أيضا نجدهم يحملون على الفقهاءء. ويزدرون 
بحوتهم في هذه الجوانب: لتصورهم أن هؤلاء الفقهاء: قد 
غاب عنهم جوهر الدين ولبابه. الذي هو الرقي الماديء لا 
الرقي الروحي. 

وبعد أن يقوم هؤلاء التنويريون بعزل الحديث الشريف 
المبين للقرآن الكريم» والمؤكد لمعانيه2 والمفصل لهاء 
وبعد أن يحملوا حملتهم على الفقهاء والمفسرين 
والمحدثين» يخلو لهم الجو مع القرآن الكريم» ليتلاعبوا 
بألفاظه ومعانيه: ويحولوها 0 المسار الذي 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (191) 

بريدونه عبر استعمال خدع وحيل كثيرة. 

ومن تلك الحيل إخراج الصلاة من مفهوم العبادة 
الواردة في القرآن الكريم, والذي اعتبره الله تعالى غاية 
الغايات عندما قال: (وَمَا خَلَفْتُ الجن وَالَإِنْس إلا لِيَعْبْدُونِ) 
[الذاريات: 56] 

فشحرور والكثير من التنويريين يفسرون هذه الاية 
تفسيرا ماديا دنيويا 1 حييتثت يقصرون العبادة على تلك 
التعاليم التي اتفقت الأديان عليها (1): والتي وردت في 
آخر سورة الأنعام, والتي تشمل: بر الوالدين.. والقسط 
في اليتيم.. والوفاء بالعهد.. وعدم الاقتراب من 
الفواحش. وعدم قبل السفس! . وعدم الغش بالمواصفات.. 
وغيرها من القيم الأخلاقية التي لا يجادل أحد في أهميتها. 

ولكنه لا يمكن أيضا أن يجادل في اعنية الصلاة: 
واعتبارها غاية في حد ذاتهاء لا مجرد وسيلة. . لكن شحرور 
الذي يفسر القرآن الكريم بمزاجه2 يأخذ ببعض الكتاب 
ليضرب بعضهء فيأخذ قوله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بالصَّبْر 
وَالضّلَاةَ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَهُ إلا عَلَى الْحَاشِْعِينَ) ار 45 
ليصور أن الصلاة مجرد أداة للاستعانة بها على تحقيق تلك 
العبادات أو القيم الأخلاقية غافلا عن أن المقصود بذاته 
وبالأصالة» يمكن استعماله وسيلة لغيره» وهو لا يعني كونه 
غير مقصود بالأصالة. 





وخطورة هذا الطرح,. الذي هو اعتبار الصلاة مجرد 
د يوقعنا في ذلك الانحلال من الشريعة الذي وقع فيه 
تعض الصوفية عندما تصوروا أن الغاية هي الوصول إلى 
الل فإذا وصل المرء إلى الله لم يعد مطالبا بتطبيق 
الشريعة وتكالفيهاء ويستعملون في ذلك نفس ما استعمله 
شحرور من ضرب القرآن الكريم بعضه ببعض, 


0 ال اتات الا 6 5 1 2 الضيع 2ن ( فنان الالكاة” 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (192) 

فيجعلون البقين غاية تنتهي عندها العبادة مستد لين 
على ذلك بقوله تعالى: (وَاعْبْدْ رَتَكَ حَتّى يَأْنَِكَ البَقِينٌ) 
[الحجر: و9]: 

وهكذا يفعل شحرور عندما يجعل الصلاة التي هي 
عمود الدين2,» مجرد وسيلة لتحقيق تلك القيم الأخلاقية 
والاجتماعية2» وحينها يقول المتحقق بها: ما دامت هذه 
القيم هي الهدف المقصود من الدين» ومن شعائره 
التعبدية» فما الحاجة بي إلى الصلاة؟ 

وهذا الكلام ليس محرد استنتاج استنتجناه من كلام 
شحرور وغيره في هذا المجال» وإنما هي حقيقة واقعية: 
ينطقون بهاء ويتباهون بهاء ويحتقرون الأحاديث التي 
اعتدرت الضلاة ركنا من اركان الدين. وعلاهه اساستةه كيرى 
للمسلم: ٠‏ وفارقا بينه وبين غيره. 

ومن أمثلة ذلك قول شحرور - في بعضص لقاءاته التي 
يحرص الإعلام على بثها ونشرها لتحقير أركان الدين 
الكبرى ‏ يخاطب الفقهاء محتقرا : (أود أن أسأل 
السادة الفقهاء: ما حكم جاحد الخلاه و مهملها؟ و ؟ وما 0 
عقوبته؟ هل هو كافر أم فاسق أم منافق أم عا 
اعتاد الفقهاء على إطلاق الأحكام على الناس 0 0 

تركهم الصلاة أو إقامتهاء وقد سئلت أنا شخصياً إن كنت 

أقيم الصلاة أم لا ورفضت الإجابة لأنه لا يمكن لأحد أن 
يحكم على علاقتي مع الله إلا الله نفسه.. وأنصح القراء 
نان بردوا بحوات على هدا السوال بأنه لا علاقة لكم أيها 
الفقهاء بذلك» وكثيرون منهم قالوا أن حاحد الصلاة كافرء 
وحكموا عليه بالردة: والردة عقوبتها الإعدام إذا رفض 





الاستتابة كما يقولون: والمتقاعس عن الصلاة يتم جلده.. 

علماً إن الشعائر من صلاة وزكاة وحم وصوم لا بحقى لأحد 
الحكم عليهاء حتى الزكاة يمكن أن يزكي الإنسان بالسر, 
والله تعالى سمح بالإنفاق بالسر والعلن) 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (193) 
ثم يبين موقفه مقابل موقف الفقهاء؛ فيقول: (أما 
]0 لا يحق لأي إنسان أو سلطة أن يكره الناس 
على إقامة الصلاة أو يمنعهم من إقامة الصلاة: وبالنسبة 
لنا الثواب والعقاب يكمن ضمن كلمة الله العليا التي هي 
حرية الاختيار» فحرية الاختيار يقابلها طاعة الطاغوت.. أي 
أن حرية الاختيار هي رأس الأمر كلهء فإن كنا نؤمن بالله 
يجب أن نؤمن بحرية الاختيار.. وليس من مهمة السلطة أو 
أي مؤسسة سوق الناس بالقوة إلى الجنة: ولايحق لها 
إبعادهم بالقوة عن النار) 1 
وهذا كله من الوسائل التي تهون من شان الصلات: 
دلرو ا ار ا 1ن 
الي الا اندعو إلى الصلاة فقط, ا تدعو إلى الل 1 
والمبالغة في الأمر بهاء كما قال تعالى: (وَأَمْرْ أهلك 
بالضّلَاةٍ واضخطبز عَلَيْهَا لا تَسْألْكَ ررقًا تحن تَزْرُفُكَ وَالْعَاقِبَةٌ 
لِلتَقوَّى) [طه: 21132 وكما أثنى 0 ساملا عليه 
السلام, فقال: (اذْكْرَ في الكِتابٍ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ 
الْوَعْدٍ عْدِ وكات رشولا تبيًّا (54) وَكان يَأمْرَ أَهْلَهُ بالضَّلاة 
وَالرّكاة و ن عِنْدَ رَبّهِ مَرْضِبًا) [مريم: 54: 55] 
بل إن الله تعالى من رسولهة صلى الله عليه وآله وسلم 


اك 


وَآخَرُونَ 0 ا سَبيل الله فَافَرَءَّوا مَ َه تمسر منة 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (194) 

وَأَفُْرِصُوا الله فَرْضًا حَسَبًا وَمَا يُقَدَّمُو | لِأَنْفْسِكُمْ مِنْ حَيْرِ 
تَجِدُومٌ عِنْدَ الله هُوَ خَيْرًَا وَأَعْظمَ َخِرَ] - وَاسْتَغْفِرُوا اللة إِنّ 
الله عَفُورُ رَحِيمٌ) [المزمل: 20] 

فهل كان قيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 
وأصحابه السابقين بهذا الجهد الكبير من الصلاة في الليل 
أو أكثر الليل مجرد وسيلة لتحقيق تلك الغايات التي هي 
موحودة عندهم أصلاء ولا حاحة لهم للاستعانة بالصلاة لأجل 
تحقيقها ؟ 

هذه مجرد خدعة من الخدع التي يستعملها التنويريون 
للتحقير من شأن الصلاة, وهي مع خطورتها لا تساوي شيئا 
أمام ذلك التأويل لمعناها 

ومن منلته ما نشره شحرور في موقعه )1( لكاتب 
تنويري يشرح معنى الصلاة. فيقول مقدما لذلك بهذه 
المقدمة التي توضح تصور التنويريين لغاية الدين: (ماذا الو 
أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم لم يو 
القرآن.. أقصد لو كان مثل باقي معظم الأنبياء (مثل ل 
يونس إدريس, إلياس, شعيب.. فهؤلاء أنبياء لم يفضلهم 
المعاملات والإنتاج والأبداع والأختراعات؟.. هل سنكون 
مثل اليابان» فلم يؤت لهم نبي أو 0# وانظر الى 
حضارتهم وتقدمهم ونضوج عقلهم واختراعاتهم!) 

هذه هي المقدمة الخطيرة التي توضح البنية المادية 
للعقل التنويري؛ فالإنسان الكامل عندهم ليس أولئك 
الأنبياء والأولياء الممتلئين بالروحانية والتواصل مع الله, 
وإنما هو الإبسان الياباني المنتج والمبدع والمخترع. 

ثم راح ينطلق من تلك المقدمة, ليوضح المفهوم 
لحقيقي للصلاة:» والذي غاب عن السنة النبوية المطهرة: 
كما غاب عن الفقهاء والمفسرين والعلماء في كل 
العصورء ومن 


(1) مفهوم الصلاة. يعقوب العبيدي. موقع شحرور. 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (195) 

كل المدارس الإسلامية؛ فيقول: (لابد من تعريف مهم 
في حياتنا كمؤمنين.. هذا التعريف يخص الصلاة واسمح لي 
يا دكتور ‏ يقصد شحرور ‏ أن أعرفها: هي الديمومة التي 
يبقى فيها الفرد متصلاً بالله». باحثاً عن الحقيقة والوسيلة 
التي توصله الى المعارف الإلهيه مادام حياً.. ومن خلال هذا 
الاتصال والبحث سيكتشف النور والحقيقة) 

وقد يخطر على البال هنا أن مراد الكاتب هو نفسه 
مراد العارفين من هدف الصلاة الذي هو المعرفة بالله 
والتواصل معه.ء. لكن الأمر ليس كذلك,2 فهو يقول بعد 
استعراضه لكم الكبير من الآيات القرآنية, يلوي أعناقها كم 
يشاء: (وبعد انتهاء عهد وعكصر النيبوات كان ولابد على 
الانسان من مواصلة هذا النهج (الصلاة) من خلال هذا 
المقام العلمي للتوصل إلى مزيد من العلوم والمعارف 
التي لم تكتشف حتى يومنا هذا (مطلع القرن الواحد 
والعشرون) وعلنا حن كمومين الله و رسولهة وكنيدت 
وملائكته العودة الى هذا النهج العلمي (الصلاة): وأن نبقي 
في ديمومة التواصل في البحث عن الظواهر 0-0 
وباقي العلوم التي ستخرج من الظلمات الى النو 
سنخرج نحن كذلك دون الرجوع والنظر الى الخلف أو !| 3 
الوراء وما قاله السلف وغيرهم.. ومن خلال هذه الأبحاث 
والاكتشافات التي توصلنا إليها سيكافئنا الله عز وجل. من 
هنا نصل الى تعريف مفهوم نظرية الصلاة) 

وهكذا تتحول الصلاة بهذا المفهوم إلى بحث علميء لا 
إلى معراج روحيء. ويصبح المصلي حينها ذلك الباحث 
والمخترع والمكتشف. لا أولئك البسطاء الذين يركعون 
ويسجد ون . 

ولست أدري ما الداعي لخلط الأمور ببعضها.. فالمنهج 
العلمي محترمء والعلم محترمء والعلماء مهما كانت أبحاثهم 
محترمين.. وهم ليسوا جميعا بحاجة لأن نهون من 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (196) 





ا ل ا 01 و 0005577 0 
الصلاة في الشرع لها تا ودلالتها الخاصة, والمقترنة 
بالتواصل مع اللهء لأجله. لا لأجل شيء آخرء فالله هو 
الغاية الكبرى2. وليس هو محرد وسيلة لتجقيق رفاهنا في 
الدنياء كما قال تعالى: وت إلى رَبَْكَ الْمُنْتَهى) [النجم: 
2 وقال: (فَفِدَّوا إلى الله إني لَكَمْ مِنهَ تذيل ةك 
[الذاريات: 50], وقال: ( فَإِدَا فَرَغت قَائنْصَتْ (7) وَإِلى رَ 
فارزَعغبٌ) [الشرح: 7 8] 

ومن هذا المنطلق يتلاعب شحرور بالألفاظ القرآنية, 
بل بالرسم القرآني ليعتبر أن كل كلمة وردت في المصحف 
الشريف بالألف [الصلاة]؛ فالمراد منها مجرد صلة بين العبد 
وربه» وقالبها الدعاء. ولا تحتاج إلى إقامة وطقوس, 
ويؤديها كل إنسان له بالله صلة على طريقته الخاصة. 

أما الواردة بالواو [الصلوة].ء فهي صلة بين العبد وربه, 
ولها طقوس وحركات محددة خاصة بهاء كالقيام والركوع 
والسجود والقراءة» وتحتاج إلى إقامة,. أي على الإنسان ان 
يقوم ليؤديها.. وتعتدر انها وردت في القرآن الكريم 

رسا دهم المرى بادى ذي بدء أن هذا الكلام لا غبار 
عليه. ولا حرج فيهء فالصلاة مثل الركوع والسجود وغيرهما 
قد يقصد بها تلك الحركات المعروفة. وقد يقصد بها مجرد 
الصلة المطلقة مع الله لكن شحرور لا يكتفي بهذاء ولا 
يقف عند هذا الحدهء وإنما يستعمل حيلا كثيرة ليصل من 
خلالها إلى نتائج خطيرة جدا. 

وملخص تلك النتائج - باختصار هو أن الصلاة ‏ عنده ‏ 
نوعان: الأولى لا نصح الإسلام من دونهاء وهو وحود صلة 
مع الله بأبسط صورهاء كأن نقول (يا رب ارحمني) بأي 
لغه؛ وباى وقت وشكل. وعن بيقطح الصله مح الله فهو 
وفق التنزيل الحكيم مجرم, 


ا 00 ل ل ل سانا 


كدب 0 الآخر هو من المجرمين وهو ليس من 
المصلين. 





وبناء على هذا يفسر كل الآيات التيروردت في 3 
تارك الصلاة كقوله تعالى: (فَوَيْلُ لِلمُصَلَينَ (4) الذِينَ 

عَنْ صَلَاتَهمْ سَاهُونَ) [الماعون: 4» 5], والتي يعقب عليه 
0 (فهنا الكلام ليس عن ظهر وعصر ومغرب, بل عمن 
قطع صلته مع الله؛ لأن الويل أيضاً للمكذبين بالله ا 
الآخرء وهذا لا يمكن أن يكون لمن فقط تقاعس عن إقامة 
صلاته. فنرى أن هناك عقوبة واضحة للمجرم قاطع الصلة) 

أما النوع الثاني2, وهو ما يسميه [الصلاة الشعائرية], 
ويرى شحرور أن الله تعالى لم يذكر أي عقوبة لتارك هذا 
النوع من الصلاة, ذلك أن الصلاة الأساسية عنده فقي 
الصلاة الأولى, أما الصلاة الثانية: فليست لها تلك الأهمية, 
ولا يتعلق بها العقاب لا الدنيوي: ولا الأخروي» وقد أجاب 
عن سر ذلك عند تعليقه على قوله تعالى: : لواقم الصَّلَاةَ 
الضَّلَاة تَنْهى عَنِ الْفَخشاءٍ وَالْمُئْكَرٍ وَلَذِكْرَ ا أكبَر وَاللَهُ 
يَعْلَمُ همَا تَصْتَعُونَ) [العنكبوت: 2]45 فقال: (رب سائل 
يسأل: الله ٠‏ أ من ماذا؟ السؤال الصحيح: ذكر الله أكبر؟ 
وذكر الله أكبر ممن ماذا؟ أقول: ذكر الله أكبر من إقامة 
الصلاة ذاتهاء اي أن الإنسان تحب أن يكون من المحصلدن 
أولاًء وإذا دخل الإيمان يكون من مقيمي الصلاة2: أي في 
بعص البلدان إن وحد مسحد ولم يو من يبقيم الصلاة 
فعلى الأقل نحافظ على الأذان لأنه ذكر ر الله علناً) 

وبهذا فإن الصلاة الحقيقية والتي توعد الله التاركين 
لها عنده هي الدعاء. والمصلي عنده هو الذي يكتفي بدعاء 
الله ولا بهم علن ات دين كان: . فالمسلم عنده يشمل كل 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (198) 
ولا يكتفي التنويريون بهذاء وإنما 
ص اخ ا[ يردون 1 06 د 25 
س الإسلامية في شانهاء وشان أركانها ومواقيتها 


اها ويحتقرون كل الفقهاء الذين تحدثوا عن 


سن الأمثلة على ذلك ما نشره شحرور في موقعه من 





اج ا 
لنت تلك الصلوات الحمسة المكروفة, ا دده 
فقط: صلاة في الصباح الباكر» ووقتها في أول النهار.. 
ومقدارها من الوقت: هو مقدار طرف النهارهء ويبدا من 
بداية النهار عند تلاشي الظلام إلى قبل طلوع الشمس.. 
وصلاة في المساء: ووقتها في اخرٍ النهار: ومقدارها من 
الوقت: هو مقدار طرف اتشهار: وذا هذا التوقيت من قبل 
غروب الشمس إلى آخر النهار عند بداية الظلام, أي عكس 
ما يقع في الصباح تماما.. وصلاة في الليل2» ووقتها في 
أول الليل2, ومقدارها من الوقت: يبدأ توقيتها من أول 
الليل إلى غسقه أي حتى يشتد الظلام 

ويلخص ذلك بقوله: (وخلاصة القول أن الله فرض علينا 
ثلائة أوقات تقام فيها الصلاة2. صلاة في أول النهار 
وتسمى الفجرء وصلاة في آخر النهار وتسمى الوسطى, 
وضلاة فى أول الليل وتسمى العشاء. ولم برل الله غير 
هذا إلا ما كان نافلة في الليل2. ومن قال غير هذا فقد 
افترى على الله كذبا وقال على الله ما لم ينزل به 
سلطانا) 
وأوقاتها ا عما 0 في ل من السنة المطهرة 
المتواترة والمجمع عليهاء يقف على برجيه العاجي قائلا 
بكل غرور: (إلى جميع العلماء, رؤساء الأحزاب الإسلامية: 
رؤساء الأحزاب التالية: 


لي ل ل ل ل ]وشا 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (199) 

السنة: الشيعة:ء الإباضية: المعتزلة: المالكية,: الحنفية, 
الحنبلية: الشافعية: الزيدية: الجعفرية: الإمامية: المهدوية: 
الصوفيةء الشاذليةء القادريةء التيجانية. العلوية.. 
القرآنيين» الباطنية, الظاهرية.. إلى جميع ال الراك 
والإسلامية.. اذكروا لنا الصلاة التي أنزلها الله ومواقيتهاء 
ومن الآيات العديدة التي أنزلها الله في الصلاة إليكم) 

نم يذكر. قوله تعالى: (وَأَقِمٍ الضّلَاةَ طرفي التَّمَارِ 
وَزُلَقَا مِنَ اللَيْلِ إنّ الْحَسَنَاتٍ ٠‏ يُدْهِبْنَ بن السَّيّتاتٍ ذَلِكَ ذكرى 


-_ 


لِلدْاكِرِينَ) [هود: 114]: ثم يسأل تلك الطوائف جميعا قائلا: 
(هل هذه الآية منسوخة؟.. هل هي فاعلة إلى يومنا هذا؟. 
هل يجب أن نعمل بها أملا؟.. كم صلاة أنزل الله فيها؟ 3 
م 5.. وما هي هذه الصلوات؟ أذكر أوقاتهاء وأين هي 
الصلاة الوسطى في هذه الصلوات.. هل قرأ النبي هذه 
الآية على الناس؟.. هل بلغها؟.. هل تكلم بها بلسانه أم 
لا؟. هل عمل ها؟. وكم على حسن عمل ها؟ وغل ضر 
الذي شرع الظهر والعصر؟.. إذا لم يكن هو فمن الذي 
شرعهما؟.. هل صلاة الظهر والعصر فرض؟.. إذا قلتم 
فرض فمن فرضهما؟ واين فرضهما؟.. وما حكم الذي لم 
يصليهماء هل ارتكب معصية »؟ إذا قلتم نعم فمن عصى ؟.. 
من الذي يشرع للعباد؟.. إذا شرع آخر مع الله هل هذا 
شرك بالله أم لا؟) 

وهكذا يتحول من صلى الظهر والعصر عنده مبتدعا 
ومشركا وضالا بمجرد أسشثئلة يسألها عن اية لم يفهم 
معناهاء ولا معاني غيرها من الآيات: وكيف يفهمهاء » وقد 
أبعد من أوكله الله بتأويلها وتوضيحها وتحديد المقصود 
منهاء وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي ذكر 
الله دوره العظيم المرتبط بالقرآن الكريم» فقال: (وَأَنْرَلْنَا 
إِلَبْكَ الذَكْرَ لِتْبَيّنَ للنّاس ما تُرُلٌ إِلَيْهمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتفكرونَ) 
[النحل: 144 
الصلاة التي 1 ل 7 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (200) 
الله هو الذي أنزلها عليكم: وأي شخص يقول بصلاة 
معينة يقدم شهادة عليها على أن الله هو الذي أنزلهاء وإذا 
لم : تجيبوا على هذه الأسئلة, وتقدموا شهادة عليها وعلى 
صلا تك ا م ف ا ا 0 


لست ا الى أحكم اعلكر بل بل تركتكم لتحكموا على 

أنفسكم, ع ع 0 
- م لم يعلم 

الا ارو او 

سكن عات العسك ها عر اد قير لاسر والذي 





أنزله الله هو الذي كشف شرككم كما كشف شرك الذين 
من قبلكمء فهو الوحيد الذي يكشف ما قبله وما بعده, 
والآن أنتم على علم بضلالكم وشرككمء» وما يزيدكم هذا 
الحق 7 إلا نفورا وطغياناء استكبارا في الأرض ومكر 
السيء ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله) 
1 نم راح يقدم شهادته في كيفية الصلاة قائلا: (أشهد 
اني المسمى بنور صالح صاحب هذه الدعوة: وأشهد أن كل 
نبي رسول من الله وختمت الرسالة والنبوة بمحمد ' وأشهد 
أمام الله وأمام العباد وأقسم بالله العلي العظيم أن الله 
أنزل ثلاث صلوات مفروضة: صلاة الفجر والصلاة الوسطى 
وصلاة العشاء. وصلاة النافلة في الليل فقط: هذه هي 
الصلاة التي أنزلها الله وختم التنزيل على هذه الصلاة: وأن 
الله لم ينزل صلاة الظهر ولا صلاة العصرء وأن نبينا محمدا 
كان يصلي الثلات صلوات التي ذكرتها وانه مات على هذه 
الصلوات الثلاث2» وليس هو الذي شرع صلاة الظهر وصلاة 
العصرء بل الناس هم الذين شرعوا ذلكء وأن كل الأنبياء 
كانوا يصلون هذه الصلوات النلاث وفي هذه الأوقات, ولم 
ينزل الله بصلاة في الظهيرة أبدا على الإطلاق في جميع 
الكتب المنزلة التي نعرفها والتي لا نعرفهاء وأن الصلاة لم 
تتغير منذ أن أنزل الله الهداية 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (201) 

على البشر إلى يوم الدين» وأن الله لم ينزل الصلاة 
مقدرة بالركعات: بل أنزلها دائما وأبدا مقدرة بالوقت: وأن 
النبدسي كان يصلي الصلاة مقدرة بالوقت وليس بعدد 
الركعات2. وأن الصلاة الوسطى تبدأ قبل غروب الشمس, 
وان النبى والأشباء كلهم كانوا يصلون الوشطى قبل 
غروب الشمسء وأن الركوع ليس الانحناء,. وأن الله لم 
ينزل الانحناء ولم بمشرع به في الصلاة: وأن النبي :وجميع 
الأنبياء لم يكونوا يقومون بالانحناء في الصلاة, وأن الله 
لم ينزل صلاة الجمعةء ولا صلاة الأحدء ولا صلاة السبت, إلا 
الصلات المدكورة شابقاء وأن الى «وجميع الأنياء لم 
يكونوا يصلون صلاة الجمعة ولا صلاة السبت ولا صلاة 
الأحد, وأن الله لم ينزل صلاة الأعياد. ولا صلاة في الأعياد 


أبداء وأن النبي وجميع الأنبياء لم يكونوا يصلون صلاة 
الأعياد. وأن الله لم ينزل صلاة الاستسقاء إلا إن أراد 
الناس أن يتقربوا لله بالصلاة النافلة في الليلء: وأن الله 
لم ينزل صلاة الجنازة إلا أن يدعو الناس لموتاهم كدعاء 
غضههة لعض0» وهم أحباء: ذآن الضلاة على الس شى 
الدعاء له بالرحمة والاستغفار2 وليس هذا الشكل الذي 
يقال» وأخيرا إن كنت كذبت على الله في شيء من هذه 
الشهادة ولو شيء قليل فلعنة الله على الكاذبين.. هذه 
شهادتي: فقدموا عكسها في ما تخا نني فيه : واعلدرا 
بإذن الله أنكم لا تفعلون.. لأنكم تعلمون أنكم تكذبون) 
سم للسطل هون ها (كل ل ]ا 
الماع أرجو أن ينقله إلى علمائه وشيوخه للرد عليه إن 
كانوا صادقين في ما يعبدون.. وليعلم الناس أن علماءهم 
يعلمون الحق ولكنهم يكتمونه» فهم يفعلون كما فعل الذين 
من قبلهم» فهم لا يهتدون) 
هذا مجرد نموذج عن التلاعب بالصلاة واحتقارها 
واحتقار كل ما ورد في شانهاء ولو تتبعنا تفاصيل ما ذكره 
التنويريون الجدد في شأنها لوصلنا إلى نتائج أخطر بكثير 


من 


التتويريون والضراغات مع المقدسات (202) 
التي ذكرناهاء فذلك نكتفي بهذاء لنعرف مدى التطرف 


الذى وقع فيه التنويريون,: وانهم حاولوا أن يعالجوا 
التطرف السلفي, فوقعوا في تطرف أشد منه. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (203) 


التنويريون.. والصيام 


من العبادات التي تضايق بها دعاة التحضر والتنوير في 
بلادنا العربية والإسلامية: ومنذ فترة طويلة [عبادة 
الصيام]2 والتي توهموا أنها تقف دون العمل والإنتاج, 


وتقف بذلك بين بلادنا وبين ٠‏ أن تتطور مثلما تطور العالم 


السابق [الحبيب 000 الذي دعا العمالَ إلى الإفطار 
في رمضان لزيادة الإنتاج: وقدم خطية طويلة في ذلك. 
وقد ذكر فى مضادر اخبارية كتيرة أنه طلت من العلامة 


الفتوى من خلال البتّ الإذاعثك, لكن الشيخ أخلف ظن 
رئيسه» وراح يقرأ قوله تعالى: (يَاأَيّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُِنِبَ 
عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كُمَا كيب عَلَى الذين مِنْ فَبْلِكُمْ لَعَلَكُمْ 
تَتَفُونَ4 [البقرة: 183]: ثمٌّ قال بعدها: (صدق الله» وكذب 
000 ثم فتى كعد الإفطار بحسب الفتوى التي 
لست أدري مدى دقة هذه المعلومة» والتي وجدتها في 
مصادر كثيرة جداء ولكن مهما يكن شأنها؛ فإنها تدل على 
أن العلماء المحققين من أمثال الشيخ محمد الطاهر بن 
عاشور  ٠‏ مع علمه باللغة العربية, ومقاصد الشريعة لم 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (204) 

فهو لم يتكلف, ولم يخرج عن المألوف: ولم يبحث له 
اعرد ب لمعيه اك اتوي من حك د 
الكبير بالقرآن الكريم» وباللغة العربية؛ وبمقاصد الشريعة, 
والذي لا يستطيع أحد من ال بريبسن وخاصة من أولئك 
الذين يسمون أنفسهم قرآنيين» أن يضاهوه فيه. 


لكن إذا تركناه2 وذهبنا إلى هؤلاء التنويريين الجدد 
الدبن ررقوا جرأة على اقتحام كل شيءء والبحث عن أي 
جديدء والخروج عن كل معروف ومألوف ومجمع عليه, 
وجدنا العجب العجاب. 

وآاول ذلك الغفجحب هو اتقاق أكنر الدويرين على ما 
هدم الضام من اسايية. يحنت يجعل فنه شعيرة اخثارية 





اراسي و جر م و 
إطعام المساكين بحسب تصو راتهم - خدمة اجتماعية 
]آرت ده العا الدء دقر عل الإساح والططور 
والرقي. 

وممن أدلى بدلوه في هذاء وكان للإعلام دور كبير في 
الإنهار لعل وحانة [المهيدسش محمد شحرون] الدى ننشر 
المقالات والفيديوهات الكثيرة التي يجيز فيها الإفطار في 
رمضان لمن شاء, مع إطعام المساكين بدل ذلك. 

والمشكلة الكبرى هي أنه استعمل القرآن الكريم لذلك 
مستخدما قوآاميسه المعروفة: والتي تجعله يجحادل في 
القرآن الكريم كما يشاء. وكيف لا يفعل ذلك, وقد عزل 
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي كلفه الله ببيان 
القران.. وعزل الفقهاء والمفسرين عزلا تاما.. ليعتبر 


)ل هت 1 2 تان الكرير : 
والآية التي اعتمد عليها هي قوله تعالى: (وَعَلَى الذين 

يُطِيقوتة فِذْيَةُ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تطوّع خَيْرَا فَهُوَ حَيْرُ لَهُ 

كان تحوفوا ختر لك إن كدق تَعْلفون 4 [البقرة: 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (205) 


34] 
وقد قال الراغب الأصفهاني ‏ وهو العالم اللغوي 
صاحب السبق في البحث في مفردات القرآن الكريم - في 
تفسيرها: (وروي عن ابن عباس في أصح الروايتين أن ذلك 
في الشيخ والشيخة الهرمين والحامل والمرضع إذا خافتا 
على ولديهماء فلفظ (الطاقة) ههنا ينبيء عن ذلك, فإن 
الطاقة هي التي تبلغ غاية المشقةء ولا يخرج عن القدرة 
والعجز. فذكر أن هؤلاء الذين يبلغ بهم الصوم غاية 
المشقة يجوز لهم الإفطار والفدية وقرئ (يُطّوقونه) أي 
يتكلفونه بجهدء وقرئّ (يطوقونه) أي يحملون على أن 

بتطوقوا) (1) 
ومثله قال الزمخشري. وهو الذي لا يجادل أحد في 
معرفة باللغة العربية. وتذوقه لبلاغتها.ء. فقد قال في 
تعغكسيره للآية الكريمة: (ويطيقونه ويطيقونه بمعتى 
0 واضلهها تططلدوقوية وتطيوقوه: على أنهها من 
فيعل وتفعيل من الطوق. فأدغمت الياء في الواو بعد 


قلبها ياء كقولهم: تدير المكان وما بها ديار. وفيه وجهان: 
أحدهمًا نحو معنى يطيقونة. والثاني يكلقونه أو بتكلفونه 
على جهد منهم وعسر وهم الشيوخ والعجائز.ء وحكم هؤلاء 
الإفطار والفدية) )2( 

لكن شحرورا وأصحابه ‏ والذي توهم نفسه قد أحاط 
بالعربية وبالقرآن الكريم ‏ راح يستعمل تلك الكلمة 
القرانية للإجهاز على هذه الشعيرة من شعاتئر الله» بحيث 
يفرغها من محتواها تفريغا تاما. 

وقد قال في مقال له بمناسبة حلول شهر رمضان (3), 
وبعد أن راح يحرض على 

11) مستبر لاف الأحنها.. (1/ 89 


ل 
2 الكساف كن حقاان رمس عبرال رار قلقم 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (206) 
الشعب السوري والدولة السورية: ويعتبرهما لتسناب ما 
يحصل عن فتن ناسيا أنه لولا تلك العمائم الممتلئة 
بالاستبداد لما استطاع أن يبنشر أفكاره التخريبية للدين 
والدنيا جميعا. 
بعد أن قال ذلك راح يستعمل كل الحيل المعهودة ‏ 
اسم رقع الخرج - لنقضى على الصنام: إلى أن انتهى إلن 
هذه النتيجة, التي عبر عنها بقوله: (فالآية الأولى هي الآية 
المحكمة المتغلقة. بالضوم:' وكل" ها ورد فيما. يتغلق 
بالموضوع هو تفصيل لهذه الآية: وفي التفصيل حدد من 
يشمله الإعفاء من الصيام (الآية 184): بداية من لا يتحمله 
(لا طاقة له به) وهما المريض والمسافر فيمكنهما تأجيل 
الصيام لوقت آخرء ثم من يتحمله (يطيقونه) فيمكنه دفع 
خير لك, وإنٍ كنت لا تريد فعليك بالفدية وهي إطعام 
مسكين كحد أدنى) 
.: ثم راح يتهم جميع المفسرين في جميع مراحل التاريخ 
أنهم لم يفهموا معنى الآية الكريمة. فقال: (والمفارقة هنا 
أن السادة المفسرين وضعوا [لا] قبل [يطيقونه]. فيجد 
الباحث عن تفسير [يطيقونه]: [لا بطيقونه]ء أو [يطيقونه 





الأشنات عدا اتفرس !والكفر: وإلا ضام شورين متاقيين: 
وقد يغقر الله وقد لا يغقره مع أن التنزيل الحى لم يقل 
مذ الل 

وهذا افتراء على المفسرين وعلى اللغويين قبلهمء: لأن 
نفس كلمة [يطيقونه] في اللغة العربية تدل على معنى 
العنت والجهد الشديد الذي يصيب الصائمء والذي يبيح له 
الإفطار مع الفدية أو القضاء. بحسب حالته العمرية 
والصحية.. وقد ذكر ذلك جميع علماء اللغة واتفقوا عليه.. 
لكن شحرورا فهم هذه الكلمة على حسب المتعارف عليه» 
مع أنه يعلم أن اللغة العربية واسعة. أن اللفظة الواحدة 
لها دلالات متعددة. 

ولم تكتف بذلك, بل راح إلى إطعام المسكين نفسه 
يتساهل فيه» ويلغيه». أي أن 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (207) 

الذي يقدر على الصيامء» ولكنه لا يرغب فيه» ويرغب 
في الفدية بدله: يمكنه ألا يقدمها أيضا إن لم يكن قادرا 
على تقديمها. وقد قال معبرا عن ذلك: (قد يقول البعض» 
وهل العامل قادر على دفع الفدية؟ وهل هذا الدين 
للأغنياء فقط؟ أقول لاء: فالصيام وفق الاستطاعة ومن لا 
يملك قوت يومه لا حرج عليه, وكفانا تصوير الله تعالى 
وكأنه شرطي يتربص بالعباد. فقد قال وجل من قائل 
(وأن تضومُوا خَيْرْ لَكُمْ) وأتبعها بقوله (يُرِيدٌ اللَهُ بِكُمٌ 
الِيْسْرَ وَلآ يُرِيدُ بكم الَعْسْرَ)) 

7 راح كشاتر الشويريين . طبور الآثار العملية الهذه 
الفتوى الخطيرة التي تزيل هذه الشعيرة عن الإسلام, 
وتجعل الفسلم مخيرا بين الصيام والقديةء بل تصضع عنه 
الفدية نفسهاء وتجعله في حل هن إخراجهاء فقال: 
الضيام اطغم. مسكينا فى الدوم: أو لو تم جمع البدل 
النقدي عن فدية صيام من يعيشون في شمال أدرذبا: هل 
سنجد جائعاً في بلداننا؟) 

اح يعلل ذلك بتصوره للحرية الدينية» والتي تتيح 
للمسكم 2 يترك الصلاة والصيام وكل الشعائر التعبدية 6 





دام غير راغب فيهاء من غير أن يخل ذلك بإسلامه ولا 
إيمانه ولا دينه. فقال: (وأكرر أن الشعائر يأتيها الإنسان 
طواعية, دون إرعاهم؛ دشى ا تطيق للآبة (لآ إكراة في 
ا (البقرة 6) والصيام يفقد معناه إن كان الزامياء 
ل ل م 04 
الصيام. أو تعطيل الأعمال والأشغال بهذه الحجةء فهذا 
انعد ما يكون عن ديتنا) 

ولم يكتف شحرور وسائر الشحارير الذين يظهرون كل 
دعوم بهذاء بل راح إلى ميقات شهر رمضان نفسه والذي 
حدده القرآن الكريم بدقة: ليحوله إلى شهر شمسي, 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (208) 
أتباعه مشقة 2 في فصل العنفا.. 
وقد قال معبرا عن ذلك: (ييفقى أن. تشيز إلى أن 
الأشهر القمرية تحتاج التصحيحء يقوم به 00 
الشمسية: أي ما يتسمى بالنسيء, واعتقد ن 00 
يوافق الشهر التاسع الميلادي (أبلول” سبتمبر)/ إذ ب 
النهار عشساوا للبل في نصفي الكرة الأرضية, علماً 
النسيء المحرم هو ما كان يقوم به العرب من ا 
معدم للأشهر حي لك الح واس الجارمث لمان 
ا 0 
دعوة الشعب السوري إلى الثورة للحصول على الحرية, 
ناسيا أنه يقتات مين أموال الملوك والأمراء, واعظم من 
عرفهم التاريخ من أصناف المستبدين 
ولم يكتف شحرور بطرح أفكارة في مقالاته. بل هو 
يفتي بها باعتباره مفتي الإسلام الأكبر» وقد سألته امرأة 
عن بعض أحكام الصيام؛ فأجابها بقوله: (أشكرك على 
مشاعركء: وقت الصيام يدخل ضمن حدود الله التي نهانا 
عن الاقترات منها وهي من الفجر وحتى الليل.. ولكن لك 


أن تعلمي أن من لا يرغب الصوم يمكن أن يطعم مسكينا.. 
وعليك أن تعلمي أن هناك ثلاث فئات من الناس: المرضى- 
على سفر - القادرين على الصيام.. أي ليسوا مرضى ولا 
على سفرء هؤلاء رغبة الصوم عندهم مفتوحة على الفدية 
أو الصومء: والحد الأدنى للفدية هو طعام مسكين حسب 
إمكانياتك ومستوى البلد الذي تعيشين فيهء وهنا قال: 
(وَأَنْ تصومًوا خَيْرٌ لَكمْ) [البقرة: 4] هنا يخاطب 
المستطيع. والذي له الخيار بين الفدية والصوم.2 قال 
الصوم خير لكم من 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (209) 

باب الترجيح وليس الفرضء لذا فعليك الفدية ولا 
1 إسلامي فهذه إفتاءات ليست أكثر من هراء) وكودى 

يا وعلى المسلمين - بحسب الدين 
الجديد الذي جاء به قائلا: (وأرى إنشاء مؤسسة في بلدان 
أوربا الشمالية تتسمى (مؤسسة إطعام مسكين) تو صيع فيها 
أموال فدية رمضانء ويفتح بها مطاعم لإطعام الفقراء 
والمحتاجين فهذا أفضل) 

أي أن هذا أفضل من الصيام.. وبذلك فعل شحرور 
ا ا ل ا ا 
حررهم من شريعتها وأحكامها. 

ولم يقف الأمر عنده» بل إننا نجد كل يوم من ينادي 
بمثل هذه الطروحات: بل يحاول أن يغرب فيهاء لأن دين 
الله أصبح سلعة لكل تاجرء وباحث عن الشهرة. 

ومن الشخصيات التي اكتبت في 0 ودعكت إليه 
بحماسة لا تقل عن حماسة شحرور أستاذ جامعي اسمه 
[يوسف قرنفل] الذي كتب مقالا بعنوان [هل الصيام 
اختيار؟]: ومما جاء فيه قوله: (المؤمن مخير بين الصيام 
ويتعبن الإفطار. إن شاء صام وإن شاء أفطر ولا ذنب عليه.. 
ويفدي عن كل يوم أفطر فيه بإطعام مسكين؛ وإن م 
أكثر من مسكين عن كل يوم أفطر فيه فهو خير) (1) 





ومنها [فوزى فراج] الذي راح يدعي أن له السبق على 
الفكرة التي طرحها شحرورء فقد قال في مقال له في 
ذلك: (التفسير الذى جاء به الاستاذ شحرور ليس جديداء 
فقد قلت مثله مند سنوات» والآية من وجهة نظطرى واضحة 
جداء فقد قسم الله الناس فى موضوع الصيام إلى ثلاثة 
أنواع: الأول هم المرضى أو من على سفرء وقد صرح 


11 غ الككا تان 0 فرشل 1220 2016 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (210) 

لهم بعدم الصيام أى الإفطار على أن يصوموا فى أيام 
أخرى بعد إنتهاء السفر او المرض.. الثانى وهم الذين 
يستطيفون الضيام ولكنهم لأشيابهم الخاصة والتى لا 
يعرفها إلا الله» لا يريدون الصيام,. فأحل لهم الإقفطار مع 
إطعام مسكين, أو أكثر من مسكينء ولكنه فى نفس الوقت 
تحدح و بان الضيام خير لهم من دلل” . النالتث وهم الأغلبية 
عليهم) (1) 

نم راح يردد ما ذكره شحرور وغيره2 والجديد الذي 
أضافه 0 هذا اا هو ييه لمعنى التقوى الواردة 
النفس ويهذبهاء ويرفع عنها القيود التي تقيدها بها 
شهواتها. 

لكنه نظر إلى المسألة من زاوية تجديدية مادية, فقال: 
(الصيام ليس من أجل أن يجوع أو يعطش الصائم أو يحرم 
من معاشرة زوجته أو زوجهاء الصيام من أجل التقوى 
كسبب رئيسى ورغم ذلك فليس من المؤكد ان كل صائم 
سوف يصل إلى التقوى بصيامه.. والإحصائيات تفيد بأن 
خلال شهر رمضان يقل الإنتاج فى العالم الإسلامى إلى 
النصف أو أقل: وجميعنا من عاش فى المجتمعات العربية 
والمصرية يعلم ذلك جيداء ويعلم التباطؤ والتكاسل والتغيب 
مما يؤدى إلى تعطيل المصالح وكثرة الإختلافات والشجار 
بيسن الناس وزيادة حالات الطلاق»: وكل ذلك كما يدعون 
بسبب الصيام» والصيام الذى أمر الله به بريء من كل ذلك) 





ولذلك؛ فإن الحل بالنسبة له هو اعتبار الصيام عبادة 
تخييرية: حكن ناءران: سنوي طامة تح ساء ان سر 
أفطر من غير حرج, وليس عليه سوى ن يطعم مسكينا 
واحدا بدل ذلك اليوم.. وإن كان هو المسكين؛ فيمكنه أن 
طلم نقيت وشير ذلك ضانما.. 


01س شان الك آدر كل عام فورة فرج 02 شذر 2014 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (211) 

بل يؤجر أكثر إن استطاع أن يرفع الإنتاج» ويحقق 

الرفاه الاجتماعي الذي هو الغاية العظمى التي خلق من 
أجلها الإنسانء كما يصور التنويريون. 


التنونريون والضراعات مع الفقدشات (212) 


الدورريون. وعشرككة الكجات 


من المعارك التي اتفق التنويريون قديمهم وحديثهم, 
على خوضهاء واعتبارها من المعارك الأساسية المفصلية 
الكبرى المعركة التي يمكن أن نطلق عليها [معركة 
الحجاب], وهي معركة لا يصح الاستهانة بهاء ولا التهوين 
من شأنهاء لأنها لا تتعلق فقط بذلك اللباس الذي ترتديه 
المرأة لتحصن العيون من سهامها المسمومة:ء وإنما له 
علاقة بكل القيم الأخلاقية والاجتماعية والحضارية. 

فالحجاب رمز للعفة والطهارة والتضحية, ولكل القيم 
النبيلة. ذلك أن المرأة التي تستر محاسنها وفتنتهاء في 
الوقت الذي تحب بفطرتها أن يد ذلك منهاء تقوم 
بتضحية كبيرة» وتؤدي واجبا إنسانيا وأخلاقيا رفيعاء ذلك 
أنها بهذا السلوك الرفيع ترحم ما راع الله في شقيقها 
الآخر من تطلع إليهاء وفتنة بهاء ولا تكلفه عنتا بأن يغض 
طرفه عنهاء أو يكف نفسه عن التحرش بها. 

وهو رمز لطهارة القلب» و الروح2 وتجرد العقل 
وتحكمه في صاحبه:» ذلك أن المراة التي تستر مفاتن 
جسدهاء إنما تقول احص ولكل المتطلعين إليها: أنا 








0 جسدا فقط» وإنما أنا روح وعقل وقلب د .من 
إليها باعتبارها فتنة» وانها باعتبارها 1ه ونموذجا ومثالا 
إنسانيا رفيعا. 

وهكذا نرى الحجاب صعغنى من المفغاني الت اتققت 
عليها جميع الديانات, وتوحد على الدعوة إليها كل الأولياء 
والاشاء والعصلكين. 

لكن التنويريين القدامى والجدد لم يلاحظوا كل هذه 
المعاني: وإنما تصوروه محرد 





التنويررون والصراعات مع المقدشات (213) 
خرقة ولباس لا معنى لهاء بل تصوروه نوعا من التدخل 
الإلهي أو الذكوري في شأن المرأة, وأنه مخالف م 
لتصبح مرعى خضيبا لكل ذئاب الدنيا وكلابها. 
وقد استعملوا في هذه الحرب مجموعة أسلحةء: نشير 
إلى اهمها هنا: 


اولا - سلاح التحضر والرقي 

وهو سلاح اتفق عليه القدامى والمحدثون2. حتى أن 
نقصضية نصور أن سيب تخلف المسلميس بشو الحجات, وأن 
رمز رقيهم هو نركه: ولذلك راح ينادي بخلع الححاب حتى 
تترقى الأمة» وتترفع عن تخلفها. 

ولذلك لا يربط التنويريون التطور العلمي والتقني 
الأوروبي بتوفر الظروف المناسبة للبحث والإنتاج 0 
دإنها يريطونه بوجود المرأة التي تحلى عن ححجانها. كما 
تتخلى عن حيائها وعفتهاء وتعمل بنفسها كل ما يرضي 
نزوات الرجل. 

وقد صرح بذلك حصهم فقال ‏ يمدح الانحلال الأخلاقي 
في المجتمع الأوربي : (يضم المجتمع الأوربي الرجال 
ا ا اي 1 يال 
علاقات آلفة وصداقة وحب »هه وهذا الاختلامطا 0 
في الاجتماعات لي د لالت ا 
تشيعه المرأة في كل مكان توجد فيه شيء ممتع ونفاذ 


كعطر الزهور. وفي مثل هذه الاجتماعات ينعم المرء دائماً 
القلب بالرضا!) 6" 
اد على د تصضور اه لا يمكن أن تترقى الأمة, ولا 


85257555221 لما الكا كلك اناس قن لك الك مك عمار 058702 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (214) 

عنها جلباب التخلف إلا إذا رفعت عن المرأة الجلباب 

0 أمرها الله بلباسه: وقد قال مغيرا عن دذلك: (ليس من 
ضع 7 تصل المرأة إلى هذه المنزلة الأدبية ما دامت 

في الحجابء ولكن من السهل جداً أن تصل إليها بالحرية, 
تصل إليها كما وصلت إليها غيرها من النساء الغربيات.. 
فإنا نرى أنه كلما زيد في حرية المرأة الغربية زاد م 
الشعور بالاحترام لنفسها ولزوجها ولعائلتها) (1) 

وهو لا يستدل لهذا بما نراه في واقع المرأة الغربية 
من تحولها إلى مجرد سلعة للإعلانات التي توضع فيها 
بجانب الحلويات والمأكولات والملبوسات: وكأنها مجرد 
متعة من تلك المتع» وإنما يستدل لها بما تعود السلفيون 
أن يستدلوا به» وهو الرجال: فهو يرى أن العقل الأوروبي 
الذي استطاع أن يتقدم في الكثير من المجالات لا يمكن 
اتهامه في هذا المجال. 

وقد عبر عن ذلك بقوله: (هل يظن المصريون أن رجال 
أوروباء مع أنهم بلغو من كمال العقل والشعور 
مكنهم من اكتشاف قوة البخار والكهرباء واستخدامها 0 
ما نشاهده بأعينناء وأن تلك النفوس التي تخاطر في كل 
يوم بحياتها في طلب العلم والمعالي وتفضل الشرف على 
لذة الحياة. هل يظنون أن تلك العقول وتلك النفوس التي 
نعجب بآثارها يمكن أن يغيب عنها معرفة الوسائل لصيانة 
المرأة وحفظ عفتها؟! هل يظنون أن أولئك القوم يتركون 
الحجاب بعد تمكنه عندهم لو رأوا 7 فيه؟ كلا!. وإنما 
الإفراط في الحجاب من الوسائل التي تبادر عقول السذج 
وتركن إليها نفوسهم ولكنها يمجها كل عقل مهذب وكل 
شعور رقيق) (2) 








010 كك لظت رك اماس 
202 السار رس 572 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (215) 
وهو هنا يقع في خلط كبير بين الرقي المادي 
الرقي الأخلاقي» فيتصور أنهما يسيران في خط واحد؛ مع 
أن الأمر مختلف تماماء فقد يسير الإنسان إلى أعلى قمم 
التطور المادي2» في نفس الوقت الذي ينهار فيه أخلاقيا 
إلى اذى دراتف الإنسيابية: بل قد يرك إلى فرائف البويمية 


وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى عندما اعتبر 
كل التطور الماديء والعلوم المرتبطة بهء إنما هو ظاهر 
الحياة الدنياء لا حقيقة الحياة, كما قال تعالى: و !كت أكْثرَ 
التّاس لا يَعْلَمُونَ 6( بخلمون ظاهرًا من الحَبَاة الدَّنْيَا وَهَمْ 
عَنِ الآخِرَة هُمْ عَافِلُونَ) [الروم: 6» 7] 

ولذلك: فإن المفتون بالغرب المادي مححوب عن 
الغرب القيميء, ذلك الذي انهار فيه الإنسان انهيارا تاما 
ستهادة الغربيين أنفسيهمء بل تشهاذة هؤلاء المنويريين 

فقد قال قاسم أمين ناقضا كلامه السابق: 

0 لراك 17 سروه شن كانا اقضا ودر ]للن 
0 ثانياً) (1) 

وقال: (إن عادات بعض الطبقات الأوربية ساهمت ‏ كما 
لو كان ذلك عن قصد- في زيادة الفرص التي تيسر 
السقوط) (2) 

وقال: (تكشف الإحصاءات الفرنسية عن أن نسبة واحد 
دارغس فى الجا من نساء الهوى المعروفات رسمياً 
قاصرات, وأن أكثر من ربع المواليد المعروفين أبناء غير 
شر عيين » د وأن المجتمع يفقد كل عام مائة وخمسين ألف 
طفل يُقتلون ساعة ولادتهم أو 


1 الك تك الساتى رض 250 
(2) الشرج الشالى (ض 1260 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (216) 


خلال الحمل) (1) 








وقال: (إن ما هو القاعدة في أوربا ‏ بخاصة فيما يتعلق 
بخيانة الأزواج- ليس في مصر إلا الاستثناء) (2) 

وقال: (إن في أوربا شراً كبيراً) (3) 

ل ل إل اا 
تطورا في القيم الأخلاقية من المجتمعات الأوروبية 
نفسهاء فقد ارد عر عن ذلك: (إن تلدع 2 الأم الا 
سنها. فى جسن ابن ا عاطفة حين ا امرأة 
تهل على .خطئى الرجال. ممسكة كتاياً في يدهاء وتهز 
ذراعي في عنف» وهي تصيح بي: كيف حالك يا عزيزي؟ بل 
لعلي أشعر بشيء غير بعيد عن النفور) (4) 


ثانيا - سلاح حقوق الإنسان 


وهو السلاح الذي تستعمله أمريكا والغرب اليوم لتشويه 
الشعوب المستضعفة؛ فبدل أن تنقل إليها منتجاتها العلمية 
والحضارية التي تستأثر بها تدعوها لخلع الحجاب والعفة, 
وممارسة النمط الأمريكي والغربي للحياة. 

وللأسف نجد بعض الدول العربية. وخاصة دول الخليج 
تسير في هذا المسارء فيحمل إعلامها حملته الشديدة على 
إيران» وفرضها للحجابء: ويعتبره امتهانا لكرامة 


11 ال 15ل 274) 


الخرج اللسارق رض 20062 


( 01 

)2 ) ( 
0 الات الساد رس 10275 
21ت السالن رض 1249 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (217) 
المرأة, وتدخلا في شؤونها الخاصة. 

أنه في أصله ليس سوى مراعاة لحقوق الإنسان؛ 
فالمرأة التي لا تلتزم بلباس العفة,2 لا تختلف عن 
المخدرات والمسكرات التي اتفق البشر جميعا على أنه لا 
علاقة لها بالحرية الشخصية, وكذلك المرأة التي 0 
حجابهاء أو لا تلتزم بالحد الأدنى من اللباس المراعي 
دو ا سر اليه ليقتله.» ويقتل 
جميع القيم النبيلة فيه. 


ا ا ل ل 
ضررا في الفواحش ان يشير 205 شيا عاديا الكل مده 
بعضهم معبرا عن ذلك: 

كل الحوادث مبداها من النظر... ومعظم النار من 

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها... فتك السهام بلا 
قوس ولا وتر 

وهنا قد يقول بعض المتحذلقين: فلم لا يغض الرجل 
طرفه.ء حتى يحمي نفسه.. وهنا نقول له: ولم لا نضع 
المخدرات والمسكرات في الشوارع والطرق» ثم نترك 
للورع الموجود في النفوس أن يتجنبها.. 

كلا الأمرين واحد.. فالله حال كسا ]ل ذلك الذي 
أطلق بصره سا ل رح قسن فول يحاست العراه 
كذلك, لأنها جعلت نفسها سلعة للشيطان يستعملها ليغوي 
الإنسان. 
حر نو عن برا عه ع عر 
ما تشاء: وأنه لا يحق لأحد أن يتدخل في ذلك حتى لو كان 
ربها الذي تؤمن بهء الذي هو ادرى بمصالحها. 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (218) 

وقد عبر عن هذا ا و ا 0 
العقلية والاجتماعية لها. 

وقال قبله قاسم أمين ‏ رائد التنويريين القدامى في 
هذا المجال ‏ في كتابه (المرأة الجديدة): (إن إلزام النساء 


بالحجاب هو اأكسى وأفضع أشكال الاستعباد) (1) 

وقال: (أما الحجاب فضرره أنه يحرم المرأة من حريتها 
الفطرية) (2) 

وقال: (أول عمل يعد خطوة في سبيل حرية المرأة هو 
تمزيق الحجاب) (3)!! 





بل إنه راح يتهم ‏ من حيث لا يشعر ‏ الدين نفسه 
بكونه تسبب ذلك الظلم الذي تعانيه المرأة عندما تلتزم 
الحجاب. فقال: (الكمال البشري لا يجب أن نبحث عنه في 
الماضي. بل إن أراد الله أن يمن على عباده فلا يكون إلا 
في المستقبل البعيد جداً) (4)!. 

وقال: (عاشت المراة جرة فى العغصور الأولى؛ حيت 
كانت الإنسانية لم تزل في مهدهاء ثم بعد تشكيل العائلة 
وقعت في الاستعباد الحقيقي) (5). 

وهو يردد نفس ما يردده التنويريون المحدثون من عدم 
وجود علاقة بين الحجاب والعفة والقيم النبيلة المرتبطة 
بهاء فيقول: (إن المرأة التي تحافظ على شرفها وعفتها 
وتصون نفسها عما يوجب العار وهي مطلقة غير محجوبة 
لها من الفضل والأجر أضعاف ما يكون للمرأة المحجوبة؛ 
فإن عفقة هذه قهريبة أما عفة الأخرى فهي اختيارية: 
والفرق 

( ) )1) 

(2) المرجع السابق ( ( 

3 الست النارق 02 20442 

(4) المرجع السابق ( 0 

( ) )5( 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (219) 
وخول. (إن المرأة التي تخالط الرجال تكون أبعد عن 
الأفكار السيئة من المرأة المحجوبة) (2) 
ويقول: (إن القول بأن الحجاب موجب العفة»: وعدمه 
مجلبة الفساد قول لا يمكن الاستدلال عليه؛ لأنه لم يقم 
أحد إلى الآن بإحصاء عام يمكن أن يعرف به عدد وقائع 
الفحسش بالضيط والدقة في البلاد التي تعيش فيها النساء 
تحت الحجاب وفي البلاد الأخرى التي تتمتع فيها بحريتهن, 
ولو فرض وقوع مثل هذا الإحصاء لما قام دليلاً على 
الإثبات أو النفي في المسألة؛ لأن ازدياد الفساد في البلاد 
ونقصه مما يرتبط بأمور كثيرة ليس الحجاب أهمها) (3) 
وسببٍ ذلك كله هو تنتصور ان الحجحاب مئالت شخصية ' 
وليس مسالة اجتماعية؛ فالحجاب ل اسيل فقط. ولا 


العفاف فيه.. ولذلك حتى لو كانت المرأة ليست عفيفة في 
نفسها: فإن المجتمع يطالتها بان تظهر يفظهر العقة فيه 
خدى تحدم أناءه عن الانهيار. 

ولهعدا قرق الرسول صذلر الله عليه واله وسلم من 
المجاهرة بالإثم والإسرار به؛ فقال: كل أمتي معافى ٠‏ إلا 
المجاهرين: وإن. من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملا: 
ثم يصبح قد ستره ربهء: فيقول: يا فلان! قد عملت البارحة 
كذا وكذاء وقد بات يستره ربه» ويصبح يكشف 

(1) المرجع السابق (ص 366). 


(2) الشرجة السائى (ض 1165 
ف الت الال 12 13624 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (220) 

6 الله عنه) (1) 

بل ذكر القرآن الكريم ذلك, فقال: (لأ يُحِت اللَهُ الْجَهْرَ 
بِالسُّوَءٍ مِنَ الْقَوْلٍ إل مَن ظلِمَّ 4 [النساء:148] 

ير بالسوء دعاية مجانية له بخللاف الإسرار نت . 
ولدلك فإن مقولة حضوت من أن الكاب قباعة شخصة لا 
يختلف عن الذي يعتبر الأفيون والمخدرات والمهلوسات 
قناعة شخصة.. فكلاهما واحد.. بل إن خطر المتبرجة أشد, 
لأنها لا تقتل القيم النبيلة في إنسان واحدء بل في آلاف 
الناس.. ومن شاء أن يتأكد من ذلكء فليذهب إلى تلك 
الجرائد والمجلات التي لا تباع أعدادها إلا بقدر ما تنشره 

من افيون العري والفسوق والفجور. 


ثالنا - سلاح الدين 
وهو أخطر الأسلحة التي استعملها التنويريون, 


وخصوصا المتأخرون منهمء أولئك الذين راحو يجادلون في 
قطعيات الدين التي اتفقت عليها الأمة بمذاهبها جميعا 


وهؤلاء راحوا يكذبون الفقهاء باعتبارهم ذكوريين, 
وراحوا يكذبون السنة باعتبارها جميعا مكذوبة وموضو كعة ه 
لما خلا لهه الده مع الفران الكريم راحوا تسنون بالفاطه 
كما تعودوا لتخولده عن معناة تحويلا ناما 





(1) رواه البخاري ومسلم. 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (221) 

حديثه لبعض القنوات الخليجية (1) التي لا هم لها إلا 
نشر الفواحش والدعوة للانحراف»: حيث راح كعادته يتلاعب 
بالألفاظ2 ويجادل في القطعيات التي اتفقت عليها كل 
كتب التفسير والحديث والفقه من لدن جميع المدارس 
الإسلامية. 

فيذكر أن (أن كلمة الحجاب وردت في التنزيل الحكيم 
ثماني مرات: ولم تمت في كل استعمالاتها إلى اللباس 
بأية صلة من قريب ولا من بعيدء فكانت الألفاظ التي تدل 
على اللناس هي الثيات والجلابيت والخمر) 

وهو نوع من المصادرة على المطلوب: والتي يخدع بها 
عادة عوام الناس, فالححاب مصطلح, ولا مشاحة في 
الاصطلاح؛ ولا يهم أن يذكر في القرآن الكريم أو لا يذكر, 
لأن القرآن الكريم ذكر الستر ودعا إليه2. واعتبر التعري 
بمختلف أشكاله ومستوياته دعوة ‏ شيطائية لا تنويرية, 
فقال: (يَابَنِي آدَمَ لا يَفْقَنَنَكُمٌ الشْيْطَانٌ كَمَا أخْرَجَ أَبَوَئكُمْ 
مِنَ الجَنَةِ يَنْزِعٌ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِبُرِيَهُمَا سفانهها اله براكم 
ف وَقَيِلُة مِنْ حَبْتُ لا ترؤتهُم إِنَّْ جَعَلّنَا السيَاطِين أُوْلِيَاءً 
لِلَذِين لا يُؤْمِنُونَ) [الأعراف: 127 2, 

بل إنه صرح بذلك حين قال: (يَاأَيّها التَبىُ قُلَ لأَزْوَاجكَ 
وَبَنَاتِكَ وَنِْسَاءٍ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَ مِنَ جَلَابيبهنَ ذَلِكَ 
أذتى أن يُعْرَفْنَ فلا يُؤْدَيْنَ وَكَانَ الل عَقُورًا رَحِيمًا) 
[الاحزاب: 59] 

ولم يكتف بذلك, بل راح يوضح ويبين بدقة كيفة يكون 
الستر ومحاله؛. فقال (وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَعْصصْنَ 


0 هن ولا دين ريشهن إلا م طق 


1) وهدة الفعاء: ‏ ذكرها تعسيل 5 كانه و ]ص ول دده للعقة الالادف. > فعة الماع 





لبْعْلَمَ ما يُخفين وَتُوبُو 
مِثون ل دو 0 3 

دهده الآية الكريمة وحدها تكفي لمن تأملها 
التعرف على مقصد الشرع من الحجاب وأهميته.. حيث أن 
نرى أن القرآن الكريم الذي لم يذكر عدد ركعات الصلاة, 
ولا مقادير الزكاة2 ولا أركان الحج وكيفيته: ولا أحكاما 


لو استطاعوا حذفها من القرآن الكريم راحوا 


ومن صور ذلك الاحثيال واللاعغعب تلك القهوم العجيية 


التي خرج بها شحرور على القنوات الفضائية ليقنع 
المؤمنات بأن الحجاب خدعة خدعهم بها الفقهاءء ولا علاقة 
لها بالدين. 
التي ذكرناها ‏ أن المرأة " ليست 0 سوىٍ 0 كر 
جيوبها السفلية (الفرج والإليتين) وهو الحد الأدنى للباس 
وهو ما يسمى بالعورة المغلظة أمام المذكورتن فى الآية 
31 من سورة النور بما فيهم بعلهاء والمحارم المذكورون 
في هذه الآية هم نصف المحارم وليس كلهم) 

أي أن ١‏ أن - محسييات هذا - تمكن. أن تسنير أمام 
أبيها وابنها وأخيها وجميع أقاربها المذكورين في الآية 
الكريمة فقط بلباسها الداخلي الذين يستر العورة 
المغلظة, 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (223) 
وليس عليها أن تستر أي شيء آخر عدا ذلك. 





أما عندما تريد أن تخرج خارج بيتهاء فليس عليها سوى 
أن تغطي (الجيوب العلوية (الثديين وتحت الإبطين) 
بالإضافة إلى الجيوب السفلية (العورة المغلظة),. وبذلك 
تتحقق باللباس الشرعيء أو بالحجاب الشرعيء كما فهمه 
من القرآن الكريم. 

أما ما عدا ذلك فهو يبيرى أنه حرية شخصية يقررها 
المجتمع, لا الدين2, فلذلك يراه ساريا (حسب أعراف 
المجتمة ‏ الذي تعس 0 وحسب ظروف الزمان والمكان 

وبذلك فهو يرى أن كل التبرج الذي نراه في الغرب 
ليس تبرجاء بل هو حجاب شرعيء لأن المجتمعات الغربية 
رصيتف بذلك: وألفته, وصار شينا عاديا بالنسية لها. 

وبناء على ذلك يرى أن الخمار أو غطاء الرأس ليس له 
علاقة بالإسلام ولا بالإيمان وإنما هو عرف اجتماعيء أو 
بدعة اجتماعية لبست لباس الدين. 





التثويريون والضراعات مغ المقدسات (224) 


التورريون.. واحكام الغواريت: 


بناء على شيع اللدويريين بالثقافة الغربية؛ وتصورهم 
أنها في جانبها الروحي والقيمي والأخلاقي تشبه جانبها 
المادي والتقني2. راحوا يستعملون كل الوسائل للاحتيال 
على أحكام المواريث, وخاصة في الجانب القطعي منهاء 
والذي ذكر في القرآن الكريم. حتى لا يتلاعب به 
المتلاعبون: أو يحتال عليه المحتالون 

وهم بركزون بصفة خاصة علي ما ورد في فُولي تعالى: 
(يُوصِيكُمٌ الله فِي أَوْلادِكُمْ للذكر مِنْلُ حَظ الأنْتَيَئْنِ) 
[النساء: 11]؛ فيُحجبون عن كل معاني العدل القاردة في 
اكوا وحنى في هذه الآية لا ا : بما ذكر 

وَهَم لآ ينون | إلى 0 إعطاء الأننى نصف أخيها الذكر 
مريط بمتطومة شستريعية كاملة لا سكل الارت إلا حخرءا 
بسيطا ا ولذلك كان العدل فيها ليس هو المساواة, بل 


مس ال ساك أو الكدر ها ل ع امال 
نصف المرتب الذي تعطيه لعمال آخرين» لكن في نفس 
الوقت: تعطيهم الكثير من الحوافز والهبات تحت أسماء 
مختلفة, والتي لو حسبناها لوجدناها تصل إلى نفس 
المرتب الذي فضل عليهم: بل قد تفوقه. 

وهذا ما طبقته الشريعة الإسلامية العادلة والسمحة 
بالضبط مع المرأة؛ فعندما نتأمل الأحكام المالية المرتبطة 
بها تجد انها لم تكلفها بالشعى فى طلب ررقها. بل جغلت 
رزقها مضمونا في كل مراحل حياتها ابتداء من صباها إلى 
وفاتهاء فهي تعيش في كنف 


0 والصراعات مع المقدسات (225) 
والديهاء أو قوامة زوجهاء أو رعاية أولادها؛ فإذا لم يبق 
لها واحد من هؤلاء كلفت جماعة المسلمين بالإنفاق عليها. 
بالإضافة إلى أن الشريعة التي فضلت الابن في العطاء 
هي الشريعة التي كلفته بالإنفاق على أخته» وهي التي 


ثم لا تجعل له من الحقوق ما يفي بما : 
الواجبات؟ 
بالإضافة إلى ذلك؛ فقد أتاحت الشريعة بنص القرآن 
الكريم: وفي الأحوال الطارئة التي يرى الوالد فيها أن 
ابنته قد يهضم حقهاء أو قد يفرط أبناؤه فيهاء أو يرى أن 
حاجتها للمال أكثر منهم.. في هذه الأحوال جميعاء وفي 
غرها لناسد له آن بضء لها جا سيد لل الحاسهة يه 
يصير نصييها مساويا للذكور, أو ربما يفغوق انصة الذكور 


توصي بها أو ددر [النساء: 11]. وهو الا 
حين بعد ذكر أحكام المواريث ليبين 
الأحكام, لتتنناسب مع كل الظروف والأحوال 5 

وقد صرح قوله تعالي: كيت عَلَيْكُمْ إِذَا حَصَرَ أَحَدَكُمْ 
المَوْتْ إن بَرَكَ خَيْرًا الْوَصِبّهُ للوَالدَيْنٍ وَالْأَفَرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ 
حَفًا عَلَى الْمُتَفِينَ (180) كَمَنْ مَنْ بَذّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنمَا إِنْمَهُ 
عَلَى الذين يُبَدُلُوتَهُ إنَّ الله 5 سَمِيعٌ عَلِيمُ4 [البقرة: 180: 181] 





على أن الوصية يمكن أن تكون للورثة وغيرهمء وأنها حق 
لكن للأسف ذهب فريق من الفقهاء إلى تحريم الوصية 
للورنة: وبالتالي حرمان المورتث من النظر في مصالح 
ورتته معده. 2 ذلك بناء على حديت يروونه» وهم 
عرس أن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 
يستحيل أن يعارض القرآن الكريم, فكيف ينسخ أحكامه؟ 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (226) 

ومثئل ذلك تلك الأحاديث المرتبطة بالعصبة: والتي 
حرموا فيها البنات من كثير من حقوقهم في الإرث: وجعلوا 
أبناء الأعمام مزاحمين للبنات.. وهو ما لم يدل عليه دليل 
قطعي, بل كل الأدلة الواردة في ذلك مناقضة للنصوص 
القرآنية القطعية, والتي تنص على أن (أولو الأزحام 
حضنءه بَعْصُهُمْ أؤلى ب ببَعْضٍ فِي كِتَابِ اللو) [الأنفال: 75] 
الي 0 تلك الواردة عن أئمة أهل البيت»: والتي 
نض على إمكانية الوضية للورنة: وعلى أن الميت” والنن 
بالمعروف, وبذلك تنتفي المشكلة من أساسها. 

: لا يريدون إلا أن يظهروا مجددين في هذا 

المجال2. كما ظهروا في غيرهء. ولذلك راحوا يتلاعبون 
بالنصوص:» ويحتالون عليهاء وكم فرحوا عندما سمعوا 
بالتشريع التونسي المرتبط بهذا المجال:. وكأن الأمة لا 
ينقصها إلا سد هذه الثغرة. 

وقد قال محمد شحرور تعليقا على ما فعلته تونس 
(وإذ أهنئ شعب تونس على هذا الإنجاز: أهنئ 0 
ببارقة الأمل هذه. فرغم أن الطريق شائك لكن الشعوب لا 
بد لها أن تستيقظ لو بعد حين) 

وقد كان لشحرور الذي تجرأ على كل أحكام الشريعة, 
وراح ستسحدد فيها من غير أن تتوفر له تلك الأدوات قصب 
السبق في هذا المحال» مع أنه وفي فترة قريبة» وفي 
لقاء سجل معه: سئل فيه عن فهمه لآيات المواريث فأجاب 
بانة )1( لم يصل لرؤية واضحة فيهاء ولكنه سصدد دراستها 





وفق التغيرات المعاصرة في علم الرياضيات الحديثة التي 
توصلت لعلوم جديدة من التحليل الرياضي والإحصاء. 

لكنه بعد فترة قصيرة:» راح يخرج لنا بنظرياته العجيبة 
في هذا المجال: والتي لا 


011 لطر تكظ فكي تدر ف فيه ايان الميات د خلدون فخلوظة.” 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (227) 

علاقة بالرياضيات الحديثة, ولا بأي شيء حديث.. بل 
كلها من نوع الهرطقات اللغوية التي يستعملها2ء ويتصور 
أنه فهم من النصوص ما لم يفهمه الأوائل والأواخر. 

وقد ذكر في ربعض جوراته معبرا عن فهمم لقوله 
تعالى: (توصِيكم الله ف في أَوَلادِكُم للذكر مِنْلٌ حظ دحل الْأَئ: نْنَيَيْنِ) 
[النساء: 11]. وانه سئل في الجزائر مصر والسعودية 
والعراق عن معناها؛ فقال لهم: (إذا أنا أعطيتك أنت 
ورفاقك وأنتم ختمسة أشخاص كل واحد مائة دولاره وقلت 
لي: ماذا أعطيتني؟ قلت لك: أعطيتك مثل رفاقكء اليس 
هذا يعني أنني سويتك تماما برفاقك؟, وهكذا الآية إذا 
أعطيت أخاً مائة دولار وأختيه لكل واحدة مائة دولار 
وسألني كما أعطيتني؟ فقلت له: أعطيتك مثل أختيك, 
عدر شذا اتن ي أعطيت الجميع مثل بعضهم البعض) 

وبذلك تصور أنه قد حل المشكلة, وأن الآية 00 لم 
د عن الحكم المرتيط بثلاثة أولاد: ادن واحنيةه. حيد 
ينال الاين مثل نصيب كل واحد من أخواته.. وهو تلاعب 
واضح بالنص الصريح والواضح والذي يخاطب كل الحالات, 
لا مجرد الحالة التي افترضها. 

فالآية الكريمة ذكرت أن نصيب الذكر حظ الأنثيين معاًء 
ولم تقل كما تنتوهم أن نصببه (مثل الأنثيين), وهاتان 
الكلمتان [المثل] و[الحظ] تدلان على ذلك. 

ثم هو بعد ذلك يناقض نفسه.ء لأن حالات الميراث لا 
ترتبط فقط بعائلة مكونة من ثلاثة أولادء وإنما عدد الأولاد 
في أكثر العائلات يكون أكثر من ذلك بكثيرءه وهنا يقع 
الارتباك والخلط في منظومتة الهشة التي أسسها على 
الفهم المزاجي للنص؛ء لا على الفهم الصحيح الذي تتطلبه 


ألفاظهء والذي اتفق عليه جميع اللغويين والمفسرين من 


التنويريون والصراعات مع المقدسات (228) 
حيث أن تساوي الذكور مع الإناث عنده لا يتم إلا في 
حالتين فقط: إذا كان الوارث ابنا وبنتا؛ فيأخذ الابن 
الصف والبنت النصف: أو إذا كان هناك ابن واحد وابنتان: 
فلكل واحد الثلث بالتساوي, ولكن عندما يكون البنات أكثر 
من اثنتين» أي ابن واحد وأربع بنات فيعطي الابن الثلث, 
والبنات الأربع الثلثان» وهنا ينتقض التساوي عنده. بل 

يصبح ما ذكره الفقهاء أكثر عدلا بكثير مما ذكره. 
وقد أجاب شحرور عن هذا التناقض الذي حصل في 
العدالة التي راح يبحث عنها بأن هذا التفسير العلمي 
واللغوي للآية يحقق العدل للمجموعات لا للأفرادء (فبناءً 
على ما تم ذكره فإنه في بعض الحالات يحصل الذكر على 
ربع أو ثلث ما تحصل عليه الفتاة2 ولذلك فإن حدود 
الميراث في القرآن تعمل على تحقيق العدل بين مجموعة 
الأولاد من الفتيات ومجموعة الأولاد من الذكوره لا العدل 

بين الأفراد, فرداً فردآً) 
وهو نوع من الخداع والحيل التي تمرن عليهاء لآنه وجد 
من بسحب لها, وتعجب انها ولينا يدرف كنف يحنت كن 
الزوح فى الميرات صضعف تصبية الروجة: والدى له هيررة 
0 الممتلئ بالعدالة, وإلذي نص عليه بصراحة قوله 
(وَلكُمْ يضف مَار ترك أَزْوَاجُكُمْ إن لَمْ يَكْنْ لَهْنَ وَلَدْ 


ين [النساء: 12] 
0 حيلة يبدبر لهذه الآية الكريمة, حتى 


ع[ ذلك عوك الى عد 22 للأخكاء الشر عله 
بالإخوة» والتي نص فيها 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (229) 
قال خال: [ يستفة تشتفثوتك فل الله بعكم في الكلالة إن 
. 0 


لَهُ أخث 13 


بهم وعدالة ربهم إلى الدين المزاجي الذي يؤسسونه 
بهم و2 لا بسلطان من العلم أو الحجة. 

وقد كان فى إمكان التدويريين أن بدرسوا هذه الانات 
الكريمة ضمن المنظومة الإسلامية الشاملة لحقوق المرأة 


وواجباتها. ليعلموا أن الشريعة التي كلفت المجتمع 
بالإنفاق على المرأة» وكلفت الزوج بجلب المهر لزوجته: 
هى نفسها التي فرضت للمراة نصيب نصف الذكر. 

فإذا ما حصل اختلال في المجتمع؛ فقصر في حق 
المرأة, ندعو إلى إصلاح الخلل الذي حصلء, لا إلى تبديل 
أحكام الله.. وإلا فإنا لو طبقنا ذلك, فسيصيبح الزمان أداة 
لمحو احكام الله الصريحة القطعية واحدا واحدا. 

وقد كان في إمكانهم أيضا أن يدعو إلى تفعيل الوصية 
للأقربين بمفهومها الشرعي لتغطي الحالات الخاصةء مثلما 
فعل الفقهاء مع الوصية الواجبة المرتبطة بإرث الأحفاد 
الذدر عات والدهم قلا موت عدهم إفاعطوا نصيب 
والدهم من الميراث بناء على الوصية الواجبة2» مع أنها 
تخالف ما اتفقت عليه المدارس السنية من عدم وصية 
للورثة. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (230) 


كان في إمكانهم أن يلجأوا إلى مدر سة أهل البيت في 
هذا المجال, فيجدوا فيها أشياء كثيرة تتناسب مع العدالة 
كدر اضر أحكام الطلاق.. فالكل 0 ولا حرج في 
الاستفادة من أي مدرسة من المدارس ما دامت تتحقق من 
خلال أقوالها مقاصد الشريعة. 

لكن التنويريين» نتيجة ضغوط الاتصالات الكثيرة, 
ووسائل الإعلام التي تزاحم أوقات فراغهم لم يجدوا 
الوقت الكافي للبحث في ذلك,ء واكتفوا بمزاجهم واهوائهم 
وارائهم المجردة عن كل دليل. 





التنويريون والصراعات مع المقدسات (231) 
هذا الكتاب 


من أخطر مظاهر التنوير المعاصر تلك الجرأة على 

الحقائق المقدسة المغصومة التي وردت في 0 
الكريم أوالسنة الصحيحة القطعية التي لا مجال معها 
للفكر: ولا للنظرء لأن كل ذلك جرأة على الله: و سوء أدب 
ممه وتقديم للهوى على النص. 

حن اانه مطل لعن ]|لدة 5 إن شعت عرد 
كلام رمهه أو كلام رسوله الذي لا ينطق عن الهوى؟. : ومن 
ذا الذي يتصور أنه أكثر علما وفهما وإحاطة بحقائق الوجود 
حتى يعطي لنفسه ذلك الحق»؟ 

لكن التنويريين باتجاهاتهم المختلفة أعطوا لأنفسهم 
هذا الحق؛ فراحوا يناقشون في كل المقدسات التي 
اتفقت عليها الأمة وأجمعت عليها إجماعا كلياء لا طائفياء 
ورادوا الأحل ذلك يلوون أعناف النصوص المقدسة:, 
ويتلاعبون بها ليتحول الدين إلى مزاجهم وأهوائهم 
ورغباتهم. 

ولذلك حاولنا في هذا الكتاب أن نناقش القضايا 
الكبرى التي تركز عليها الدعوات التنويرية» والتي حاولت 
بكل الوسائل أن ترقع عنها القداسة:, ليصبح الدين مادة 
هلامية يتللاعب بها كل من هب ودب وذلك عبر مقالات